{ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ }
عبدالله محمد الطوالة
1436/12/20 - 2015/10/03 04:30AM
{ وَاسْتَفْتَحُوا وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ }
الحمد لله الذي جعل في اختلاف الليل والنهار آية وذكرا ، وجعل هذه الدار زاداً ومجازاً إلى الدار الأخرى ، والحمد لله الذي يسَّر لمَن شاء من عباده الهدى واليسرى ، وجزاهم بفضله على الحسنةٍ الواحدة عشرا .. {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} .. سبحانه وبحمده ، سندُ كلِ ضعيف ، ومفزعِ كلِ ملهوف ، وغِنى كلِ فقير .. {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} .. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، كلُ شيءٍ قائمٌ به ، وكلُ شيءٍ خاضعٌ له ، وكلُ شيء راجعٌ إليه ، { لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} .. إلهاً واحداً أحداً فرداً وتراً .. كل مَلكٍ غيرهُ مملوك ، وكل قويٍ غيرهُ ضعيف ، وكل حيّ غيرهُ ميت، وكل غنيٍ غيرهُ فقير. {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى}.. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله نبياً نصره الله بالرعب وبعثه للثقلين رحمةً وبشراً ، مَن صلَّى عليه مرة صلى الله عليه بها عشرا .. اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله الأرفعين قدراً ، والأطيبين ذكراً ..
أما بعد: فأوصيكم ـ أيها الناس ونفسي ـ بتقوى الله ، فاتقوا الله عباد الله ، فتقوى الله فرج ورزق ، وعلم وقرب ، وأجر وحسن عاقبة .. {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} ، { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} ..
أيها المسلمون، الأمة تحتاج بشدة أن تراجع مواقفها من قرآنها فهو {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءايَـٰتُهُ ثُمَّ فُصّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} ، {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} ، أُنزل لكي نتدبره ونتذاكره {كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ مُبَـٰرَكٌ لّيَدَّبَّرُواْ ءايَـٰتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو ٱلاْلْبَـٰبِ} ، كتاب كامل شامل { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ } {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ، فكل ما تحتاجه البشرية من علوم ومعارف، وبصائر و حكم، ومواقف وقوانين ونواميس ، وسنن ربانية لا يحيد عنها الكون بكل ما فيه قيد أنملة ، كل ذلك مفصل في هذا القرآن المبين ، {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ تِبْيَانًا لّكُلّ شَىْء} فمن واجبنا جميعاً أن نتعرف على هذ الآيات ونتدبرها ، وأن نفهمها ونعقلها ، ونستثمرها لنستفيد منها دنيا وأخرى .. {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} .. {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} .. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} ..
وبشيء من العجلة والاختصار ، نمر على بعض هذه النواميس القرآنية ، والقوانين الإلهية ، الحاكمة لحركة الكون بكل ما فيه :
أولاً: لا يحدث شيء في الكون كله، قديماً أو حديثاً أو مستقبلاً ، صغيراً كان أو كبيراً ، إلا بقدر الله وعلمه ، وحكمته وإذنه ، وتدبيره وأمره، قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَىْء خَلَقْنَـٰهُ بِقَدَرٍ} ، وقال تعالى: {صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء} ، وقال جل وعلا: {مَّا فَرَّطْنَا فِى ٱلكِتَـٰبِ مِن شَىْء} ..
ثانياً: خلق الله الإنسان للابتلاء ، ومنحة نعمة الاختيار ، ومن ثمَّ انقسم الناس إلى فريقين مؤمن وكافر ، قال تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ}..
ثالثاً: الصراع بين الحق والباطل قائم ومستمر ، والعدوان يقع بصفة مستمرة من الباطل على الحق ، {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ} ..
رابعاً: للحق أتباعه وللباطل أتباعه .. فالحق أتباعه الأنبياء والمرسلون ، والعلماء الربانيون ، والدعاة المصلحون ، والأتباع المخلصون ، والباطل أتباعه الشيطان والجبارون، والطواغيت والمجرمون وعملاؤه المأجورون ..
خامساً: هدف أهل الحق إخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وهدف أهل الباطل إخراج الناس من النور إلى الظلمات ، قال تعالى: {ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ يُخْرِجُهُم مّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ ٱلطَّـٰغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَـٰتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ} ..
سادساً: الله جل جلاله يتولى أهل الحق وينصرهم في صراعهم مع أهل الباطل، قال تعالى: {كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ} ، وقال تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَـٰدُ} ..
سابعاً: إذا انتصر الحق وعلا أهله ، فلا إكراه في الدين ، ولا استئصال للكافرين ، قال تعالى: {وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَاء كَٱلْمُهْلِ يَشْوِى ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا} ، وقال تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى ٱلأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} ...
