هَدْيُ الرَّسُول ﷺ في الوَعْظِ لِزَوْجَاتِه

موسى السلامي
1447/06/28 - 2025/12/19 03:25AM

 


هَدْيُ الرَّسُول ﷺ في الوَعْظِ لِزَوْجَاتِه

الجمعة 28 / 6 / 1447 هـ

 


إنَّ الحمدَ للهِ، نحمدُه ونستعينُه ونستغفِرُه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، مَن يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومن يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُه ورسولُه ﷺ، وعلى آلهِ وصحبِه أجمعين.

 


أما بعد:

فاتقوا اللهَ عبادَ اللهِ، ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

 

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى

 

 

 

عبادَ الله:

الزوجُ هو المسؤولُ عن تعليمِ زوجتِه وإرشادِها ونصحِها وتوجيهِها التوجيهَ الصحيحَ.

وما شاعتِ المنكراتُ في حياةِ كثيرٍ من الزوجاتِ إلا بسببِ تفريطِ الأزواجِ في وعظِ زوجاتِهم وتعليمِهنَّ ما يهمُّهنَّ من أمورِ دينِهنَّ.

وهكذا الزوجُ مسؤولٌ عن توجيهِ أولادِه وبناتِه التوجيهَ الصحيحَ، وأكثرُ الأولادِ إنما فسدوا من قِبلِ الآباءِ وإهمالِهم لهم وتركِ تعليمِهم لدينِهم.

فأضاعوا صلاتَهم وسنَّتَهم، وأضاعَهم أهلوهم مهملين غافلين، فلم ينتفعوا بأنفسِهم ولم ينفعوا آباءَهم نفعًا.

ذكر ذلك ابنُ القيم رحمه الله في تحفة الودود.

 


ولذا كان الرسول ﷺ حريصًا على تربيةِ أهلِه، وهو يستشعرُ المسؤوليةَ عنهم كزوجٍ وكربِّ أسرةٍ، وهو القائلُ ﷺ:

 


«كلكم راعٍ وكلكم مسؤولٌ عن رعيته، فالإمامُ راعٍ وهو مسؤولٌ عن رعيته، والرجلُ راعٍ على أهلِ بيتِه وهو مسؤولٌ عنهم»

متفقٌ عليه.

 


وكان ﷺ يأمرُ أهلَه بالصلاةِ استجابةً لأمرِ اللهِ له بقولِه تعالى:

﴿وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا﴾،

فكان يقول: «اللهم اجعل رزقَ آلِ محمدٍ قوتًا» رواه مسلم.

وكان ﷺ إذا دخل العشرُ أيقظَ أهلَهُ للصلاةِ وأحيا ليلَه وشدَّ مئزرَه.

متفقٌ عليه.

 


وكان ﷺ يُعلِّم زوجاتِه أذكارَ الصباحِ والمساءِ، ففي حديثِ جويريةَ بنتِ الحارث رضي الله عنها أنه ﷺ قال لها:

 


«لقد قلتُ بعدكِ أربع كلماتٍ ثلاث مراتٍ، لو وُزِنَت بما قلتِ منذُ اليومِ لوزنَتْهُنَّ: سبحان الله وبحمده عدد خلقه، ورضا نفسه، وزنة عرشه، ومداد كلماته»

رواه مسلم.

 


وكان ﷺ يحثُّ زوجاتِه على الأعمالِ الصالحةِ وإن كانت قليلةً، فقال لعائشةَ رضي الله عنها:

 


«أحبُّ الأعمالِ إلى الله أدومُها وإن قلَّ»

متفق عليه.

 


وكان ﷺ يحبُّ لزوجاتِه الصدقةَ ولو بالقليل، فقال لعائشةَ:

 


«يا عائشةُ استتري من النارِ ولو بشِقِّ تمرة»

رواه أحمد.

 


وكان ﷺ يقول لزوجتِه إذا قالت أو فعلت ما لا يجوز:

 


«بلغني أن حفصةَ قالت عن صفيةَ إنها بنتُ يهوديٍّ، فبكت صفيةُ، فدخل عليها ﷺ وهي تبكي فقال: ما يُبكيك؟ قالت: قالت عني حفصةُ كذا وكذا، فقال ﷺ: إنك لابنةُ نبيٍّ، وإن عمَّك لنبيٍّ، وإنك لتحتَ نبيٍّ، ففيمَ تفخرُ عليكِ؟ اتقي اللهَ يا حفصةُ»

رواه الترمذي.

