وَأَقْرَضوا الله قَرضاً حَسناً 5 ـ 9 ــ 1445هـ

عبدالعزيز بن محمد
1445/09/04 - 2024/03/14 13:08PM

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ أَمَّا بَعْدُ:

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)
(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا* يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)
أَيُّها المُسْلِمُون: السَّعْيُ في كَسْبِ المَعَاشِ فَضِيْلَة، والجِدُّ في طَلَبِ ما يُغِنِي عَن المَسأَلَةِ شَرَف. والقَاعِدُونَ عَنِ المسيرِ خُمُوْلُ {وَآخَرُونَ يَضْرِبُونَ فِي الْأَرْضِ يَبْتَغُونَ مِن فَضْلِ اللَّهِ}

يَسْعَوْنَ في أَرْجَاءِ الأَرْضِ.. يَسْلُكُونَ فِجَاجَهَا، يَبْتَغُوْنَ رِزْقاً طَيِّباً، وَمَكْسَباً كَرِيْماً.   وَمَنْ سَعَى فِي أَرْضِ اللهِ مُتَوَكِلاً عَلَى اللهِ يَبْتَغِيْ مِنْ فَضْلِ اللهِ.. يَطْرُقُ أَبْوَابَ الكَسْبِ بِتَقْوَى، وَينشُدُ أَسْبابَ الرِّزْقِ بِاتِّزَان، فَهُوَ مُهتَدٍ لِلفِطْرةِ مُوَفَّقٌ لِلصَّوَابِ. 

وَحِيْنَ يَبْسُطُ اللهُ لِلْعَبْدِ في رِزْقِه، ويُوْسِّعُ لَهُ في عَطَائِهِ، ويَمُدُّ لَهُ ويُمَكِّنُهُ مِنَ المَالِ.. فَإِنَّما هُوَ مُسْتَخْلَفٌ فِي المالِ وَمُبْتَلى.  

فَالمالُ مَالُ اللهِ وَهُوَ وَدِيْعَةٌ    **   وَالعَبْدُ عَنْهُ مُحاسَبٌ مَسْؤُوْلُ

يَتَمَتَّعُ في المالِ بِالمعْرُوْفِ، ويُنْفِقُ فيه بِالإِحْسَانِ، فَلا يُسْرِف ولا يُبَذِّر، ولا يَفْخَرْ ولا يَتَكَبَّر، ولا يَسْلُكْ في المالِ طَرِيْقاً لِمَعْصِيةٍ، ولا يَسْعَى في المَالِ لإِعْزَازِ بَاطِلٍ ولا لِنَشْرِ مُنكَر.  وَيَعْلَمُ أَنَّ في المالِ حَقٌ للهِ..  فَهُوَ قَائِمٌ بِحَقِّ الله دُوْنَ بَخْسٍ، مُؤَدٍ لِحَقِّ اللهِ دُونَ نُقْصَان.   وَمَنْ حَادَ عَنْ التَّوْجِيْهِ القُرْآنِيِّ هَلَك {وَابْتَغِ فِيمَا آتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآخِرَةَ   وَلَا تَنسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا  وَأَحْسِن كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ وَلَا تَبْغِ الْفَسَادَ فِي الْأَرْضِ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}   

* وأَكْرَمُ التِّجَارَةِ تِـجَارَةٌ مَعَ اللهِ.  وفي شَهْرِ رَمَضَانَ يَرْتَفِعُ للسُّوْقِ شَأَنٌ. ويَتَسَابَقُ لِلبَذلِ قَوْمٌ مُؤْمِنُون.  مَالٌ مِنْ كَسْبٍ طَيِّبٍ، يُنْفَقُ في وُجُوْهِ الإِحْسَانِ،  تُضَاعَفُ فِيْهِ لِلعَبدِ العَطَايا، وتُرفَعُ لَهُ فِيْهِ الدَّرَجَات {آمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَأَنفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُم مُّسْتَخْلَفِينَ فِيهِ فَالَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَأَنفَقُوا لَهُمْ أَجْرٌ كَبِيرٌ} عَنْ عَبْدِاللهِ بنِ مَسْعُوْدٍ رضي الله عنه قَالَ: قَالَ رَسُوْلُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ : (لا حسَدَ إلَّا في اثنتَيْنِ : رجُلٌ آتَاهُ اللهُ مَالًا فَسَلَّطَهُ عَلَى هَلَكَتِه في الحَقِّ وَرَجُلٌ آتَاهُ اللهُ حِكمةً فَهُوَ يَقْضِيْ بِها وَيُعلِّمُها) متفق عليه 

