واجبنا نحو تاركي الصلاة (1)

شعيب العلمي
1436/02/25 - 2014/12/17 14:16PM
واجبنا نحو تاركي الصلاة (1)

الواجب الأول : دعوتهم ونصحهم لإقام الصلاة

عناصر الخطبة :
حتمية النقص والتقصير في صلاتنا/وسائل جبر التقصير في الصلاة ومنها الدعوة نصح تاركيها /كثرة تاركي الصلاة على الرغم من عظيم فضلها/علامات كثرة تاركي الصلاة في المجتمع/دور فئات المجتمع في دعوة تاركي الصلاة/ محفزات لدعوة تاركي الصلاة/عقبات في طريق دعوتهم/وسائل وأساليب لدعوة ونصح تاركي الصلاة .
الخطبة الأولى :

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له.
وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله.
sQoos.gifيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ eQoos.gif[آل عمران:102].
sQoos.gifيَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا eQoos.gif[النساء:1].
sQoos.gifيَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا eQoos.gif[الأحزاب:70-71].
أما بعد:
فإن أصدق الحديث كتاب الله، وأحسن الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أخرج الطحاوي في كتابه مُشكلِ الآثار : عن عبد اللهِ بن عَنَمَةَ الْمُزَنِيّ عن عَمَّارِ بن يَاسِرٍ أَنَّهُ صلى صَلاَةً فَخَفَّفَ فيها فقال له : لقد صَلَّيْت صَلاَةً خَفَّفْت فيها ، قال : هل رَأَيْتَنِي انْتَقَصْتُ شيئا من حُدُودِهَا ؟ قال : قلت : لاَ ، قال عَمَّارٌ: بَادَرْتُ وَسْوَاسَ الشَّيْطَانِ ، إنِّي سَمِعْت رَسُولَ اللهِ يقول : « إنَّ الْعَبْدَ لَيَنْصَرِفُ من صَلاَتِهِ وما كُتِبَ له منها إِلاَّ عُشْرُهَا أو تُسْعُهَا أو ثُمُنُهَا أو سُبُعُهَا أو سُدُسُهَا أو خُمُسُهَا أو رُبُعُهَا أو ثُلُثُهَا أو نِصْفُهَا »[صحيح أبي داود].
إنّ حديثنا هذا ـ عباد الله ـ ليدلّ بجلاء على أنّه ليس كل من صلّى حصل له ثواب صلاته كاملا ، فإنَّ الرجُلَيْنِ لَيكونانِ في الصَّلاةِ، وإنَّ ما بَيْنَهُما كما بين السماء والأرض ، ومرجع ذلك عباد الله إلى مدى تحقيق المصلي صفة صلاة النبي
ظاهرا وباطنا على نحو قوله : «صلوا كما رأيتموني أصلي» ؛
تحقيقها ظاهرا : بإتْمَامِ قِيَامِهَا وَرُكُوعِهَا وَسُجُودِهَا وَقُعُودِهَا وَالْقِرَاءَةِ فيها وما إلى ذلك .
وتحقيقها باطنا : بالخُشُوعِ فيها وَإِقْبَالِ القلب عليها وَتَرْكِ التَّشَاغُلَ عنها بِشَيْءٍ سِوَاهَا .
وأنىّ لعبد في هذا الزمن أن يتحقَّقَ ذلك فينال أجر صلاته كاملا ؟ إنما مثله كمثل الكبريت الأحمر أو الغراب الأعصم ...

ولِجَبْرِ النَّقْصِ الْحَاصِلِ فِي الْفَرَائِضِ شُرِعَتْ النَّوَافِلُ والتطوعات فعن أبي هريرة عن خير البريات
قال : « أول ما يحاسب به العبد: صلاتُه، فإن كان أكملها؛ وإلا قال الله عز وجل: انظروا لعبدي من تطوع؛ فإن وجد له تطوع قال: أكملوا به الفريضة»[صحيح أبي داود]..
ألا وإن من رحمة الله بنا أن شرع لنا مع ذلك بابا عظيما من أبواب الدين، نستدرك به من أجر الصلاة ما يفوتونا، ونعوض به من فضلها ما يغيبُ عنا : إنّه باب حثّ الناس ودعوتهم لإقام الصلاة .قال رسول الله : «من دلّ على خير فله مثل أجر فاعله» [مسلم].

