هَكَذَا فَلْيَكُنْ مَوْقِفُنَا مِنْ حَلَب 24 رَبِيعٍ الأَوَّل 1438هـ

محمد بن مبارك الشرافي
1438/03/22 - 2016/12/21 19:00PM
هَكَذَا فَلْيَكُنْ مَوْقِفُنَا مِنْ حَلَب 24 رَبِيعٍ الأَوَّل 1438هـ

الْحَمْدُ للهِ الذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَكَفَى بِاللهِ شَهِيدًا , وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ إِقْرَارَاً بِهِ وَتَوْحِيدًا , وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّداً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيماً مزِيدَا .
أَمَّا بَعْدُ : فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ بِفِعْلِ أَوَامِرِهِ وَاجْتِنَابِ نَوَاهِيهِ وَمُرَاقَبَتِهِ فِي السِّرِّ وَالْعَلَنِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُواْ الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُواْ اللَّهَ)
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مَا تَمُرُّ بِهِ الأُمَّةُ الْيَوْمَ وَخُصُوصَاً أَهْلُ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الشَّامِ وَبِالْأَخَصِّ أَهْلُ حَلَب لَأَمْرٌ يُدْمِي الْقَلْبَ وَيُوجِعُ الْفُؤَادَ, فَعَداءٌ مَشِينٌ وَتَدْمِيرٌ مُتَعَمُّدٌ وَتَجْوِيعٌ وَقَتْلٌ بِلَا رَحْمَةٍ وَلا هَوَادَةٍ وَتَوَاطِؤٌ عَالَمِيٌ وَحِقْدٌ بَاطِنِيٌّ , وَعَدَاءٌ يَهُودِيٌّ صَلِيبِيٌّ مَكَّنُوا الصَّفَوِيِّينَ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ فِي كُلِّ مَكَانٍ , وَضَعْفٌ فِي الْمُسْلِمِينَ وَتَفَرُّقٌ , وَمَا نَقُولُ : إِلَّا إِنَّا للهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ.
وَهَذِهِ ثَلَاثُ وَقَفَاتٍ فِي هَذِهِ الْخُطْبَةِ أَسْأَلُ اللهِ أَنْ يَنْفَعَ بِهَا قَائِلَهَا وَسَامِعُهَا .
الْوَقْفَةُ الْأُولَى: إِنَّهُ قَدْ مَرَّ بِالْأُمَّةِ أَزَمَاتٌ مِثْلُ هَذِهِ الْأَزْمَةِ وَأَشَدُّ, مِنْ زَمَنٍ قَرِيبٍ وَبَعِيدٍ , فَالْعِرَاقُ وَالشِّيشَانُ وَالبُوسَنَةُ وَأَفْغَانِسْتَانُ قَدْ حَصَلَ فِيهَا مَا يَحْصُلُ الْيَوْمَ فِي الشَّامِ , وَمَعَ هَذَا فَكَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَقِفُ إِمَّا مَوْقِفَ الْمُتَفَرِّجُ الذِي لا نَاقَةَ لَهُ وَلا جَمَلَ فِي الْأَحْدَاثِ, أَوْ مَوْقِفَ السَّاخِطِ عَلَى غَيْرِهِ وَأَنَّ السَّبَبَ فُلَانٌ أَوْ عِلَّانٌ مِنْ حَاكِمٍ أَوْ غَيْرِهِ.
وَلَكِنَّنَا نَسِينَا أَوْ جَهِلْنَا الْمَنْظُورَ الشَّرْعِيَّ فِي مِثْلِ هَذِهِ الأَحْدَاثِ .
إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) وَيَقُولُ سُبْحَانَهُ (إِنَّ اللَّهَ لَا يَظْلِمُ النَّاسَ شَيْئًا وَلَكِنَّ النَّاسَ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا أَنَّ نَرُدَّ مَا أَصَابَنَا إِلَى أَنْفُسِنَا وَتَقْصِيرِنَا فِي الاسْتِقَامَةِ عَلَى دِينِنَا وَالْبُعْدِ عَنْ شَرْعِنَا وَالانْكِبَابِ عَلَى الدُّنْيَا وَمَلَذَّاتِهَا وَالانْغِمَاسِ فِي شَهَوَاتِهَا .
