وأنتم موقنون بالإجابة

HAMZAH HAMZAH
1441/05/29 - 2020/01/24 17:24PM

 ( وأنتم موقنون بالإجابة )
جامع الفهد محايل عسير- ١٤٤١/٥/٢٩هـ - د حمزة آل فتحي .

الحمد لله القائل :( وقال ربكم ادعوني استجب لكم ) بسط أفضاله، ومد رحماته، وأفاض علينا من بركاته . وصلى الله وسلم على رسوله القائل ( الدعاء هو العبادة )
أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .
أما بعد فاتقوا الله عباد الله، واعمروا حياتكم بها( ومن يتق الله يجعل له مخرجا، ويرزقه من حيث لا يحتسب ).
‏أيها الناس :
هل سمعتم بالداعي الموقن بفضل ربه تعالى ( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ) ..؟!
فلا يتردد ولا يتلعثم، ويوقن أن الله لا يتعاظمه شيء تبارك وتعالى.

وإني لأدعو اللهَ والأمرُ ضيقٌ .... عليّ فما ينفك أن يتفرجا
ورب فتىً ضاقت عليه وجوهه ... أصاب له في دعوةِ الله مخرجا

يدعو بعضُ الناس ربه تعالى ويلهج ويطيل، وقد تتأخر الإجابة فيتعجب ...!
وربما وسوس له الشيطان حتى يترك الدعاء ... وقد قال عز وجل :( ادعوا ربكم تضرعا وخفية ) . ويخفى على أولئك أسباب الإجابة، وأن من معالمها وأسبابها حضور القلب ، وتعلقه بالله تعالى ، فقد صح في سنن الترمذي رحمه الله ،؟عن أبي هريرة رضي الله تعالى عنه، أن رسول الله صلى وسلم قال :( ادعوا الله وأنتم موقنون بالإجابة ، واعلموا أن الله لا يستجيب دعاءً، من قلب غافل لاهٍ ). وهنا يرغّب صلى الله عليه وسلم في الدعاء ، وأنه من أجل الطاعات،
‏ويؤكد على (مسألة اليقين) والتي تعني حضور القلب ويقظةَ الروح ، والطمع في كرم الله وفضله ، وأنه لا يعجزه شيء، فهو أكرم الأكرمين وأرحم الراحمين ( يا أيها الناس أنتم الفقراء إلى الله والله هو الغني والحميد ).
ولهذا على المسلم كما تعلّم أهميةَ الدعاء وفضله ، أن يتعلم أسبابه و الأمور المعينة على الإجابة، ومنها: حضور القلب ،والإقبال بصدق وإشفاق ، واعتقاد سعة فضل الله ورحمته ، قال تعالى ( وإن تعدوا نعمة الله لا تحصوها ) وأنه يجيب من دعاه ولا يخيّب من رجاه. ( وقال ربكم ادعوني استجب لكم ). وأنه عظيم العطايا ‏واسع المنّ والأفضال ( ما عندكم ينفد وما عند الله باق) .فإذا استقر القلبُ باليقين ، عظُم الدعاء، وصحت الرغبة ، وانزاحت الأشغال، وتجردّ التوحيد للواحد الأحد ، وبات العبد في عبودية أخرى، تمنحه الراحة واللذة الإيمانية العجيبة، قال عز وجل :( ألا بذكر الله تطمئن القلوب ). يقول بعض الصالحين:( إنه لتكون لي حاجةٌ إلى الله ، فأسأله إياها، فيفتح علي من مناجاته ومعرفته، والتذلل له والتملق له بين يديه ، ما أحبُّ أن يؤخر علي قضاءها وتدوم لي تلك الحال ). وقال الإمام الخطابي رحمه الله :( حقيقة الدعاء ‏استدعاء العبد من ربه العناية ، واستمداده إياه المعونة ، وحقيقته : إظهار الافتقار إليه ، والبراءه من الحول والقوه التي له ، وهو سمة العبودية ، واظهار الذلة البشرية ، وفيه معنى الثناء على الله، واضافة الجود والكرم إليه ).
وإذا فُقد اليقين في الدعاء، غاب القلب ، وبات في غفلة وانشغال ...!
ولهذا عقّبه بقوله :( فإن الله لا يستجيب دعاءً من قلبٍ غافل لاهٍ ). أي يدعو بلا حضور ، أو معرض عن الله أو يردد كلمات بلا تأمل وتمعن ، ولا يعيشُ جوهرها ومحتواها ...!
وهذا ينافي الدعاء وقوته وتوحيده ورغبته ورهبته...!