عباد الله: لقد عظّم الله قدر الصلاة تعظيما حفيّا، ورفع شأنها مكانا عليّا، فهي الرّكن الأعظم بعد الشهادتين، وهي عمود هذا الدين، وأساسه المتين، ما من رسول ولا نبيّ إلا قد كلّفه الله بها، هي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة من القربات، وهي أول ما افترض الله تعالى من العبادات، فرضت على نبينا في عال السماوات، إشارة لعلو منزلتها وسمو مكانتها، واجبة على كل مسلم بالغ عاقل ذكرا كان أو أنثى حرا كان أو عبدا غنيا كان أو فقيرا مقيما كان أو مسافرا صحيحا أو مريضا، حال الأمن وحال الخوف، لا يعذر رجل مسلم بتركها إلا مجنون، ولا امرأة إلا حائض أو نفساء، وهي آخر وصية أوصى بها رسول الله وهو يلفظ أنفاسه الأخيرة: (الصلاة.. الصلاة وما ملكت أيمانكم) ، إنها ماحية الذنوب والخطايا ، مطهرة الأخلاق من الدنايا ، ناهية للعبد عن الفحشاء والرزايا ، صلة بين العبد ورب البرايا ، ومع كل هذه الفضائل وتلك المزايا، تظافر الناس على تركها والتهاون في شأنها، شيبا وشبانا نساء ورجالا وعلامات ذلك كثيرة ، ودلالتها وفيرة ، وإلاّ :

فما معنى أن يغيب الرجل عن المسجد في الجمع والجماعات، أياما عديدة وأشهرا مديدة ؟
وما معنى أن يتجمع الباعة على أبواب المساجد يعرضون سلعهم ينتظرون خروج المصلين ليشتروا منهم؟ يجيبك الرّب تبارك وتعالى : ﴿ إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ اللَّهِ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَأَقَامَ الصَّلاةَ ﴾ فمن لم يعمر المساجد فذلك علامة على تركِه الصلاة أو التفريطِ فيها.
ما معنى أن يجهل عبدٌ أحكام الطهارة البديهية وأحكام الصلاة الضرورية ؟ فيجهل موجبات الغسل أو يجهل أوقات دخول الصلاة أو غيرها من الأحكام ؟
وما معنى أن يصدر من بعضهم سخرية واستهزاء في حقّ من يؤديها ويواظب عليها ؟
ما معنى استغراق بعض الناس في النوم من أول النهار إلى آخره خاصّة في رمضان ؟
ما معنى هذا التبرج الفاضح وذاك العري الكاسح من بناتنا ونسائنا، هل ها تيك النساء يُقمن الصلاة ؟ كلا والله إلا من رحم الله ، فأي خير يرجى لأمة مربيات أجيالها لا ترفعن بالصلاة رأسا ؟
ما معنى محافظة كثير من الشباب على تسريحات شعورهم الغريبة ؟ ولزوم بعضهم ـ في حرّ الجو ـ لبس السراويل القصيرة أو الممزقة على أفخاذهم موضةً، فلا يتحقق بها ستر العورة ، هل أولئك الشباب يقيمون الصلاة ؟ كلا والله إلا من رحم الله ، فأي خير يرجى لأمة شبابها لا يقيم للصلاة شأنا ؟
ما معنى انشغال الطلبة بالدراسة النّظامية، ومن بعدها إلى الدروس الخصوصيّة، ولربما لا ينزع حذاءه من أول النهار إلا في آخره؟ فهل أولئك الأبناء يقيمون الصلاة؟ كلا والله إلا من رحم الله ، فأي بركة ترجى لآباء من أبناء لا يقيمون للصلاة وزنا؟