فَالصَّلَاةُ ضَعُفَتِ الْمُحَافَظَةُ عَلَيْهَا, وَالْقُرْآنُ قَلَّ الْإِقْبَالُ عَلَيْهِ, وَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ وَالنَّهْيِ عَنِ الْمُنْكَرِ صَارَ مَجْهُولاً عِنْدَ أَكْثَرِ النَّاسِ الْيَوْمَ, فَكَيْفَ نُرِيدُ النَّصْرَ وَنَحْنُ هَكَذَا ؟ إِنَّ اللهَ تَعَالَى يَقُولُ (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) فَهَذِهِ هِيَ شُرُوطُ النَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ.
وَأَيْضَاً فَإِنَّ الْمَعَاصِي مِنْ أَعْظَمِ تَسْلِيطِ الْأَعْدَاءِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ, وَمِنْ أَكْبَرِ أَسْبَابِ الْهَزِيمَةِ , فَالْمُسْلِمُونَ فِي مَعْرَكَةِ أُحُدٍ حَصَلَتْ مِنْ بَعْضِهِمْ مَعْصِيَةٌ وَاحِدَةٌ فَانْقَلَبَتِ الْمَعْرَكَةُ وَظَهَرَ الْمُشْرِكُونَ وَقَتَلُوا سَبْعِينَ مِنْ خِيَارِ الْمُسْلِمِينَ , بَلْ وُشُجَّ وَجْهُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ وَكُسِرَتْ رَبَاعِيَّتُهُ وَكَادَ يُقْتَلُ , وَلَمَّا اشْتَكَي بَعْضُ الْمُسْلِمِينَ مِمَّا حَصَلَ قَالَ اللهُ تَعَالَى رَادَّاً عَلَيْهِمْ (أَوَلَمَّا أَصَابَتْكُمْ مُصِيبَةٌ قَدْ أَصَبْتُمْ مِثْلَيْهَا قُلْتُمْ أَنَّى هَذَا قُلْ هُوَ مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير)
فَكَمْ عِنْدَنَا الْيَوْمُ مِنْ مَعَاصٍ خَاصَّةً وَعَامَّةً ؟ وَكَمْ عِنْدَنَا مِنْ مُخَالَفَةٍ لِشَرْعِنَا وَبُعْدٍ عَنْ دِينِنَا ؟ أَلَا فَلْيَتَفَكَّرْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَّا فِي نَفْسِهِ وَلْيَنْظُرْ إِلَى تَقْصِيرِهِ وَيُسَدِّدْهُ وَإِلَى خَطَأَهِ فَيُصْلِحْهُ , وَلا يَلُمْ غَيْرَهَ بَلْ يَلُمْ نَفْسَهُ , ثُمَّ أَبْشِرُوا إِنَّ غَيَّرْنَا أَنْفُسَنَا غَيَّرَ اللهُ أَحْوَالَنَا وفَكَ أَزَمَاتِنَا, قَالَ اللهُ تَعَالَى (إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ)
الْوَقْفَةُ الثَّانِيَةُ : إِنَّهُ لا يجُوزُ أَنْ يَدُبَّ الضَّعْفُ إِلَى قُلُوبِنَا أَوِ الْخَوَرِ فِي عَزَائِمِنَا أَوِ الانْهِزَامِيَّةِ فِي أَلْسِنَتِنَا , بَلْ لِيُشَجِّعْ بَعْضُنَا بَعْضَاً وَلِنَنْظُرْ فِي التَّارِيخ ِوَفِي مَا مَرَّ بِالْأُمَّةِ مِنْ أَحْدَاثٍ وَمَا دَهَاهَا مِنْ أَزَمَاتٍ ثُمَّ خَرَجَتْ بِحَمْدِ اللهِ سَلِيمَةً مُعافاةً, وَرَدَّ اللهُ كَيْدَ الْأَعْدَاءِ فِي نُحُورِهِمْ وَانْقَلَبُوا خَائِبِينَ.