وإذا كان للباطل صولة وجولة ، وعلو في الأرض ، فإنهم يتنادون لاستئصال الحق وأهله ، وعندها ينزل عليهم عذاب يستأصلهم كلياً أو جزئياً ...
وأعيد هذا الكلام الأخير مرة أخرى لأهميته فأقول: إذا كان للباطل صولة وجولة ، وعلو في الأرض ، فإنهم يتنادون لاستئصال الحق وأهله ، وعندها فإن سنة الله أن ينزل عليهم عذاب يستأصلهم كلياً أو جزئياً .. وإذا أردتم التفصيل والتبيان ، فاستمعوا وأنصتوا لواحد من أعجب سياقات القرآن .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيّنَـٰتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِى شَكّ مّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ * قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّـى قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءابَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ * قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَـٰنٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ * وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا اذَيْتُمُونَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكّلُونَ * وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِى وَخَافَ وَعِيدِ * وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِن مَّاء صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيّتٍ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ * مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَىْء ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلارْضَ بِٱلْحقّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ} ..
هذا السياق القرآني البديع ، يتناول الفصل الأخير من قصة الصراع المتكررة ، بين الحق المستضعف بقيادة الرسل وأتباعهم من جهة ، والباطل المستعلي المتجبر بقيادة الطواغيت وأعوانهم من جهة أخرى ، وقلت سابقاً أنه عندما يكون الحق ظاهراً مستعلياً ، والباطل ضعيف مقهور ، فإن الله تعالى ينهى المؤمنين عن إجبار الكفار على الإيمان ، ينهاهم لأنه تعالى لم يشأ أن يجعل أهل الأرض كلهم مؤمنين ، أو حتى كافرين ، وإنما شاء سبحانه أن يكونوا مختارين ، ليتحقق الابتلاء بينهم ، وليستمر الصراع الذي به يتم الابتلاء ، {وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَاء كَٱلْمُهْلِ يَشْوِى ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا} ، {لا إِكْرَاهَ فِى ٱلدّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّـٰغُوتِ وَيُؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ، وهذا المعنى الجليل ورد أيضاً في آخر السياق الطويل البليغ {أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلارْضَ بِٱلْحقّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ} ، أي لو شاء الله أن يجعل أهل الأرض كلهم مؤمنين فقط لفعل ، ومن ثم وحسب هذه السنة الربانية الحكيمة ، فلا يحق لأحد الفريقين أن يستأصل الآخر من أرض الصراع ، بل ليُترَك الناسُ حسب اختيارهم لأديانهم ومللهم ، ولا يُفهم من هذا أنها دعوة لترك الجهاد في سبيل الله ، فالجهاد إنما شُرع لإزالة العوائق من أمام تبليغ دين الله ، لا لفرضه بالقوة ، ولا يُفهم من هذا أيضاً ، عدم قتل المرتد عن دين الله ، لأنه قد أساء إلى جناب الدين ، قبل أن يسيء إلى نفسه بالردة، فقد كان مخيراً ألاّ يدخل في الإسلام إلا عن قناعة تامة، ومن ثمّ إذا ارتد بعد ذلك فقد أساء إلى الدين أشد الإساءة ، فلذلك من بدل دينه فاقتلوه ، علماً بأنه يستتاب قبلها ثلاثاً ..
ونعود إلى السياق الكريم الحكيم ، الذي اشتمل على قصص كل الرسل السابقين ، والذين كانوا على رأس قلة مؤمنة مستضعفة ، وكان الطاغوت على رأس كثرة غالبة مستكبرة ، فبدأً بنوح وعاد وثمود وعطف بمن بعدهم من الأمم والأقوام الذين لا يعلمهم إلا الله ، هؤلاء جميعاً كانت لهم قصة واحدة ، تصدق عليهم جميعاً ، وعلى جميع الأمم التي من بعدهم ، على الرغم من اختلاف البيئة ، وتباين الشعوب ، وتباعد الأزمنة والأمكنة ، فنجد أن السياق الكريم يذكر حواراً موحداً بين الرسل وبين أقوامهم المستكبرين ، فجميعهم {رَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِى شَكّ مّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} . ونلحظ من الحوار إصرار الكفار على موقفِهم، واعتمادُهم فيما بعد على قوتهم .. ويستمر الصراع ، ويشتد الأذى على الرسل وأتباعهم، نتيجة ميلَ ميزانِ القوى بشدةٍ لصالح الكافرين، ولا يجد المؤمنون وسيلةً إلا الصبر والتوكل على الله: {وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا اذَيْتُمُونَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكّلُونَ} أما إذا اشتد الأذى وزاد، إلى الدرجة التي تجعل الكفار يضعون الرسل وأتباعهم بين خيارين لا ثالث لهما، فإما النفي والإهلاك، وإما العودة إلى دين الكفار وملتهم، وبمعنى أوضح (إما أن نكون معهم أو ضدهم) فعندها تكون نهايتهم قد حانت بإذن الله وقدره ، وسنته التي لا تتبدل ولا تتخلف ، {وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} ، لنهلكن الظالمين ، أي إذا نفذوا تهديدهم ، لنهلكنهم بعذاب استئصالي كُلي أو جزيء ، قال تعالى عن فرعون الطاغية: {فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ * فَلَمَّا ءاسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَـٰهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَـٰهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لّلأَخِرِينَ} ..
