نهاية مدمن
الشيخ السيد مراد سلامة
الحمد لله الذي منحنا نعمةَ العقل وأحلَّ لنا الطيبات، وحرَّم المُسكِر والمُفتِّر وسائر المحرَّمات، والصلاة والسلام على مَن أُوتي جوامعَ الكلم، ومفاتيح الفهم والعلم، وعلى آله وأصحابه والتابعين إلى يوم الدين، وبعد:
أيها الآباء أيها الإخوة الأعزاء حديثنا اليوم عن نهاية مدمن
عن نهايات مأساوية لأناس أدمنوا المخدرات وانحرفوا عن طريق رب الأرض والسماوات وأغراهم الشيطان بالشهوات وزين لهم المحرمات فأصبحوا من جنده ومن أعوانه وأصبحوا يقومون بدوره في الإغواء والإفساد والصد عن طاعة رب العباد
إنها المخدرات التي أفسدت القلوب والعقول
إنها المخدرات التي دمرت الأفراد والمجتمعات
إنها المخدرات التي كتب لأصحابها بسوء الخاتمة والموت ميتة سيئة
إنها المخدرات … تبذر الخراب .. وتزرع المرض .. وتحصد الأرواح
إنها المخدرات حبة … حقنة … إدمان … مـوت …
أنها المخدرات … مصدر الشر … معول للهـدم ..
إنها المخدرات جريمة في حق نفسك وأسرتك
أولا حرمة المخدرات
قال الله تعالى في محكم التنزيل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالْأَنْصَابُ وَالْأَزْلَامُ رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ * إِنَّمَا يُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَنْ يُوقِعَ بَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةَ وَالْبَغْضَاءَ فِي الْخَمْرِ وَالْمَيْسِرِ وَيَصُدَّكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَعَنِ الصَّلَاةِ فَهَلْ أَنْتُمْ مُنْتَهُونَ ﴾ [المائدة: 90، 91].
وقال تعالى ممتنًّا على المسلمين ببعثة النبي الكريم والرسول العظيم صلى الله عليه وسلم: ﴿ الَّذِينَ يَتَّبِعُونَ الرَّسُولَ النَّبِيَّ الْأُمِّيَّ الَّذِي يَجِدُونَهُ مَكْتُوبًا عِنْدَهُمْ فِي التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ يَأْمُرُهُمْ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَاهُمْ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ وَيَضَعُ عَنْهُمْ إِصْرَهُمْ وَالْأَغْلَالَ الَّتِي كَانَتْ عَلَيْهِمْ فَالَّذِينَ آمَنُوا بِهِ وَعَزَّرُوهُ وَنَصَرُوهُ وَاتَّبَعُوا النُّورَ الَّذِي أُنْزِلَ مَعَهُ أُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ ﴾ [الأعراف: 157].
وجاء تحريم كل مُسكِر ومُفتِّر في النصوص النبوية الكريمة والسُّنة المحفوظة؛ ففي صحيح مسلم عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-« كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ وَمَنْ مَاتَ وَهُوَ يَشْرَبُ الْخَمْرَ يُدْمِنُهَا لَمْ يَشْرَبْهَا في الآخِرَةِ »..([1])
رواه الإمام أحمد في مسنده من حديث عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «مُدْمِنُ الْخَمْرِ، كَعَابِدِ وَثَنٍ» ([2]).
وقال عبد الله بن أبي أوفى: من مات مدمنا للخمر مات كعابد اللات والعزى.
نهاية مدمن الطلاق والشقاق
أيها الآباء لا توجد أسرة تعيسة أكثر من الأسرة التي في بيتها مدمن، فالأسرة التي يعاني أحد أعضائها من أي مرض عضوي حتى لو كان فشل كلوي أو سرطان، فإنها تعيش في أمان عن الأسرة التي بها عضو مدمن، وتتفاوت الأخطار إذ كان المدمن أعزبًا أو متزوجًا أو متزوجًا ويعول، وإذا كان المدمن له علاقات اجتماعية كبيرة أو لا، وإذا كان في موقع مسئولية كبيرة أو لا.
ويبتز المدمن دخل الأسرة ولو على حساب قوتها الأساسي، ولا يكف عن الكذب والخداع والاحتيال والسرقة، فيفقد الأسرة اتزانها، وتهتز ميزانية الأسرة.