آتَاهُ اللهُ مَالاً فَسَلَّطَ المالَ في دُرُوْبِ الخَيْرِ.  وَطَرَقَ بِالمالِ أَبْوَابَ البِّرِ، وَسَلَكَ بِالمالِ مَسَالِكَ الإِحْسَان.  لَمْ يَنْحَرِفْ بِالمالِ ولم يَنْحَرِف المالُ بِه .

* وكُلُّ عبدٍ يبتغي حُسْنَ الجزاءِ.. يَبْذُلُ الكريمَ مِنْ مَالِه، ويُعطي الطَّيبَ مِمَّا مَلَكْ. فَالدَّارُ دارُ تَزَوُّدٍ.. وَالعَيْشُ عَيْشُ الآخِرَة {وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِأَنفُسِهِمْ يَمْهَدُونَ}

وَمَنَازِلُ البِّرِّ.. لَنْ يَرْقَى لَها مَن شَحَّ بالمَعْرُوفِ والصَّدَقَاتِ {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}  عَنْ أَنَسِ بنِ مَالِكٍ رضي الله عَنْهُ قَالَ: كَانَ أَبُو طَلْحَةَ رضي الله عنه أَكْثَرُ الأَنْصَارِ بِالمدِينَةِ مَالاً مِنْ نَخْلٍ، وَكَانَ أَحَبُّ أَمْوالِهِ إِلَيْهِ بَيْرَحاءَ، وَكانَتْ مُسْتَقْبِلَةَ المسْجِدِ وكانَ رسولُ صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ يدْخُلُهَا وَيشْربُ مِنْ ماءٍ فِيهَا طَيِّبٍ قَالَ أَنَسٌ: فلَمَّا نزَلَتْ هَذِهِ الآيةُ: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ} قام أَبُو طَلْحَةَ إِلى رسولِ اللَّه صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ فقال: يا رسولَ اللَّه: إِنَّ اللَّه تَعَالَى أَنْزَلَ عَلَيْكَ: {لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّىٰ تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ } وَإِنَّ أَحَبَّ مَالي إِلَيَّ بَيْرَحَاءَ، وإِنَّهَا صَدقَةٌ للَّهِ تَعَالَى أَرْجُو بِرَّهَا وذُخْرهَا عِنْد اللَّه تَعَالَى، فَضَعْها يَا رَسُول اللَّه حيْثُ أَرَاكَ اللَّهُ، فقال رَسُول اللَّه صَلَّى اللهُ عليهِ وَسَلَّمَ : "بَخٍ، ذلِكَ مَالٌ رَابحٌ، ذلِكَ مَالٌ رَابِحٌ، وَقَدْ سمِعْتُ مَا قُلْتَ، وَإِنِّي أَرَى أَنْ تَجْعَلَهَا في الأَقْرَبِينَ" فَقَالَ أَبُو طَلْحَةَ: أَفْعَلُ يَا رسولَ اللَّه، فَقَسَّمَهَا أَبُو طَلْحَةَ في أَقَارِبِهِ، وَبَني عَمِّهِ. متفقٌ عَلَيهِ  قَوْمٌ.. يُلَبُّونَ النِّدَاءَ عَلَى عَجَلْ، يَسْتَرْخِصُوْنَ المَالَ في طَلَبِ العُلا، لا يَرْتَضُوْنَ السَّيرَ في زُمَرَ الهَمَل.   قَالَها أَبُوْ طَلْحَةَ فَرَبِحْ (وَإِنَّ أَحَبَّ مَالي إِلَيَّ بَيْرَحَاءَ، وإِنَّهَا صَدقَةٌ للَّهِ تَعَالَى، أَرْجُو بِرَّهَا وذُخْرهَا عِنْد اللَّه) نَفَقَاتٌ مِنْ أَطْيَبِ المَكَاسِبِ، وَصَدَقَاتٌ مِنْ أَكْرمِ الأَمْوَال.   * وَمَنْ تجللَ لِبَاسَ الجَهْلِ عَمِي.. يَقُوْدُه الشُّحُّ، ويُقَيِّدُهُ البُخلُ، ويأسُرُهُ الحِرْمان.  لا يَتَصَدَّقُ.  وَإِنْ تَصَدَّقَ أَخْفَق،  فَلا يَبْذُلُ فَضْلَ الطَّعَامِ إِلا إِذَا كَسَد، ولا فَضْلَ الأَثَاثِ إِلا إِذَا فَسَد، ولا فَضْلِ اللِّبَاسِ إِلا إِذَا خَلِق.  سَجِيَّةُ مَنْ قَلَّ عِلْمُهُ وضَعُفَ احْتِسَابُه.   وكَم مِنْ فَقِيْرٍ.. مَدَّ يَدَه مُسْتَبْشِراً بِصَدَقَةٍ مُدَّت إِلَيْهِ.   فَسَاءَهُ مِنْهَا مَا رَأَى.. عَطِيَّةٌ كَاسِدَةٌ تَأَنَفُ مِنْ أَخْذِها طِباعُ الأَسْوِيَاء.  وتَنْثَنِيْ خَجَلاً مِنْ تَقْدِيْمِهَا طِباعُ الأَوْفِياءِ.   لا يُلامُ المَرْءُ على صَدَقَةٍ قَلَّتْ، ففي الحَدِيْثِ: (فاتَّقُوا النَّارَ وَلَوْ بِشِقِّ تَمْرَة).  وإِنَّما يُلامُ المَرْءُ.. أَنْ يَتَيَمَّمَ الرَّدِيءَ مِما لَدِيْهِ لِيَتَصَدَّقَ بِه. 

والمُوَفَّقُ.. مَن تَصَدَّقَ مما أَحَبّْ، وأَعْطَى مِما رَضيْ، وبذلَ مِمَّا طَاب. فَإِنْ ضَعُفَ عَنْ ذلكَ.. فَيُنْفِقُ مِنْ أَوْسَطِ ما كَسَبْ. ولا يَتَيَمَّمُ الرَّدِيءَ الفاسِدَ لِيَتَصَدَّقَ بَه {وَلَا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنفِقُونَ وَلَسْتُم بِآخِذِيهِ إِلَّا أَن تُغْمِضُوا فِيهِ  وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ} 

 يُطَيِّبُ المُؤْمِنُ صَدَقَتَه ويُحَسِّنُها قَبْلَ أنْ يَبْذُلَها.. فلا يُقَدِّمُها إِلا عَلَى أَكْرَمِ هَيْئَةٍ، ولا يُنْفِقُها إِلا عَلَى أَفْضَلِ حَال. فَهِيَ لَهُ أَجْرٌ.. قَبْلَ أَنْ تَكُونَ للفَقِيْرِ عَوْن.

* يَحْفَظُ المُؤْمِنُ صَدَقَتَهُ.. مِما يُفْسِدُ أَجْرَها، ويُذْهِبُ ثَوابَها.. فلا يُتْبِعُها مَنَّاً ولا أَذَى {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُم بِالْمَنِّ وَالْأَذَىٰ}   

يَحْفَظُ قَلْبَهُ ويُخْلِصُ للهِ قَصْدَه.. فَلا يَرْجُو بِها مِنْ أَحَدٍ غَيْرَ اللهِ جَزاءًا ولا شُكُوراً. {إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا}    

يُخْفِيْ صَدَقَتَهُ عَنْ أَعْيُنِ النَّاسِ، ويَتَوارَى بِها عَنْ أَنْظارِهِم (حَتَّى لا تَعْلَمَ شِمالُهُ ما تُنْفِقُ يَمِيْنُه) فَلا يُظْهِرُ الصَّدَقَةَ.. إِلا إِنْ تَرَجَّحَ لَهُ فَضْلُ إِظْهارِها وأَمِنَ علَى نَفْسِهِ العُجْبَ والرِّياءَ.  وكَمْ كانَ في إِظْهارِ الصَّدَقَاتِ في بَعْضِ المَواقِفِ مِن أَثَرٍ طَيِّبٍ وسُنَةٍ حَسَنَة {إِن تُبْدُوا الصَّدَقَاتِ فَنِعِمَّا هِيَ وَإِن تُخْفُوهَا وَتُؤْتُوهَا الْفُقَرَاءَ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَيُكَفِّرُ عَنكُم مِّن سَيِّئَاتِكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ } بارك الله لي ولكم بالقرآنِ العظيم..


 

الحمدُ للهِ رَبِّ العَالمين، وأَشْهَدُ أَن لا إله إلا اللهُ وَلِيُّ الصَّالِحِيْن، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً رَسُوْلُ رَبِّ العَالَمِيْن، صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِه وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِيْن، وَسَلَّمَ تَسْلِيْماً  أما بعد:  فاتقوا الله عباد الله لعلكم ترحمون

أيها المسلمون: كَفُّ الكَرِيمٍ نَدِيَّةٌ.. وَالبَذْلُ عَنْوَانُ الفَلاحْ، نَفْسُ الكَرِيْمِ سَخِيَّةٌ.. تُعْطِيْ وتُنْفِقُ في صَلاحْ.  يَقِفُ الكَريمُ بِسَاحَةِ الإِحْسَانِ مَبْسُوْطَ اليَدِ،  يُعْطِيْ بِلا مَنٍّ، وَيُنْفِقُ مِنْ نَفِيْسِ المَالِ لا يُعطِي الرَّدِي.

تأَبَى طِبَاعُ الخَيْرِ في أَخْلاقِهِ  **  أَنْ يَبْذُلَ الأَرْدَى مِنَ الأَمْوالِ

طُوْبَى لِعَبْدٍ.. آمَنَ أَنَّ كُلَّ نَفَقَةٍ يُنْفِقُهَا ابْتِغَاءَ مَرْضَاةِ اللهِ.. إِنَّمَا هِيَ قَرْضٌ يُقْرِضُهُ لِرَبِهِ.. وسَيُوَفِّيْهِ اللهُ الجَزاءَ يَومَ الجَزاءِ مُضاعَف.  فَما بَخِلَ وما أَمْسَك، وما أَعْرَضَ وما أَحْجَمْ {مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً وَاللَّهُ يَقْبِضُ وَيَبْسُطُ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ}    {إِن تُقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا يُضَاعِفْهُ لَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ  وَاللَّهُ شَكُورٌ حَلِيمٌ}   

* وَعِنْدَ تَقَلُّبِ أَحْوالِ النَّاسِ وقَسْوَتِها.. وَعِنْدَ تَضَاعُفِ أَعْباءِ الحَياةِ وشِدَّتِها. تَشْتَدَّ الحَاجَةُ لِلبذلِ والإِنْفاق.  أُسَرٌ مُتَعَفِّفَةٌ.. يَهُدُّهَا الجَهْدُ وَتُضْنِيْها الفاقَةُ ويُعْيِيْهَا الإِمْلاق. {يَحْسَبُهُمُ الْجَاهِلُ أَغْنِيَاءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُم بِسِيمَاهُمْ لَا يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا  وَمَا تُنفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ}  فَيُضاعِفُ أَهْلُ الإِحْسانِ إِحْسانَهُم. ويُضاعِفُ أَهْلُ الجُودِ جُودَهُم. وشَهْرِ الجُودِ.. أَجْوَدَ ما يَكُونُ فِيهِ البَاذِلُون.  قَالَ عَبدُاللهِ بنُ عَباسٍ رَضِيَ اللهُ عنهما «كَانَ رَسُوْلُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ أَجْوَدَ النَّاسِ، وكانَ أجْوَدَ ما يَكونُ في رَمَضانَ»متفق عليه  

*عِبادَ اللهِ:  وأَما الحَدِيْثُ عَنْ فَرِيْضَةِ الزَّكاةِ..  فَهُوَ حَدِيْثٌ عَنْ فَرِيْضَةِ عُظْمَى، وعَنْ رُكْنٌ مِنْ أَرْكانِ الإِسْلامِ.. لا يَسْتَهِيْنُ بِهِا مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ واليَومِ الآخِرْ {وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلَا يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ *  يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ} {وَلا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ} عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضْيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلَّى الله عليه وسَلَّمَ قَال: (مَا مِنْ صَاحِبِ ذَهَبٍ ولا فِضَّةٍ لا يُؤَدِّي مِنْها حَقَّها، إلَّا إِذَا كَانَ يَوْمُ القِيامَةِ صُفِّحَتْ لَهُ صَفائِحُ مِنْ نَارٍ، فَأُحْمِيَ عَلَيْها في نَارِ جَهَنَّمَ، فيُكْوَى بها جَنْبُهُ وجَبِينُهُ وظَهْرُهُ، كُلَّما بَرَدَتْ أُعِيدَتْ له، في يَومٍ كانَ مِقْدارُهُ خَمْسِينَ ألْفَ سَنَةٍ.. الحديث)  متفق عليه ثُمَّ ذَكَرَ في تَمامِ الحَدِيْثِ.. عُقُوبَةَ مَانِعِي زَكاةِ الإِبِلِ والبَقَرِ والغنَمْ. 

والأَوراقُ النَّقْدِيَةُ اليَوم.. لَها حُكْمُ الذَّهَبِ والفِضَّةِ.. تَجِبُ فيها الزَكاةُ، ويَحْرَمُ فيها الرِّبا.   ونِصابُ الأَوراقِ النَّقْدِيَةِ نِصابُ الفِضَةِ. فَمْن مَلَكَ مِقْدارَ النِّصابِ وحالَ عَلِيهِ الحَولُ وَجَبَ عليهِ أَنْ يَزَكِّي.  ومالُ القاصِرِ واليَتِيْمِ تِجِبُ فيه الزَكاةُ.. يُخْرِجُها عَنْهُم وَلِيُّهُم مِنْ أَمْوالِهِم.

وتَجِبُ الزَكاةُ في عُرَوضِ التِجارةِ، وهِيَ كُلُّ مَا أُعِدَّ لِلْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ مِنْ أَجْلِ والتَّكسُّبِ.. مِنْ آلاتٍ وأَجْهِزَةٍ وعَقاراتٍ وغَيْرِها.  تُقَدَّرُ قِيْمَتُها إِذا حَالَ عَلَيْهَا الحَوْلُ وتُخْرَجُ زَكاتُها.

وتَجِبُ الزَكاةُ في بَهِيْمَةِ الأَنْعامِ، وتَجِبُ الزَكاةُ في الخَارِجِ مِن الأَرْض.  ولِكُلِّ صِنْفٍ مِن الأَمْوالِ أَحكامٌ تَتَعَلَّقُ بَه.  المُسْلِمُ مُكَلَّفٌ بأَنْ يَتَفَقَّهَ في أَحْكامِ دِيْنِهِ.. لِيَعْبدَ اللهَ على بَصِيْرَة. وفي القُرآنِ قالَ اللهُ سُبْحانَهُ {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِن كُنتُمْ لَا تَعْلَمُونَ}

اللهمَّ تَولَّ أَمْرنا ..

المرفقات

1710410926_أقرضوا الله قرضاً حسناً 5 ـ 9 ـ 1445هـ.docx

المشاهدات 1082 | التعليقات 0