هؤلاء هم بنو إسرائيل
د مراد باخريصة
1434/01/09 - 2012/11/23 13:57PM
هؤلاء هم بنو إسرائيل
غداً يوم عاشوراء العاشر من شهر الله المحرم ويوم عاشوراء يوم عظيم حدث فيه حدثان عظيمان حدث قبل الإسلام وحدث بعد الإسلام أما الحدث الذي قبل الإسلام فإن في يوم عاشوراء نجى الله موسى وقومه بني إسرائيل من فرعون وقومه وأما الحدث العظيم الذي وقع في يوم عاشوراء بعد الإسلام فإنه مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونظراً للأحداث التي تدور رحاها في فلسطين هذه الأيام فإننا نريد أن نتحدث حول بني إسرائيل ومن هم بنو إسرائيل وما هو تاريخهم.
إن إسرائيل كان لقباً لنبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام حيث كان يلقب بإسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم وكان يعقوب عليه السلام يسكن فلسطين يعيش فيها حياة البداوة يتنقل بين مناطقها لا يستقر في مكان معين وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في معرض ذكر قصة ابنه يوسف عليه السلام حيث قال { وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} أي من البادية.
ثم انتقل يعقوب عليه السلام بأبنائه إلى أرض مصر وكان ذلك في عهد يوسف عليه السلام عندما مكن الله له في مصر وحكمها فعاشوا في مصر عيشة كريمة هنيئة لكن الحال تغير بعد وفاة يوسف عليه السلام حيث انقلب عليهم فراعنة مصر فأذلوهم واستضعفوهم وقتلوا أبنائهم واستحيوا نسائهم فلما أشتد عليهم العذاب أرسل الله موسى عليه السلام نبياً في بني إسرائيل فأمره أن يخرجهم من مصر إلى فلسطين فخرجوا منها ليلاً {فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ}.
كان بنو إسرائيل إلى ذلك الزمن هم خير الأمم الموجودة آنذاك وأفضل العالمين في العالم في ذلك الزمان حيث فضلهم الله على جميع الأمم الموجودة في تلك الأزمان يقول الله سبحانه وتعالى {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}.
في أثناء خروجهم من مصر بقيادة موسى عليه السلام أكرمهم الله بكرامة عظيمة حيث شق لهم البحر فصار طريقاً يابساً وتحول الماء إلى اليابسة فعبروا وعدوهم يتبعهم من خلفهم فلما سلك تلك الطريق اليابسة في البحر أمر الله البحر أن يعود كما كان فتحول من اليابسة إلى الماء فأغرق الله فرعون وجنوده وأهلكهم في البحر وكان ذلك في يوم عاشوراء.
وأما موسى عليه الصلاة والسلام فقد اتجه ببني إسرائيل من مصر إلى فلسطين عبر صحراء سيناء وحين تجاوز بهم البحر ووصلوا إلى الصحراء وجدوا فيها أناساً يعبدون الأوثان من دون الله فقال بنو إسرائيل لموسى {يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}.
أنظروا إلى الحماقة قبل قليل رأوا قدرة الله في إهلاك فرعون وقومه وأكرمهم الله بالنجاة منه ومن ظلمه فكان الأولى بهم أن يزدادوا في عبادة الله وتوحيده ومعرفته لكنهم بدأوا في التمرد والعناد والاستعلاء فقالوا لموسى {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} فقال لهم موسى { إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
فعاقبهم الله بالتيه فتاهوا وضاعوا في صحراء سيناء وضلوا ضائعين تائهين فيها أربعين سنة {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} فأصابهم الجوع والعطش وهم في التيه فشكوا ذلك إلى موسى وأخيه هارون ففجر الله لهم في صحراء سيناء اثنتي عشر عيناً يشربون منها ورزقهم طعاماً طيباً يرزقونه كل يوم كان من أطيب أنواع الطعام وهو ماسماه الله بالمن والسلوى وجعل لهم السحاب والغمام ساتراً لهم يظلهم من حرارة الشمس {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.