بارك الله لي ولكم ..
الحمد لله وكفى وسلامٌ على عباده الذين اصطفى ..
أما بعد : فتعالوا أحبتي في الله لنتأمل سوياً المشهد الأخير من الصراع المتكرر ، والذي لم يتخلف ولا مرة واحدة عن نهاية أي صراع بين الرسل وبين أقوامهم المستكبرين ، فجميع الأقوام الكافرة "وبدون استثناء" طلبوا أخيراً المفاصلة النهائية .. قال تعالى في تكملةٍ لذلك السياق البليغ: {وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} ، والمعنى أن الكفار المستكبرين ، المغرورين بقوتهم ، قد طلبوا الفتح النهائي والشامل ، وبمعنى أوضح فإنهم قد شرعوا في تنفيذ خطتهم الإستراتيجية العليا لاستئصال المؤمنين ، والباطل وأهله عندما يُقدم على هذه الخطوة مغروراً بقوته وجبروته ، يريدون ليطفئوا نور الله ، فإنهم يكونون بذلك قد تعدوا الخط الأحمر ، الذي رسمه الله تعالى في حلبة الصراع بين الفريقين ، وحيث إنهم لن يتوقفوا من تلقاء أنفسهم، فإن الله تعالى يوقفهم بعذاب يستأصلهم كلياً أو جزئياً ..
والملاحظ أن الكفار المستفتحين ، حين يعلنون الحرب النهائية على كل المؤمنين ، يكونون في أوج قوتهم وعظمتهم ، وعلى ثقة كاملة أن خطة الاستفتاح والاستئصال ستنجح لا محالة ، فالينابيع قد جُففت، والشهوات قد أُججت ، والشبهات قد نُشرت، والأموال قد رُصدت، والقوات قد حُشدت ، ووسائل الإعلام قد أَرجفت وهَولت وطبلت ، والطغيان قد وصل إلى منتهاه ، ويكون المؤمنون المستهدفون قلة وضعفاء ، لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم ... واستمعوا عباد الله لهذا السياق القرآني الرائع .. كيف يبرز عنجهية الطغاة في المراحل النهائية من الصراع .. قال تعالى: {فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِى ٱلْمَدَائِنِ حَـٰشِرِينَ* إِنَّ هَـؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَـٰذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَـٰهُمْ مّن جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَـٰهَا بَنِى إِسْرٰءيلَ * فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءا ٱلْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَـٰبُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِىَ رَبّى سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى أَنِ ٱضْرِب بّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلاْخَرِينَ * وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلاْخَرِينَ * إِنَّ فِى ذَلِكَ لايَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} ..
فيا أيها الأعداء المستفتحون : {إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ ٱلْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِىَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ}..
ويا أيها المستكبرون الأشرار ، أبشروا بالحسرة والهزيمة والخسار .. {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوٰلَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} .. وقال تعالى : {ٱسْتِكْبَاراً فِى ٱلأرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيّىء وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيّىء إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ آلاْوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً * أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَىْء فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَلاَ فِى ٱلأرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً * وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً} ..
اللهم صلى على ..
الحمد لله الذي جعل في اختلاف الليل والنهار آية وذكرا ، وجعل هذه الدار زاداً ومجازاً إلى الدار الأخرى ، والحمد لله الذي يسَّر لمَن شاء من عباده الهدى واليسرى ، وجزاهم بفضله على الحسنةٍ الواحدة عشرا .. {وَمَنْ يَعْمَلْ مِنَ الصَّالِحَاتِ وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَا يَخَافُ ظُلْمًا وَلَا هَضْمًا} .. سبحانه وبحمده ، سندُ كلِ ضعيف ، ومفزعِ كلِ ملهوف ، وغِنى كلِ فقير .. {قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا} .. وأشهد أن لا اله إلا الله وحده لا شريك له ، كلُ شيءٍ قائمٌ به ، وكلُ شيءٍ خاضعٌ له ، وكلُ شيء راجعٌ إليه ، { لَا إِلَهَ إِلَّا هُوَ لَهُ الْأَسْمَاءُ الْحُسْنَى} .. إلهاً واحداً أحداً فرداً وتراً .. كل مَلكٍ غيرهُ مملوك ، وكل قويٍ غيرهُ ضعيف ، وكل حيّ غيرهُ ميت، وكل غنيٍ غيرهُ فقير. {لَهُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا وَمَا تَحْتَ الثَّرَى}.. وأشهد أن محمدا عبده ورسوله نبياً نصره الله بالرعب وبعثه للثقلين رحمةً وبشراً ، مَن صلَّى عليه مرة صلى الله عليه بها عشرا .. اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله الأرفعين قدراً ، والأطيبين ذكراً ..
أما بعد: فأوصيكم ـ أيها الناس ونفسي ـ بتقوى الله ، فاتقوا الله عباد الله ، فتقوى الله فرج ورزق ، وعلم وقرب ، وأجر وحسن عاقبة .. {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا * وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ } {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا} ، { وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا} ..
أيها المسلمون، الأمة تحتاج بشدة أن تراجع مواقفها من قرآنها فهو {كِتَابٌ أُحْكِمَتْ ءايَـٰتُهُ ثُمَّ فُصّلَتْ مِن لَّدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ} ، {لَا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} ، أُنزل لكي نتدبره ونتذاكره {كِتَـٰبٌ أَنزَلْنَـٰهُ إِلَيْكَ مُبَـٰرَكٌ لّيَدَّبَّرُواْ ءايَـٰتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُو ٱلاْلْبَـٰبِ} ، كتاب كامل شامل { مَا فَرَّطْنَا فِي الْكِتَابِ مِنْ شَيْءٍ } {كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ} ، فكل ما تحتاجه البشرية من علوم ومعارف، وبصائر و حكم، ومواقف وقوانين ونواميس ، وسنن ربانية لا يحيد عنها الكون بكل ما فيه قيد أنملة ، كل ذلك مفصل في هذا القرآن المبين ، {وَنَزَّلْنَا عَلَيْكَ ٱلْكِتَـٰبَ تِبْيَانًا لّكُلّ شَىْء} فمن واجبنا جميعاً أن نتعرف على هذ الآيات ونتدبرها ، وأن نفهمها ونعقلها ، ونستثمرها لنستفيد منها دنيا وأخرى .. {لَقَدْ أَنْزَلْنَا إِلَيْكُمْ كِتَابًا فِيهِ ذِكْرُكُمْ أَفَلَا تَعْقِلُونَ} .. {وَلَقَدْ جِئْنَاهُمْ بِكِتَابٍ فَصَّلْنَاهُ عَلَى عِلْمٍ هُدًى وَرَحْمَةً لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ} .. {إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ} ..
وبشيء من العجلة والاختصار ، نمر على بعض هذه النواميس القرآنية ، والقوانين الإلهية ، الحاكمة لحركة الكون بكل ما فيه :
أولاً: لا يحدث شيء في الكون كله، قديماً أو حديثاً أو مستقبلاً ، صغيراً كان أو كبيراً ، إلا بقدر الله وعلمه ، وحكمته وإذنه ، وتدبيره وأمره، قال تعالى: {إِنَّا كُلَّ شَىْء خَلَقْنَـٰهُ بِقَدَرٍ} ، وقال تعالى: {صُنْعَ ٱللَّهِ ٱلَّذِى أَتْقَنَ كُلَّ شَىْء} ، وقال جل وعلا: {مَّا فَرَّطْنَا فِى ٱلكِتَـٰبِ مِن شَىْء} ..
ثانياً: خلق الله الإنسان للابتلاء ، ومنحة نعمة الاختيار ، ومن ثمَّ انقسم الناس إلى فريقين مؤمن وكافر ، قال تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لَجَعَلَ ٱلنَّاسَ أُمَّةً وَاحِدَةً وَلاَ يَزَالُونَ مُخْتَلِفِينَ إِلاَّ مَن رَّحِمَ رَبُّكَ وَلِذٰلِكَ خَلَقَهُمْ وَتَمَّتْ كَلِمَةُ رَبّكَ لاَمْلاَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ ٱلْجِنَّةِ وَٱلنَّاسِ أَجْمَعِينَ}..
ثالثاً: الصراع بين الحق والباطل قائم ومستمر ، والعدوان يقع بصفة مستمرة من الباطل على الحق ، {وَلاَ يَزَالُونَ يُقَـٰتِلُونَكُمْ حَتَّىٰ يَرُدُّوكُمْ عَن دِينِكُمْ إِنِ اسْتَطَاعُواْ} ..
