هلال رمضان.. بين الرؤية الشرعية والحساب الفلكي

احمد ابوبكر
1435/08/28 - 2014/06/26 01:59AM
مع اقتراب شهر رمضان المبارك تسود المجتمعات الإسﻼمية حالة من الاضطراب بين عامة المسلمين، بسبب الاختلاف الذي قد يحدث في تحديد أول أيام الشهر الكريم وكذلك عيد الفطر.

ولو كان اﻻختﻼف الحاصل منحصرًا بين جماعات متباعدة جغرافيًا لهان الأمر، إلا أنه واقع بين مجتمعات قريبة من بعض وخلافات بين كون المطلع واحدا أو متعددا؟

فهل يجوز الاعتماد على الحساب الفلكي في ثبوت هلال شهر رمضان أم أن الرؤية الشرعية واجبة؟

وأليس الفارق بينهما بسيط يتلاشى في كثير من الأحيان؟

وما مدى هذا الاختلاف بين الرؤيتين إن وجد؟

الشيخ العلامة صالح بن فوزان الفوزان عضو هيئة كبار العلماء عضو اللجنة الدائمة للإفتاء يقول في نص فتوى منشورة على موقعه الرسمي: “لا يجوز ابتداء صيام شهر رمضان إلا برؤية هلاله؛ لقوله صلى الله عليه وسلم‏:‏ “صوموا لرؤيته وأفطروا لرؤيته، فإن غم عليكم؛ فاقدروا له" ‏[‏رواه البخاري في ‏صحيحه‏‏ ‏(‏2/229‏)‏‏]‏ ولا يجوز الاعتماد على الحساب؛ لأنه خلاف المشروع، ولأن الحساب يخطئ كثيرًا‏".‏

وأضاف: “لكن من كان في بلاد غير إسلامية وليس فيها جماعة من المسلمين يعتنون برؤية الهلال فإنه يتبع أقرب البلاد الإسلامية إليه وأوثقها في تحري الهلال، فإن لم يصل إليه خبر يعتمده في ذلك فلا بأس أن يعتمد على التقويم؛ لقوله تعالى‏:‏ ( ‏فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ‏ ) ‏[‏ التغابن ‏:‏ 16‏]‏.

وفي فتوى أخرى حول الحساب الفلكي يقول العلامة الفوزان: “الأفلاك في واقعها لا تخطي؛ لأنها من تقدير العزيز العليم وإنما يخطئ حساب البشر الذي ينسبونه إليها، وهذا الخطأ ليس مرده إلى حركة الأفلاك وإنما مرده إلى العمل البشري لأنه غير معصوم، والمسألة ليست مسألة حساب، المسألة مسألة شرعية حسم الرسول صلى الله عليه وسلم الأمر فيها".

ويرى المستشار عبد المقصود شلتوت أن في الاعتماد على الحساب الفلكي لإثبات دخول الشهر القمري خطآن جسيمان: أولهما إسقاط العلة الشرعية الموجبة للصوم والإفطار وهي الرؤية البصرية، والثاني إحداث علة للصوم والفطر لم يشرعها الله وهو الحساب الفلكي وإضفاء الحجية عليها.

وأوضح أنه يترتب على الحساب الفلكي عند معارضته مع الرؤية الشرعية إعدام صوم أول رمضان إذا كانت المخالفة بدايته، وإعدام فطر يوم العيد إذا كانت المخالفة في نهايته، وبالتالي انتهاك حرمة النص القرآني: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ}.

وتابع: “إن الله سبحانه يعلم ما سيصل إليه علم الفلك من شأن عظيم في مستقبل الأيام، لكنه سبحانه ألغى اعتباره في إثبات علل العبادات، وذلك فيما أوحاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وليس في ذلك تنقص أو إزراء بعلم الفلك، ولكن المقصود أن لعلماء الفلك مجالاً رحبًا في بعض شؤون الحياة، خارج المسائل الشرعية، فإنه ليس لهم أي دور في إثبات علل وأسباب العبادات التي ربط الله علل أحكامها بأسباب حسية ملموسة".

وأوضح شلتوت أن حقيقة الشهر عند الفلكيين هي المدة بين اجتماع الشمس والقمر مرتين بعد الإستسرار وقبل الإستهلال، ومقداره عندهم هو (29) يوماً، و(12) ساعة و(44) دقيقة، أما حقيقة الشهر الشرعية فهي الرؤية له عند الغروب، أي أول ظهور القمر بعد السواد، ومقدار الشهر الشرعي هو لا يزيد عن (30) يومًا، ولا ينقص عن (29) يومًا.

ودعا الشيخ سلمان بن جبر رئيس اللجنة الاستشارية في الاتحاد العربي لعلوم الفضاء والفلك بعضَ الفلكيين إلى عدم تجاوز المرجعية الدينية في إثبات الشهور، مؤكدًا أن دورهم لا يجب أن يتجاوز إيصال المعلومات الفلكية لظروف رؤية الهلال إلى صاحب القرار.

كما أوصى المؤتمر الفلكي الإسلامي الخامس الذي عقد في جامعة العلوم الاسلامية بالأردن خلال مارس 2011، الفلكيين بعدم التصريح لأي وسيلة إعلامية عن بداية شهر رمضان أو شوال أو ذي الحجة وإرسالها فقط إلى صاحب القرار الشرعي في كل دولة إسلامية.


المصدر: تواصل
المشاهدات 986 | التعليقات 0