كان الأولى بهم بعد هذه النعم أن يتوبوا إلى الله ويستغفروه ويشكروه ولكن ماذا قالوا قالوا { يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا} طلبوا الثوم والعدس والبصل بدلاً عن المن والسلوى فقال لهم نبيهم { أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ}.
تركهم موسى عليه السلام في الصحراء وذهب ومعه سبعين من قومه لمناجاة ربه عند جبل الطور وجعل أخاه هارون خليفة عليهم فتعنتوا على هارون ولم يأبهوا به ولم يقيموا وزناً لسلطانه وفعلوا فعلاً شنيعاً وكفراً صريحاً حيث صنعوا لهم صنماً من ذهب على صورة عجل وعبدوه من دون الله فنهاهم هارون عن ذلك ودعاهم إلى ترك هذه الوثنية وأمرهم بعبادة الله وحده ولكنهم لم يبالوا به ولا بكلامه فلما رجع موسى وجدهم قد ارتدوا عن التوحيد وعادوا إلى الشرك فأخذه الغضب وأخذ يعاتب أخاه هارون على تركه لهم على هذه الحالة فقال له هارون يا { ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.
فأمرهم موسى عليه السلام بالتوبة من هذا الأمر والرجوع إلى عبادة الله وحده لا شريك له فماذا قالوا لموسى اسمعوا ماذا قالوا له قالوا { يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} فلما قالوا ذلك أرسل الله عليهم صاعقة فأماتتهم ثم بعثهم الله من بعد موتهم وأحياهم مرة أخرى {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فأظهروا الخوف والتوبة والرجوع فأمرهم موسى عليه السلام بالعمل بما آتاهم الله والالتزام بالكتاب والميثاق فهل التزموا؟ هل فعلوا؟ لم يفعلوا ولم يقبلوا وقاموا بنقض الميثاق وأظهروا المخالفة والعناد وقالوا سمعنا وعصينا فعاقبهم الله بعقاب حسي مشاهد حيث رفع فوق رؤوسهم جبل الطور كأنه ساقط عليهم تهديداً لهم {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فاستسلموا خوفاً ورجعوا إلى الطاعة والاستسلام فأراد الله أن يختبر طاعتهم ويمتحن استسلامهم فجعل لهم يوم السبت يوم عباده وحرم عليهم فيه الصيد فكانت الحيتان لا تأتي إلا في يوم السبت ولا تأتي في الأيام الأخرى فقام بنو إسرائيل بنصب الشباك للصيد من يوم الجمعة ثم يأتون في يوم الأحد فيأخذون منها الصيد وهذا مكر واحتيال واستخفاف بالله جل وعلا فعاقبهم الله بالمسخ فمسخ من قام منهم بهذا الفعل إلى قردة وخنازير {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}.
لما اقتربوا من الأرض المقدسة أمرهم موسى عليه السلام أن يدخلوها مجاهدين فاتحين فرفض بنو إسرائيل الجهاد وقالوا له بكل جرأة وصفاقة { يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} فكرر عليهم الأمر بالجهاد وحثهم عليه فقالوا له كلاماً قبيحاً يدل على سوء أدبهم وعدم احترامهم لنبيهم قالوا له { فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} ثم دخل عدد منهم الأرض المقدسة متوكلين على الله مجاهدين في سبيل الله وقالوا {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
وعند الدخول إلى فلسطين أمرهم الله أن يدخلوا الباب وهم سجداً شكراً لله على ما أنعم عليهم وأن يقولوا عند دخولهم حطة أي احطط عنا خطايانا واغفر لنا ذنوبنا فعصوا أمر الله وبدلاً من أن يقولوا حطة قالوا حنطة {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} هؤلاء هم بنو إسرائيل.
الخطبة الثانية:
بعد دخولهم إلى الأرض المقدسة كثرت فيهم المعاصي وانتشرت بينهم الرذائل وفشا فيهم الزنا وظهر فيهم المنكر حتى وصلوا والعياذ بالله إلى درجة سب الله والسخرية به فقالوا إن الله فقير ونحن أغنياء واتهموا الله بالشح والبخل فقالوا يد الله مغلولة {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}.