رابعاً: للحق أتباعه وللباطل أتباعه .. فالحق أتباعه الأنبياء والمرسلون ، والعلماء الربانيون ، والدعاة المصلحون ، والأتباع المخلصون ، والباطل أتباعه الشيطان والجبارون، والطواغيت والمجرمون وعملاؤه المأجورون ..
خامساً: هدف أهل الحق إخراج الناس من الظلمات إلى النور ، وهدف أهل الباطل إخراج الناس من النور إلى الظلمات ، قال تعالى: {ٱللَّهُ وَلِيُّ ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ يُخْرِجُهُم مّنَ ٱلظُّلُمَـٰتِ إِلَى ٱلنُّورِ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ أَوْلِيَاؤُهُمُ ٱلطَّـٰغُوتُ يُخْرِجُونَهُم مّنَ ٱلنُّورِ إِلَى ٱلظُّلُمَـٰتِ أُوْلَـئِكَ أَصْحَـٰبُ ٱلنَّارِ هُمْ فِيهَا خَـٰلِدُونَ} ..
سادساً: الله جل جلاله يتولى أهل الحق وينصرهم في صراعهم مع أهل الباطل، قال تعالى: {كَتَبَ ٱللَّهُ لأَغْلِبَنَّ أَنَاْ وَرُسُلِى إِنَّ ٱللَّهَ قَوِىٌّ عَزِيزٌ} ، وقال تعالى: {إِنَّا لَنَنصُرُ رُسُلَنَا وَٱلَّذِينَ ءامَنُواْ فِى ٱلْحَيَوٰةِ ٱلدُّنْيَا وَيَوْمَ يَقُومُ ٱلأَشْهَـٰدُ} ..
سابعاً: إذا انتصر الحق وعلا أهله ، فلا إكراه في الدين ، ولا استئصال للكافرين ، قال تعالى: {وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَاء كَٱلْمُهْلِ يَشْوِى ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا} ، وقال تعالى: {وَلَوْ شَاء رَبُّكَ لآمَنَ مَن فِى ٱلأرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعًا أَفَأَنتَ تُكْرِهُ ٱلنَّاسَ حَتَّىٰ يَكُونُواْ مُؤْمِنِينَ} ...
وإذا كان للباطل صولة وجولة ، وعلو في الأرض ، فإنهم يتنادون لاستئصال الحق وأهله ، وعندها ينزل عليهم عذاب يستأصلهم كلياً أو جزئياً ...
وأعيد هذا الكلام الأخير مرة أخرى لأهميته فأقول: إذا كان للباطل صولة وجولة ، وعلو في الأرض ، فإنهم يتنادون لاستئصال الحق وأهله ، وعندها فإن سنة الله أن ينزل عليهم عذاب يستأصلهم كلياً أو جزئياً .. وإذا أردتم التفصيل والتبيان ، فاستمعوا وأنصتوا لواحد من أعجب سياقات القرآن .. أعوذ بالله من الشيطان الرجيم:
{أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَٱلَّذِينَ مِن بَعْدِهِمْ لاَ يَعْلَمُهُمْ إِلاَّ ٱللَّهُ جَاءتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيّنَـٰتِ فَرَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِى شَكّ مّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ * قَالَتْ رُسُلُهُمْ أَفِى ٱللَّهِ شَكٌّ فَاطِرِ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلأرْضِ يَدْعُوكُمْ لِيَغْفِرَ لَكُمْ مّن ذُنُوبِكُمْ وَيُؤَخّرَكُمْ إِلَى أَجَلٍ مُّسَـمًّـى قَالُواْ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُنَا تُرِيدُونَ أَن تَصُدُّونَا عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ ءابَاؤُنَا فَأْتُونَا بِسُلْطَـٰنٍ مُّبِينٍ * قَالَتْ لَهُمْ رُسُلُهُمْ إِن نَّحْنُ إِلاَّ بَشَرٌ مّثْلُكُمْ وَلَـٰكِنَّ ٱللَّهَ يَمُنُّ عَلَىٰ مَن يَشَاء مِنْ عِبَادِهِ وَمَا كَانَ لَنَا أَن نَّأْتِيَكُمْ بِسُلْطَـٰنٍ إِلاَّ بِإِذْنِ ٱللَّهِ وَعلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ * وَمَا لَنَا أَلاَّ نَتَوَكَّلَ عَلَى ٱللَّهِ وَقَدْ هَدَانَا سُبُلَنَا وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا اذَيْتُمُونَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكّلُونَ * وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ * وَلَنُسْكِنَنَّـكُمُ ٱلأرْضَ مِن بَعْدِهِمْ ذٰلِكَ لِمَنْ خَافَ مَقَامِى وَخَافَ وَعِيدِ * وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ * مِّن وَرَائِهِ جَهَنَّمُ وَيُسْقَىٰ مِن مَّاء صَدِيدٍ * يَتَجَرَّعُهُ وَلاَ يَكَادُ يُسِيغُهُ وَيَأْتِيهِ ٱلْمَوْتُ مِن كُلّ مَكَانٍ وَمَا هُوَ بِمَيّتٍ وَمِن وَرَائِهِ عَذَابٌ غَلِيظٌ * مَّثَلُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ ٱشْتَدَّتْ بِهِ ٱلرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَىٰ شَىْء ذٰلِكَ هُوَ ٱلضَّلاَلُ ٱلْبَعِيدُ * أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلارْضَ بِٱلْحقّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ} ..
