هَادِمُ الَّذَّاتِ 18 مَحَرَّم 1440هــ
محمد بن مبارك الشرافي
هَادِمُ الَّذَّاتِ 18 مَحَرَّم 1440هــ
الْحَمْدُ للهِ اللَّطيفِ الْمَنَّانِ، الغَنِيِّ الْقَوِيِّ ذِي السُّلْطَانِ، الْحَلِيمِ الرَّحِيمِ الرَّحْمَنِ، هُوَ الأَوَّلُ فَلَيْسَ قَبْلَهُ شَيْءٌ, وَهُوَ الآخِرُ فَلَيْسَ بَعْدَهُ شَيْءٌ، وَهُوَ الظَّاهِرُ فَلَيْسَ فَوْقَهَ شَيْءٌ، وَهُوَ الْبَاطِنُ فَلَيْسَ دُونَهُ شَيْءٌ, أَحْمَدُهُ عَزَّ وَجَلَّ وَأَشْكُرُهُ , وَمِنْ مَسَاوِي أَعْمَالِنَا أَسْتَغْفِرُهُ ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ ، وَأَشْهَدُ أَنَّ إِمَامَنَا وَقُدْوَتَنَا وَأُسْوَتَنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُه , أَرْسَلَهُ اللهُ بَشِيراً وَنَذِيرَاً وَدَاعِيَاً إِلَيْهِ بِإِذْنِهِ وَسِرَاجَاً مُنِيرَاً ، فَفَتَحَ بِهِ أَعْيُنَاً عُمْيَاً وَآذَانَاً صُمَّاً وَقُلُوبَاً غُلْفَاً ، فَصَلَوَاتُ اللهِ وَسَلامُهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الْغُرِّ الْمَيَامِينِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ عِبَادَ اللهِ وَاسْتَعِدُّوا لِمُغَادَرَةِ الدُّنْيَا وَمُفَارَقَةِ الْحَيَاةِ ! اسْتَعِدُّوا لِلسَّيْرِ لِدَارِ الْبَقَاءِ فَإِنَّكُمُ الآنَ فِي دَارِ الْفَنَاءِ! قَالَ اللهُ تَعَالَى (كُلُّ مَنْ عَلَيْهَا فَانٍ * وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالإِكْرَامِ) اسْتَعِدُّوا لِدَارِ النُّقْلَةِ فَأَنْتُمُ الآنَ فِي دَارِ الْمُهْلَةِ! اسْتَعِدُّوا لِلْحَقِيقَةِ التِي لابُدَّ مِنْهَا ! اسْتَعِدُّوا لِلْحَقِّ الذِي كُلُّنَا سَنُواجِهُهُ ! قَالَ اللهُ تَعَالَى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ وَإِنَّمَا تُوَفَّوْنَ أُجُورَكُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَمَنْ زُحْزِحَ عَنِ النَّارِ وَأُدْخِلَ الْجَنَّةَ فَقَدْ فَازَ وَمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلا مَتَاعُ الْغُرُورِ)
نَعَمْ يَا عِبَادَ اللهِ ! إِنَّهُ الْمَوْتُ ! إِنَّهُ مَصِيرُ كُلِّ حَيٍّ مَهْمَا طَالَتِ الأَيَّامُ وَمَهْمَا تَعَدَّدَتِ الأَعْوامُ! إِنَّهُ الْمَوْتُ هَادِمُ اللَّذِاتِ وَمُفَرِّقُ الْجَمَاعَاتِ! إِنَّهُ الْمَوْتُ مُقَطِّعُ الأَوْصَالِ, وَمُيَتِّمُ الأَطْفَالِ, وَمُبْكِي الرِّجَالِ, وَقاطِعُ الآمَالِ!
أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: كَمْ مِنْ حَبِيبٍ دَفَنَّاه ؟ وَكَمْ مِنْ عَزِيزٍ وَدَّعْنَاه ؟ وَكْمْ مِنْ قَرِيبٍ فَارَقْنَاه ؟ أَيْنَ الآبَاءُ وَالأَجْدَاد ؟ وَأَيْنَ الْمُلُوكُ الشِّدَاد ؟ وَأَيْنَ ثَمُودُ وَعَاد ؟
تَزَوَّدْ لِلَّذِي لابُدَّ مِنْهُ |
|
فَإِنَّ الْمَوْتَ مِيقَاتُ الْعِبَادِ(ي) وَكُنْ مُتَهَيِّأً قَبْلَ الرُّقَادِ(ي) |
أَيُّهَا الْمُسْلِمُ : أَيَّهُا الْمُؤْمِنُ : هَلْ فَكَّرْتَ فِي الْمَوْتِ ؟ هَلْ فَكَّرْتَ فِي نِهَايَةِ حَيَاتِكَ ؟ هَلْ تَأَمَّلْتَ ذَلِكَ الْيَوْمَ الْمَوْعُودَ الذِي يَنْزِلُ فِيهِ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ لِقَبْضِ رُوحِكَ ؟ هَلْ تَعْلَمُ عَلَى أَيِّ حَالٍ تَمُوتُ ؟ أَوْ فِي أَيِّ أَرْضٍ تُقْبَضُ رُوحُكَ ؟
تَزَوَّدْ مِنَ الدُّنْيَا فَإِنَّكَ لا تَدْرِي |
|
إِذَا جَنَّ لَيْلٌ هَلْ تَعِيشُ إِلَى الْفَجْرِ |
أَيُّهَا الْمُؤْمِنُ : تَصَوَّرْ حَالَكَ حِينَ تَأْتِي تِلْكَ اللَّحَظَات, وَتَعْظُمُ عَلَيْكَ الْكُرُبَات, وَتَكْثُرُ مِنْكَ الزَّفَرَات, وَتَزْدَادُ عَلَيْكَ الْحَسَرَات !
تَأَمَّلْ نَفْسَكَ حِينَ تَشْخُصُ مِنْكَ الْعَيْنَانِ, وَيَيْبَسُ مِنْكَ اللِّسَان, وَيُحِيطُ بِكَ الإِخْوَان!
أَيُّهَا الإِنْسَانُ : فِي يَوْمٍ مِنَ الأَيَّامِ سَوْفَ يَنْزِلُ عَلَيْكَ مَلَكُ الْمَوْتِ عَلَيْهِ السَّلامُ حَتَّى يَقِفَ عِنْدَ رَأْسِكَ فَيُكَلِّمَ رُوحَكَ لِتَخْرُجَ , وَلَكِنْ يَا تَرَى هَلْ يَقُولُ: أَيَّتُهَا النَّفْسُ الطَّيِّبَةُ اخْرُجِي إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ اللَّهِ وَرِضْوَانٍ ! أَمْ يَقُولُ : أَيَّتُهَا النَّفْسُ الْخَبِيثَةُ اخْرُجِي إِلَى سَخَطٍ مِنْ اللَّهِ وَغَضَبٍ !
إِنَّكَ الآنَ تُحَدِّدُ مَسَارَكَ وَتُهِيِّئُ مَصِيرَكَ, إِنَّكَ الآنَ تَزْرَعُ وَغَدَاً تَحْصُدُ, إِنَّكَ الآنَ تَبْنِي وَغَدَاً تَسْكُنُ, إِنَّكَ الآنَ تُقَدِّمُ وَتَعْمَلُ وَغَدَاً تُجَازَى ! قَالَ اللهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ * وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ نَسُوا اللَّهَ فَأَنْسَاهُمْ أَنْفُسَهُمْ أُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ * لا يَسْتَوِي أَصْحَابُ النَّارِ وَأَصْحَابُ الْجَنَّةِ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمُ الْفَائِزُونَ)
إِخْوَةَ الإِيمَانِ : إِنَّ الْمَوْتَ أَخَذَ الْمُلُوكَ الْعُظَمَاءَ , وَالتُّجَّارَ الأَثْرِيَاءَ وَالأَطْفَالَ الأَبْرِيَاءَ ! قَالَ اللهُ تَعَالَى (كُلُّ نَفْسٍ ذَائِقَةُ الْمَوْتِ ثُمَّ إِلَيْنَا تُرْجَعُونَ) وَقَالَ (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لاَ يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلاَ يَسْتَقْدِمُونَ)
إِنَّ الْمَوْتَ أَخَذَ مَنْ هُوَ خَيْرٌ مِنَّي وَمِنْكُمْ وَمِنْ كُلِّ الْبَشَرِ ! إِنَّ الْمَوْتَ أَخَذَ مُحَمَّدَاً رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! إِنَّ الْمَوْتَ أَخَذَهُ وَهُوَ لَمْ يَزَلْ -فِي عُرْفِ النَّاسِ الْيَوْمَ- لَيْسَ كَبِيرَ سِنٍّ, إِنَّهُ مَاتَ وَعُمُرُهُ ثَلاثٌ وَسِتَّونَ سَنَةً ! إِنَّهُ تُوُفِّيَ صَلَوَاتُ رَبِّي وَسَلامُهُ عَلَيْهِ وَالنَّاسُ فِي أَعْظَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي تَعْلِيمِهِمْ وَإِرْشَادِهِمْ وَتَثْقِيفِهِمْ فِي دِينِهْمْ ! إِنَّهُ مَاتَ وَتَرَكَ أَهْلَهُ وَأَصْحَابَهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَهُمْ فِي هَمٍّ وَكَرْبٍ, فَارَقَ الدُّنْيَا وَلَمْ يَعُدْ إِلَيْهَا!
فِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: لَمَّا ثَقُلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ جَعَلَ يَتَغَشَّاهُ الكَرْبُ, فَقَالَتْ فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : وَا كَرْبَ أَبَتَاهُ ! فَقَالَ لَهَا (لَيْسَ عَلَى أَبِيكِ كَرْبٌ بَعْدَ الْيَوْمِ) فَلَمَّا مَاتَ قَالَتْ: يَا أَبَتَاهُ أَجَابَ رَبًّا دَعَاهُ! يَا أَبَتَاهْ مَنْ جَنَّةُ الْفِرْدَوْسِ مَأْوَاهْ ! يَا أَبَتَاهْ إِلَى جِبْرِيلَ نَنْعَاهْ! فَلَمَّا دُفِنَ قَالَتْ: فَاطِمَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا : يَا أَنَسُ أَطَابَتْ أَنْفُسُكُمْ أَنْ تَحْثُوا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ التُّرَابَ ؟
مَاتَ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَفَارَقَ الدُّنْيَا, وَهَكَذَا مَاتَ أَصْحَابُهُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمْ وَذَاقُوا سَكَرَاتِ الْمَوْتِ, وَهُمْ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَى اللهِ مِنَّا ! وَكَانُوا خَائِفِينَ وَجِلِينَ, فَهَلْ يَا تَرَي نَحْنُ كَذَلِكَ ؟ عَنِ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُما قَالَ: كَانَ رَأْسُ عُمَرَ فِي حِجْرِي لَمَّا طُعِنَ فَقَالَ: ضَعْ رَأْسِي بِالأَرْضِ! قَالَ: فَظَنَنْتُ أَنَّ ذَلِكَ تَبَرُّمَاً بِهِ, فَلَمْ أَفْعَلْ! فَقَالَ : ضَعْ خَدِّي بِالأَرْضِ لا أُمَّ لَكَ! وَيْلِي وَوَيْلُ أُمِّي إِنْ لَمْ يَغْفِرِ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ لِي ! وَقَالَ الشَّعْبِيُّ رَحِمَهُ اللهُ : لَمَّا طُعِنَ عُمَرُ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ جَاءَ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا فَقَالَ : يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ أَسْلَمْتَ حِينَ كَفَرَ النَّاسُ , وَجَاهَدْتَ مَعَ رَسُولِ اللهِ حِينَ خَذَلَهُ النَّاسُ, وَقُتِلْتَ شَهِيدَاً, وَلَمْ يَخْتَلِفْ عَلَيْكَ اثْنَانُ, وَتُوُّفِّيَ رَسُولُ اللهِ وَهُوَ عَنْكَ رَاضٍ, فَقَالَ: لَهُ أَعِدْ عَلَيَّ مَقَالَتَكَ! فَأَعَادَ عَلَيْهِ ! فَقَالَ: الْمَغْرُورُ مَنْ غَرَرْتُمُوهُ! وَاللهِ لَوْ أَنَّ لِي مَا طَلَعَتْ عَلَيْهِ الشَّمْسُ أَوْ غَرَبَتْ لافْتَدَيْتُ بِهِ مِنْ هَوْلِ الْمَطْلَعِ عَلَى الله.
