وأقم الصَّلاةِ 15ــ 12ــ1445هـ
عبدالعزيز بن محمد
إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ:
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أَيُّها المُسْلِمُون: سرورُ الحياةِ في عيشِ هَنيٍ ومُقَامٍ رضيٍ في بيت تَقِي، بين أَهْلٍ وَزَوْجَةٍ وَبَنِيْن، تَكْتَنِفُهُمُ المحبةُ وتَحُفُّهُمُ المودةُ، وتغشاهُمُ السَّكِيْنَةُ.. مُتعاطِفونَ متآلفون مُتآزرون. كبيرٌ يرحمُ صغيراً، وصغيرٌ يوقرُ كبيراً. والدٌ يحنو على ولدٍ، وولدٌ يخفض جناحَ الذُّلِ لِوَالِد. أسرةٌ مُطمئنةٌ.. مكْتَمِلَةُ الأركانِ، مَرْصُوصَةُ البُنيانِ، صافيةُ الإيمان. وأكرمُ ما تكونُ الأُسْرَةُ.. حينما يكونُ لها قَوَّامٌ ناصحٌ مشفقٌ أمين. يَسْعَى في جَلْبِ مَصَالِحِها، ويجتهدُ في دَفْعِ الشُّرُوْرِ عَنْها. يَأْمُرُ أَهْلَه بِالبِّرِ والإحسان، وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الإِثْمِ والعُدْوَان، يَقُوْدُهم إِلى طَرِيقِ النَّجاةِ، وَيَحْمِيْهِم مِنْ دُرُوْبِ الهَلاك.
والدٌ.. أدْرَكَ أَنَّهُ لا فَلاحَ له ولا لأهلِه في الدنيا ولا في الآخرةِ إلا بِتَوْثِيْقِ الصِّلَةِ بالله. صلاةٌ تُقامُ فيستقيمُ لهم أمرُ الدُّنيا وَيَصْلُحُ لهم أمرُ الدين. {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاءَ وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ}
صَلاةٌ لها في مَقَامِ العُبُوْدِيَّةِ أَسْمَى مَقَام.. هِيَ رُكْنُ الإِسْلامِ المتِيْنِ.. شُرِعَت على رَسْوْلِ الله صلى الله عليه وسلم ليلةَ المعراجِ.. في السماء السابعة، خَاطبَه الله بها كِفَاحاً بلا تَرْجُمَان، فَفَرَضَها عَلَيْهِ خمسَ صَلوات في اليَوْمِ والليْلَةِ، وفي الحديث الطَّويلِ في قِصةِ الإِسْرَاءِ والمِعْرَاجِ، قَالَ اللهُ: (يا مُحَمَّدُ، قالَ: لَبَّيْكَ وسَعْدَيْكَ، قالَ: إنَّه لا يُبَدَّلُ القَوْلُ لَدَيَّ، كما فَرَضْتُهُ عَلَيْكَ في أُمِّ الكِتَابِ، فَكُلُّ حَسَنَةٍ بعَشْرِ أمْثَالِهَا، فَهي خَمْسُونَ في أُمِّ الكِتَابِ، وهي خَمْسٌ عَلَيْكَ) رواه البخاري خمس صلواتٍ بأجر خمسين صَلاة. * إنها ركنُ الإسلامِ المتين.. لا يقومُ إِسلامُ المرءِ إلا بإقامتها، حُكمٌ حَكَمَ بِهِ اللهُ ورَسُوْلُه، عن بُرَيْدَةَ بنِ الحُصَيْبِ رضي الله عنه قال : سمعت رسولَ الله صلى الله عليه وسلم يقول : "العهدُ الذي بيننا وبينهم الصلاة فمن تركها فقد كفر" واللهُ تَعالَى في كتابهِ قَدْ قَال: {فَإِنْ تَابُوا وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي الدِّينِ}
* صلاةٌ.. يَصْطَبِرُ عليها المسلمُ ويأمرُ أَهْلَه بها. أمرٌ أُمِرَ به رسولُ الله صلى الله عليه وسلم وَنَحْنُ بِهذا الأَمْرِ مُخَاطَبُوْن {وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لا نَسْأَلُكَ رِزْقًا نَحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى} في مَسْلَكٍ سَلَكَه النبيونَ الأَوَلُوْنَ، والصُّلَحَاءُ النَّاصِحُوْن {وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِسْمَاعِيلَ إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ وَكَانَ رَسُولًا نَّبِيًّا*وَكَانَ يَأْمُرُ أَهْلَهُ بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ وَكَانَ عِندَ رَبِّهِ مَرْضِيًّا} وكان يأمر أهلَه بالصلاة..