‏كيف يستقيمُ أيدٍ مرفوعة، وكلمات مبذولة ، و جناحاها في غفلة ولهو.. ( إن هذا لشيء عجاب ) ؟!!!
فوجب الحذر معاشرَ أهل الإسلام، وتصحيح عبودية الدعاء .
ومن الموانع أيضا : أكل الحرام فقد ذكر صلى الله وسلم الرجلَ أشعثَ أغبر ، يطيل السفر ومطعمه حرام ومشربه حرام ، فأنى يُستجاب لذلك ). ومنها: المعاصي عموما لقوله في الحديث: ( إن العبدَ ليحرمُ الرزق بالذنب يصيبه ) ومنها: الاستعجال في الدعاء، وأن لا يدعو بإثم أو قطيعة رحم.... لقوله :( لازال يستجاب للعبد مالم يدع بإثمٍ أو قطيعة رحم) . ومنها : إهمال والإخلاص ، وعدم العناية ، وقد قال تعالى :( فادعوا الله مخلصين له الدين ولو كرهَ الكافرون ).
اللهم وفقنا الخيرات ، وجنبنا الغفلة والحسرات...
أقول قولي هذا وأستغفر الله.....

——
الحمد لله حمدًا كثيرا طيبا......
إخواني الكرام :
عبودية الدعاء من أشرف الطاعات، وتحقيقها ، وجماله وتاجها في اليقين بها ( وأنتم موقنون بالإجابة )
فتعلموا اليقين، وادرسوا اليقين، وعيشوه كما عاشه السلف .

يقول سفيان الثوري رحمه الله : (لو أن اليقينَ وقعَ في القلبِ كما ينبغي؛ لطارت القلوبُ اشتياقًا إلى الجنةِ وخوفًا من النارِ)، وقال أيضًا: (اليقينُ أن لا تتهمَ مولاك في كلِّ ما أصابَك).
ويقول ابن رجب رحمه الله : (فمنْ حقَّقَ اليقينَ وثقَ باللهِ في أمورِه كلِّها، ورضي بتدبيرِه له، وانقطعَ عن التعلقِ بالمخلوقين رجاءً وخوفًا، ومنعه ذلك من طلبِ الدنيا بالأسبابِ المكروهةِ)
فاعلموا يا مسلمون اليقين، وادرسوه كما درسه الأوائل، وعيشوه كما عاشه الأسلاف..!
فادعوا الله بيقين، والهجوا بصدق، وافصدوا برغبة وإشفاق ، وما تأخرت الأفضال إلا لخير لا يدركه العبد .
ومن رحمات الله: أن وسع الله لنا ابواب الدعاء، وجعلها في الصلوات الخمس التي نتعاهدها كل يوم وفيها السجود والتشهد ، وقد قال( أقربُ ما يكون العبد من ربه وهو ساجد فاجتهدوا في الدعاء )
ولما علّم صحابته التحيات قال:( ثم ليتخير من المسألة ما شاء )
وثم أوقات وأزمنة فاضلة للدعاء، كيوم الجمعة وساعاته الغراء ، كساعة الخطبة والصلاة، وآخر ساعة من وقت العصر وهي أرجى، فقد صح حديث ( فالتمسوها آخر ساعة من وقت العصر )
فاجتهدوا عباد الله، وعظموا ربكم، وادعوه بإيقان وصدق .
وصلوا وسلموا يا مسلمون على الرحمة المهداة والنعمة المسداة .....


المشاهدات 965 | التعليقات 0