بَعْدَ وَفَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ارْتَدَّ أَكْثَرُ الْعَرَبِ وَمَنَعَ كَثِيرٌ مِنْهِمُ الزَّكَاةَ , حَتَّى قِيلَ : إِنَّهُ لَمْ يَبْقَ مَسَاجِدُ يُؤَذَّنُ فِيهَا إِلَّا ثَلَاثَةُ مَسَاجِدَ, فَهَلْ ضَاعَ الْإِسْلَامُ أَوْ سُحِقَ الْمُسْلِمُونَ ؟ الْجَوَابُ : قَطْعَاً لا , بَلْ بَقِيَ بِحَمْدِ اللهِ وَامْتَدَّ حَتَّى بَلَغَ الصِّينَ شَرْقَاً وَالْمُحِيطَ الْأَطْلَسِيَّ غَرْبَاً , وَحَتَّى صَارَتْ دَوْلَةُ الْإِسْلَامِ لا تَغِيبُ عَنْهَا الشَّمْسُ .
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ : وَفِي سَنَةِ سَبْعَ عَشْرَةَ وَثَلاثِمَائَةٍ هَاجَمَ قَرَامِطَةُ الْبَحْرَيْنِ الشِّيعَةُ مَكَّةَ الْمُكَرَّمَةَ فِي مَوْسِمِ الْحَجِّ، وَأَعْمَلُوا السُّيُوفَ فِي رِقَابِ الْحَجِيجِ، وَاسْتَحَلُّوا حُرْمَةَ الْبَيْتِ الْحَرَامِ، فَخَلَعُوا بَابَ الْكَعْبَةِ، وَسَلَبُوا كِسْوَتَهَا الشَّرِيفَةَ، واقْتَلَعُوا الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ مِنْ مَكَانِهِ، وأَعْمَلُوا السَّلْبَ وَالنَّهْبَ فِي الْبَلَدِ الْحَرَامِ، وَقَتَلُوا زُهَاءَ ثَلاثِينَ أَلْفَاً مِنْ أَهْلِ الْبَلَدِ وَمِنَ الْحُجَّاجِ وَسَبَوْا النِّسَاءَ وَالذَّرَارِي، وَانْقَلُبوا إِلَى بِلَادِهِمْ يَحْمِلُونَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ حَيْثُ أَبْقَوْهُ عِنْدَهُمْ نَحْو اثْنَتَيْنِ وَعِشْرِينَ سَنَةً ، فِي حَادَثِةٍ مِنْ أَنْكَى الْحَوَادِثِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ وَعَلَى الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ ، وَوَقَفَ القُرْمِطُيُّ بَعْدَ أَنْ أَخَذَ الْحَجَرَ الْأَسْوَدَ وَهُوَ يَقُولُ :
أَنَا اللهُ وَاللهُ أَنَا ** يَخْلُقُ الْخَلْقَ وَأُفْنِيهِمْ أَنَا
ثُمَّ جَعَلَ يَقُولُ : أَيْنَ الطَّيْرُ الْأَبَابِيلُ ؟ أَيْنَ الْحِجَارَةُ مِنْ سِجِّيل ؟
وَلَكِنْ أَيْنَ الْقَرَامِطَةُ اليَوْمَ ؟ وَهَلَ ضَاعَ الدِّينُ بِهُجُومِهِمْ وَتَسَلُّطِهِمْ ؟ الْجَوَابُ : قَطْعَاً لا وَللهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .
وَفِي أَوَاخِرِ الْقَرْنِ الْخَامِسِ، جَاءَ النَّصَارَى مِنْ أُورُوبَّا فِي تِسْعِ حَمَلَاتٍ صَلِيبِيَّةٍ حَاقِدَةٍ ، وَاحْتَلُّوا بَيْتَ الْمَقْدِسِ, وَمَكَثَ تِسْعِينَ سَنَةً مَعَ النَّصَارَى ، وَرُفِعَتْ عَلَيْهِ الصُّلْبَانُ ! وَأُلْغِيَ الْأَذَانُ , فَهَلْ مَاتَتِ الْأُمَّةُ أَوِ انْتَهَى الْإِسْلَامُ ؟
بَلْ فِي الْقَرْنِ السَّابِعِ الهِجْرِيِّ اجْتَاحَ الْمَغُولُ التَّتَارُ بِلَادَ الْمُسْلِمِينَ وَدَمَّرُوا الْأَخْضَرَ وَاليَابِسَ وَقَتَلُوا بِلَا هَوَادَةٍ وَلا رَحْمَةٍ , حَتَّى دَخَلُوا بَغْدَادَ عَاصِمَةَ الْخِلَافَةِ الْعَبَّاسِيَّةِ عَامَ 656هـ وَاكْتَسَحُوهَا بَعْدَ أَنْ حَاصَرُوهَا 12يَوْمَاً فَفَتَكُوا بِأَهْلِهَا وَامْتَلَأَتِ الطُّرُقَاتُ بِالْجُثَثِ وَأَصَابَ الْمُسْلِمِينَ فَاجِعَةٌ لَمْ تَمُرَّ عَلَى بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ مِثْلُهَا, حَتَّى قَالَ ابْنُ الْأَثِيرِ الْمُؤَرِّخُ الشَّهِيرُ رَحِمَهُ اللهُ : لَقَدْ بِقَيتُ عِدَّةَ سِنِينَ مُعْرِضَاً عَنْ ذِكْرِ هَذِهِ الْحَادِثَةِ اسْتِعْظَامَاً لَهَا، كَارِهَاً لِذِكْرِهَا، فَأَنَا أُقَدِّمُ إِلَيْهِ رِجْلَاً وَأُؤَخِّرُ أُخْرَى، فَمَنِ الذِي يَسْهُلُ عَلَيْهِ أَنْ يَكْتُبَ نَعْيَ الإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ ؟ وَمَنِ الذِي يَهُونُ عَلَيْهِ ذِكْرُ ذَلِكَ ؟ فَيَا لَيْتَ أُمِّي لَمْ تَلِدْنِي، وَيَا لَيْتَنِي مُتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنْتُ نَسْيَاً مَنْسِيَّاً ا.ه.
فَهَلِ انْتَهَى الْإِسْلَامُ ؟ وَهَلْ بَقِيَ الْمَغُولُ أَوْ خُلِّدُوا إِلَى الْيَوْمِ ؟ الْجَوَابُ كَلَّا : فَالْإِسْلَامُ بَاقٍ بِإِذْنِ اللهِ وَبِحَوْلِهِ وَقُوَّتِهِ , وَلَكِنْ عَلَيْنَا أَنْ نُهَيِّئَ أَنْفُسَنَا لِنَكُونَ مِمَّنْ نَصَرَ الدِّينَ وَقَامَ بِمَا أَوْجَبَهُ اللهُ عَلَيْهِ .
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الْحَمْدُ للهِ رَبِّ العَالمَينَ ، والصَّلاةُ وَالسَّلامُ الأَتَمَّانِ الأَكْمَلانِ عَلَى خَاتَمِ الأَنْبِيَاءِ وَإِمَامِ الْمُرْسَلِينَ ، نَبِيِّنَا مَحَمِّدٍ وَعَلَى آَلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ .
أَمَّا بَعْدُ : فَالْوَقْفَةُ الثَّالِثَةُ هِيَ : مَاذَا نَفْعَلُ نَحْنُ فِي أَنْفُسِنَا لِنَنْصُرَ أَهْلَ الشَّامِ وَحَلَبٍ ؟ وَالْجَوَابُ : هُوَ أَنْ نَمْتَثِلَ مَا فِي سُورَةِ الْعَصْرِ , قَالَ اللهُ تَعَالَى (بسم الله الرحمن الرحيم , وَالْعَصْرِ * إِنَّ الْإِنْسَانَ لَفِي خُسْرٍ * إِلَّا الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَتَوَاصَوْا بِالْحَقِّ وَتَوَاصَوْا بِالصَّبْرِ)
فَنَتَعَلَّمَ دِينَنَا وَنَطْلُبَ الْعِلْمَ عَلَى أَيْدِي عُلَمَائِنَا وَنَدْفَعَ أَوْلادَنَا مِنْ بَنِينَ وَبَنَاتٍ لِحِلَقِ تَحْفِيظِ الْقُرْآنِ وَلِدُرُوسِ الْعُلَمَاءِ وَطَلَبَةِ الْعِلْمِ, وَنَكُونَ أَوَّلَ مَنْ يَعْمَل بِالْعِلْمِ وَيُطَبَّقِ التَّوْحِيدَ وَالسُّنَّةَ, ثُمَّ نَدْعُوا إِلَى اللهِ بِعِلْمٍ وَبَصِيرَةٍ , وَنُرَكِّزَ عَلَى جَانِبِ التَّوْحِيدِ فَإِنَّهُ دَعْوَةُ الْأَنْبِيَاءِ وَأَسَاسُ الْمِلَّةِ, وَنَدْعُو لِتَطْبِيقِ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي جَمِيعِ حَيَاتِنَا, ثُمَّ نَصْبِرَ عَلَى ذَلِكَ وَلا نَسْتَعْجِلَ النَّتَائِجَ أَوْ يَدْفَعَنَا عَدُوُّنَا إِلَى التَّهَوُّرِ لِنُطَبِّقَ مَا خَطَّطُوا لَنَا لِيُوقِعُونَا فِيهِ, فَإِنَّهُمْ أَهْلُ مَكْرٍ وَكَيْدٍ .