* والدٌ.. أدْرَكَ أنه لا فلاحَ له ولا لأهلِه في الدنيا ولا في الآخرةِ إلا بإقامةِ الصلاة.. فوعظَ ابنَه أَبْلَغَ مَوْعِظَةٍ، وَبِجَوامِعِ المَعْرُوفِ أَوْصَاهُ {يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلَاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنكَرِ وَاصْبِرْ عَلَىٰ مَا أَصَابَكَ} * يا بُنَيَّ أقم الصلاة.. فَمَن أَقَامَ وَجْهَهُ للهِ في صَلاتِه، أقامَ الله لَهُ دِيْنَه وَأَصْلَحَ لَهُ دُنْياه. * يَا بُنَيَّ أَقِمِ الصَّلاةَ.. فَإِنَّه لا حَظَّ في الإسلامِ لمن ترك الصلاة. * يا بُنَيَّ أقِمِ الصلاة.. أمُرٌ لَك فيهِ تَكْلِيْفٌ، ولَكَ فِيْهِ تشريفٌ.. تكليفٌ بالقيامِ بالصلاةِ على وجهها، وتَشْرِيْفٌ لك بالقيامِ بَيْنَ يَدَي رَبِّكَ في كُلِّ صَلاةٍ تُناجِيْه. مَقامٌ مَنْ حَافَظَ عَلَيْهِ أَوْرَثَهُ اللهُ مَنَازِلَ النَّعِيْم {وَالَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَوَاتِهِمْ يُحَافِظُونَ أُوْلَئِكَ هُمُ الْوَارِثُونَ الَّذِينَ يَرِثُونَ الْفِرْدَوْسَ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} وَمَن اسْتَهَانَ بِهِ سَلَكَ سَبِيْلَ الجحيم {مَا سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ * قَالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ}
* يا بُنَيَّ أقم الصَّلاةَ.. أَدِّها في وقتها.. فإنَّ فَرِيْضَةَ الله لها وقتٌ مَعْلُومٌ، لَيْسَ للمرءِ فيه تخييرٌ، وليس للهوى فيه تدبير. {إِنَّ الصَّلَاةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتًا} مَفْرُوْضةً في أوقاتٍ معلومة.
* يا بُنَيَّ أقم الصَّلاةَ.. أَقِمِ للصَّلاةِ في قَلْبِكَ شَأْنٌ، لا تَكُنْ عَنِ الصَّلاةِ لاهِياً، لا تَكُن عَنْها مُعْرِضاً أَوْ سَاهِياً، فَإِنَّ اللهَ قَدْ أَنْذَرَ مَنْ عَنْ صَلاتِهِمْ سَاهُون {فَوَيْلٌ لِّلْمُصَلِّينَ الَّذِينَ هُمْ عَن صَلاتِهِمْ سَاهُونَ}
* يا بُنَيَّ أقم الصَّلاةَ.. احْفَظْهَا وَحَافِظْ عَلَيْهَا، فَإِنَّ في حِفْظَها حِفْظٌ لِدِيْنِك، وسَعادَةٌ في دُنْياك. وَإِنَّ في إِضَاعتَها ضَيَاعٌ لِدِيْنِكَ وَشَقاءٌ في دُنْيَاك {إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي} {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى}
* يا بُنَيَّ أقم الصَّلاةَ.. لا يَغْلِبَنَّك على صلاتِكَ نومٌ، ولا يُشغِلَنّكَ عنها لهوٌ، ولا تَصْرِفَنَّكَ عنها دُنيا. فَتِلْكَ شَهُواتٌ تُورِثُ لِصاحِبِها الحَسَرَات {فَخَلَفَ مِنْ بَعْدِهِمْ خَلْفٌ أَضَاعُوا الصَّلاةَ وَاتَّبَعُوا الشَّهَوَاتِ فَسَوْفَ يَلْقَوْنَ غَيًّا}
* يا بُنَيَّ أقِمِ الصَّلاةَ.. أَسْبِغْ طُهُورَها، فَإِنَّ رَسُولَك صلى الله عليه وسلم قد قال: (لاَ يَقْبَلُ الله صَلاَةً بِغَيْرِ طُهُورٍ) رواه مسلم احْفَظْ أَرْكانَها، أَتِمَّ شُرُوْطَها، أَحْسِنْ قيامَها، تَعَلَّم أَحْكَامَهَا، أَدِّهَا كَمَا شُرِعَت فَإِنَّ رَسُولَك صلى الله عليه وسلم قد قَال: (صَلُّوا كَمَا رَأَيْتُمُونِي أُصَلِّي) متفق عليه ومَنْ رَأَوا صَلاتَهُ رَووها لَنا. فَلا يَزَالُ المُسْلِمُ يَعْمَلُ بِما عَلِمَ حَتَى يعْلُو في مَنازِلِ الإِيْمان.
* يا بُنَيَّ أقِمِ الصَّلاةَ.. أَدِّهَا حَيْثُ يُنادَى بِها في المَساجِدِ.. فإِنَّ المَساجِدَ بُيُوتُ اللهِ. ما بُنِيَتْ المَساجِدُ إِلا لِتُقَامَ فيها الصَّلاة {فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللّهُ أَن تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوّ وَالاَصَالِ * رِجَالٌ لاّ تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلاَ بَيْعٌ عَن ذِكْرِ اللّهِ وَإِقَامِ الصّلاَةِ وَإِيتَآءِ الزّكَـاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُواْ وَيَزِيدَهُمْ مّن فَضْلِهِ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَآءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ} * يا بُنَيَّ أقِمِ الصلاة.. قُم إِليْها مُخْلِصاً نَشِيْطاً مُسْتَبْشِراً. لا مُتَثَاقِلاً مُتَكَاسِلاً مُتَضَجِّراً.. فَتِلْكَ أَخْلاقُ مَنْ لا خَلاقَ لهم {إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُواْ إِلَى الصَّلاَةِ قَامُواْ كُسَالَى يُرَآؤُونَ النَّاسَ وَلاَ يَذْكُرُونَ اللّهَ إِلاَّ قَلِيلاً} بارك الله لي ولكم..
الخطبة الثانية:
الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَن لا إله إلا اللهُ ولي الصالحين، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رسول رب العالمين، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين، وسلم تسليماً أما بعد: فاتقوا الله عباد الله لعلكم ترحمون
أيها المسلمون: والدٌ.. رَحِيْمٌ شَفِيْقٌ، عَطُوْفٌ رَفِيْقٌ. يُصَابُ أحَدُ أَهْلِهِ بِداءٍ أَو مَرَضٍ، فَلا يقَرُّ لَهُ قَرَارٌ، ولا يَطِيْبُ لَهُ مَرْقَدٌ، ولا يَهْنأُ لَهُ عَيْشٌ، ولا تَطُولُ لَهُ راحَة.
يُطَوِّفُ المَشافِيْ يَبْحَثُ عَنْ دَواءَ. ويَطُوفُ على الأَطِباءِ يَبْحَثُ عَنْ عِلاج. تِلْكَ هِيَ رَحْمَةُ الوالِدِ. وله بِها أَكْرَمُ جَزاء.
ومُصابُ الوَلَدِ في دِيْنِهِ أَفْظَعُ مِنْ مُصابِهِ في بَدَنِه. فَمُصابُهُ في البَدَنِ أَجْرٌ وكَفَّارَةٌ. ومُصابُهُ في الدِيْنِ.. هَلاكٌ وخَسَارَة. مُصابُ الوَلَدِ في بَدَنِهِ.. آلامٌ لَها يَوماً نِهايَة. ومُصابُهُ في دِيْنِهِ.. لَيْسَ لَها أَبداً نِهايَةِ.
خَسارَةُ الوَلَدِ لأَمْرٍ مِنْ أُمُورِ دُنْياهُ.. قَدْ يَكُونُ لَهُ فيها خَيْرَ عِوَض. لِكِنَّما خَسارَتُهُ للآخِرَةِ، لَيْسَ لَه فيها مِنْ عِوَض {قُلْ إِنَّ الْخَاسِرِينَ الَّذِينَ خَسِرُوا أَنْفُسَهُمْ وَأَهْلِيهِمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلَا ذَلِكَ هُوَ الْخُسْرَانُ الْمُبِينُ}
يَقُوى إِيمانُ الوالِدِ بِحَقِيْقَةِ الآخِرَةِ، ويَقْوَى إِيْمانُهُ.. بحسابِها وثَوابِها وعِقابِها.. فلا يَزالُ ناصحاً لأَهْلِهِ مُشْفِقاً عليهم. يَخْشَى أَنْ يَخْسَرُوا خُسْراناً لا فَوزَ بَعْدَه {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَّا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ}
صَلاةٌ يُحافِظَ عليها الرَّجُلُ ويَأَمًرُ بها أَهْلَهُ، يُقِيْمُوْنها أَتَمَّ قِيام. وَيُؤَدُّوْنَها أَكْمَلَ أَداءَ. لا تَتَحَقق إِلا لِمَنْ غَرَسَ مَقامَ الصَلاةِ في قَلْبِ أَوْلادِهِ مُنذُ الصِّغَر. فَكانُوا لَه خَيْرَ مُعيْنٍ في سِنِّ الكِبَر. يُرَبِيَ أَوْلادَهُ مُنُذُ الصِغَرِ على إِقامَةِ الصَلاةِ.. يُفَقِهُهُم بأَحكامِها، ويُؤَدِبَهُم بآدابِها. يُعَظِّمُ مَقامَ الصَلاةِ في نُفُوسِهِم.. حَتَى تَتَشَعَّبُ جُذُورُ الإِيْمانِ في قُلُوبِهِم. عَنْ عَبدِاللهِ بنِ عَمْرو بنِ العَاصِ رضي الله عنهما: أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم قال: «مُرُوا أولادَكم بالصلاةِ وهم أَبْنَاءُ سَبْعِ سِنِينَ، واضْرِبُوهُمْ عليها، وهم أَبْنَاءُ عَشْرٍ، وفَرِّقُوا بَيْنَهُمْ في المَضَاجِعِ» إِنَّها الصلاةُ عَمُوْدُ الدِّيْنُ، إِنَّها صِلَةُ العبدِ بربِ العَالَمِيْن. {حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ}
عبادَ الله: وظَاهِرَةُ التَخَلُّفِ عَنِ الصَلَواتِ والتَّهاوُنِ بِها، والتَّفْرِيْطِ فيها وفي وْقَاتِها. ظَاهِرَةٌ لَمْ تَعُد خافِيَةً عَلى مَنْ لَهُ قَلْبُ وبَصَر. تَتَّسِعُ دائِرَةُ الظَاهِرَةِ في أَوْقاتِ الإِجازَاتِ.. لِتَتَسَلَّلَ إِلى كَثِيْرٍ مِنَ الأُسَرِ التي يُشارُ إلى أَفرادِها بالصَلاح.
خَطَرٌ يُوجِبُ اليَقَظَةَ والحَذَر.. سَهَرٌ يُفْضِيْ إِلى إِضاعَةِ الصَلوات.. سَيُحاسَبُ عَنْهُ العَبْدُ يَومَ القِيامَةِ، فَلا تَغْتَرَّ بِمُتْعَةِ سَهَرٍ أَعْقَبَتْها إِضاعَةٌ للصَلاةِ. عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رضي الله عنه قَالَ: سَمِعْتُ رَسولَ اللهِ يَقُول: (إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ فَإِنْ صَلُحَتْ فَقَدْ أَفْلَحَ وَأَنْجَحَ وَإِنْ فَسَدَتْ فَقَدْ خَابَ وَخَسِرَ..)
وإَقامَةُ الحُجَّةِ على المُكَلَّفِيْن، مِن أَوجَبِ ما يَجِبُ على النَّاصِحِين، لذلكَ أَرْسَلَ اللهُ المُرْسَلِين {رُسُلًا مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ..}
أَلا فاَتَّقُوا اللهَ يا عِبادَ اللهِ في صَلاتِكُم. أَلا فاَتَّقُوا اللهَ يا عِبادَ اللهِ في صَلاتِكُم. أَلا فاَتَّقُوا اللهَ يا عِبادَ اللهِ في صَلاتِكُم. أَلا فَاعْلَمُوا أَنكم عَنْها مُحاسَبُون. أَلا فَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ قَد أَنْزَلَ في القُرآنِ قَوْلَه: {قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ} أَلا إِنه لا حُجَةَ يَومَ القِيامَةِ لِمُفَرِّط.
اللهم هذا بَلاغٌ وهذهِ ذِكْرى، وهذا نُصْحٌ وهذا بَيان. ولا حَوْل ولا قُوةَ إِلا بِك. رَبّنا اجْعَلْنا مُقِيمينَ الصَّلَاةِ وَمِن ذرياتِنا رَبَّنَا وَتَقَبَّلْ هذا الدعاء
ربنا هب لنا من أزواجنا وذرياتنا قرة أَعين..
المرفقات
1718891144_وأقم الصَّلاةِ 15ــ 12ــ1445هـ.docx