وَلَمَّا حَضَرَتْ أَبَا الدَّرْدَاءِ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الْوَفَاةُ, قَالَ وَهُوَ يَجُودُ بِنَفْسِهِ : إِنَّ اللهَ عَزَّ وَجَلَّ إِذَا قَضَى قَضَاءً أَحَبَّ أَنْ يُرْضَى بِهِ! ثُمَّ قَالَ: أَلا رَجُلٌ يَعْمَلُ لِمِثْلِ مَصْرَعِي هَذَا؟ أَلا رَجُلٌ يَعْمَلُ لِمِثْلِ سَاعَتِي هَذَهِ؟ ثُمَ قَضَى رَضِيَ اللهُ عَنْهُ!
وَلَمَا حَضَرَ أَبَا هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ الْمَوْتُ جَعَلَ يَبْكِي! فَقِيلَ لَهُ : مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا هُرَيْرَةَ ؟ قَالَ: قِلَّةُ الزَّادِ, وَبُعْدُ الْمَفَازَةِ, وَعَقَبَةُ هُبُوطُهَا الْجَنَّةُ أَوِ النَّار!
وَأَمَّا إبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ الْفَقِيهُ الْمَعْرُوفُ رَحِمَهُ اللهُ , فَلَمَّا حَضَرَهُ الْمَوْتُ بَكَى! فَقِيلَ لَهُ: مَا يُبْكِيكَ يَا أَبَا عِمْرَانَ؟ قَالَ: مَالِي لا أَبْكِي وَأَنَا أَنْتَظِرُ رُسُلَ رَبِي عَزَّ وَجَلَّ وَلا أَدْرِي يُبَشِّرُونَنِي بِجَنَّةٍ أَمْ بِنَارٍ!
هَكَذَا أَيُّهَا الإِخْوَانُ كَانَ الْعُلَمَاءُ الْعَامِلُونَ عِنْدَ الْمَوْتِ, فَقُولُوا لِي بِرَبِّكُمْ كَيْفَ تَكُونُ حَالُ الْمُفَرِّطِينَ الْبَطَّالِينَ مِنْ أَمْثَالِنَا عِنْدَ الْمَوْتِ ؟ فَاللَّهُمَّ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِكَ تَرْحَمُ بِهَا ضَعْفَنَا, وَمَغْفِرَةً مِنْ لَدُنْكَ تَسْتُرُ بِهَا عُيُوبَنَا , وَتَجَاوُزَاً مِنْكَ يَا رَبَّنَا عَنْ ذُنُوبِنَا وَخَطَايَانَا ! اللَّهُمَّ آمِينْ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ
الْحَمْدُ للهِ الذِي جَعَلَ الدُّنْيَا دَارَ الْفَنَاءِ, وَجَعَل َالآخِرَةَ مَوْعِدَ اللِّقَاءِ, وَتَفَرَّدَ سُبْحَانَهُ بِالْبَقَاءِ, وَالصَّلاةُ وَالسَّلامُ عَلَى إِمَامِ الْحُنَفَاءِ, وَسَيِّدِ الأَنْبِيَاءِ , وَخَيْرِ الأَتْقِيَاءِ, نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ الأَوْفِيَاءِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ (مَا حَقُّ امْرِئٍ مُسْلِمٍ لَهُ شَيْءٌ يُوصِي فِيهِ يَبِيتُ لَيْلَتَيْنِ إِلا وَوَصِيَّتُهُ مَكْتُوبَةٌ عِنْدَهُ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ . وَمَا ذَلِكَ إِلا اسْتِعْدَادَاً لِلْمَوْتِ فِي أَيِّ لَحْظَةٍ لأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ مَوْعِدٌ وَلا يَسْتَأَذِنُ حِينَ يَأْتِي, وَلِذَلِكَ يَقُولُ اللهُ تَعَالَى (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)
وَلا يَمُوتُ الإِنْسَانُ مُسْلِمَاً إِلا إِذَا كَانَ مُسْتَعِدَّاً لِلْمَوْتِ ثَابِتَاً عَلَى دِينِهِ مُسْتَعِدَّاً لِلِقَاءِ رَبِّهِ سُبْحَانَهُ !