ويفقد المدمن الاتصال بينه وبين أسرته، فلا يهتم بهموم الأسرة، ولا يفرح لأفراحها يلتفت إلى مشاكلها، ولا يحزن بأحزانها. المدمن يفقد دوره من تحمل المسئولية الواقعة على عاتقه. إنه يحتاج إلى بديل يحمل عنه المسئولية. بل ويحمل مسئوليته هو شخصيًا.
ولم لا والله تعالى يقول {وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى (124) قَالَ رَبِّ لِمَ حَشَرْتَنِي أَعْمَى وَقَدْ كُنْتُ بَصِيرًا} [طه: 124، 125]
قال الفضيل بن عياض -رحمه الله-: إني لأعصي الله، فأعرف ذلك في خلق حماري وخادمي وامرأتي وفأر بيتي.([3])
أظهرت الإحصائيات الصادرة عن محاكم الأسرة في مصر، خلال النصف الأول من العام 2016، أن دعاوى الطلاق والخلع والنشوز بسبب الإدمان وشرب الكحول والخمور والجلوس باستمرار في المقاهي بلغت 37500 حالة.
والمثير في الجدول أن النساء يستحوذن على النسبة الأكبر في عدد حالات الإدمان وتعاطي المواد المخدرة وهجرة المنزل لساعات طويلة للاستمتاع بتدخين الشيشة في المقاهي برفقة أصدقائهن.
مثّل ذلك نسبة كبيرة من عدد حالات طلب الزوج الانفصال عن زوجته، حيث أقام 11 ألف رجل دعاوى قضائية أمام محاكم الأسرة لطلب الطلاق، بسبب تدخين زوجاتهم، بينما وصلت الدعاوى النسائية أمام القضاء إلى 6 آلاف بسبب خلافاتهن مع أزواجهن لرفضهم الإقلاع عن التدخين.
وصلت الخلافات الزوجية بين الأزواج والزوجات جراء الإدمان إلى 8500 دعوى، كانت نسبة إدمان الزوجات منها 5 آلاف دعوى والأزواج 3500 دعوى، فيما كانت معاقرة الخمور سببا في المشكلات الأسرية، وتمثل ذلك في 12 ألف دعوى، حصد الرجال المدمنون على شرب الخمور 7 آلاف منها والـ5 آلاف دعوى المتبقية كان فيها إدمان السيدات على الخمور هو السبب. و من الأثار المدمرة للأسرة تعاطي رب الأسرة للمخدرات فكم من أسر قد تمزقت و كم من أبناء قد شردت و كم من زوجات قد طلقت بسبب إدمان المخدرات ([4])
يقول أحد الآباء المدمنين الذي يحمل مسئولية أسرته " أنا كنت أسيبهم في البيت من غير أكل ولا شرب، وأروح اشتري برشام، وكنت لابس ذهب بـ8 آلاف جنيه، وبعته، وشربت به وانصرفوا في أسبوع "([5])
قصة مأساوية: يفقد المدمن ضميره، حتى أنه قد يدفع زوجته للإدمان لتشاركه آلام ومتاعب الإدمان، فيحكي الأستاذ وجيه أبو ذكرى قصة صبي فلسطيني طُرِد مع أبيه من وطنه سنة 1967م وعاش في مخيم اللاجئين تحت سفح أحد جبال العاصمة الأردنية، ومات أبوه فصار وحيدًا، ولكنه صمد وتحدى الظروف القاسية، وتفوق في دراسته وهو يعول نفسه، فيستيقظ فجرًا يبحث عن الزجاجات الفارغة في أكوام النفايات وينظفها ويقوم ببيعها، ووفر له ياسر عرفات مكانًا في طب القاهرة، وحصل على بكالوريوس الطب ، وعمل طبيبًا في مصر، وتزوج ورزق بولد.. بسبب طموحاته الكبيرة سافر إلى الولايات المتحدة للحصول على الدكتوراه.. أما عن كيفية دخوله الإدمان فيقول "وذات يوم أصابني أرق شديد، ولم أنم، وذهبت إلى الجامعة مرهقًا.. شكوت حالتي لصديقي الأمريكي فأعطاني حبوبًا بيضاء مهدئة، وعندما عدت إلى غرفتي تناولت حبيتين.. بعد دقائق شعرت بسعادة وهدوء ونسيت كل شيء. التفكير في زوجتي وابني الرضيع (اللذان في مصر) ورحت في نوم عميق، وفي الصباح قمت من النوم بصعوبة وذهبت إلى الجامعة، وتمكنت من استعادة نشاطي، وعدت إلى الغرفة.. استذكرت دروسي.. حاولت أن أنام فلم أتمكن فأخذت حبيتين، وهكذا حتى انتهت الحبوب، وفي الجامعة سألت صديقي عن اسم هذه الحبوب لأشتريها من الصيدلية فقال لي L.S.D".. فأدرك أنه تناول نوعًا خطيرًا من المخدرات، وقرر الامتناع عنها، ولكنه أُصيب بالأرق ولم يتذوق النوم لعدة أيام، فشكى لزميله الطبيب الأمريكي فحقنه بهذا العقار اللعين بدلًا من الحبوب، وهكذا صار مدمنًا، وعندما عاتب صديقه قال له " ألم تعلم إنني إسرائيلي أحمل الجنسيتين: الأمريكية والإسرائيلية معًا".
وفشل هذا الطبيب في الحصول على الدكتوراه، وعاد إلى مصر ليقبل ترابها، ويرتمي في أحضان زوجته ووالدها وأخوتها وهو يبكي. ثم دخل غرفة النوم وأخذ جرعة كبيرة من السائل الذي أحضر منه كمية وافرة، وخرج للصالة، فيقول "بعد دقائق من جلوسي معهم ابتسمت بلا سبب. ثم ضحكت ثم قهقهت.. أشرت إلى والد زوجتي بيدي وأنا في غاية السعادة والمرح وقلت: هذا قرد الأسرة، وطلبت منه أن يقفز على الحائط الذي يتحرك (بحسبما تهيأ له) وطلبيت من شقيق زوجتي أن يمسك برأسه الذي طار وعُلِق في السقف (بحسبما تهيأ له).. وعلموا أنه صار مدمنًا، فعقدوا له مجلسًا، وطلبوا منه أن يبدأ مرحلة العلاج أو يطلّق ابنتهم، وعندئذ سيبلغون عنه الشرطة، فأبدى موافقته على الحل الأول، ولكنه خشي أن تتسرب أخباره إلى زملائه، وتصير مثال أحاديث الصحف والمجلات والتليفزيون إذ كيف يدمن وهو طبيب عقار الهلوسة، وفكر في فكرة شيطانية إن يوقع زوجته في الإدمان، فكان يضع لها الهيروين سرًا في الشاي وفي الطعام. بل أنه فكر في وضع قليل منه في غذاء ابنه الطفل الصغير، وعندما شعرت الزوجة يومًا بآلام لا تحتمل في مفاصلها مع صداع شديد قدم لها مسحوقًا أبيض لتستنشقه قال عنه أنه إسبرين، وصدقته زوجته وأخذت جرعة الهيروين، وفي اليوم التالي عندما انتابتها نفس الأعراض عرض عليها نفس المسحوق مذابًا في الماء في سرنجة، فأدركت ما فعله زوجها، وصرخت في وجهه " حولتني إلى مدمنة يا.. " فضحك كثيرًا، وأخذت طفلها ورحلت، وبعد قليل اقتحم رجال الشرطة شقة الطبيب، وقادوه للقضاء الذي حكم عليه بسبعة سنين سجن"([6]).
نهاية مدمن السرقة والسلب والنهب وأخيرا السجن
إخوة الإسلام: ومن الأثار المدمرة التي تكون نهاية لكل مدمن أن يجره الإدمان إلى عالم الجريمة حيث السرقة و السلب و النهب و التعدي على أموال الغير بغير حق و إنما الدافع له هو الحصول على المال للحصول على المخدرات فالخمر أم الخبائث
عن أمير المؤمنين عثمان بن عفان - رضي الله عنه - قال: سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلَّم - يقول: ((اجتنبوا أمَّ الخبائث، فإنَّه كان رجلٌ ممن كان قبلكم يتعبَّد ويعتزل النَّاس، فعلقتْه امرأة، فأرسلت إليه خادمًا، إنَّا ندعوك لشهادة، فدخل، فطفقت كلَّما يدخل بابًا أغلقتْه دونه، حتى إذا أفضى إلى امرأةٍ وضيئةٍ جالسة، وعندها غلامٌ وباطية فيها خمر، فقالت: إنا لم ندعُك لشهادة، ولكن دعوتك لقتْل هذا الغلام، أو تقع عليَّ، أو تشرب كأسًا من الخمر، فإن أبيْتَ صِحْتُ بك وفضحْتك، قال: فلمَّا رأى أنَّه لابدَّ له من ذلك قال: اسقنِي كأسًا من الخمْر، فسقتْه كأسًا من الخمْر، فقال: زيديني، فلم تزَل حتَّى وقع عليْها وقتل النفس، فاجتنبوا الخمر؛ فإنَّه - والله - لا يجتمع إيمان وإدمان الخمر في صدْر رجلٍ أبدًا، وليوشكنَّ أحدُهُما يُخرج صاحبه))؛ ([7])
فتأمَّل -أخي المسلم -كيف أنَّ الخمر قد أثَّرتْ في صاحبِها حتَّى زنى وقتَل!! وكذلك تفعل؛ لأنَّها أمُّ الفواحش.
حكي الأستاذ وجيه أبو ذكرى قصة خمسة من أصدقاء السوء الذين يدمنون الهيروين، وبعد أن سرقوا أسرهم، اقترح أحدهم اقتراح مجنون، وهو خطف الشاب الذي يسكن بجواره ويعمل أبوه في الإمارات، ومطالبة أهله بفدية سبعين ألف جنيه، وإذا أبلغوا الشرطة فإنهم سيقتلونه، ووقف صاحب الاقتراح في الظلام أمام جراج مهجور وهو ينتظر الضحية.. بينما اتصل آخر بالأسرة يطالبهم بالفدية، واهتزت الأم وحضر الأب من الإمارات وتم تدبير المبلغ، وظلت الأم بجوار التليفون تنتظر مكالمة من هذه العصابة، ولكن أحدًا لم يتصل لأن الجار وهو يرتدي قناعًا ويهجم على جاره الشاب الضحية، ويحاول أن يقوده إلى الجراج المهجور، فإذ بالشاب يقاومه ويكشف القناع عنه، ويعرفه، فأخذ المدمن يضربه بقطعة حديد على رأسه. ثم أسرع إلى بيته وأحضر سكينًا، وبينما الشاب يمد يده ملتمسًا المعونة من جاره، وهو يسبح في دمائه، فإذ بالجار المدمن يذبحه ذبح الشاه بدون أي جرم جناه([8]).
أقول قولي وأستغفر الله لي ولكم.
الخطبة الثانية
الحمد لله رب العالمين... اللهم لك الحمد على نعمة الإسلام والإيمان ولك الحمد أن جعلتنا من أمة سيدنا محمد عليه الصلاة والسلام....
أما بعد: أيها المسلم:
نهاية مدمن سوء الخاتمة
أخي المسلم على طريق الإدمان تسمع الآهات وترى الحسرات وترى خاتمة السوء لأن من سنن الله تعالى الجارية في خلقه (أن من عاش على شيء مات عليه).
فهيا نرى الحسرات والزفرات نسأل الله تعالى حسن الخاتم.
قصة: اشرب أنت ثم اسقني:
احتضر رجل ممن كان يجالس شرب الخمور، فلما حضره نزع روحه أقبل عليه رجل ممن حوله وقال: قل: لا إله إلا الله، فتغير وجهه وتلبد لونه وثقل لسانه، فردد عليه صاحبه: يا فلان قل: لا إله إلا الله، فالتفت إليه وصاح: لا.. اشرب أنت ثم اسقني، ثم ما زال يرددها حتى فاضت روحه.
قصة ولات حين مناص:
كان أحدهم صاحب معاصٍ وتفريط، فلم يلبث أن نزل به الموت ففزع من حوله إليه وانطرحوا بين يديه وأخذوا يذكّرونه بالله ويلقّنونه الشهادة، وهو يدافع عبراته، فلما بدأت روحه تُنزع صاح بأعلى صوته وقال: أقول: لا إله إلا الله ولا تنفعني، لا إله إلا الله وما أعلم أني صليت لله صلاة، ثم مات.
قصة هو كافر بها:
قال عبد العزيز بن أبي داوود: حضرت رجلا عند الموت يلقّن لا إله إلا الله، فقال في آخر ما قال: هو كافر بما تقول. ومات على ذلك، قال: وكان مدمن خمر.
قصة مشيت من هنا إلى الخمارة:
كان أحدهم فاسقاً مفتوناً بشرب الخمر ولا يكاد يفارقها، فلما مرض ونزل به الموت وخارت قواه سأله رجل ممن حوله: هل بقي في جسمك من قوة؟ هل تستطيع المشي؟ فقال نعم.. لو شئت مشيت من هنا إلى الخمارة!.. فقال صاحبه: أعوذ بالله، أفلا قلت: أمشي إلى المسجد؟ فبكى وقال: غلب عليّ ذلك، لكل امرئ من دهره ما تعودا.. وما وجدت عادتي بالمشي إلى المساجد.