عباد الله : إنّي لأشاطركم الرّأي أن ما تلي على مسامعكم قد لا يكون علامة على ترك الصلاة في كل الأحوال ، ولا أحسبكم إلّا تشاطرونني الرأي إنها لعلامات على ترك الصلاة في كثير من الأحيان ، ولن تخسر شيئا إن كلّفت نفسك سؤال من هذا حاله لتتلقى مرّ الجواب : بترك الصلاة معترفين أو بتضييع حقوقها مقرين ؟ ليقولَ بعد ذلك كلّ من قرأ سورة الحج : صدق الله حين قال: ﴿ ألم تر أن الله يسجد له من في السماوات ومن في الأرض ، والشمس والقمر والنجوم ، والجبال والشجر والدواب، كل هذه المخلوقات تسجد لله من غير اشتثناء !فلما جاء الحديث عنا نحن بني آدم حصل الاستثناء فقال الله :﴿وكثير من الناس ، وكثير حق عليه العذاب﴾!!...إن العبد ليمتلئ سرورا وفرحا حين يرى المساجد ممتلئة والجوامع مكتظة ، غير أن هذا السرور وذاك الفرح ليذهب هباء منثورا حين يتذكر أنّ أضعاف أضعاف أولئك قد خلت منهم تلك المساجد والجوامع ، ﴿وكثير من الناس ، وكثير حقّ عليه العذاب﴾ أجارني الله وإياكم من العذاب ؛ وأعاذني وإياكم من زمن أخبر عنه النبيفقال في شأنه : « يدرُس الإسلام ـ أي يضعف الإسلام وتذهب معالمه ـ كما يدرُس وشي الثوب حتى لا يُدرى ما صيام ولا صلاة ولا نسك ولا صدقة »[رواه ابن ماجه وصححه الألباني]

عباد الله :
لن نتوجه بالحديث اليوم لتاركي الصلاة ، كيف وهم غير حاضرين؟ ولحديثنا ليسوا مستمعين؟ فهم الآن إمّا في نومهم غارقون أو على شاشات التلفاز عاكفون أو بتجارتهم ودنياهم لاهون أو في لعبهم يمرحون أو في الشوارع يتسكعون ، ليس حديثنا اليوم إلا لكم أنتم أيها الحاضرون، فأين دوركم أيها المصلون؟

أين دوركم أيها الآباء وأيتها الأمهات مع أولادكم ؟ بأمور دنياهم تهتمون وعن أمر الصلاة والدين تغفلون؟ مع أن النبي قد حمّلكم مسؤولية ما حملها غيركم فقال:«مُرُوا أولادكم بالصلاة وهم أبناءُ سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناءُ عشر سنين »[صحيح أبو داود]. وقال الله جل وعلا :﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا ﴾ الآية.
أين دوركم أيها الأزواج مع زوجاتكم وأين دوركن أيتها الزوجات مع أزواجكم ؟

أين دور المدير في مؤسسته ؟ وأين دور المعلمين والأساتذة مع طلبتهم ؟ وأين دور الطلبة مع زملائهم ؟
أين حرص الأطباء على من تحت أيديهم من المرضى في شأن صلاتهم كما يحرصون على أبدانهم؟ هلا استغلوا ضعفهم وثقتهم بهم ؟
أين حرص رجال الأعمال أن يكون عمالهم مقيمي الصلاة ؟ هلا سألوهم عن حالهم مع الصلاة أول استقدامهم وبعد ذلك ؟ أين إسهام أرباب الأموال ولو باليسير مما أنعم الله به عليهم في إحياء هذه الشعيرة العظيمة في قلوب من ماتت فيهم ؟
أين أثر الجار على جاره ؟ والجليس على جليسه ؟ والصديق على صديقه ؟ والأخ على أخيه ؟
أين دور المراكز والجمعيات الثقافية والخيرية ؟ في عقد الندوات والملتقيات حول ظاهرة ترك الصلاة ؟
وأين دور النوادي الرياضية والدّور الشبابية في تربية روّادها على إقام الصلاة؟