ثم تجرأوا على قتل الأنبياء والمصلحين فكلما أرسل الله فيهم نبياً قتلوه وتخلصوا منه فأنزل الله عليهم النكبات وسلط عليهم من يذلهم ويغزوهم ويستعبدهم فسألوا نبيهم أن يجعل لهم ملكاً حتى يقاتلوا في سبيل الله ليستعيدوا عزهم وسلطانهم فقال لهم نبيهم {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} فأخبرهم نبيهم أن الله قد بعث لهم طالوت ملكاً فاعترضوا عليه وقالوا له {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ } أنظروا إلى العنصرية والطبقية { نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ } فقال لهم نبيهم {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} فخذلوا طالوت وتولوا عنه إلا قليلاً منهم قاموا معه فنصر الله تلك القلة القليلة التي استجابت له وقامت معه ضد جالوت ونصرهم الله عليه ثم لم يستقيموا إلا قليلاً حتى فسقوا وأفسدوا فقاموا بتحريف دين الله وتبديل شرع الله وأعرضوا عن الأنبياء والمرسلين واتخذوا لهم قيادات دينية أخرى من أحبار السوء وأمراء الهوى والشهوات وأخذوا يغترون بأنفسهم ويرون أنهم شعب الله المختار وأنهم أبناء الله وأحباؤه وأنه لن يدخل الجنة إلا هم ويستحقرون غيرهم ويسمونهم بالأميين ويقولون ليس علينا في الأميين سبيل فسلط عليهم بختنصر فسامهم سوء العذاب ونكل بهم وشردهم في الأرض كل مشرد .
وبسبب إجرامهم وفسادهم وحقدهم لم يتقبلهم أحد وكلما سكنوا أرضاً ضاق أهلها منهم وأخرجوهم وطردوهم لأن دأبهم الاحتيال والإفساد وإيقاد الفتن وإشعال الحروب { كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.
سكنوا في أوربا فطردوهم ولم يتحملوهم وقام هتلر بسحقهم وإبادتهم وقال فيهم قولته المشهورة ( لقد كنت أستطيع قتل جميع اليهود في العالم ولكني تركت بعضهم أحياء حتى يعلم العالم كله لم قتلت اليهود ).
وأما في العهد الإسلامي فقد عاشوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في ظل الدولة النبوية لهم ما لهم وعليهم ما عليهم إلا أنهم لم يحترموا أنفسهم وقاموا بأفعال شنيعة عرضتهم للإجلاء عن المدينة فقاموا بعدة محاولات لقتل النبي صلى الله عليه وسلم وتحالفوا مع الكفار ضد المسلمين وقاموا بنقض العهود والمواثيق التي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فأخرجهم النبي صلى الله عليه وسلم وأجلاهم.
وقد أخبر الله في كتابه العظيم أنهم إضافة إلى إفسادهم المستمر وإجرامهم المتواصل سيفسدون في الأرض مرتين وليعلن فيها علواً كبيراً وقد قال المفسرون أن الإفساد الأول قد مضى وأما الإفساد الثاني فسيكون في آخر الزمان عندما يجمع الله اشتاتهم من أقطار الأرض فيجتمعون في الأرض المقدسة ليلقوا هلاكهم فيها جميعاً {وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا}.
لقد اجتمعوا اليوم في فلسطين وأسسوا دولة إسرائيل وأفسدوا في الأرض إفساداً عظيماً وسيسلط الله عليهم من يمزقهم كل ممزق ويشردهم كل مشرد {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} وسيشارك الشجر والحجر في قتلهم وقتالهم وتطهير الأرض من رجسهم وفسادهم يقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي تعال فاقتله ".
عباد الله: أذكر نفسي وإياكم بصوم يوم الغد فإن صوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة كاملة يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم " صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله " وقال صلى الله عليه وسلم " لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع " وذلك مخالفة لليهود الذين لا يصومون إلا العاشر فقط.
