والآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى 15 رَبِيعٍ الثَّانِي 1438هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1438/04/13 - 2017/01/11 18:34PM
والآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى 15 رَبِيعٍ الثَّانِي 1438هـ
الْحَمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ خِلْفَةً لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يَذَّكَرَ أَوْ أَرَادَ شُكُورَا، وَهُو الذِي جَعَلَ اللَّيْلَ لِبَاسَاً وَالنَّوْمَ سُبَاتَاً وَجَعَلَ النَّهَارَ نُشُورَا، أَحْمَدُهُ سُبْحَانَهُ حَمْدَاً طَيِّبَاً مُبَارَكاً كَثِيرا، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، هُوَ الْمَلِكُ الْعَظِيمُ وَالرَّبُّ الرَّحِيمُ، لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَرَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيم، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الْمَبْعُوثُ مِنْ رَبِّهِ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ، بَشِيرَاً وَنَذِيراً لِلْمُكَلَّفِينَ مِنَ الْخَلْقِ، فَأَوْضَحَ اللهُ بِهِ الْمَحَجَّةَ، وَأَقَامَ بِهِ الْحُجَّةَ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْليمَاً كَثِيرَاً.
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ فِي دَارِ مَمَرٍّ لا دَارِ مَقَرّ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ) وَقَالَ سُبْحَانَهُ (بَلْ تُؤْثِرُونَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا * وَالْآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى) وَعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، قال: مَرَّ عَلَيْنَا رسولُ اللَّه صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَنحنُ نُعالجُ خُصًّا لَنَا وَهِيَ[ وَهُوَ : مَا يُشْبِهُ السَّرِيرَ مَصْنُوعٌ مِنَ الْجَرِيدِ , وَقَدْ صَارَ رَخْوَاً بِسَبَبِ كَثْرَةِ الاسْتِعْمَالِ] فَقَالَ (مَا هَذَا؟) فَقُلْنَا: قَدْ وَهِي، فَنَحْنُ نُصْلِحُه، فَقَالَ (مَا أَرَى الأَمْرَ إِلاَّ أَعْجَلَ مِنْ ذلكَ) رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ: حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ, وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ.
اللهُ أَكْبَرُ ! تَأَمَّلُوا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ فِي هَذَا , فَالنَّبِيُّ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم لَمْ يُرِدْ مَنْعَ عَبْدِ اللهِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مِنْ إِصْلَاحِ هَذَا الْخُصِّ , وَلَكِنَّهُ أَرَادَ تَذْكِيرَهُ بِحَقِيقَةِ الدُّنْيَا وَسُرْعَةِ زَوَالِهَا , وَأَنَّ الْعَاقِلَ لا يَشْتَغِلُ بِهَا عَنِ الآخِرَةِ .
وعن جَابرٍ رضِيَ اللَّهُ عنهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم مَرَّ بِالسُّوقِ وَالنَّاسُ كَنَفَتَهُ [أَيْ : عَنْ جَانِبَيْهِ] فَمَرَّ بِجَدْيٍ أَسَكَّ مَيِّتٍ [أَيْ : صَغِيرِ الأُذُنَيْنِ] فَتَنَاوَلَهُ، فَأَخَذَ بَأُذُنِهِ، ثُمَّ قَالَ (أَيُّكُمْ يُحِبُّ أَنْ يَكُونَ هَذَا لَهُ بِدِرْهَمٍ ؟) فَقَالُوا: مَا نُحِبُّ أَنَّهُ لَنَا بِشَيْءٍ، وَمَا نَصْنَعُ بِهِ؟ ثُمَّ قَالَ (أَتُحِبُّونَ أَنَّهُ لَكُمْ؟) قَالُوا: وَاللَّه لَوْ كَانَ حَيًّا كَانَ عَيْباً فِيهِ، لِأَنَّهُ أَسَكُّ. فكَيْفَ وَهُوَ مَيَّتٌ ! فَقَالَ (فَوَ اللَّه للدُّنْيَا أَهْونُ عَلى اللَّه مِنْ هَذَا عَلَيْكُمْ) رَوَاهُ مُسْلِمٌ.
لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ !!! تَأَمَّلُوا هَذَا أَيْضَاً , فَالصَّحَابَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ لَمْ يَعْمَلُوا مَعْصِيَةً بِبَيْعِهِمْ وَشِرَائِهِمْ , وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَمْ يُرِدْ أَنْ يَمْنَعَهُمْ مِنَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ , لِأَنَّ هَذَا أَمْرٌ مَشْرُوعٌ , بَلْ لَمَّا سُئِلَ هُوَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الْكَسْبِ أَطْيَبُ ? قَالَ (عَمَلُ الرَّجُلِ بِيَدِهِ، وَكُلُّ بَيْعٍ مَبْرُورٍ) رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ عَنْ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ .
فَهُوَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ لَمْ يطْلَبْ مِنْهُمْ تَرْكَ التَّكَسُّبِ وَتَحْصِيلَ الْمَعَايِشِ , وَلَكِنَّهُ أَرَادَ رَبْطَهُمْ بِالآخِرَةِ وَتَزْهِيدَهُمْ فِي مَكَاسَبِ الدُّنْيَا مَهْمَا عَظُمَتْ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ : تَأَمَّلُوا فِي أَحْوَالِنَا الْيَوْمَ وَمَا يَدُورُ فِي مَجَالِسِنَا مِنْ تَعْظِيمِ الدُّنْيَا وَغِبْطَةِ أَهْلِهَا , وَالتَّحَدُّثِ عَنْ أَنَّ فُلانَاً اشْتَرَى وَكَسَبَ كَذَا وَكَذَا , وَفُلَانٌ عِنْدَهُ مِنَ الْأَمْوَالِ وَعِنْدَهُ مِنَ الْمَزَارِعِ وَالسَّيَّارَاتِ , وَالثَّالِثُ عِنْدَهُ مَحَلَّاتٌ تِجَارِيَّةٌ , وَالرَّابِعُ عِنْدَهُ مَعَارِضُ لِلسَّيَّارَاتِ وَعِنْدَهُ وَعِنْدَهُ ... فَيَا سُبْحَانَ اللهِ مَا هَذَا ؟ قَالَ اللهُ تَعَالَى (أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا قَلِيلٌ)
أَيْنَ نَحْنُ مِنَ الآخِرَةِ ؟ أَيْنَ نَحْنُ مِمَّا أَعَدَّ اللهُ فِي الْجَنَّةِ لِعِبَادِهِ الصَّالِحِينَ ؟ أَيْنَ نَحْنُ مِنَ النَّعِيمِ الذِي لا يَنْفَدُ ؟ هَلْ زَهِدْنَا فِيمَا عِنْدَ رَبِّنَا ؟
يَا أَيُّهَا النَّاسُ : هَذِهِ الدُّنْيَا زَائِلَةٌ, هَذِهِ الْحَيَاةُ فَانِيَةٌ, فَإِيَّاكُمْ ثُمَّ إِيَّاكُمْ مِنَ الرُّكُونِ لَهَا أَوِ الانْقِطَاعِ عَنِ الآخِرَةِ !
إِنَّ السَّعَادَةَ الْحَقِيقِيَّةَ لَيْسَتْ فِي تَحْصِيلِ الدُّنْيَا , وَإِنَّمَا هِيَ فِي الْعِلْمِ النَّافِعِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ)
وَأَمَّا الْمَالُ وَالْمَنْصِبُ وَالْوَلَدُ فَكَمْ مِنَ النَّاسِ إِنَّمَا جَلَبَتْ لَهُ هَذِهِ الثَّلاثُ شَقَاءَهُ فِي دُنْيَاهُ , فَكَمْ مِنَ النَّاسِ حَصَّلَ الْمَالَ ثُمَّ شَقِيَ بِهِ , فَالْمَالُ حَلَالُهُ حِسَابٌ وَحَرَامُهُ عَذَابٌ , فَتَكَلَّفَ فِي جَمْعِهِ ثُمَّ تَكَلَّفَ فِي حِفْظِهِ, ثُمَّ تَكَلَّفَ فِي زِيَادَتِهِ , ثُمَّ فَارَقَهُ وَتَرَكَهُ لِلْوَرَثِةِ, وُهُوَ يُحَاسَبُ عَلَيْهِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ (مِنْ أَيْنَ اكْتَسَبَهُ ؟ وَفِيمَ أَنْفَقَهُ ؟) , عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (يَدْخُلُ فُقَرَاءُ الْمُؤْمِنِينَ الْجَنَّةَ قَبْلَ الْأَغْنِيَاءِ بِنِصْفِ يَوْمٍ، خَمْسِمِائَةِ عَامٍ) رَوَاهُ أَحْمَدُ وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ , سُبْحَانَ اللهِ ! خَمْسِمَائَةُ عَامٍ يَتَخَلَّفُ عَنْ دُخُولِ الْجَنَّةِ بِسَبَبِ هَذَا الْمَالِ ! فَأَيْنَ عُقُولُنَا ؟
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : احْذَرُوا الدُّنْيَا وَالاغْتِرَارَ بِهَا فَهِيَ لا تُسَاوِي شَيْئَاً فِي مُقَابِلِ الآخِرَةِ, عَنْ الْمُسْتَوْرَدِ بْنِ شَدَّادٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، قَالَ قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (وَاللهِ مَا الدُّنْيَا فِي الْآخِرَةِ إِلَّا مِثْلُ مَا يَجْعَلُ أَحَدُكُمْ إِصْبَعَهُ هَذِهِ [أي : بِالسَّبَّابَةِ] فِي الْيَمِّ، فَلْيَنْظُرْ بِمَ تَرْجِعُ؟) رَوَاهُ مُسْلِم . هَذِهِ هِيَ الدُّنْيَا وَتِلْكَ هِيَ الآخِرَةُ , فَهَلْ تَسْتَحِقُّ أَنْ نُضِيعَ الْبَاقِي وَنُقْبِلَ عَلَى الْفَانِي ؟
لَوْ كَانَتِ الدُّنْيَا غَنِيمَةً لَنَالَهَا رَسُولُ الْهُدَى صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم , فَقَدْ ثَبَتَتِ الْأَحَادِيثُ الْكَثِيرَةُ فِي تَقَلُّلِهِ مِنْهَا صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم , عَنِ النُّعْمَانِ بنِ بَشيرٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا ، قَالَ: ذَكَر عُمَرُ بْنُ الخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ مَا أَصَابَ النَّاسُ مِنَ الدُّنْيَا، فَقَالَ: لَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم يَظَلُّ الْيَوْمَ يَلْتَوي مَا يَجِدُ مِنَ الدَّقَل مَا يمْلأُ بِهِ بطْنَهُ. رَوَاهُ مُسْلِم. الدَّقَلُ: رَدِئُ التَّمْرِ.
وعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، قَالَتْ : تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَدِرْعُهُ مَرْهُونَةٌ عِنْدَ يَهُودِيٍّ، بِثَلاَثِينَ صَاعًا مِنْ شَعِيرٍ. رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ .
فَانْتَبِهِ يَا مُسْلِمُ فَإِنَّكَ لَنْ تَأْخُذَ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَكَ , فَاحْذَرِ الْحِرْصَ عَلَيْهَا وَالشُّحَّ الذِي يَصْرِفُكَ عَنِ الآخِرَةِ فَتَخْسَرَ الْخُسْرَانَ الْمُبِينَ , عن زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، يَقُولُ (مَنْ كَانَتِ الدُّنْيَا هَمَّهُ، فَرَّقَ اللَّهُ عَلَيْهِ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ فَقْرَهُ بَيْنَ عَيْنَيْهِ، وَلَمْ يَأْتِهِ مِنَ الدُّنْيَا إِلَّا مَا كُتِبَ لَهُ، وَمَنْ كَانَتِ الْآخِرَةُ نِيَّتَهُ، جَمَعَ اللَّهُ لَهُ أَمْرَهُ، وَجَعَلَ غِنَاهُ فِي قَلْبِهِ، وَأَتَتْهُ الدُّنْيَا وَهِيَ رَاغِمَةٌ) رَوَاهُ ابْنُ مَاجَه وَصَحَّحَهُ الْأَلْبَانِيُّ. أَقُولُ قَولِي هَذَا وأَسْتِغْفِرُ الله العَظِيمَ لِي وِلَكُمْ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيْمُ.