هم أربعة من الشباب، كانوا يعملون في دائرة واحدة، مضت عليهم
سنين وهم يجمعون رواتبهم، فإذا سمعوا ببلد يفعل الفجور طاروا إليها وبينما هم في ذات يوم جالسين إذ سمعوا ببلاد لم يذهبوا إليها، وعقدوا العزم
أن يجمعوا رواتبهم هذه المرة ليسافروا إلى تلك البلاد التي حددوها. وجاء وقت الرحلة وركبوا طيارتهم ومضوا إلى ما يريدون، ومر عليهم أكثر من أسبوع في تلك البلاد وهم بين زنا وخمور، وأفعال لا ترضى الرحمن، بينما
هم في ليلة من الليالي، وفي ساعة متأخرة من الليل، يجاهرون الله - تعالى -بالمعصية والفجور، نعم بينما هم في غمرة اللهو والمجون إذا بأحد
الأربعة يسقط مغشيا عليه، فيهرع إليه أصحابه الثلاثة فيقول له أحدهم في تلك الليلة الحمراء، يقول له: يا أخي، قل لا اله إلا الله، فيرد الشاب - عياذا
بالله-: إليك عني، زدني كأس خمر، - تعالى - يا فلانة، ثم فاضت روحه إلا الله وهو على تلك الحال السيئة، نسأل الله - تعالى - السلامة والعافية.
ثم كان حال الثلاثة الآخرين لما رأوا صاحبهم وما آل إليه أمره أنهم أخذوا يبكون، وخرجوا من المرقص تائبين، وجهزوا صاحبهم، وعادوا به إلى بلاده محمولا في التابوت، ولما وصلوا المطار فتحوا التابوت ليتأكدوا من جثته، فلما نظروا إلى وجهه فإذا عليه كدرة وسواد - عياذا بالله -.
نهاية مدمن في الأخرة
ومن النهايات المؤلمة أن شارب المخدرات قد توعده الله تعالى بالعذاب الأليم يوم القيامة فهو محروم من دخول الجنة روى النسائي من حديث ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " لا يدخل الجنة عاق ولا مدمن خمر " وفي رواية " ثلاثة قد حرم الله عليهم الجنة مدمن الخمر والعاق لوالديه والديوث وهو الذي يقر السوء في أهله "
و هو متوعد إن يشرب من طينة الخبال ومن شرب الخمر في الدنيا ومات ولم يتب منها وهو مدمنها لم يشربها في الآخرة "
روى مسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن على الله عهداً لمن شرب المسكر أن يسقيه الله من طينة الخبال قيل يا رسول الله وما طينة الخبال؟ قال: عرق أهل النار أو عصارة أهل النار " .([9])
و هو إن دخل الجنة فهو محروم من شربها في الجنة عَنْ نَافِعٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ - رضى الله عنهما - أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صلى الله عليه وسلم - قَالَ « مَنْ شَرِبَ الْخَمْرَ في الدُّنْيَا ، ثُمَّ لَمْ يَتُبْ مِنْهَا ، حُرِمَهَا في الآخِرَةِ » ([10])
الدعاء.........................................
[1] - أحمد (2/29 ، رقم 4831) ، ومسلم (3/1588 ، رقم 2003)
[2] - أخرجه البخاري في التاريخ الكبير (1/129) ، والبيهقي في شعب الإيمان (5/12 ، رقم 5597)
[3] - البداية والنهاية (10/215)
[4] -موقع العرب مقال نسب الطلاق بسبب إدمان الزوجين تتصاعد داخل الأسر المصرية للكاتبة أميرة فكري
[5] -المجتمعات المستهدفة للتعاطي والاتجار في المخدرات ص185
[6] -شباب في دائرة الموت ص73-81
[7] - رواه المُنذري في "الترغيب والترهيب" 3/251 بإسناده: صحيح أو حسن أو ما قاربهما.
[8] -شباب في دائرة الموت ص165-173
[9] - أخرجه أحمد (3/360 ، رقم 14923) ، ومسلم (3/1587 ، رقم 2002) ،
[10] - البخاري (5/2119 ، رقم 5253) ، ومسلم (3/1588 ، رقم 2003)
المرفقات
مدمن
مدمن