غداً يوم عاشوراء العاشر من شهر الله المحرم ويوم عاشوراء يوم عظيم حدث فيه حدثان عظيمان حدث قبل الإسلام وحدث بعد الإسلام أما الحدث الذي قبل الإسلام فإن في يوم عاشوراء نجى الله موسى وقومه بني إسرائيل من فرعون وقومه وأما الحدث العظيم الذي وقع في يوم عاشوراء بعد الإسلام فإنه مقتل الحسين بن علي رضي الله عنه سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم.
ونظراً للأحداث التي تدور رحاها في فلسطين هذه الأيام فإننا نريد أن نتحدث حول بني إسرائيل ومن هم بنو إسرائيل وما هو تاريخهم.
إن إسرائيل كان لقباً لنبي الله يعقوب عليه الصلاة والسلام حيث كان يلقب بإسرائيل وهو يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى التسليم وكان يعقوب عليه السلام يسكن فلسطين يعيش فيها حياة البداوة يتنقل بين مناطقها لا يستقر في مكان معين وهذا ما أشار إليه القرآن الكريم في معرض ذكر قصة ابنه يوسف عليه السلام حيث قال { وَجَاءَ بِكُمْ مِنَ الْبَدْوِ} أي من البادية.
ثم انتقل يعقوب عليه السلام بأبنائه إلى أرض مصر وكان ذلك في عهد يوسف عليه السلام عندما مكن الله له في مصر وحكمها فعاشوا في مصر عيشة كريمة هنيئة لكن الحال تغير بعد وفاة يوسف عليه السلام حيث انقلب عليهم فراعنة مصر فأذلوهم واستضعفوهم وقتلوا أبنائهم واستحيوا نسائهم فلما أشتد عليهم العذاب أرسل الله موسى عليه السلام نبياً في بني إسرائيل فأمره أن يخرجهم من مصر إلى فلسطين فخرجوا منها ليلاً {فَأَسْرِ بِعِبَادِي لَيْلًا إِنَّكُمْ مُتَّبَعُونَ}.
كان بنو إسرائيل إلى ذلك الزمن هم خير الأمم الموجودة آنذاك وأفضل العالمين في العالم في ذلك الزمان حيث فضلهم الله على جميع الأمم الموجودة في تلك الأزمان يقول الله سبحانه وتعالى {يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَأَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعَالَمِينَ}.
في أثناء خروجهم من مصر بقيادة موسى عليه السلام أكرمهم الله بكرامة عظيمة حيث شق لهم البحر فصار طريقاً يابساً وتحول الماء إلى اليابسة فعبروا وعدوهم يتبعهم من خلفهم فلما سلك تلك الطريق اليابسة في البحر أمر الله البحر أن يعود كما كان فتحول من اليابسة إلى الماء فأغرق الله فرعون وجنوده وأهلكهم في البحر وكان ذلك في يوم عاشوراء.
وأما موسى عليه الصلاة والسلام فقد اتجه ببني إسرائيل من مصر إلى فلسطين عبر صحراء سيناء وحين تجاوز بهم البحر ووصلوا إلى الصحراء وجدوا فيها أناساً يعبدون الأوثان من دون الله فقال بنو إسرائيل لموسى {يَا مُوسَى اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ}.
أنظروا إلى الحماقة قبل قليل رأوا قدرة الله في إهلاك فرعون وقومه وأكرمهم الله بالنجاة منه ومن ظلمه فكان الأولى بهم أن يزدادوا في عبادة الله وتوحيده ومعرفته لكنهم بدأوا في التمرد والعناد والاستعلاء فقالوا لموسى {اجْعَلْ لَنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ} فقال لهم موسى { إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ * إِنَّ هَؤُلَاءِ مُتَبَّرٌ مَا هُمْ فِيهِ وَبَاطِلٌ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ}.
فعاقبهم الله بالتيه فتاهوا وضاعوا في صحراء سيناء وضلوا ضائعين تائهين فيها أربعين سنة {قَالَ فَإِنَّهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلَا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفَاسِقِينَ} فأصابهم الجوع والعطش وهم في التيه فشكوا ذلك إلى موسى وأخيه هارون ففجر الله لهم في صحراء سيناء اثنتي عشر عيناً يشربون منها ورزقهم طعاماً طيباً يرزقونه كل يوم كان من أطيب أنواع الطعام وهو ماسماه الله بالمن والسلوى وجعل لهم السحاب والغمام ساتراً لهم يظلهم من حرارة الشمس {وَأَوْحَيْنَا إِلَى مُوسَى إِذِ اسْتَسْقَاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنَا عَلَيْهِمُ الْغَمَامَ وَأَنْزَلْنَا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوَى كُلُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا رَزَقْنَاكُمْ وَمَا ظَلَمُونَا وَلَكِنْ كَانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ}.
كان الأولى بهم بعد هذه النعم أن يتوبوا إلى الله ويستغفروه ويشكروه ولكن ماذا قالوا قالوا { يَا مُوسَى لَنْ نَصْبِرَ عَلَى طَعَامٍ وَاحِدٍ فَادْعُ لَنَا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنَا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِهَا وَقِثَّائِهَا وَفُومِهَا وَعَدَسِهَا وَبَصَلِهَا} طلبوا الثوم والعدس والبصل بدلاً عن المن والسلوى فقال لهم نبيهم { أَتَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنَى بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْرًا فَإِنَّ لَكُمْ مَا سَأَلْتُمْ وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَالْمَسْكَنَةُ وَبَاءُوا بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ}.
تركهم موسى عليه السلام في الصحراء وذهب ومعه سبعين من قومه لمناجاة ربه عند جبل الطور وجعل أخاه هارون خليفة عليهم فتعنتوا على هارون ولم يأبهوا به ولم يقيموا وزناً لسلطانه وفعلوا فعلاً شنيعاً وكفراً صريحاً حيث صنعوا لهم صنماً من ذهب على صورة عجل وعبدوه من دون الله فنهاهم هارون عن ذلك ودعاهم إلى ترك هذه الوثنية وأمرهم بعبادة الله وحده ولكنهم لم يبالوا به ولا بكلامه فلما رجع موسى وجدهم قد ارتدوا عن التوحيد وعادوا إلى الشرك فأخذه الغضب وأخذ يعاتب أخاه هارون على تركه لهم على هذه الحالة فقال له هارون يا { ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ}.
فأمرهم موسى عليه السلام بالتوبة من هذا الأمر والرجوع إلى عبادة الله وحده لا شريك له فماذا قالوا لموسى اسمعوا ماذا قالوا له قالوا { يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً} فلما قالوا ذلك أرسل الله عليهم صاعقة فأماتتهم ثم بعثهم الله من بعد موتهم وأحياهم مرة أخرى {وَإِذْ قُلْتُمْ يَا مُوسَى لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ * ثُمَّ بَعَثْنَاكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فأظهروا الخوف والتوبة والرجوع فأمرهم موسى عليه السلام بالعمل بما آتاهم الله والالتزام بالكتاب والميثاق فهل التزموا؟ هل فعلوا؟ لم يفعلوا ولم يقبلوا وقاموا بنقض الميثاق وأظهروا المخالفة والعناد وقالوا سمعنا وعصينا فعاقبهم الله بعقاب حسي مشاهد حيث رفع فوق رؤوسهم جبل الطور كأنه ساقط عليهم تهديداً لهم {وَإِذْ نَتَقْنَا الْجَبَلَ فَوْقَهُمْ كَأَنَّهُ ظُلَّةٌ وَظَنُّوا أَنَّهُ وَاقِعٌ بِهِمْ خُذُوا مَا آتَيْنَاكُمْ بِقُوَّةٍ وَاذْكُرُوا مَا فِيهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} فاستسلموا خوفاً ورجعوا إلى الطاعة والاستسلام فأراد الله أن يختبر طاعتهم ويمتحن استسلامهم فجعل لهم يوم السبت يوم عباده وحرم عليهم فيه الصيد فكانت الحيتان لا تأتي إلا في يوم السبت ولا تأتي في الأيام الأخرى فقام بنو إسرائيل بنصب الشباك للصيد من يوم الجمعة ثم يأتون في يوم الأحد فيأخذون منها الصيد وهذا مكر واحتيال واستخفاف بالله جل وعلا فعاقبهم الله بالمسخ فمسخ من قام منهم بهذا الفعل إلى قردة وخنازير {وَلَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنَا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خَاسِئِينَ}.
لما اقتربوا من الأرض المقدسة أمرهم موسى عليه السلام أن يدخلوها مجاهدين فاتحين فرفض بنو إسرائيل الجهاد وقالوا له بكل جرأة وصفاقة { يَا مُوسَى إِنَّ فِيهَا قَوْمًا جَبَّارِينَ وَإِنَّا لَنْ نَدْخُلَهَا حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْهَا فَإِنَّا دَاخِلُونَ} فكرر عليهم الأمر بالجهاد وحثهم عليه فقالوا له كلاماً قبيحاً يدل على سوء أدبهم وعدم احترامهم لنبيهم قالوا له { فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلَا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ} ثم دخل عدد منهم الأرض المقدسة متوكلين على الله مجاهدين في سبيل الله وقالوا {ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبَابَ فَإِذَا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غَالِبُونَ وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ}.
وعند الدخول إلى فلسطين أمرهم الله أن يدخلوا الباب وهم سجداً شكراً لله على ما أنعم عليهم وأن يقولوا عند دخولهم حطة أي احطط عنا خطايانا واغفر لنا ذنوبنا فعصوا أمر الله وبدلاً من أن يقولوا حطة قالوا حنطة {وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هَذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْهَا حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَدًا وَادْخُلُوا الْبَابَ سُجَّدًا وَقُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطَايَاكُمْ وَسَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ * فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا مِنَ السَّمَاءِ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ} هؤلاء هم بنو إسرائيل.
الخطبة الثانية:
بعد دخولهم إلى الأرض المقدسة كثرت فيهم المعاصي وانتشرت بينهم الرذائل وفشا فيهم الزنا وظهر فيهم المنكر حتى وصلوا والعياذ بالله إلى درجة سب الله والسخرية به فقالوا إن الله فقير ونحن أغنياء واتهموا الله بالشح والبخل فقالوا يد الله مغلولة {غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}.
ثم تجرأوا على قتل الأنبياء والمصلحين فكلما أرسل الله فيهم نبياً قتلوه وتخلصوا منه فأنزل الله عليهم النكبات وسلط عليهم من يذلهم ويغزوهم ويستعبدهم فسألوا نبيهم أن يجعل لهم ملكاً حتى يقاتلوا في سبيل الله ليستعيدوا عزهم وسلطانهم فقال لهم نبيهم {هَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ كُتِبَ عَلَيْكُمُ الْقِتَالُ أَلَّا تُقَاتِلُوا قَالُوا وَمَا لَنَا أَلَّا نُقَاتِلَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَدْ أُخْرِجْنَا مِنْ دِيَارِنَا وَأَبْنَائِنَا} فأخبرهم نبيهم أن الله قد بعث لهم طالوت ملكاً فاعترضوا عليه وقالوا له {أَنَّى يَكُونُ لَهُ الْمُلْكُ عَلَيْنَا وَنَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ } أنظروا إلى العنصرية والطبقية { نَحْنُ أَحَقُّ بِالْمُلْكِ مِنْهُ } فقال لهم نبيهم {إِنَّ اللَّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللَّهُ يُؤْتِي مُلْكَهُ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ} فخذلوا طالوت وتولوا عنه إلا قليلاً منهم قاموا معه فنصر الله تلك القلة القليلة التي استجابت له وقامت معه ضد جالوت ونصرهم الله عليه ثم لم يستقيموا إلا قليلاً حتى فسقوا وأفسدوا فقاموا بتحريف دين الله وتبديل شرع الله وأعرضوا عن الأنبياء والمرسلين واتخذوا لهم قيادات دينية أخرى من أحبار السوء وأمراء الهوى والشهوات وأخذوا يغترون بأنفسهم ويرون أنهم شعب الله المختار وأنهم أبناء الله وأحباؤه وأنه لن يدخل الجنة إلا هم ويستحقرون غيرهم ويسمونهم بالأميين ويقولون ليس علينا في الأميين سبيل فسلط عليهم بختنصر فسامهم سوء العذاب ونكل بهم وشردهم في الأرض كل مشرد .
وبسبب إجرامهم وفسادهم وحقدهم لم يتقبلهم أحد وكلما سكنوا أرضاً ضاق أهلها منهم وأخرجوهم وطردوهم لأن دأبهم الاحتيال والإفساد وإيقاد الفتن وإشعال الحروب { كُلَّمَا أَوْقَدُوا نَارًا لِلْحَرْبِ أَطْفَأَهَا اللَّهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ}.
سكنوا في أوربا فطردوهم ولم يتحملوهم وقام هتلر بسحقهم وإبادتهم وقال فيهم قولته المشهورة ( لقد كنت أستطيع قتل جميع اليهود في العالم ولكني تركت بعضهم أحياء حتى يعلم العالم كله لم قتلت اليهود ).
وأما في العهد الإسلامي فقد عاشوا في زمن النبي صلى الله عليه وسلم في ظل الدولة النبوية لهم ما لهم وعليهم ما عليهم إلا أنهم لم يحترموا أنفسهم وقاموا بأفعال شنيعة عرضتهم للإجلاء عن المدينة فقاموا بعدة محاولات لقتل النبي صلى الله عليه وسلم وتحالفوا مع الكفار ضد المسلمين وقاموا بنقض العهود والمواثيق التي بينهم وبين النبي صلى الله عليه وسلم فأخرجهم النبي صلى الله عليه وسلم وأجلاهم.
وقد أخبر الله في كتابه العظيم أنهم إضافة إلى إفسادهم المستمر وإجرامهم المتواصل سيفسدون في الأرض مرتين وليعلن فيها علواً كبيراً وقد قال المفسرون أن الإفساد الأول قد مضى وأما الإفساد الثاني فسيكون في آخر الزمان عندما يجمع الله اشتاتهم من أقطار الأرض فيجتمعون في الأرض المقدسة ليلقوا هلاكهم فيها جميعاً {وَقُلْنَا مِنْ بَعْدِهِ لِبَنِي إِسْرَائِيلَ اسْكُنُوا الْأَرْضَ فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ الْآخِرَةِ جِئْنَا بِكُمْ لَفِيفًا} {فَإِذَا جَاءَ وَعْدُ أُولَاهُمَا بَعَثْنَا عَلَيْكُمْ عِبَادًا لَنَا أُولِي بَأْسٍ شَدِيدٍ فَجَاسُوا خِلَالَ الدِّيَارِ وَكَانَ وَعْدًا مَفْعُولًا}.
لقد اجتمعوا اليوم في فلسطين وأسسوا دولة إسرائيل وأفسدوا في الأرض إفساداً عظيماً وسيسلط الله عليهم من يمزقهم كل ممزق ويشردهم كل مشرد {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ مَنْ يَسُومُهُمْ سُوءَ الْعَذَابِ إِنَّ رَبَّكَ لَسَرِيعُ الْعِقَابِ وَإِنَّهُ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} وسيشارك الشجر والحجر في قتلهم وقتالهم وتطهير الأرض من رجسهم وفسادهم يقول النبي صلى الله عليه وسلم " لا تقوم الساعة حتى يقاتل المسلمون اليهود فيقول الحجر والشجر يا مسلم يا عبد الله هذا يهودي ورائي تعال فاقتله ".
عباد الله: أذكر نفسي وإياكم بصوم يوم الغد فإن صوم عاشوراء يكفر ذنوب سنة كاملة يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم " صيام يوم عاشوراء أحتسب على الله أن يكفر السنة التي قبله " وقال صلى الله عليه وسلم " لئن بقيت إلى قابل لأصومن التاسع " وذلك مخالفة لليهود الذين لا يصومون إلا العاشر فقط.
المرفقات
هؤلاء هم بنو إسرائيل.doc
هؤلاء هم بنو إسرائيل.doc