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ ، وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ وَاعْمَلُوا لِأُخْرَاكُمْ وَاجْعَلُوا الْعَمَلَ لِلدُّنْيَا بِقَدْرِهَا , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ : حَافِظْ عَلَى الْفَرَائِضِ وَتَزَوَّدْ مِنَ النَّوَافِلِ , حَافِظْ عَلَى تَوْحِيدِ رَبِّكْ وَاحْذَرِ الشِّرْكَ , وَاتَّبِعْ نَبِيَّكَ مُحَمَّدَاً صَلّى اللهُ عَلَيْهِ وسَلَّم وَاحْذَرِ الْبِدَعَ , حَافِظْ عَلَى الصَّلَاةِ فِي أَوْقَاتِهَا مُحْسِنَاً طَهُورَاً مُصَلِّيَاً مَعَ الْمُسْلِمِينَ فِي الْمَسَاجِدِ, أَدِّ زَكَاةَ مَالِكَ وَأَعْطِ الْفُقَرَاءَ حَقَّهُمْ مِنْهُ طِيَّبَةً بِهِ نَفْسُكَ مُتَقِرَّبَاً إِلَى رَبِّكَ بَمَا تَبْذُلْهُ مِنْ مَالِكَ فَمَا نَقَصَتْ صَدَقَةٌ مِنْ مَالٍ , وَإِذَا جَاءَ رَمَضَانُ فَصُمْهُ وَإِذَا اسْتَطَعْتَ الْحَجَّ فَحُجَّ وَاعْلَمْ أَنَّكَ تَتَقَرَّبُ إِلَى رَبِّكَ بِأَدَاءِ هَذِهِ الْعِبَادَاتِ الْعَظِيمَةِ فَلَا تَتَهَاوَنْ بِهَا .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ : تَزَوَّدْ مِنَ النَّوَافِلِ فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى , صَلِّ صَلَاةَ الضُّحَى وَأَرْدِفِ الْفَرَائِضَ بِرَوَاتِبِهَا , وَصَلِّ صَلَاةَ اللَّيْلِ وَلا تَتْرُكِ الْوِتْرَ حَتَّى لَوْ كُنْتَ فِي سَفَرٍ . صُمْ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ فَهْيَ صِيَامُ الدَّهْر . أَكْثِرْ مِنْ ذِكْرِ اللهِ وَلا سِيَّمَا بِأَذْكَارِ الصَّبَاحِ وَالْمَسَاءِ وَأَذْكَارِ أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ وَأَذْكَارِ النَّوْمِ وَالاسْتِيقَاظِ .
حَافِظْ عَلَى قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ بِشَكْلٍ يَوْمِيٍّ وَاجْعَلْ لَهُ وِرْدَاً تَتْلُوهُ يَوْمِيَّاً, وَلا تُخِلَّ بِهِ وَلَوْ فَاتَكَ فَاقْضِه , وَاعْلَمْ أَنَّكَ تَرْقَى فِي دَرَجَاتِ الْجَنَّةِ بِقَدْرِ مَا مَعَكَ مِنَ الْقُرْآنِ , وَأَبْشِرْ فَإِنَّ الْقُرْآنَ يَأْتِي مَعَكَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يَشْهَدُ لَكَ وَيُدَافِعُ عَنْكَ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ)
اَللَّهُمَّ أَعِنَّا عَلَى ذِكْرِكَ وَشُكْرِكَ وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ , اللَّهُمَّ اجْعَلْنَا مِمَّنِ اسْتَمَعَ القَوْلَ فَاتَّبَعَ أَحْسَنَه , اللَّهُمَّ بِعِلْمِكَ الْغَيْبَ وَقُدْرَتِكَ عَلَى الْخَلْقِ أَحْيِنَا مَا عَلِمْتَ الْحَيَاةَ خَيْرًا لَنَا وَتَوَفَّنَا إِذَا كَانَتِ الْوَفَاةُ خَيْرًا لَنَا, اللَّهُمَّ إِنِّا نَسْأَلُكَ خَشْيَتَكَ فِي الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ وَكَلِمَةَ الْعَدْلِ وَالْحَقِّ فِي الْغَضَبِ وَالرِّضَا, وَنَسْأَلُكَ الْقَصْدَ فِي الْفَقْرِ وَالْغِنَا وَنَسْأَلُكَ نَعِيمًا لَا يَبِيدُ وَقُرَّةَ عَيْنٍ لَا تَنْقَطِعُ وَنَسْأَلُكَ الرِّضَا بَعْدَ الْقَضَاءِ وَنَسْأَلُكَ بَرْدَ الْعَيْشِ بَعْدَ الْمَوْتِ وَنَسْأَلُكَ لَذَّةَ النَّظَرِ إِلَى وَجْهِكَ وَالشَّوْقَ إِلَى لِقَائِكَ فِي غَيْرِ ضَرَّاءَ مُضِرَّةٍ وَلَا فِتْنَةٍ مُضِلَّةٍ, اللَّهُمَّ زَيِّنَّا بزينة الإيمان واجعلنا هداة مهتدين, وَصَلِّ اللَّهُمَّ وَسَلِّمْ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدِ للهِ رَبِّ العَالَمِينْ .
المرفقات

والآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى 15 رَبِيعٍ الثَّانِي 1438هـ.doc

والآخِرَةُ خَيْرٌ وَأَبْقَى 15 رَبِيعٍ الثَّانِي 1438هـ.doc

المشاهدات 2153 | التعليقات 3

جزاك الله خيرا


نفع الله بك الاسلام والمسلمين


جزاك الله خيرا