أَيُّهَا الإخْوَانُ: وَإِنَّهُ مِمَّا يُعِينُ عَلَى تَذَكُّرِ الْمَوْتِ وَالاسْتِعْدَادِ لَهُ: زِيَارَةُ الْقُبُورِ, فَعَنْ بُرَيْدَةَ بْنِ الْحُصَيِّبِ الأَسْلَمِيِّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (نَهَيْتُكُمْ عَنْ زِيَارَةِ الْقُبُورِ فَزُورُوهَا) رَوَاهُ مُسْلِم ٌزَادَ التِّرْمِذِيُّ (فَإِنَّهَا تُذَكِّرُ الآخِرَة).
وَمِمَّا يُعِينُ عَلَى ذَلِكَ الصَّلاةُ عَلَى الأَمْوَاتِ فَإِنَّهَا إِحْسَانٌ لِلْمَيِّتِ بِالدُّعَاءِ لَهُ, وَفِيهَا أَجْرٌ, وَفِيهَا تَذَكُّرٌ لِلْمَوْتِ, فَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صلى الله عليه وسلم (مَنْ شَهِدَ اَلْجِنَازَةَ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا فَلَهُ قِيرَاطٌ, وَمَنْ شَهِدَهَا حَتَّى تُدْفَنَ فَلَهُ قِيرَاطَانِ) قِيلَ: وَمَا اَلْقِيرَاطَانِ ? قَالَ (مِثْلُ اَلْجَبَلَيْنِ اَلْعَظِيمَيْنِ) مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.
فاللَّهُمَّ أَيْقِظْنَا مِنْ غَفْلَتِنَا وَأَصْلِحْ فَسَادَ قُلُوبِنَا, اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ حُسْنَ الْخَاتِمَةِ وَنَعُوذُ بِكَ مِنْ أَنْ نُرَدَّ إِلَى أَرْذَلِ الْعُمْرِ, اللَّهُمَّ أَحْيِنَا مَا كَانَتِ الْحَيَاةُ خَيْرًا لَنَا وَتَوَفَّنِا إذَا كَانَ اَلْوَفَاةُ خَيْرًا لَنَا, اللَّهُمَّ اغْفِرْ لَنَا وَلِوَالِدِينَا وَلِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ يَا رَبَّ العَالِمِينَ! اللَّهُمَّ أَصْلِحْ شَأْنَ الْمُسْلِمِينَ فِي كُلِّ مَكَانٍ, اللَّهُمَّ صَلِّ وِسَلِّمْ عَلَى عَبْدِكَ وَرَسُولِكَ مُحَمِّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصِحْبِهِ أَجْمَعِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ !
المشاهدات 2133 | التعليقات 3
أصحاب الفضيلة : العنوان (هادم اللذات) , وليس (الذات)
وقد أخطأت ونبهني أحد الفضلاء جزاه الله خيرا
شبيب القحطاني
عضو نشط
جزاك الله خيرا
محمد بن مبارك الشرافي
السلام عليكم ورحمة الله وبركاته
أصحاب الفضيلة : هذا هو ملف الخطبة , وقد تم تحميلها بالغلط قبل أن أضيف الملف.
المرفقات
https://khutabaa.com/forums/رد/314317/attachment/%d8%a7%d9%84%d9%91%d9%8e%d8%b0%d9%91%d9%8e%d8%a7%d8%aa%d9%90-18-%d9%85%d9%8e%d8%ad%d9%8e%d8%b1%d9%91%d9%8e%d9%85-1440%d9%87%d9%80%d9%80
https://khutabaa.com/forums/رد/314317/attachment/%d8%a7%d9%84%d9%91%d9%8e%d8%b0%d9%91%d9%8e%d8%a7%d8%aa%d9%90-18-%d9%85%d9%8e%d8%ad%d9%8e%d8%b1%d9%91%d9%8e%d9%85-1440%d9%87%d9%80%d9%80
تعديل التعليق