هذا السياق القرآني البديع ، يتناول الفصل الأخير من قصة الصراع المتكررة ، بين الحق المستضعف بقيادة الرسل وأتباعهم من جهة ، والباطل المستعلي المتجبر بقيادة الطواغيت وأعوانهم من جهة أخرى ، وقلت سابقاً أنه عندما يكون الحق ظاهراً مستعلياً ، والباطل ضعيف مقهور ، فإن الله تعالى ينهى المؤمنين عن إجبار الكفار على الإيمان ، ينهاهم لأنه تعالى لم يشأ أن يجعل أهل الأرض كلهم مؤمنين ، أو حتى كافرين ، وإنما شاء سبحانه أن يكونوا مختارين ، ليتحقق الابتلاء بينهم ، وليستمر الصراع الذي به يتم الابتلاء ، {وَقُلِ ٱلْحَقُّ مِن رَّبّكُمْ فَمَن شَاء فَلْيُؤْمِن وَمَن شَاء فَلْيَكْفُرْ إِنَّا أَعْتَدْنَا لِلظَّالِمِينَ نَارًا أَحَاطَ بِهِمْ سُرَادِقُهَا وَإِن يَسْتَغِيثُواْ يُغَاثُواْ بِمَاء كَٱلْمُهْلِ يَشْوِى ٱلْوجُوهَ بِئْسَ ٱلشَّرَابُ وَسَاءتْ مُرْتَفَقًا} ، {لا إِكْرَاهَ فِى ٱلدّينِ قَد تَّبَيَّنَ ٱلرُّشْدُ مِنَ ٱلْغَيّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِٱلطَّـٰغُوتِ وَيُؤْمِن بِٱللَّهِ فَقَدِ ٱسْتَمْسَكَ بِٱلْعُرْوَةِ ٱلْوُثْقَىٰ لاَ ٱنفِصَامَ لَهَا وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ} ، وهذا المعنى الجليل ورد أيضاً في آخر السياق الطويل البليغ {أَلَمْ تَرَ أَنَّ ٱللَّهَ خَلَقَ ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَٱلارْضَ بِٱلْحقّ إِن يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَيَأْتِ بِخَلْقٍ جَدِيدٍ * وَمَا ذٰلِكَ عَلَى ٱللَّهِ بِعَزِيزٍ} ، أي لو شاء الله أن يجعل أهل الأرض كلهم مؤمنين فقط لفعل ، ومن ثم وحسب هذه السنة الربانية الحكيمة ، فلا يحق لأحد الفريقين أن يستأصل الآخر من أرض الصراع ، بل ليُترَك الناسُ حسب اختيارهم لأديانهم ومللهم ، ولا يُفهم من هذا أنها دعوة لترك الجهاد في سبيل الله ، فالجهاد إنما شُرع لإزالة العوائق من أمام تبليغ دين الله ، لا لفرضه بالقوة ، ولا يُفهم من هذا أيضاً ، عدم قتل المرتد عن دين الله ، لأنه قد أساء إلى جناب الدين ، قبل أن يسيء إلى نفسه بالردة، فقد كان مخيراً ألاّ يدخل في الإسلام إلا عن قناعة تامة، ومن ثمّ إذا ارتد بعد ذلك فقد أساء إلى الدين أشد الإساءة ، فلذلك من بدل دينه فاقتلوه ، علماً بأنه يستتاب قبلها ثلاثاً ..