 


وكان ﷺ يُرَبِّي زوجاتِه على حسنِ الكلامِ، وينهاهنَّ عن القبيحِ من القولِ والفعل، فكان يقول لعائشةَ رضي الله عنها:

 


«يا عائشةُ، إن الله لا يحبُّ الفاحشَ ولا المتفحشَ»

رواه أحمد.

 

 

 

 

 

 

الخطبة الثانية

 

 

 

الحمدُ للهِ، والصلاةُ والسلامُ على رسولِ اللهِ، وعلى آلهِ وصحبِه ومَن والاه.

 


أيها الأحبة في الله:

كان رسولُ الله ﷺ لا يسكتُ عن منكرٍ يراه في بيتِه، بل يسارعُ إلى إنكاره؛ لأنه ربُّ الأسرةِ، وهو المسؤولُ عنها أمامَ الله تعالى، قال اللهُ تعالى:

﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا﴾.

 


تقول عائشةُ رضي الله عنها:

 


«قدم رسولُ الله ﷺ من سفرٍ وقد سترتُ سهوةً لي بقرامٍ فيه تماثيل، فلما رآه ﷺ تغيّر وجهُه وقال: إنَّ أشدَّ الناسِ عذابًا يومَ القيامةِ الذين يُضاهئون بخلقِ الله»

متفق عليه.

 


وكان ﷺ يُنكِرُ على زوجاتِه الكلامَ في الناسِ والغيبةَ والحسدَ،

فقالت عائشةُ رضي الله عنها يومًا عن صفيةَ: «حسبُك من صفيةَ كذا وكذا» تعني قصيرةً،

فقال ﷺ:

 


«لقد قلتِ كلمةً لو مُزِجَت بماءِ البحرِ لمزجَتْه»

رواه أبو داود.

أي: لأفسدت ماء البحر من شدة فظاعتها.

 


أيها المسلم:

إن من تمام الأمانة أن تكون ناصحًا أمينًا مصلحًا لأهلِ بيتِك، تسعى في هدايتِهم وتربيتِهم، وتكون لهم قدوةً في الخير.

يا حي يا قيوم، برحمتِك نستغيث، أصلح لنا شأننا كلَّه، ولا تكلنا إلى أنفسنا طرفةَ عين.

 

 

 

 

 

 

الدعاء الختامي

 

 

 

اللهم صلِّ وسلِّم على عبدك ورسولك محمد، وارضَ اللهم عن خلفائه الراشدين، أبي بكرٍ، وعمرَ، وعثمانَ، وعليٍّ، وعن سائر الصحابةِ أجمعين، وعن أمهاتِ المؤمنين، وعن التابعين ومن تبعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين.

 


اللهم أعزَّ الإسلامَ والمسلمين، وأذلَّ الشركَ والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدين، وانصر عبادَك الموحِّدين.

اللهم آمِنَّا في أوطانِنا، وأصلح أئمتَنا وولاةَ أمورِنا، ووفِّق خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضى، وخذ بناصيته للبرِّ والتقوى،

اللهم وفق وليَّ عهده لما فيه صلاحُ البلادِ والعباد،

اللهم اغفر لنا ولوالدينا وأزواجِنا وذرِّياتِنا وإخوانِنا وقراباتِنا، ولجميع المسلمين الأحياءِ منهم والأموات،

اللهم اجعل آخر كلامِنا من الدنيا لا إله إلا الله، وثبِّتنا عليها عند الموت،

ربنا آتنا في الدنيا حسنةً، وفي الآخرة حسنةً، وقنا عذابَ النار،

اللهم صلِّ وسلم على نبينا محمد، وعلى آله وصحبِه أجمعين،

وآخر دعوانا أن الحمدُ لله رب العالمين

المرفقات

1766103858_‎⁨هدي الرسول صلى الله عليه وسلم في الوعظ لزوجاته الجمعة 28⁩.pdf

المشاهدات 108 | التعليقات 0