... ليس دعوة الناس للصلاة ـ عباد الله ـ خاصة بإمام المسجد وأنّى له أن يقدر على ذلك وحده ؟ بل إنها مسؤولية الجميع فنبيكم قال : « كُلُّكُمْ رَاعٍ، وَكُلُّكُمْ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، الإِمَامُ رَاعٍ وَمَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالرَّجُلُ رَاعٍ فِي أَهْلِهِ وَهُوَ مَسْئُولٌ عَنْ رَعِيَّتِهِ، وَالمَرْأَةُ رَاعِيَةٌ فِي بَيْتِ زَوْجِهَا وَمَسْئُولَةٌ عَنْ رَعِيَّتِهَا» [البخاري من حديث عبد الله بن عمر] وقال في حديث تشيب له الولدان:«مَا مِنْ عَبْدٍ اسْتَرْعَاهُ اللَّهُ رَعِيَّةً، فَلَمْ يَحُطْهَا بِنَصِيحَةٍ، إِلَّا لَمْ يَجِدْ رَائِحَةَ الجَنَّةِ»[متفق عليه واللفظ للبخاري من حديث معقل بن يسار].

أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .



الخطبة الثانية :

الحمد لله ، وصلى الله وسلم على نبيه ومصطفاه وعلى آله ومن اتبع هداه وبعد :
عبد الله : تأمل كيف أن الله تبارك وتعالى قد اختارك من جملة العالمين و منّ عليك بجوده وكرمه أن جعلك من المصلين، وحرم بحكمته وعدله غيرك فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين ، إنها لنعمة كبرى تستوجب منك الحمد وتستحق منك الشكر، وفي التنزيل: ﴿اعملوا آل داوود شكرا﴾ فاعملوا يا أمة محمد في دعوة تاركي الصلاة لله شكرا ، وأمّلوا من ربكم المزيد : ﴿ ولئن شكرتم لأزيدنكم ﴾.

أمة الصلاة : عِظوا تاركيها ومن حالِهم لا تيأسوا ، فـ «لئن يهدي الله بك رجلاً واحداً خير لك من حمر النعم» وهي الإبل الحمراء الغالية»[البخاري من حديث سهل بن سعد] .

أمة الصلاة : انشطوا في تذكيرهم وأبشروا فقد أخرج مسلم من حديث أبي هريرة أن النبي قال: «من دعا إلى هدى كان له من الأجر مثل أجور من تبعه لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً»، فمن دعا النّاس إلى الصلاة كان له من الأجر مثل أجور من تبعه وصاروا مصلين لا ينقص ذلك من أجورهم شيئاً وله مع ذلك أجر كل خير ينجر على تلك الصلاة التي اهتدى إليها فإنّ الصلاة تنهى صاحبها عن الفحشاء والمنكر، فلا تكاد تجد أحدًا حريصًا على عبادته مقبلاً على صلاته إلا وجدته قريبًا من الخيرات بعيدًا عن المنكرات، فانظر إلى عظيم الأجر، فماذا تنتظر؟

أمة الصلاة : اجتهدوا في نصح تاركيها ولا تغتروا بإقامتكم لها، فإن إقام الصلاة واجب، والأمر بالصلاة والنهي عن تركها واجب آخر، ألم تسمعوا قول ربكم سبحانه : ﴿وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ ، قال الإمام أحمد رحمه الله في رسالة الصلاة : (.. واعلموا أن لو أنّ رجلاً أحسن الصّلاة ، فأتمّها وأحكمها ، ثم نظر إلى من أساء في صلاته وضيّعها ، وسبق الإمام فيها ، فسكت عنه ، ولم يعلّمه في إساءته في صلاته ومسابقة الإمام فيها ، ولم ينْهه عن ذلك ، ولم ينْصحه : شاركه في وِزرها وعارِها ) انتهى كلامه رحمه الله ، يقول هذا في حق من سكت عمّن صلى وأساء في صلاته فكيف بالسكوت عن تارك الصلاة أصلا .ألا فـ «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده فإن لم يستطع فبلسانه فإن لم يستطع فبقلبه وذلك أضعف الإيمان» [مسلم من حديث أبي سعيد الخدري].

أمة الصلاة :
لقد سمعتم آنفا ما للصلاة من القدر الجليل والفضل الجزيل ، فاسمعوا الآن إلى شيء مما في تركها من الوبال الجسيم والخزي العظيم : فتارك الصلاة متوعد بسقر ﴿ما سلككم في سقر قالوا لم نك من المصلين﴾، وبين الرجل وبين الكفر والشرك ترك الصلاة، من ترك صلاة عصر واحدة فقد حبط عمله وكأنما فقد كل أهله وماله، ومن لم يحافظ عليها لم يكن له برهان ولا نور ولا نجاة وكان يوم القيامة مع قارون وهامان وفرعون وأبيّ بن خلف، ودعوا ابنَ القيمِ رحمه الله يزيدكم من الشعر بيتا إذ قال: « لا يختلف المسلمون أن ترك الصلاة المفروضة عمدا من أعظم الذنوب وأكبر الكبائر وأن إثمه عند الله أعظم من إثم قتل النفس وأخذ الأموال ومن إثم الزنا والسرقة وشرب الخمر وأنّه متعرض لعقوبة الله وسخطه وخزيه في الدنيا والآخرة » ا,هـ

فأيّكم ـ عباد الله ـ يحبّ لنفسه أن يكون له نصيب من ذلك الوبال ؟ ألا فاعلموا أنّه لن يتم إيمانٌ لأحدكم حتى تسعوا في إنقاذ إخوانكم من مغبة ترك الصلاة كما أنقذتم أنفسكم ففي البخاري عَنْ أَنَسٍ عَنِ النَّبِيِّ قَالَ: «لاَ يُؤْمِنُ أَحَدُكُمْ، حَتَّى يُحِبَّ لِأَخِيهِ مَا يُحِبُّ لِنَفْسِهِ» .

فيا عباد الله :
لا يصدنّكم الشيطان عن حثّ النّاس على الصلاة ونهيهم عن تركها بأنّ الأمر لا يعنيكم، بلى إنّه ليعنيكم فعن قيس بن أبي حازم قال : قام أبو بكر [الصديق رضي الله عنه ] فحمد الله وأثنى عليه ثم قال : « يا أيها الناس إنكم تقرءون هذه الآية ﴿ يا أيها الذين آمنوا عليكم أنفسكم لا يضركم من ضل إذا اهتديتم وإنّا سمعنا رسول الله يقول : « إِنَّ النَّاسَ إِذَا رَأَوُا الْمُنْكَرَ فَلَمْ يُغَيِّرُوهُ أَوْشَكَ أَنْ يَعُمَّهُمُ اللَّهُ بِعِقَابِهِ»[رواه أحمد وهو في السلسة الصحيحة ].


ألا لا يخذّلنكم الشيطان عن أمر النّاس بالصلاة ونهيهم عن تركها بتوقع الأذية من المنصوح ، فعن عن أبي سعيد الخدري أن النبي قال:«لا يمنعن أحدكم مخافة الناس أن يتكلم بحق إذا علمه»[رواه أحمد وصححه الألباني ]، وسِر في ركب من قال الله فيهم : ﴿الذين يبلغون رسالات الله ويخشونه ولا يخشون أحدا إلا الله ﴾ و﴿ قل لن يصيبنا إلا ما كتب الله لنا .

ألا يثبطنكم الشيطان عن الأمر بالصلاة والنهي عن تركها بأنك لست عالما أو لست إماما فإنّ النبي قال : «بلغوا عني ولو آية» [البخاري من حديث عبد الله بن عمرو]
فمن منّا لا يمكنه حفظ آية أو آيتين يبثها بين تاركي الصلاة كقوله تعالى:﴿ فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيّاً

من منّا لا يستطيع حفظ حديث أو حديثين كقوله : «العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة ، فمن تركها فقد كفر» [أحمد من حديث بريدة وهو في صحيح الجامع]
من منّا يعجز أن يحفظ أثرا أو أثرين كقول عمر بن الخطاب : (لَا حَظَّ فِي الْإِسْلَامِ لِمَنْ تَرَكَ الصَّلَاةَ) أو قول ابن مسعود: (من ترك الصلاة فلا دين له).