ونعود إلى السياق الكريم الحكيم ، الذي اشتمل على قصص كل الرسل السابقين ، والذين كانوا على رأس قلة مؤمنة مستضعفة ، وكان الطاغوت على رأس كثرة غالبة مستكبرة ، فبدأً بنوح وعاد وثمود وعطف بمن بعدهم من الأمم والأقوام الذين لا يعلمهم إلا الله ، هؤلاء جميعاً كانت لهم قصة واحدة ، تصدق عليهم جميعاً ، وعلى جميع الأمم التي من بعدهم ، على الرغم من اختلاف البيئة ، وتباين الشعوب ، وتباعد الأزمنة والأمكنة ، فنجد أن السياق الكريم يذكر حواراً موحداً بين الرسل وبين أقوامهم المستكبرين ، فجميعهم {رَدُّواْ أَيْدِيَهُمْ فِى أَفْوَاهِهِمْ وَقَالُواْ إِنَّا كَفَرْنَا بِمَا أُرْسِلْتُمْ بِهِ وَإِنَّا لَفِى شَكّ مّمَّا تَدْعُونَنَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ} . ونلحظ من الحوار إصرار الكفار على موقفِهم، واعتمادُهم فيما بعد على قوتهم .. ويستمر الصراع ، ويشتد الأذى على الرسل وأتباعهم، نتيجة ميلَ ميزانِ القوى بشدةٍ لصالح الكافرين، ولا يجد المؤمنون وسيلةً إلا الصبر والتوكل على الله: {وَلَنَصْبِرَنَّ عَلَىٰ مَا اذَيْتُمُونَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُتَوَكّلُونَ} أما إذا اشتد الأذى وزاد، إلى الدرجة التي تجعل الكفار يضعون الرسل وأتباعهم بين خيارين لا ثالث لهما، فإما النفي والإهلاك، وإما العودة إلى دين الكفار وملتهم، وبمعنى أوضح (إما أن نكون معهم أو ضدهم) فعندها تكون نهايتهم قد حانت بإذن الله وقدره ، وسنته التي لا تتبدل ولا تتخلف ، {وَقَالَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ لِرُسُلِهِمْ لَنُخْرِجَنَّـكُمْ مّنْ أَرْضِنَا أَوْ لَتَعُودُنَّ فِى مِلَّتِنَا فَأَوْحَىٰ إِلَيْهِمْ رَبُّهُمْ لَنُهْلِكَنَّ ٱلظَّـٰلِمِينَ} ، لنهلكن الظالمين ، أي إذا نفذوا تهديدهم ، لنهلكنهم بعذاب استئصالي كُلي أو جزيء ، قال تعالى عن فرعون الطاغية: {فَٱسْتَخَفَّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ إِنَّهُمْ كَانُواْ قَوْماً فَـٰسِقِينَ * فَلَمَّا ءاسَفُونَا ٱنتَقَمْنَا مِنْهُمْ فَأَغْرَقْنَـٰهُمْ أَجْمَعِينَ * فَجَعَلْنَـٰهُمْ سَلَفاً وَمَثَلاً لّلأَخِرِينَ} ..
بارك الله لي ولكم ..
الحمد لله وكفى وسلامٌ على عباده الذين اصطفى ..
أما بعد : فتعالوا أحبتي في الله لنتأمل سوياً المشهد الأخير من الصراع المتكرر ، والذي لم يتخلف ولا مرة واحدة عن نهاية أي صراع بين الرسل وبين أقوامهم المستكبرين ، فجميع الأقوام الكافرة "وبدون استثناء" طلبوا أخيراً المفاصلة النهائية .. قال تعالى في تكملةٍ لذلك السياق البليغ: {وَٱسْتَفْتَحُواْ وَخَابَ كُلُّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ} ، والمعنى أن الكفار المستكبرين ، المغرورين بقوتهم ، قد طلبوا الفتح النهائي والشامل ، وبمعنى أوضح فإنهم قد شرعوا في تنفيذ خطتهم الإستراتيجية العليا لاستئصال المؤمنين ، والباطل وأهله عندما يُقدم على هذه الخطوة مغروراً بقوته وجبروته ، يريدون ليطفئوا نور الله ، فإنهم يكونون بذلك قد تعدوا الخط الأحمر ، الذي رسمه الله تعالى في حلبة الصراع بين الفريقين ، وحيث إنهم لن يتوقفوا من تلقاء أنفسهم، فإن الله تعالى يوقفهم بعذاب يستأصلهم كلياً أو جزئياً ..
