نكاح الصالحات ثماره وآثاره
تركي الميمان
1434/07/25 - 2013/06/04 07:05AM
بسم الله الرحمن الرحيم
عنوان الخطبة: نكاح الصالحات ثماره وآثاره
الخطبة الأولى:
أما بعد:فاتقوا الله تعالى واشكروه أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة؛ تجد الرجل يتزوج من قوم لا صلة بينه وبينهم ثم يصبحون بهذا الزواج يتواصلون ويتزاورون كأنهم أقرباء.
فالنكاح سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسنة المرسلين من قبله، قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) [الرعد:38] ؛ وما أحرى الشباب والفتيات أن يقدموا على الزواج في هذا العصر، بعد كثرة الفتن التي تموج في المجتمعات، فالزواج حفظ له ولها بإذن الله. حتى أن النكاح عند أهل العلم مقدم على نوافل العبادات.
أخي الشاب: للنكاح في الإسلام آثار عديدة، ولنكاح الصالحات ثمار أخص وأعظم، ومن تلك الثمار مع النية والاحتساب:
طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في حثه على الزواج ابتداءً، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج" [متفق عليه] ، وامتثال أمره وتوجيهه بالمرأة الصالحة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " تنكح المرأة لأربع" ثم قال حاثاً على أعلاهن مرتبة وأكملهن عشرة وأعظمهن أثراً: "عليك بذات الدين تربت يداك" [متفق عليه] وفي التماس هديه وتوجيهه، الخير والبركة في الدنيا والآخرة.
ومن آثار نكاح المرأة الصالحة:حصول الذرية الطيبة واستمرار بقاء النسل ونيل الثواب، بسبب الولد الصالح؛ والولد الصالح نتيجة تربية الأب الصالح والأم الصالحة، بل هي الأقرب في أمر التربية خاصة في سنوات الابن الأولى.
أما المرأة غير الصالحة فإنها لا تنفع نفسها، بل تضر نفسها ومن ولاها الله
عز وجل من الصغار والأطفال فينشئون في منابت السوء وضعف الدِّين.
ومن الآثار: حصول الأجر والمثوبة لكلٍّ من الزوجين من إنفاق وإعفاف وإعانة وكلمة طيبة وكف أذى؛ ودعاء الزوجة الصالحة لزوجها في صلاتها وقيامها وقعودها، مع كثرة شكرها لأعمالك وإنفاقك وإحسانك.
ومن الآثار: الثواب الجزيل المترتب على إنجاب الأبناء والصبر على تربيتهم التربية الصالحة وجعلهم دعاة إلى الدين وأعواناً له، ونكاح الصالحات مظنة إخراج أولئك من تحت يدها بإذن الله، فهي ترى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "تزوجوا الولود الودود فإني مفاخر بكم الأمم" [مجموع فتاوى ابن باز-صحيح] ، وليس لدعوات تحديد وإيقاف النسل مكان في عقلها وفكرها وواقع حياتها؛ بل هي تنجب وتربي، فالأمة بحاجة إلى أبناءٍ بررة وبناتٍ صالحات.
ونكاح الصالحات من أسباب حصول الرزق ونزول البركة فيه، قال سبحانه : (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ
يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[النور:32].
قال أبو بكر رضي الله عنه:"أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى"
فمن أراد النكاح يعينه الله سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة حق على الله عونهم" وذكر منهم: "الناكح الذي يريد العفاف" [رواه الترمذي وحسنه الألباني]
ونكاح الصالحات من متاع الدنيا وجمالها وبهائها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة" [رواه مسلم]
ألقِ نظرة إلى هذا التفاهم الجميل والانسجام في حياة الأخيار، قال أبو الدراء لأم الدرداء: (إذا غضبت فرضيني، وإذا غضبتِ رضيتك، فإذا لم نكن هكذا ما أسرع أن نفترق)
والمرأة الصالحة تعين على نوائب الدهر وتقلبات الأيام وأمور الدنيا،كما فعلت خديجة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول الوحي، جاء وقال: زملوني زملوني، فقالت: كلا ، والله لا يخزيك الله أبدا..
ومن الآثار: أن نكاح المرأة الصالحة يعين على الطاعة، وييسر أمر العبادة، فإنها ستكون لك صاحبة وقريبة، وبعض الشباب استقام وحسنت حاله إثر زواجه بامرأة صالحة، فانظر ماذا قدمت له! بل أعظم أمر: الدلالة على الخير والتحذير من الشر.
وما أجمل الصورة التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم للزوجين المتعاونين على الطاعة: " رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت فصلت، وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء" [رواه أبو داود- وقال الألباني حسن صحيح]
ونكاح الزوجة الصالحة أقرب للسعادة وسير الحياة الأسرية بعيداً عن التصادم والتنازع، فالزوجة الصالحة امرأة ذات عقل ودين، تعرف للرجل حق القوامة: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء:34]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: (يعني أمراء عليهن، أي مطيعة فيما أمرها به من طاعته، وطاعتُه أن تكون محسنةً لأهله، حافظةً لماله) .وما تمردت المرأة على الرجل وكثر الشقاق والخلاف إلا من كان أمر القوامة عندها مضيَّعاً.
وحسن الخلق وطيب المعشر تمتاز به الزوجة الصالحة، قال صلى الله عليه وسلم:"أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة" [رواه ابن ماجه-قال ابن حجر:حديث حسن]
فالزوجة الصالحة من خير النساء؛ سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي النساء خير؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله" [رواه أحمد - إسناده صحيح]
والمرأة الصالحة تنظر بعين القرآن وتعاليمه: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) [الطلاق:7] فهي لا ترهق زوجها، ولا تشق عليه، ولا تحمله ما لا يطيق. وما ظهر الإسراف والتبذير إلا من غير الصالحات حتى أضحى الزوج المسكين يلاحق الأزياء والموديلات وتغيير أثاث منزله كل حين، فأرهقته الديون وأثقلته الهموم.
والزوجة الصالحة امرأة تحتسب الأجر في كل عمل، ولا تخالف الزوج أو تعصيه؛ والزوجة الصالحة تحفظ الأسرار ولا تنشرها ولا تذيع سر زوجها ولا أسرار حياته، قال صلى الله عليه وسلم: "إن من أشرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها" [رواه مسلم]
فاختيار الزوج لزوجته الصالحة من حقوق أبنائه، فقد سئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما حق الولد على أبيه؟ فقال: (أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه القرآن).
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ( وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21].
اللهم وفق الشباب والفتيات على الزواج ويسر أمورهم.
اللهم ارزق شبابنا نساء صالحات ، وارزق فتياتنا رجالاً صالحين.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية:
أما بعد:فاتقوا الله تعالى وأطيعوه
أيها المسلمون:يقول الله تعالى: ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) [النحل:72]
فالمرأة الصالحة نعمة عظيمة تقرُّ بها العين وتهنأ بها النفس.
والمرأة الصالحة تحفظ الرجل في عرضه وماله.
والمرأة الصالحة صاحبة قرار في البيت ليست خرَّاجة ولَّاجة، تمتثل أمر الله: ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) [الأحزاب:33] ؛ [تقول لي امرأة كبيرة في السن:تقول عن نفسها، والله ما استرحت حتى جلست في البيت ولا أخرج إلا لحاجة]
والزوجة الصالحة لا تتطلع إلى ما في أيدي الناس، ولا تقارن حال زوجها بغيره من الأزواج.
والمرأة الصالحة من منبت طيب، يبحث أهلها عن الزوج الصالح، وليس الهدف التكثر من الأموال في المهر والولائم.
خطب أبو طلحة أم سليم قبل أن يسلم، فقالت: ما مثلك يُردُّ، ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم فذلك مهري لا أسألك غيره، فأسلم فتزوجها.
أخي الشاب: لا شك أن نفسك تاقت للفتاة المصون من صالحات هذه الأمة، والسؤال منك بدأ يرتفع في لهف وشوق: أين أجد هذه؟ وأين منبتها؟
فأماكن الصالحات في قعر البيوت لا يعرفن الخروج إلا لضرورة، إن رأيتها في
سوق أو شارع فإذا بها ممتثلة أمر الله ورسوله في الحجاب.
تجدها في دور التحفيظ النسائية، وعند الخيِّرات من أمثالها.
تجد الصالحات في بيوت أهل العلم والدين والخير والنبلاء، تتلألأ بهم تلك البيوت ولله الحمد.
بجهد بسيط تجد بغيتك، وبسؤال عابر تحقق أمنيتك.
أخي الشاب: تذكر بأنه لا بد من توفر شروط الاستقامة في شخصك حتى تفوز بيد الزوجة الصالحة، فهي تبحث عن رجل صالح خلقه القرآن.
ومن أول ثمار تفكيرك بالزواج من امرأة صالحة أنك تفكر في إصلاح نفسك، وهذه نعمة عظيمة وبداية للخير سديدة.
جمع الله بينكما على خير، ورزقكما الذرية الصالحة في دوحة هنية سعيدة.
أخي الجبيب: لن تندم أبداً وأنت تطيع الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله:
"عليك بذات الدين تربت يداك" . فالجمال ونضارة الشباب تزيلهما السنون، والمال غادٍ ورائح، ولا يبقى إلا الدينُ والخلق الكريم، فاظفر بذات الدين تربت يداك. فقرّ بها عيناً، وأكثر من الدعاء بصلاح الذرية.
ثم صلوا وسلموا على الهادي البشير...
موضوع الخطبة: نكاح الصالحات ثماره وآثاره
اسم الخطيب: تركي بن علي الميمان
المسجد : جامع العجلان
المكان: الخبراء
تاريخ الخطبة 9/6/1434هـ
استفدت من كتاب/نكاح الصالحات ثماره وآثاره - للشيخ/ عبدالملك القاسم
عنوان الخطبة: نكاح الصالحات ثماره وآثاره
الخطبة الأولى:
أما بعد:فاتقوا الله تعالى واشكروه أن خلق لكم من أنفسكم أزواجاً لتسكنوا إليها وجعل بينكم مودة ورحمة؛ تجد الرجل يتزوج من قوم لا صلة بينه وبينهم ثم يصبحون بهذا الزواج يتواصلون ويتزاورون كأنهم أقرباء.
فالنكاح سنة النبي صلى الله عليه وسلم، وسنة المرسلين من قبله، قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنَا لَهُمْ أَزْوَاجًا وَذُرِّيَّةً) [الرعد:38] ؛ وما أحرى الشباب والفتيات أن يقدموا على الزواج في هذا العصر، بعد كثرة الفتن التي تموج في المجتمعات، فالزواج حفظ له ولها بإذن الله. حتى أن النكاح عند أهل العلم مقدم على نوافل العبادات.
أخي الشاب: للنكاح في الإسلام آثار عديدة، ولنكاح الصالحات ثمار أخص وأعظم، ومن تلك الثمار مع النية والاحتساب:
طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم في حثه على الزواج ابتداءً، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج، فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج" [متفق عليه] ، وامتثال أمره وتوجيهه بالمرأة الصالحة، فقد قال صلى الله عليه وسلم: " تنكح المرأة لأربع" ثم قال حاثاً على أعلاهن مرتبة وأكملهن عشرة وأعظمهن أثراً: "عليك بذات الدين تربت يداك" [متفق عليه] وفي التماس هديه وتوجيهه، الخير والبركة في الدنيا والآخرة.
ومن آثار نكاح المرأة الصالحة:حصول الذرية الطيبة واستمرار بقاء النسل ونيل الثواب، بسبب الولد الصالح؛ والولد الصالح نتيجة تربية الأب الصالح والأم الصالحة، بل هي الأقرب في أمر التربية خاصة في سنوات الابن الأولى.
أما المرأة غير الصالحة فإنها لا تنفع نفسها، بل تضر نفسها ومن ولاها الله
عز وجل من الصغار والأطفال فينشئون في منابت السوء وضعف الدِّين.
ومن الآثار: حصول الأجر والمثوبة لكلٍّ من الزوجين من إنفاق وإعفاف وإعانة وكلمة طيبة وكف أذى؛ ودعاء الزوجة الصالحة لزوجها في صلاتها وقيامها وقعودها، مع كثرة شكرها لأعمالك وإنفاقك وإحسانك.
ومن الآثار: الثواب الجزيل المترتب على إنجاب الأبناء والصبر على تربيتهم التربية الصالحة وجعلهم دعاة إلى الدين وأعواناً له، ونكاح الصالحات مظنة إخراج أولئك من تحت يدها بإذن الله، فهي ترى حديث الرسول صلى الله عليه وسلم: "تزوجوا الولود الودود فإني مفاخر بكم الأمم" [مجموع فتاوى ابن باز-صحيح] ، وليس لدعوات تحديد وإيقاف النسل مكان في عقلها وفكرها وواقع حياتها؛ بل هي تنجب وتربي، فالأمة بحاجة إلى أبناءٍ بررة وبناتٍ صالحات.
ونكاح الصالحات من أسباب حصول الرزق ونزول البركة فيه، قال سبحانه : (وَأَنْكِحُوا الْأَيَامَى مِنْكُمْ وَالصَّالِحِينَ مِنْ عِبَادِكُمْ وَإِمَائِكُمْ إِنْ يَكُونُوا فُقَرَاءَ
يُغْنِهِمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ)[النور:32].
قال أبو بكر رضي الله عنه:"أطيعوا الله فيما أمركم به من النكاح، ينجز لكم ما وعدكم من الغنى"
فمن أراد النكاح يعينه الله سبحانه، قال صلى الله عليه وسلم: "ثلاثة حق على الله عونهم" وذكر منهم: "الناكح الذي يريد العفاف" [رواه الترمذي وحسنه الألباني]
ونكاح الصالحات من متاع الدنيا وجمالها وبهائها، فقد قال صلى الله عليه وسلم: "الدنيا متاع، وخير متاع الدنيا المرأة الصالحة" [رواه مسلم]
ألقِ نظرة إلى هذا التفاهم الجميل والانسجام في حياة الأخيار، قال أبو الدراء لأم الدرداء: (إذا غضبت فرضيني، وإذا غضبتِ رضيتك، فإذا لم نكن هكذا ما أسرع أن نفترق)
والمرأة الصالحة تعين على نوائب الدهر وتقلبات الأيام وأمور الدنيا،كما فعلت خديجة رضي الله عنها مع النبي صلى الله عليه وسلم بعد نزول الوحي، جاء وقال: زملوني زملوني، فقالت: كلا ، والله لا يخزيك الله أبدا..
ومن الآثار: أن نكاح المرأة الصالحة يعين على الطاعة، وييسر أمر العبادة، فإنها ستكون لك صاحبة وقريبة، وبعض الشباب استقام وحسنت حاله إثر زواجه بامرأة صالحة، فانظر ماذا قدمت له! بل أعظم أمر: الدلالة على الخير والتحذير من الشر.
وما أجمل الصورة التي ذكرها الرسول صلى الله عليه وسلم للزوجين المتعاونين على الطاعة: " رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت فصلت، وأيقظت زوجها فصلى، فإن أبى نضحت في وجهه الماء" [رواه أبو داود- وقال الألباني حسن صحيح]
ونكاح الزوجة الصالحة أقرب للسعادة وسير الحياة الأسرية بعيداً عن التصادم والتنازع، فالزوجة الصالحة امرأة ذات عقل ودين، تعرف للرجل حق القوامة: ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ) [النساء:34]. قال ابن عباس رضي الله عنهما: (يعني أمراء عليهن، أي مطيعة فيما أمرها به من طاعته، وطاعتُه أن تكون محسنةً لأهله، حافظةً لماله) .وما تمردت المرأة على الرجل وكثر الشقاق والخلاف إلا من كان أمر القوامة عندها مضيَّعاً.
وحسن الخلق وطيب المعشر تمتاز به الزوجة الصالحة، قال صلى الله عليه وسلم:"أيما امرأة ماتت وزوجها عنها راض دخلت الجنة" [رواه ابن ماجه-قال ابن حجر:حديث حسن]
فالزوجة الصالحة من خير النساء؛ سئل النبي صلى الله عليه وسلم أي النساء خير؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "التي تسره إذا نظر، وتطيعه إذا أمر، ولا تخالفه فيما يكره في نفسها وماله" [رواه أحمد - إسناده صحيح]
والمرأة الصالحة تنظر بعين القرآن وتعاليمه: (لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا) [الطلاق:7] فهي لا ترهق زوجها، ولا تشق عليه، ولا تحمله ما لا يطيق. وما ظهر الإسراف والتبذير إلا من غير الصالحات حتى أضحى الزوج المسكين يلاحق الأزياء والموديلات وتغيير أثاث منزله كل حين، فأرهقته الديون وأثقلته الهموم.
والزوجة الصالحة امرأة تحتسب الأجر في كل عمل، ولا تخالف الزوج أو تعصيه؛ والزوجة الصالحة تحفظ الأسرار ولا تنشرها ولا تذيع سر زوجها ولا أسرار حياته، قال صلى الله عليه وسلم: "إن من أشرِّ الناس عند الله منزلة يوم القيامة، الرجل يفضي إلى امرأته، وتفضي إليه، ثم ينشر سرها" [رواه مسلم]
فاختيار الزوج لزوجته الصالحة من حقوق أبنائه، فقد سئل عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ما حق الولد على أبيه؟ فقال: (أن ينتقي أمه، ويحسن اسمه، ويعلمه القرآن).
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: ( وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) [الروم:21].
اللهم وفق الشباب والفتيات على الزواج ويسر أمورهم.
اللهم ارزق شبابنا نساء صالحات ، وارزق فتياتنا رجالاً صالحين.
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم...
الخطبة الثانية:
أما بعد:فاتقوا الله تعالى وأطيعوه
أيها المسلمون:يقول الله تعالى: ( وَاللَّهُ جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا وَجَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ بَنِينَ وَحَفَدَةً وَرَزَقَكُمْ مِنَ الطَّيِّبَاتِ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَتِ اللَّهِ هُمْ يَكْفُرُونَ) [النحل:72]
فالمرأة الصالحة نعمة عظيمة تقرُّ بها العين وتهنأ بها النفس.
والمرأة الصالحة تحفظ الرجل في عرضه وماله.
والمرأة الصالحة صاحبة قرار في البيت ليست خرَّاجة ولَّاجة، تمتثل أمر الله: ( وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) [الأحزاب:33] ؛ [تقول لي امرأة كبيرة في السن:تقول عن نفسها، والله ما استرحت حتى جلست في البيت ولا أخرج إلا لحاجة]
والزوجة الصالحة لا تتطلع إلى ما في أيدي الناس، ولا تقارن حال زوجها بغيره من الأزواج.
والمرأة الصالحة من منبت طيب، يبحث أهلها عن الزوج الصالح، وليس الهدف التكثر من الأموال في المهر والولائم.
خطب أبو طلحة أم سليم قبل أن يسلم، فقالت: ما مثلك يُردُّ، ولكنك رجل كافر وأنا امرأة مسلمة، فإن تسلم فذلك مهري لا أسألك غيره، فأسلم فتزوجها.
أخي الشاب: لا شك أن نفسك تاقت للفتاة المصون من صالحات هذه الأمة، والسؤال منك بدأ يرتفع في لهف وشوق: أين أجد هذه؟ وأين منبتها؟
فأماكن الصالحات في قعر البيوت لا يعرفن الخروج إلا لضرورة، إن رأيتها في
سوق أو شارع فإذا بها ممتثلة أمر الله ورسوله في الحجاب.
تجدها في دور التحفيظ النسائية، وعند الخيِّرات من أمثالها.
تجد الصالحات في بيوت أهل العلم والدين والخير والنبلاء، تتلألأ بهم تلك البيوت ولله الحمد.
بجهد بسيط تجد بغيتك، وبسؤال عابر تحقق أمنيتك.
أخي الشاب: تذكر بأنه لا بد من توفر شروط الاستقامة في شخصك حتى تفوز بيد الزوجة الصالحة، فهي تبحث عن رجل صالح خلقه القرآن.
ومن أول ثمار تفكيرك بالزواج من امرأة صالحة أنك تفكر في إصلاح نفسك، وهذه نعمة عظيمة وبداية للخير سديدة.
جمع الله بينكما على خير، ورزقكما الذرية الصالحة في دوحة هنية سعيدة.
أخي الجبيب: لن تندم أبداً وأنت تطيع الرسول صلى الله عليه وسلم في قوله:
"عليك بذات الدين تربت يداك" . فالجمال ونضارة الشباب تزيلهما السنون، والمال غادٍ ورائح، ولا يبقى إلا الدينُ والخلق الكريم، فاظفر بذات الدين تربت يداك. فقرّ بها عيناً، وأكثر من الدعاء بصلاح الذرية.
ثم صلوا وسلموا على الهادي البشير...
موضوع الخطبة: نكاح الصالحات ثماره وآثاره
اسم الخطيب: تركي بن علي الميمان
المسجد : جامع العجلان
المكان: الخبراء
تاريخ الخطبة 9/6/1434هـ
استفدت من كتاب/نكاح الصالحات ثماره وآثاره - للشيخ/ عبدالملك القاسم
المشاهدات 3508 | التعليقات 2
جزاك الله خيرا
ياشيخ تركي على هذه الاستنباطات الجميلية
وهذه الخطبة المميزة
لافض فوك
رشيد بن ابراهيم بوعافية
بارك الله فيك أستاذ تركي ، خطبة متينةٌ ورائعة ، وعمليّة جدًّا ، والله من رزقه الله امرأة صالحة فقد أعانه على شطر دينه حقًّا ، فليتق الله في الشطر الباقي ، وأحسبُ أنَّ من فاتته هذه النعمة في شقاءٍ كبير .. نسأل الله السلامة والعافية ! . قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" أربع من السعادة المرأة الصالحة والمسكن الواسع والجار الصالح والمركب الهنيء وأربع من الشقاء المرأة السوء والجار السوء والمركب السوء والمسكن الضيق " ( صحيح الجامع : 887 ) .
و الشيء الجميل أنَّ كلّ هذه المذكورات قابلة للتغيير :eek:
أقصد : التجديد و الإصلاح :D . جزاك الله كل خير أستاذ تركي .
تعديل التعليق