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: وَمِنْ أَعْظَمِ مَا نُعِينُ بِهِ إِخْوَانَنَا فِي حَلَبَ خُصُوصاً وَالْمُسْلِمِينَ عُمَوماً الدُّعَاءُ لَهُمْ فِي صَلَوَاتِنَا وَفِي سِرِّنَا وَخَلَوَاتِنَا وَفِي جَمِيعِ أَحِوالِنَا, فَنَدْعُوا اللهَ لَهُمْ مِنْ قُلُوبِنَا بِالنَّصْرِ وَالتَّمْكِينِ وَالحِفْظِ مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَمَكْرُوهٍ.
فَاللَّهُمَّ رَبَّ السَّمَوَاتِ وَالْأَرَضِينَ نَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ الْأَعْظَمِ الَّذِي إِذَا دُعِيتَ بِهِ أَجَبْتَ، وَإِذَا سُئِلْتَ بِهِ أَعْطَيْتَ, وَنَسْأَلُكَ بِأَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الَّذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَدٌ، نَسْأَلُكَ فَرَجًا مِنْ عِنْدِكَ لِإِخْوَانِنَا الْمُسْتَضْعَفِينَ فِي حَلَبَ وَفِي سَائِرِ الشَّامِ , اللَّهُمَّ وَارْحَمْ ضَعْفَهُمْ، وَاجْبُرْ كَسْرَهُمْ، وَتَوَلَّ أَمْرَهُمْ، وَأَدِرْ دَوَائِرَ السُّوءِ عَلَى أَعْدَائِهِمْ, اللَّهُمَّ عَلَيْكَ بِالْبَاطِنِيِّينَ وَالصَّلِيبِيِّينَ وَمَنْ عَاوَنَهُمْ عَلَى ظُلْمِهِمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ, اللَّهُمَّ شَتِّتْ شَمْلَهُمْ، وَارْفَعْ أَمْنَهُمْ، وَانْصُرْ عِبَادَكَ الْمُؤْمِنِينَ عَلَيْهِمْ, اللَّهُمَّ مُنْزِلَ الْكِتَابِ مُجْرِيَ السَّحَابِ هَازِمَ الْأَحْزَابِ اهْزِمِ الْبَاطِنِيِّينَ وَالصَّلِيبِيِّينَ، وَانْصُرْ إِخْوَانَنَا عَلَيْهِمْ، إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ, اللَّهُمَّ وَاحْقِنْ دِمَاءَهُمْ، وَصُنْ أَعْرَاضَهُمْ، وَفُكَّ حِصَارَهُمْ، وَاشْفِ جَرْحَاهُمْ، وَخَلِّصِ الْأَسْرَى مِنْهُمْ، وَتَقَبَّلْ قَتْلَاهُمْ فِي الشُّهَدَاءِ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَاجْعَلْ مُصَابَ الْمُؤْمِنِينَ فِي إِخْوَانِهِمْ خَيْرًا لَهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ، إِنَّكَ سَمِيعٌ قَرِيبٌ, وَصَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَآلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ, وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.
المرفقات

هَكَذَا فَلْيَكُنْ مَوْقِفُنَا مِنْ حَلَب 24 رَبِيعٍ الأَوَّل 1438هـ.docx

هَكَذَا فَلْيَكُنْ مَوْقِفُنَا مِنْ حَلَب 24 رَبِيعٍ الأَوَّل 1438هـ.docx

المشاهدات 1528 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا