نكران النعم وكفران المنن
د مراد باخريصة
1436/10/28 - 2015/08/13 15:44PM
كفران النعم
لقد أنعم الله سبحانه وتعالى علينا في هذه المحافظة بنعم كثيرة وخصنا بمزايا خاصة وفيرة نتقلب فيها بفضل الله سبحانه وتعالى وحمده وتفضله علينا فله الحمد أولاً وآخراً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه وله الحمد والشكر حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملئ السموات وملئ الأرض وملئ ما شئت من شيء بعده.
لو نظرنا إلى جميع المحافظات من حولنا لوجدنا أنهم في أحوال أليمة وأحداث عصيبة وحرب مستعرة ونحن بفضل الله وحده نتقلب في أمن وأمان ودين وإيمان لم يمسنا سوء ولم نكتوي بنار هذه الحرب الضروس ولم يصل إلينا خرابها ودمارها
ولكن أخشى ما نخشاه اليوم هو كفران النعم وجحود فضل الله ومنته علينا وتخريب بيوتنا بأيدينا لنعود إلى ما كنا فيه من فوضى وانفلات وأحزاب وشتات وتفرق واختلافات وصدق الله إذ يقول: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل : 112].
نعوذ بالله من كفران نعم الله وجحود مننه والتنكر لفضله ونعوذ بالله من أن نعبد الله وقت الشدة ونلتجئ إليه وإلى دينه عند الخوف والحاجة فإذا زالت الشدائد وارتفعت المصائب ابتعدنا وتنكرنا {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ويقول سبحانه وتعالى {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} ويقول: {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.
إننا والله نخاف أن يمسنا عذاب الله أو ينزل علينا سخط الله إذا جحدنا فضله أو أنكرنا نعمه ولم نحمد الله ونشكره على ما نحن فيه من نعم وفضائل ومنن وخصائص
هذه عدن الحبيبة دمر الحوثيون وعسكر المخلوع فيها كل شيء وخربوا فيها كل جميل وقضوا على أغلب المصالح والمشاريع الخدماتية للناس حتى الماء الذي هو أساس الحياة لم يسلم من شرهم وتخريبهم وبثوا الخوف والرعب في كل بيت ولغموا كثيراً من الأماكن والبقاع حتى القمائم أجلكم الله لم تسلم من ألغامهم وشرهم
وفخخوا البيوت والسيارات ودمروا الأحياء والممتلكات وأعادوا عدن إلى الوراء سنوات فأكثر من ألف وخمسمائة قتيل في عدن وحدها نحسبهم عند الله شهداء وأكثر من عشرة آلاف جريح نسأل الله أن يمن عليهم بالعافية والشفاء وتدمرت مديريات بأكملها داخل عدن دماراً هائلاً حتى وصلت عدد البيوت المدمرة إلى أكثر من ألف وتسعمائة بيت منها سبعمائة بيت دمر دماراً كاملاً وأكثر من ستمائة محل تم إحراقها أو نهبها.
وفي الضالع تدمير شبه كامل لكل البنى التحتية والمشاريع الأساسية خلفت أكثر من أربعمائة شهيد وأكثر من خمسة الآف جريح وأما شبوة وأبين وغيرها من المديريات والمحافظات فلا زالت الحرب فيها مستعرة وعلى أشدها
فهلا حمدنا الله وشكرناه على السلامة والأمان من هذا كله {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}.
صحيح أننا ربما أصابتنا بعض الشدائد وتوقفت بعض المصالح وتعطلت بعض الأشياء ولكن لاننسى أننا في ظروف حرب وأننا في الأخير نعيش في محافظة تابعة لبلد تشتعل فيه نيران الحرب من كل مكان فمن البديهي جداً أن تصل إلينا بعض الأخطار والأضرار أو تتوقف بعض المصالح أو تتعطل بعض الأمور
لكن لو قارنا أنفسنا بغيرنا لرأينا أننا ولله الحمد والفضل والمنة في حال أحسن من غيرنا بكثير في كل شيء فلا توجد عندنا معسكرات حوثية حتى تأتي طائرات التحالف لقصفها ولا يوجد عندنا تجمعات عسكرية تابعة للمخلوع حتى يأتوا لضربها فسلمنا من ضربات هؤلاء وهؤلاء
حتى الكهرباء التي عانينا منها كثيراً واشتكى الجميع منها لو رأينا أنفسنا فيها لوجدنا أننا أفضل من الكل في اليمن بشكل عام فهناك محافظات لاتوجد عندهم كهرباء من أشهر وأسابيع مع أن الحياة اليوم أصبحت تعتمد على الكهرباء وخاصة في أعمال الناس وأشغالهم.
يجب علينا أن نحمد الله على كل حال ونطلب المزيد من التحسن نحو الأفضل بالصبر والشكر لا بالجحود والنكران وكفران النعم فلسنا في ظروف اعتيادية حتى نفكر بالتفكير الخيالي ونحلم بالأحلام الوردية وكأننا نعيش في بلد آمن مطمئن وأوضاع مستقرة لا توجد فيها حرب ولا مشاكل
يجب علينا اليوم أن نفهم واقعنا كما هو وننظر إلى أحوالنا كما هي بلا تهويل ولا تهوين فلا نعطي الأمور أكثر من حجمها ولا نصل إلى درجة اليأس والقنوط فالبعض منا تفكيره خيالي يعيش في عالم الأحلام ويريد كل شيء أن يتحقق في لحظة واحدة ويتبرم عند حدوث شيء من المنغصات والأحوال المرة ولا يريد شيئاً من الأخطاء أو الإخفاقات أن تقع وهو فوق هذا كله لن يفعل شيء ولن يشارك بشيء وإنما فقط جاهز للوم والانتقادات فإذا أحسن أحد في تسعين بالمائة واخطأ في عشر أخذ العشر وهولها وعمل لها ألف حساب وألف تفسير
والبعض الآخر تجده منهزماً نفسياً متحطماً حسياً ومعنوياً لا يهمه شيء ولا يبالي بأحد إلا بنفسه وقاته وشهواته ومصالحه الذاتية والشخصية حتى يقول بعضهم يأتي الحوثي أو حتى تأتي أمريكا لا يهمنا ذلك
لقد وصل الجحود والنكران ببعضنا إلى الاستهزاء بأحكام الله والسخرية من حدود الله والهمز واللمز في شعائر الله وحسبنا الله ونعم الوكيل فماذا ننتظر بعد هذا عندما يصل بنا الحد إلى التألي على الله والتعالي عليه والاستهزاء بأحكامه
ألا نخاف عذاب الله ألا نخشى من أليم عذابه وشديد عقابه فإن الله سبحانه وتعالى يغار عندما تنتهك حدوده ويستهزأ بدينه وتعطل شريعته أو يسخر منها {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} ويقول: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ).
فلنشكر نعمة الله ولنعترف بذنوبنا وخطايانا التي هي أساس بلايانا ومصائبنا ولنعلم أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة فلنتب إلى الله ونستغفره ونحمده كثيرا ونشكره {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل : 18] {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [البقرة : 211].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ..
الخطبة الثانية:
يجب علينا اليوم أن نحافظ على أمننا من كل من يريد التلاعب به فهناك جموع متحوثة تتجه في هذه الأيام نحو هذه البلاد هاربة من جحيم الحرب هناك ومولية أدبارها مهزومة مدحورة من جراء الهزائم التي لحقت بها بعد الانتصارات الأخيرة في معظم جبهات القتال بفضل الله ونصره ففر بعضهم إلى هذه المحافظة طمعاً في الأمن والأمان فهؤلاء يجب الانتباه لهم والحيلولة بينهم وبين الوصول إلى هنا سلامة من شرهم وانتباهاً من فجورهم وفتنهم وتأميناً للبلاد من كيدهم ومكرهم ولن يكون هذا إلا بتعاون الجميع وتكاتفهم.
عباد الله: إذا أردنا أن يزيدنا الله سبحانه وتعالى من نعمه وفضله وفتوحاته ونصره فعلينا بالإكثار من شكره وذكره وحسن عبادته والمزيد من التعلق به ونسب الفضل له ونسبة الأمور كلها إليه فإن الله سبحانه وتعالى يقول{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}.
إن الشكر بالقول والفعل والاعتراف بالنعم والفضل هو الذي سيجلب لنا السعادة والرخاء ويزيل عنا الشدائد والبلاء أما كفران النعم وجحود فضل الله والتبرم من قدر الله والتسخط من أحكام الله لن يزيدنا والله إلا تعاسة وشقاء وذلاً وبلاء وتراجعاً وتقهقراً يقول الله جل وعلا: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء : 147] {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم : 7].
يقول النبي صلى الله في دعائه المشهور المسمى بسيد الاستغفار ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك .. أبوء لك بنعمتك علي .. ) .
صلوا وسلموا ..
لقد أنعم الله سبحانه وتعالى علينا في هذه المحافظة بنعم كثيرة وخصنا بمزايا خاصة وفيرة نتقلب فيها بفضل الله سبحانه وتعالى وحمده وتفضله علينا فله الحمد أولاً وآخراً كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه وله الحمد والشكر حمداً كثيراً طيباً مباركاً فيه ملئ السموات وملئ الأرض وملئ ما شئت من شيء بعده.
لو نظرنا إلى جميع المحافظات من حولنا لوجدنا أنهم في أحوال أليمة وأحداث عصيبة وحرب مستعرة ونحن بفضل الله وحده نتقلب في أمن وأمان ودين وإيمان لم يمسنا سوء ولم نكتوي بنار هذه الحرب الضروس ولم يصل إلينا خرابها ودمارها
ولكن أخشى ما نخشاه اليوم هو كفران النعم وجحود فضل الله ومنته علينا وتخريب بيوتنا بأيدينا لنعود إلى ما كنا فيه من فوضى وانفلات وأحزاب وشتات وتفرق واختلافات وصدق الله إذ يقول: {وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ} [النحل : 112].
نعوذ بالله من كفران نعم الله وجحود مننه والتنكر لفضله ونعوذ بالله من أن نعبد الله وقت الشدة ونلتجئ إليه وإلى دينه عند الخوف والحاجة فإذا زالت الشدائد وارتفعت المصائب ابتعدنا وتنكرنا {وَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ الضُّرُّ دَعَانَا لِجَنْبِهِ أَوْ قَاعِدًا أَوْ قَائِمًا فَلَمَّا كَشَفْنَا عَنْهُ ضُرَّهُ مَرَّ كَأَنْ لَمْ يَدْعُنَا إِلَى ضُرٍّ مَسَّهُ كَذَلِكَ زُيِّنَ لِلْمُسْرِفِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ} ويقول سبحانه وتعالى {وَإِذَا مَسَّ النَّاسَ ضُرٌّ دَعَوْا رَبَّهُمْ مُنِيبِينَ إِلَيْهِ ثُمَّ إِذَا أَذَاقَهُمْ مِنْهُ رَحْمَةً إِذَا فَرِيقٌ مِنْهُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ} ويقول: {فَإِذَا مَسَّ الْإِنْسَانَ ضُرٌّ دَعَانَا ثُمَّ إِذَا خَوَّلْنَاهُ نِعْمَةً مِنَّا قَالَ إِنَّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}.
إننا والله نخاف أن يمسنا عذاب الله أو ينزل علينا سخط الله إذا جحدنا فضله أو أنكرنا نعمه ولم نحمد الله ونشكره على ما نحن فيه من نعم وفضائل ومنن وخصائص
هذه عدن الحبيبة دمر الحوثيون وعسكر المخلوع فيها كل شيء وخربوا فيها كل جميل وقضوا على أغلب المصالح والمشاريع الخدماتية للناس حتى الماء الذي هو أساس الحياة لم يسلم من شرهم وتخريبهم وبثوا الخوف والرعب في كل بيت ولغموا كثيراً من الأماكن والبقاع حتى القمائم أجلكم الله لم تسلم من ألغامهم وشرهم
وفخخوا البيوت والسيارات ودمروا الأحياء والممتلكات وأعادوا عدن إلى الوراء سنوات فأكثر من ألف وخمسمائة قتيل في عدن وحدها نحسبهم عند الله شهداء وأكثر من عشرة آلاف جريح نسأل الله أن يمن عليهم بالعافية والشفاء وتدمرت مديريات بأكملها داخل عدن دماراً هائلاً حتى وصلت عدد البيوت المدمرة إلى أكثر من ألف وتسعمائة بيت منها سبعمائة بيت دمر دماراً كاملاً وأكثر من ستمائة محل تم إحراقها أو نهبها.
وفي الضالع تدمير شبه كامل لكل البنى التحتية والمشاريع الأساسية خلفت أكثر من أربعمائة شهيد وأكثر من خمسة الآف جريح وأما شبوة وأبين وغيرها من المديريات والمحافظات فلا زالت الحرب فيها مستعرة وعلى أشدها
فهلا حمدنا الله وشكرناه على السلامة والأمان من هذا كله {فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ * الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ} {فَانْقَلَبُوا بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ لَمْ يَمْسَسْهُمْ سُوءٌ وَاتَّبَعُوا رِضْوَانَ اللَّهِ وَاللَّهُ ذُو فَضْلٍ عَظِيمٍ}.
صحيح أننا ربما أصابتنا بعض الشدائد وتوقفت بعض المصالح وتعطلت بعض الأشياء ولكن لاننسى أننا في ظروف حرب وأننا في الأخير نعيش في محافظة تابعة لبلد تشتعل فيه نيران الحرب من كل مكان فمن البديهي جداً أن تصل إلينا بعض الأخطار والأضرار أو تتوقف بعض المصالح أو تتعطل بعض الأمور
لكن لو قارنا أنفسنا بغيرنا لرأينا أننا ولله الحمد والفضل والمنة في حال أحسن من غيرنا بكثير في كل شيء فلا توجد عندنا معسكرات حوثية حتى تأتي طائرات التحالف لقصفها ولا يوجد عندنا تجمعات عسكرية تابعة للمخلوع حتى يأتوا لضربها فسلمنا من ضربات هؤلاء وهؤلاء
حتى الكهرباء التي عانينا منها كثيراً واشتكى الجميع منها لو رأينا أنفسنا فيها لوجدنا أننا أفضل من الكل في اليمن بشكل عام فهناك محافظات لاتوجد عندهم كهرباء من أشهر وأسابيع مع أن الحياة اليوم أصبحت تعتمد على الكهرباء وخاصة في أعمال الناس وأشغالهم.
يجب علينا أن نحمد الله على كل حال ونطلب المزيد من التحسن نحو الأفضل بالصبر والشكر لا بالجحود والنكران وكفران النعم فلسنا في ظروف اعتيادية حتى نفكر بالتفكير الخيالي ونحلم بالأحلام الوردية وكأننا نعيش في بلد آمن مطمئن وأوضاع مستقرة لا توجد فيها حرب ولا مشاكل
يجب علينا اليوم أن نفهم واقعنا كما هو وننظر إلى أحوالنا كما هي بلا تهويل ولا تهوين فلا نعطي الأمور أكثر من حجمها ولا نصل إلى درجة اليأس والقنوط فالبعض منا تفكيره خيالي يعيش في عالم الأحلام ويريد كل شيء أن يتحقق في لحظة واحدة ويتبرم عند حدوث شيء من المنغصات والأحوال المرة ولا يريد شيئاً من الأخطاء أو الإخفاقات أن تقع وهو فوق هذا كله لن يفعل شيء ولن يشارك بشيء وإنما فقط جاهز للوم والانتقادات فإذا أحسن أحد في تسعين بالمائة واخطأ في عشر أخذ العشر وهولها وعمل لها ألف حساب وألف تفسير
والبعض الآخر تجده منهزماً نفسياً متحطماً حسياً ومعنوياً لا يهمه شيء ولا يبالي بأحد إلا بنفسه وقاته وشهواته ومصالحه الذاتية والشخصية حتى يقول بعضهم يأتي الحوثي أو حتى تأتي أمريكا لا يهمنا ذلك
لقد وصل الجحود والنكران ببعضنا إلى الاستهزاء بأحكام الله والسخرية من حدود الله والهمز واللمز في شعائر الله وحسبنا الله ونعم الوكيل فماذا ننتظر بعد هذا عندما يصل بنا الحد إلى التألي على الله والتعالي عليه والاستهزاء بأحكامه
ألا نخاف عذاب الله ألا نخشى من أليم عذابه وشديد عقابه فإن الله سبحانه وتعالى يغار عندما تنتهك حدوده ويستهزأ بدينه وتعطل شريعته أو يسخر منها {وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِاللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنْتُمْ تَسْتَهْزِئُونَ} ويقول: (الَّذِينَ يَلْمِزُونَ الْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لَا يَجِدُونَ إِلَّا جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ اللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ * اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لَا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ ).
فلنشكر نعمة الله ولنعترف بذنوبنا وخطايانا التي هي أساس بلايانا ومصائبنا ولنعلم أنه ما نزل بلاء إلا بذنب ولا يرفع إلا بتوبة فلنتب إلى الله ونستغفره ونحمده كثيرا ونشكره {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ اللَّهَ لَغَفُورٌ رَحِيمٌ} [النحل : 18] {سَلْ بَنِي إِسْرَائِيلَ كَمْ آتَيْنَاهُمْ مِنْ آيَةٍ بَيِّنَةٍ وَمَنْ يُبَدِّلْ نِعْمَةَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَتْهُ فَإِنَّ اللَّهَ شَدِيدُ الْعِقَابِ} [البقرة : 211].
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ..
الخطبة الثانية:
يجب علينا اليوم أن نحافظ على أمننا من كل من يريد التلاعب به فهناك جموع متحوثة تتجه في هذه الأيام نحو هذه البلاد هاربة من جحيم الحرب هناك ومولية أدبارها مهزومة مدحورة من جراء الهزائم التي لحقت بها بعد الانتصارات الأخيرة في معظم جبهات القتال بفضل الله ونصره ففر بعضهم إلى هذه المحافظة طمعاً في الأمن والأمان فهؤلاء يجب الانتباه لهم والحيلولة بينهم وبين الوصول إلى هنا سلامة من شرهم وانتباهاً من فجورهم وفتنهم وتأميناً للبلاد من كيدهم ومكرهم ولن يكون هذا إلا بتعاون الجميع وتكاتفهم.
عباد الله: إذا أردنا أن يزيدنا الله سبحانه وتعالى من نعمه وفضله وفتوحاته ونصره فعلينا بالإكثار من شكره وذكره وحسن عبادته والمزيد من التعلق به ونسب الفضل له ونسبة الأمور كلها إليه فإن الله سبحانه وتعالى يقول{وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ ثُمَّ إِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فَإِلَيْهِ تَجْأَرُونَ * ثُمَّ إِذَا كَشَفَ الضُّرَّ عَنْكُمْ إِذَا فَرِيقٌ مِنْكُمْ بِرَبِّهِمْ يُشْرِكُونَ}.
إن الشكر بالقول والفعل والاعتراف بالنعم والفضل هو الذي سيجلب لنا السعادة والرخاء ويزيل عنا الشدائد والبلاء أما كفران النعم وجحود فضل الله والتبرم من قدر الله والتسخط من أحكام الله لن يزيدنا والله إلا تعاسة وشقاء وذلاً وبلاء وتراجعاً وتقهقراً يقول الله جل وعلا: {مَا يَفْعَلُ اللَّهُ بِعَذَابِكُمْ إِنْ شَكَرْتُمْ وَآمَنْتُمْ وَكَانَ اللَّهُ شَاكِرًا عَلِيمًا} [النساء : 147] {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ} [إبراهيم : 7].
يقول النبي صلى الله في دعائه المشهور المسمى بسيد الاستغفار ( اللهم أنت ربي لا إله إلا أنت خلقتني وأنا عبدك .. أبوء لك بنعمتك علي .. ) .
صلوا وسلموا ..