والملاحظ أن الكفار المستفتحين ، حين يعلنون الحرب النهائية على كل المؤمنين ، يكونون في أوج قوتهم وعظمتهم ، وعلى ثقة كاملة أن خطة الاستفتاح والاستئصال ستنجح لا محالة ، فالينابيع قد جُففت، والشهوات قد أُججت ، والشبهات قد نُشرت، والأموال قد رُصدت، والقوات قد حُشدت ، ووسائل الإعلام قد أَرجفت وهَولت وطبلت ، والطغيان قد وصل إلى منتهاه ، ويكون المؤمنون المستهدفون قلة وضعفاء ، لا يستطيعون الدفاع عن أنفسهم ... واستمعوا عباد الله لهذا السياق القرآني الرائع .. كيف يبرز عنجهية الطغاة في المراحل النهائية من الصراع .. قال تعالى: {فَأَرْسَلَ فِرْعَونُ فِى ٱلْمَدَائِنِ حَـٰشِرِينَ* إِنَّ هَـؤُلاء لَشِرْذِمَةٌ قَلِيلُونَ * وَإِنَّهُمْ لَنَا لَغَائِظُونَ * وَإِنَّا لَجَمِيعٌ حَـٰذِرُونَ * فَأَخْرَجْنَـٰهُمْ مّن جَنَّـٰتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَـٰهَا بَنِى إِسْرٰءيلَ * فَأَتْبَعُوهُم مُّشْرِقِينَ * فَلَمَّا تَرَاءا ٱلْجَمْعَانِ قَالَ أَصْحَـٰبُ مُوسَىٰ إِنَّا لَمُدْرَكُونَ * قَالَ كَلاَّ إِنَّ مَعِىَ رَبّى سَيَهْدِينِ * فَأَوْحَيْنَا إِلَىٰ مُوسَى أَنِ ٱضْرِب بّعَصَاكَ ٱلْبَحْرَ فَٱنفَلَقَ فَكَانَ كُلُّ فِرْقٍ كَٱلطَّوْدِ ٱلْعَظِيمِ * وَأَزْلَفْنَا ثَمَّ ٱلاْخَرِينَ * وَأَنجَيْنَا مُوسَىٰ وَمَن مَّعَهُ أَجْمَعِينَ * ثُمَّ أَغْرَقْنَا ٱلاْخَرِينَ * إِنَّ فِى ذَلِكَ لايَةً وَمَا كَانَ أَكْثَرُهُم مُّؤْمِنِينَ * وَإِنَّ رَبَّكَ لَهُوَ ٱلْعَزِيزُ ٱلرَّحِيمُ} ..
فيا أيها الأعداء المستفتحون : {إِن تَسْتَفْتِحُواْ فَقَدْ جَاءكُمُ ٱلْفَتْحُ وَإِن تَنتَهُواْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَعُودُواْ نَعُدْ وَلَن تُغْنِىَ عَنكُمْ فِئَتُكُمْ شَيْئاً وَلَوْ كَثُرَتْ وَأَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُؤْمِنِينَ}..
ويا أيها المستكبرون الأشرار ، أبشروا بالحسرة والهزيمة والخسار .. {إِنَّ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُنفِقُونَ أَمْوٰلَهُمْ لِيَصُدُّواْ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ فَسَيُنفِقُونَهَا ثُمَّ تَكُونُ عَلَيْهِمْ حَسْرَةً ثُمَّ يُغْلَبُونَ وَٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِلَىٰ جَهَنَّمَ يُحْشَرُونَ} .. وقال تعالى : {ٱسْتِكْبَاراً فِى ٱلأرْضِ وَمَكْرَ ٱلسَّيّىء وَلاَ يَحِيقُ ٱلْمَكْرُ ٱلسَّيّىء إِلاَّ بِأَهْلِهِ فَهَلْ يَنظُرُونَ إِلاَّ سُنَّةَ آلاْوَّلِينَ فَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَبْدِيلاً وَلَن تَجِدَ لِسُنَّةِ ٱللَّهِ تَحْوِيلاً * أَوَلَمْ يَسِيرُواْ فِى ٱلأرْضِ فَيَنظُرُواْ كَيْفَ كَانَ عَـٰقِبَةُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَكَانُواْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُعْجِزَهُ مِن شَىْء فِى ٱلسَّمَـٰوٰتِ وَلاَ فِى ٱلأرْضِ إِنَّهُ كَانَ عَلِيماً قَدِيراً * وَلَوْ يُؤَاخِذُ ٱللَّهُ ٱلنَّاسَ بِمَا كَسَبُواْ مَا تَرَكَ عَلَىٰ ظَهْرِهَا مِن دَابَّةٍ وَلَـٰكِن يُؤَخّرُهُمْ إِلَىٰ أَجَلٍ مُّسَمًّى فَإِذَا جَاء أَجَلُهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ كَانَ بِعِبَادِهِ بَصِيراً} ..
اللهم صلى على ..
المشاهدات 4155 | التعليقات 6
وجزاك شيخنا الكريم بكل خير وكل من مر هنا ..
جزيت الجنة يا شيخ عبدالله
وإياك شيخ خالد وجميع الأحبة الكرام في هذا الملتقى الرائع ..
سلمت يد خطت هذه الخطبة، وقلم تفوه بها، وفكر ركبها، وعقل وعاها، وقلب فقهها، بورك فيك شيخ عبدالله والشكر لكل الخطباء الفضلاء والمشاركين والأعضاء في هذا الملتقى الخير.
وسلمت يداك شيخ زياد ونعمت ودامت ..
ودام هذا المنبر الشامخ نوراً وهدى وإصلاحاً ..
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق