هيئة علماء المسلمين تؤكد استمرار معاناة النازحين من الأنبار

احمد ابوبكر
1436/08/29 - 2015/06/16 02:08AM
[align=justify]اكدت هيئة علماء المسلمين في العراق ان النازحين من محافظة الانبار ما زالوا يعانون ظروفا قاسية في ظل اهمال المسؤولين في الحكومة الحالية للعائلات التي اضطرت الى ترك منازلها والعيش في مخيمات تفتقر لابسط الخدمات الضرورية.
واستعرض قسم حقوق الإنسان بالهيئة في تقرير له اصدره اليوم، معاناة العائلات النازحة داخل المخيمات التي اقيمت في منطقة (بزيبز) جنوب غربي العاصمة بغداد بعد منع القوات الحكومية لهذه العائلات ـ التي ما زالت تفترش الارض وتلتحف السماء ـ من الدخول الى بغداد تحت ذرائع وحجج واهية .. مشيرا ان تلك المخيمات التي اقيمت في منطقة صحراوية لا تتوفر فيها الكهرباء ولا المياه الصالحة للشرب، فضلا عدم توفر الخدمات الصحية.
ولفت التقرير إلى ان أغلب النازحين في تلك المخيمات هم من الطبقة العاملة الذين كانوا يعتمدون على ما يحصلون عليه يومياً، اضافة الى الموظفين الحكوميين الذين اجبرتهم الظروف الصعبة على ترك دوائرهم والذين لم يتسلموا رواتبهم منذ اندلاع العمليات العسكرية في المحافظة، ما زاد من معاناتهم في عدم توفير احتياجات عائلاتهم، واصبحوا يعتمدون على المساعدات الانسانية وما يجود به المحسنون من مواد الغذائية يتم توزيعها بطريقة عشوائية من قبل القائمين على المخيمات.

وفي ما يأتي نص التقرير:
تقرير عن أحوال النازحين من الأنبار وظروف مخيمات النزوح
اولا / تكوين المخيمات وطبيعتها:
تم إقامة المخيمات في مناطق مختلفة من محافظة الأنبار بحسب الظروف الأمنية التي حدثت في تلك المناطق، وجاءت العائلات النازحة على عجل وهي تحمل ما يسمح لها من متاع لمجارات الظروف التي ستمر بها هربا من الموت، حتى حط الرحال بها في منطقة (بزيبز) جنوب غربي العاصمة بغداد والمناطق القريبة منها، والذين لم يتمكنوا من عبور جسر (بزيبز) بقوا في الصحراء والمناطق الخالية من السكان القريبة منه بسبب تضييق الحكومة عليهم وعدم إدخالهم إلى هذه المناطق إلا بكفيل، أو إجراءات مشددة في سابقة خطيرة أقدمت عليها الحكومة بعد غلق الجسر.
وعلى الرغم من توفير المخيمات إلا أن بعض العائلات لم تحصل على خيمة، واضطرت إلى افتراش العراء والأراضي القريبة من جسر بزيبز وبعض البساتين القريبة منه لعدة أيام تحت الحر الشديد وقساوة الجوع وأنواع المعاناة الأخرى.
المخيمات الرئيسة:
1. مخيم جسر بزيبز: ويتكون من (300) خيمة تقريباً مصنوعة خصيصاً للأمم المتحدة، ويقع بالقرب من جسر بزيبز، وطبيعة المنطقة رملية شبه صحراوية، تسكن في هذه المخيمات العائلات النازحة من الرمادي والفلوجة وجرف الصخر، والخدمة في هذا المخيم تكاد تكون شبه معدومة وذلك لعدم توفر الكهرباء والمياه الصالحة للشرب، كما ان التنقل يتم بالعجلات الهوائية أو الزوارق عبر النهر والخدمات الصحية ضعيفة جداً.
2. مخيم العيساوي: وهو مخيم يبعد (5 كم) جنوب مجمع العامرية، في ناحية العامرية جنوب مدينة الفلوجة، ويتكون من كرفانات جاهزة بطريقة منتظمة تسكنها عائلات من الرمادي والفلوجة وجرف الصخر، ويضم المخيم أكثر من (150) كرفان مع بعض الخيم الكبيرة، حيث تم الكرفان الواحد يستوعب نحو ستة أشخاص، ولا توجد فيه الخدمات الضرورية إلى حد الآن، اضافة الى عدم توفر الماء والكهرباء، والمواد الغذائية لا تكفي لسد حاجات الناس، حيث ان أغلب هذه المواد يأتي من المتبرعين وأهل الخير في كل وجبة، وعلى الرغم من وجود بعض الحوانيت التي تبيع المواد الغذائية؛ إلا أن النازحين لا يملكون المال الكافي أو العمل الذي يمكنهم من الشراء.
3. مخيم الأمل المنشود: يبعد عن مجمع العامرية (3 كم) غرباً ويتألف من أكثر من (100) خيمة أغلبها مهترئة وقديمة؛ وذلك لمضي أكثر من سنة على إنشائها وتسكنه عائلات من الفلوجة وجرف الصخر، ولا توجد فيه خدمات بالرغم من قربه من مصادر الكهرباء والماء.
4. مخيمات صغيرة كثيرة متوزعة هنا وهناك، تفتقر إلى ابسط الخدمات الأساسية؛ بل تكاد أن تكون معدومة.
الناس في المخيمات بسطاء جداً عصفت بهم كارثة إنسانية لم يتوقعها أحد، فصورة الحال قاسية إلى أبعد الحدود وظروفهم صعبة جداً؛ بسبب المأساة التي يعيشونها؛ ولأنهم هجروا بيوتهم وأهليهم قسراً وتركوا كل شيء، فلا معيل ولا منظمات دولية تعتني بهم ولا حكومة تؤمن لهم أبسط الحاجات الإنسانية.
ولا تحصل العائلات النازحة من المناطق المختلفة إلا على خيمة واحدة مهما كبر حجم العائلة أو صغر، وغالباً ما تكون (الخيم) منتظمة بشكل صفوف ولا توجد فيها الخدمات الكافية، والخدمات الصحية تبعد عن الخيم مسافة (100 متر) ما يضطر النساء والشيوخ والأطفال إلى التنقل لهذه المرافق الصحية ليلاً ونهاراً، والشوارع مظلمة وموحشة.
ومن أصعب المواقف في المخيمات وأكثرها حرجاً للعائلة هي عملية استخدام المرافق الصحية حيث يصعب على النساء والفتيات التنقل لهذه المسافة ما بين الخيم لغرض قضاء الحاجة، فضلاً عن أنه يصعب على رب الأسرة التفريق بين الرجال والنساء بسبب عدم وجود المكان الكافي والبديل ما يضطر قسم من الشباب أن يناموا خارج الخيم ليلاً أو نهاراً.
كذلك انعدام التواصل الاجتماعي بين الأقرباء والأصدقاء؛ لأن الأماكن التي تم بناء المخيمات فيها تنعدم فيها شبكة الاتصالات، فضلاً عن عدم امتلاك أغلب النازحين لوسائل النقل التي تنقلهم، وإن وجدت فإن أسعار الوقود مرتفعة، وهناك تشديد من قبل نقاط التفتيش الحكومية الموجودة في المنطقة التي تمنعهم من التنقل بسياراتهم بذرائع أمنية.
وفي دليل على عدم وجود المؤسسات المعنية بتوفير الأجواء الاجتماعية المناسبة للنازحين؛ يمارس الشباب والأطفال هواية لعب كرة القدم في أغلب فترات النهار بعيداً عن أي مؤسسة علمية أو تربوية تعتني بهذه الشريحة المهمة فيها؛ وأغلبهم من مراحل التعليم الابتدائي والمتوسط والثانوي والجامعي، وقد تركوا مدارسهم جراء العمليات الأمنية مما يؤثر سلباً على حياتهم العلمية ومستقبلهم، فضلاً عن انعدام الرعاية الاجتماعية لكبار السن والأطفال والنساء؛ بسبب انعدام الخدمات الأساسية، وكل ما تقدم فضلاً عن انعدام فرص العمل؛ تسبب في إثقال كاهل العائلات النازحة وتفاقم المشاكل الاجتماعية الأخرى.
ثانيا / الظروف الصحية:
هناك نسبة كبيرة من كبار السن والنساء والأطفال داخل المخيمات، وكبار السن أغلبهم مصابون بأمراض مزمنة كالسكري والضغط والإعاقة وغيرها من الأمراض ما يتطلب حصولهم على الأدوية اللازمة والمناسبة يومياً والخدمات الصحية الضرورية لإدامة الحياة لهم، وهناك عربة إسعاف واحدة في كل مخيم تقدم الإسعافات الأولية فقط أو تقوم بنقل الحالات الحرجة إلى أقرب مستشفى للمخيمات وهو مستشفى مجمع عامرية الفلوجة وعربة الإسعاف هذه لا تتواجد بشكل يومي أو بشكل دائم بسبب كثرة الواجبات، حيث عليها نقل الحالات التي تحدث يومياً، فضلاً عن صعوبة نقل المرضى من منطقة إلى أخرى أو إلى المستشفيات المختصة أو مراجعة أطباء الاختصاص، لأن هذا الموضوع مُكلِف ماديا ولا يستطيعون تحمل تبعته أو المراجعة لأكثر من مرة، ناهيك عن عدم وجود البطاقات الصحية التي تؤمن الأدوية للأمراض المزمنة أو مراجعة المستشفيات مما تخفف عن كاهل العائلة والنازحين، فضلا عن انعدام الرعاية الصحية للحوامل والأطفال مما يزيد من تفاقم الحالات المرضية الصعبة لدى الأطفال والنساء خاصة.
والبيئة الصحية غير مهيأة بسبب تراكم النفايات بين الخيم وبرك المياه والأماكن فضلاً عن عدم وجود الخدمات البلدية والرقابة الصحية لهذه المخيمات.
والكثير من النازحين مصابون بحالات نفسية مختلفة بسبب الظروف الأمنية والاعتقالات والقصف العشوائي؛ مما سبب لديهم خوفا غير مسبوق.
ويصف كثير من هؤلاء حالاتهم بأوصاف مؤلمة ويتمنون أمنيات في غاية البساطة وهي العيش الكريم والأمان، ويعتقدون أن الحكومة والظروف الحالية لا تسمح بالحصول على هذه الأمنيات.
ثالثا / طبيعة تجمعات النازحين:
أغلب النازحين في هذه المخيمات هم من الطبقة العاملة الذين يعتمدون على ما يحصلون عليه يومياً لكسب قوتهم اليومي، وقسم منهم موظف حكومي في دوائر مختلفة من القطاعات الحكومية تركوا وظائفهم بسبب ظروف القتال في مناطقهم أو المضايقات الحكومية عليهم على اعتبارات طائفية ومن استمر بوظيفته منهم فإنه لم يستلم راتبه منذ اندلاع الأعمال الأمنية والعمليات العسكرية، مما سبب لهم حرج كبير في توفير احتياجات العائلة، حيث يتم الاعتماد على نفقة المحسنين والمساعدات التي تقدم لهم خاصة من مواد غذائية أو صحية يتم توزيعها من قبل إدراة المخيم على النازحين، وفي أغلب الأوقات يتم التوزيع بطريقة عشوائية مما يجعل الازدحام والاختناق ظاهرة مؤسفة عند استلام المساعدات الإغاثية.
والشباب والأطفال يعملون في حوانيت قريبة من جسر بزيبز يبيعون المأكولات وبعض المشروبات ومنهم من لديه عربات صغيرة يجرونها أو يدفعونها لنقل البضائع بأجور زهيدة.
والمواد الإغاثية التي تصل إلى المخيمات لا تكفي إلا لشيء بسيط كما يصفها أحد النازحين في مخيم بزيبز وهو قائلاً: نبقى أيام لا نأكل إلا وجبة واحدة لعدم تيسير المواد الغذائية، وهناك قسم من المتبرعين يجلبون الطعام بعد طبخه في أمكان قريبة مثل المجمع السكني في عامرية الفلوجة وينقل إلى المخيمات بسيارات وعلى شكل وجبات لمرة واحدة فقط.
أما الخدمات الأخرى فهي نادرة كمساعدات الملابس أو الفرش وغيرها؛ بحيث لا تكفي نسبة لكثرة أفراد عائلات النازحين.
والاعتماد على الطبخ داخل الخيمة أو الكرفان يحتاج إلى وقود وأواني الطبخ وهو ما يصعب الحصول عليها. وكثير من العائلات النازحة لا تملك عدة الطبخ وبعض الخيم تحتوي على عدة طبخ قديمة وأدوات بدائية في تحضير الطعام.
رابعا / الظروف الأمنية:
ويتحدث نازحو جرف الصخر عن معاناة كبيرة تعرضوا لها ليست على مستوى المعيشة فقط وإنما تعدّت إلى أكثر من ذلك، ويقول أحد هؤلاء (أ.ع) ((إننا تعرضنا إلى الاضطهاد والاعتقالات التعسفية والعشوائية من قبل الأجهزة الأمنية والجيش الحكومي، وقسم منهم تعرضوا للاختطاف وإلى الآن لا نعلم مصيرهم أين؟ وقسم آخر من شبابهم معتقلين قبل الأحداث. وإلى اليوم ليست هناك محاكم أو معلومات عن مصيرهم، فضلاً عن فقدان الكثير من العوائل معيلهم بسبب القتل من قبل الميليشيات أو الموت جراء القصف العشوائي على المدينة.
وتحدث آخر عن الممارسات التي قامت بها القوات الحكومية من حرق لبيوتهم وهدمها بحجة أن (تنظيم الدولة الإسلامية) يستخدمها.
والخدمات البلدية ضعيفة جداً وتكاد تكون معدومة في كل المخيمات، وجميع المسؤولين المحليين يعرفون هذه الانتهاكات وهم قادرون على تحمل المسؤولية وتوفير أبسط المعدات التي تحتاجها المخيمات؛ ولكنهم لا يقدمون سوى الشيء البسيط بسبب الفساد الإداري والمالي؛ حيث يؤكد كثير من النازحين أن المنظمات الدولية قدمت أموال ليست بقليلة لمساعدة النازحين، ولكنها لم تصلهم أو لم تستخدم لمساعدتهم وتوفير الخدمات الضرورية لهم، فضلاً عن أن عدداً كبيراً من النازحين منشغلون بإخراج البطاقة الذكية التي من خلالها يستطيع النازح أن يستلم مبالغ مالية تسد حاجته الشهرية من مصروف وحاجيات أساسية، وهذه البطاقة لم يستطع الحصول عليها كل النازحين وهناك إجراءات مشددة لاستخراج هذه البطاقة مما يجعل الحصول عليها صعباً فضلاً عن نهب وسرقة الأموال المخصصة للنازحين من قبل الحكومة والمنظمات الحكومية العاملة ومنظمات المجتمع المدني الأخرى.
وهناك طوابير طويلة تستنفد اليوم كله أو عدة أيام لاستخراج هذه البطاقة التي يجب أن يوفر النازح المستمسكات الأربعة (الجنسية وشهادة الجنسية وبطاقة التموينية وبطاقة السكن) حتى يتمكن من الحصول عليها، والذي لا يستطيع توفير هذه المستمسكات لا يقدر أن يستلم المبلغ المالي المخصص له.
قسم حقوق الانسان في هيئة علماء المسلمين في العراق
27 شعبان/14364هـ ـ 15/6/2015م

المصدر: المسلم [/align]
المشاهدات 819 | التعليقات 0