ولن تُعدم وسيلةً تدعو بها تاركي الصلاة ما جعلت الأمر همّك، والحرصَ على هداية الناس شغلك : فإننا نرى إعلاناتٍ تملء الدنيا للمهرجانات الغنائية، وإشهارات للمنتوجات التجارية، ونرى نشاطا عجيبا في الدعوة للأحزاب السياسية .. أين مثلها أو أقل منها في دعوة الناس لأعظم أركان الدين؟؟

فيا عبد الله أسهم في دعوة الناس لإقام الصلاة وشارك ولو باليسير : قدم هدية أوِ انشر كتابا، اطبع مطوية أو وزع شريطا ، ألصق بطاقة أوِ انسخ قرصا، ابن مصلى أو أسهم في مسجد ، ابعث رسالة ، اكتب نصيحة أو حرر مقالا ، حمّل درسا وأرسله من هاتفك، استغل مواقع التواصل الاجتماعي، استعن بمن يرجى أن يكون نصحه مؤثرا كإمام أو طالب علم ، استغل المواقف والأحداث التي يسهل فيها حدوث الاستجابة كموت قريب أو حصول حادث أو إصابة بمرض ، أو حاجته لك في قضية ما ن ولا تنس الدعاء بظهر الغيب وقد كان من دعاء الخليل إبراهيم عليه السلام ﴿ربّ اجعلني مقيم الصلاة ومن ذريتي وإيّاك أن تكون من المنّفرين عن الصلاة بتخذيل التائبين والاستهزاء بهم ، والتنقيص من شأنهم والطعن في توبتهم ، فتكون مغلاقا للخير مفتاحا للشرّ، واحذر كل الحذر من نشر الأحاديث الضعيفة في عقوبة تارك الصلاة ففي الأحاديث الصحيحة ما يشفي العليل ويروي الغليل، وتذكر قول المصطفىمَنْ قَالَ عَلَىَّ مَا لَمْ أَقُلْ فَلْيَتَبَوَّأْ مَقْعَدَهُ مِنَ النَّارِ »[ أحمد وهو في السلسلة الصحيحة]، فإذا فعلت هذا وغيره وبذلت جهدك، فقد أديت ما عليك، وليس لك من الأمر شيء ، وليس هداهم إليك ، إن عليك إلاّ البلاغ ﴿وَإِذَ قَالَتْ أُمَّةٌ مِّنْهُمْ لِمَ تَعِظُونَ قَوْمًا اللَّهُ مُهْلِكُهُمْ أَوْ مُعَذِّبُهُمْ عَذَابًا شَدِيدًا قَالُواْ مَعْذِرَةً إِلَى رَبِّكُمْ وَلَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ ....
أمّا تارك الصلاة الذي لم يقبل النّصيحة فعاند وكابر فله شأن آخر وله أحكام دل عليها كتاب الله وسنة نبيه يضيق المقام عن بيانها يلخصها ما قاله شيخ الإسلام ابن تيمة رحمه الله: « وَهَجْرُ الرَّجُلِ عَلَى تَرْكِ الصَّلَاةِ مِنْ أَعْمَالِ الْبِرِّ الَّتِي يُحِبُّهَا اللَّهُ وَرَسُولُهُ » [الفتاوى الكبرى]

اللهم اهدنا واهد بنا واجعلنا هداة معتدين
ربنا اجعلنا مقيمي الصلاة ومن ذرياتنا ربنا وتقبل دعاء
ربنا ءاتنا في الديا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار
وصل اللهم وسلم على نبينا محمد ...

يتبع ..../....
المشاهدات 3590 | التعليقات 0