نوافل الصلوات وشيء من فضلها

عبدالله بن رجا الروقي
1435/02/20 - 2013/12/23 20:42PM
إن الحمدلله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا وسيئات أعمالنا من يهده الله فلامضل له ومن يضلل فلا هادي وأشهد أن لاإله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين.
﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنظُرْ نَفْسٌ مَّا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُون ﴾*
أما بعد فإن من نعم الله التي لاتحصى على عباده أن شرع لهم من نوافل العبادات ما يُكمِّلون به فرائضَهم فيجبرون به نقصَها وخلَلها وإن من أعظم مايُعتنى بتكميله وتسديدِه فريضةَ الصلاة التي هي عمودُ الإسلام والفارقةُ بين الكفر والإيمان قال صلى الله عليه وسلم *« إِنَّ أَوَّلَ مَا يُحَاسَبُ النَّاسُ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ أَعْمَالِهِمُ الصَّلاَةُ قَالَ يَقُولُ رَبُّنَا جَلَّ وَعَزَّ لِمَلاَئِكَتِهِ وَهُوَ أَعْلَمُ انْظُرُوا فِى صَلاَةِ عَبْدِى أَتَمَّهَا أَمْ نَقَصَهَا فَإِنْ كَانَتْ تَامَّةً كُتِبَتْ لَهُ تَامَّةً وَإِنْ كَانَ انْتَقَصَ مِنْهَا شَيْئًا قَالَ انْظُرُوا هَلْ لِعَبْدِى مِنْ تَطَوُّعٍ فَإِنْ كَانَ لَهُ تَطَوُّعٌ قَالَ أَتِمُّوا لِعَبْدِى فَرِيضَتَهُ مِنْ تَطَوُّعِهِ ثُمَّ تُؤْخَذُ الأَعْمَالُ عَلَى ذَاكُمْ » رواه أهل السنن.
فدل هذا الحديث على أن التطوع من العبادات تُكمّلُ به الفرائضُ ففريضةُ الصلاة يكملها تطوعُها وفريضةُ الزكاة يكملها تطوعُ الصدقة
وهكذا.
وقد جاءت الشريعةُ بنوافلَ تُكمل بها صلاةُ الفريضةِ فمنها :الوترُ وهو سنة مؤكدة قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- ( الْوِتْرُ حَقٌّ عَلَى كُلِّ مُسْلِمٍ ) رواه ابوداود.
*وكان النبي صلى الله عليه وسلم لايتركه حضرا ولا سفرا , ووقته من بعد صلاة العشاء إلى طلوع الفجر , وأقله ركعةٌ ولا حد لأكثره.
ومن نوافل الصلاة : السنن الرواتب فقد أخرج مسلم في صحيحه عَنِ النُّعْمَانِ بْنِ سَالِمٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ قَالَ حَدَّثَنِى عَنْبَسَةُ بْنُ أَبِى سُفْيَانَ قَالَ سَمِعْتُ أُمَّ حَبِيبَةَ تَقُولُ سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- يَقُولُ « مَنْ صَلَّى اثْنَتَىْ عَشْرَةَ رَكْعَةً فِى يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ بُنِىَ لَهُ بِهِنَّ بَيْتٌ فِى الْجَنَّةِ ». *
قَالَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ : فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- وَقَالَ عَنْبَسَةُ فَمَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ أُمِّ حَبِيبَةَ.
وَقَالَ عَمْرُو بْنُ أَوْسٍ مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَنْبَسَةَ.
وَقَالَ النُّعْمَانُ بْنُ سَالِمٍ مَا تَرَكْتُهُنَّ مُنْذُ سَمِعْتُهُنَّ مِنْ عَمْرِو بْنِ أَوْسٍ.
*
وفي لفظ لمسلم « مَا مِنْ عَبْدٍ مُسْلِمٍ يُصَلِّى لِلَّهِ كُلَّ يَوْمٍ ثِنْتَىْ عَشْرَةَ رَكْعَةً تَطَوُّعًا غَيْرَ فَرِيضَةٍ إِلاَّ بَنَى اللَّهُ لَهُ بَيْتًا فِى الْجَنَّةِ »
ورواه الترمذي في جامعه عن أم حبيبة َرضي الله عنها بلفظ: من صلى في يوم وليلة ثنتي عشرة ركعة بُني له بيت في الجنة أربعا قبل الظهر وركعتين بعدها وركعتين بعد المغرب وركعتين بعد العشاء وركعتين قبل صلاة الفجر.
وعَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ شَقِيقٍ قَالَ سَأَلْتُ عَائِشَةَ عَنْ صَلاَةِ رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- عَنْ تَطَوُّعِهِ فَقَالَتْ كَانَ يُصَلِّى فِى بَيْتِى قَبْلَ الظُّهْرِ أَرْبَعًا ثُمَّ يَخْرُجُ فَيُصَلِّى بِالنَّاسِ ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ وَكَانَ يُصَلِّى بِالنَّاسِ الْمَغْرِبَ ثُمَّ يَدْخُلُ فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ وَيُصَلِّى بِالنَّاسِ الْعِشَاءَ وَيَدْخُلُ بَيْتِى فَيُصَلِّى رَكْعَتَيْنِ... وَكَانَ إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ.
وفي البخاري عنها رضي الله عنها قالت: كان لايدع أربعا قبل الظهر وركعتين قبل الغداة.
والمراد بالركعتين اللتين قبل الغداة ركعتا الفجر , وهي أفضل االرواتب.
قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- *« رَكْعَتَا الْفَجْرِ خَيْرٌ مِنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا » رواه مسلم , وفي رواية له : لهما أحب إلي من الدنيا جميعا.
وكان صلى الله عليه وسلم يحافظ على راتبة الفجر ولا يتركها أبدا
فعَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا ، قَالَتْ : وَلَمْ يَكُنْ يَدَعُهُمَا أَبَدًا. رواه البخاري
وعنها رضي الله عنها قَالَتْ لَمْ يَكُنِ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم عَلَى شَيْءٍ مِنَ النَّوَافِلِ أَشَدَّ مِنْهُ تَعَاهُدًا عَلَى رَكْعَتَيِ الْفَجْرِ.متفق عليه.
*
*ومن النوافل زيادة على الرواتب صلاة ركعتين بعد راتبة الظهر البعدية
فإذا صلى المسلم أربعا قبل الظهر وأربعا بعدها وحافظ على ذلك *فيُرجى له أن يحرم الله وجهه على النار لقوله صلى الله عليه وسلم : من حافظ على أربع ركعات قبل الظهر وأربع بعدها حرمه الله على النار. رواه أهل السنن.
اللهم حرم وجوهنا على النار , واغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم.

*
الحمدلله رب العالمين وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لاشريك له وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين أما بعد فمن صلوات التطوع أيضا صلاة الضحى , قال -صلى الله عليه وسلم- « يُصْبِحُ عَلَى كُلِّ سُلاَمَى مِنْ أَحَدِكُمْ صَدَقَةٌ فَكُلُّ تَسْبِيحَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَحْمِيدَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَهْلِيلَةٍ صَدَقَةٌ وَكُلُّ تَكْبِيرَةٍ صَدَقَةٌ وَأَمْرٌ بِالْمَعْرُوفِ صَدَقَةٌ وَنَهْىٌ عَنِ الْمُنْكَرِ صَدَقَةٌ وَيُجْزِئُ مِنْ ذَلِكَ رَكْعَتَانِ يَرْكَعُهُمَا مِنَ الضُّحَى ». رواه مسلم.
والمراد بالسلامى في الحديث عظام البدن ومفاصله، وقد قال صلّى الله عليه وسلّم : « خلق كل إنسان على ستين وثلاثمائة مفصل» رواه مسلم .*
فهذا دليل على عِظم فضل صلاة الضحى، وأنها باب عظيم من أبواب شكر الله تعالى على نعمه، ومنها نعمة البدن، وأن هاتين الركعتين تُجزِئان عن ثلاثمائة وستين صدقة، وما كان كذلك فهو حقيق بالمواظبة وجدير بالمداومة.
وجاء في فضلها أيضا ماحدث به النبي صلّى الله عليه وسلّم عن الله عزّ وجل أنه قال: (ابنَ آدم اركعْ لي من أول النهار أربعَ ركعات أَكْفِكَ آخره). رواه ابوداود والترمذي.
فهذا دليل على أنها سبب لكفاية الله للعبد. *ولذلك فالأفضل أن يصلي الضحى أربعاً فأكثرَ لهذا الحديثِ ولما أخرجه مسلم في صحيحه أن عَائِشَةَ رضي الله عنها سُئلت : كَمْ كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يُصَلِّي صَلَاةَ الضُّحَى ؟ قَالَتْ أَرْبَعَ رَكَعَاتٍ وَيَزِيدُ مَا شَاءَ .
*
ومن النوافل صلاةُ أربعٍ *قبلَ العصرِ فعن ابن عمرَ رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : رحِم الله امرأً صلى قبل العصر أربعاً . رواه أبو داودَ والترمذيُّ. *
*
ومن النوافلِ أيضاً الصلاةُ *قبلَ صلاةِ المغرب بين الأذان والإقامةِ فعَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ : صَلُّوا قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ- قَالَ فِي الثَّالِثَةِ - لِمَنْ شَاءَ. رواه البخاريُّ.
وعن أنس رضي الله عنه قال: كُنَّا نُصَلِّى عَلَى عَهْدِ النَّبِىِّ -صلى الله عليه وسلم- رَكْعَتَيْنِ بَعْدَ غُرُوبِ الشَّمْسِ قَبْلَ صَلاَةِ الْمَغْرِبِ. رواه مسلم.
وعَنْه رضي الله عنه قَالَ كُنَّا بِالْمَدِينَةِ فَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُ لِصَلاَةِ الْمَغْرِبِ ابْتَدَرُوا السَّوَارِىَ فَيَرْكَعُونَ رَكْعَتَيْنِ رَكْعَتَيْنِ حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ الْغَرِيبَ لَيَدْخُلُ الْمَسْجِدَ فَيَحْسِبُ أَنَّ الصَّلاَةَ قَدْ صُلِّيَتْ مِنْ كَثْرَةِ مَنْ يُصَلِّيهِمَا. رواه مسلمٌ.
عبادَ الله هذه موائدُ الخير مبذولةً فخذ بنصيبك منها قبل أن يحولَ الموت بين*المؤمِّلِ والأملِ ويسألَ المقصُّرُ الرجعةَ فلا يجابَ إلى ماسأل ( حَتَّى إِذَا جَاءَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قَالَ رَبِّ ارْجِعُونِ * لَعَلِّي أَعْمَلُ صَالِحًا فِيمَا تَرَكْتُ كَلَّا إِنَّهَا كَلِمَةٌ هُوَ قَائِلُهَا وَمِنْ وَرَائِهِمْ بَرْزَخٌ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ ) فالصلاةُ بعد الشهادتين خيرُ زادٍ *ليومِ المعاد.
ربنا آتنا في الدنيا حسنةً وفي الآخرةِ حسنةً وقنا عذابَ النار.


صلّ وسلم على محمد ﷺ.
المشاهدات 2561 | التعليقات 0