نفحات العشر الأواخر
إبراهيم الحدادي
1435/09/20 - 2014/07/17 11:41AM
[FONT="]نفحات العشر الأواخر [/FONT]
[FONT="]20/9/1435هـ[/FONT]
[FONT="]الخطبة الأولى :[/FONT]
[FONT="]الحمد لله الكريم المنان ، المتفضل بالعفو والغفران يهدي إلى الخيرات ويعفو عن الزلات ويجيب الدعوات ، أحمده سبحانه على ما أولى من النعم وأشكره تعالى على ما دفع من النقم ، وأشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له. وأشهد أن نبينا محمدا عبده ورسوله ، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه أجمعين .[/FONT]
[FONT="]أما بعد : أوصيكم ونفسي بتقوى الله تعالى، ومراقبتِه في السر والعلانية, فإن تقوى الله جلّ وعلا هي خيرُ زادٍ يُبَلِّغُ إلى رضوان الله، وهي وصيةُ الله جلّ وعلا للأولين والآخرين من خلقه، و اعلموا أن الله تعالى جعل الليل والنهار خلفة لمن أراد أن يذكر أو أراد شكوراً، فهما خزائن الأعمال ومراحل الآجال يودعهما الإنسان ما قام به فيهما من عمل ويقطعهما مرحلة مرحلة حتى ينتهي الأجل.[/FONT]
[FONT="]أيها الصائمون:[/FONT][FONT="] لقد قطعتم الأكثر من شهر الصيام ولم يبق منه إلا اليسير من الليالي والأيام، فمن كان منكم قام بحقه فليتم ذلك وليحمد الله وليسأله القبول، ومن كان منكم قد فرط فيه وأساء فليتب إلى الله فهو أرحم الراحمين، أرحم من الوالدة بولدها, وقد فتح باب التوبة لعبده مهما بلغت ذنوبه (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ)[/FONT]
[FONT="]وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -(التَّائِبُ مِنَ الذَّنْبِ كَمَنْ لاَ ذَنْبَ لَهُ)[/FONT]
[FONT="]ابن ماجه وغيره وحسنه الألباني.[/FONT]
[FONT="]أيها الصائمون :[/FONT][FONT="] هاهي العشر الأخيرة من هذا الشهر المبارك قد أطلت عليكم ، تلكم العشر التي أقسم الله بها في قوله: ( والفجرِ وليالٍ عشرٍ) وكان عليه الصلاة والسلام يعظمها ويخصها بمزيد عناية واهتمام، تقول عائشة رضي الله عنها : كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يجتهد في العشر الأواخر ما لا يجتهد في غيره . رواه مسلم [/FONT]
[FONT="]وتقول : (كان رسول الله إذا دخل العشر، أحيا ليله، وأيقظ أهله، وجدَ ، وشد المئزر ) .البخاري ومسلم . [/FONT]
[FONT="]في هذه العشر ليلة القدر ، ليلة عظيمة مباركة ، قال الله تعالى عنها :( لَيْلَةُ ٱلْقَدْرِ خَيْرٌ مّنْ أَلْفِ شَهْرٍ ) [سورة القدر][/FONT]
[FONT="]وقال النبي صلى الله عليه وسلم : من قام ليلة القدر إيمانا واحتسابا ، غفر له ما تقدم من ذنبه .رواه البخاري ومسلم .[/FONT]
[FONT="]إيمانا: أي أن الله الذي شرعها، واحتسابا أي يبتغي الأجر من الله لا رياءً ولا سمعة، وَقَوْلُهُ خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ يُرِيدُ بِهِ أَنَّ ثَوَابَ الْعَمَلِ فِيهَا أَكْثَرُ مِنْ ثَوَابِ الْعَمَلِ فِي أَلْفِ شَهْرٍ لَيْسَ فِيهَا لَيْلَةُ الْقَدْرِ يعني أكثر من 80 سنة ليس فيها ليلة القدر، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.[/FONT]
[FONT="]وَقَد أَرشَدَ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ أُمَّتَهُ إِلى تَحَرِّي لَيلَةِ القَدرِ وَالتِمَاسِهَا وَطَلَبِ مُوَافَقَتِهَا ، في البُخَارِيِّ عَن عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ قَالَت : قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " تَحَرَّوا لَيلَةَ القَدرِ في الوِترِ مِنَ العَشرِ الأَوَاخِرِ مِن رَمَضَانَ " [/FONT]
[FONT="]وَفي مُسلِمٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا ـ قَالَ رَسُولُ اللهِ ـ صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ ـ : " التَمِسُوهَا في العَشرِ الأَوَاخِرِ ـ يَعنِي لَيلَةَ القَدرِ ـ فَإِن ضَعُفَ أَحَدُكُم أَو عَجَزَ فَلا يُغلَبَنَّ عَلَى السَّبعِ البَوَاقِي "[/FONT]
[FONT="]فاجتهدوا عباد الله[/FONT][FONT="] في طلب تلك الليلة الشريفة المباركة، وتحروا خيرها وبركتها بالمحافظة على الصلوات المفروضة وكثرة القيام وأداء الزكاة وبذل الصدقات وحفظ الصيام وكثرة الطاعات واجتناب المعاصي والسيئات والبعد عن العداوة بينكم والبغضاء والمشاحنات، فإن الشحناء من أسباب حرمان الخير في ليلة القدر، فقد خرج النبي [/FONT][FONT="][FONT="]r[/FONT][/FONT][FONT="] ليخبر أصحابه بليلة القدر، فتلاحى رجلان من المسلمين أي: تخاصما، وتنازعا، فرفعت بسبب ذلك.[/FONT]
[FONT="]
[/FONT]
[FONT="]الخطبة الثانية :[/FONT]
[FONT="]عباد الله :[/FONT][FONT="] الدّعاءُ حَبلٌ ممدود بين السّماء والأرض، وهو المغنَمُ بلا عَناءٍ ومِن أنفعِ الأدوِيَة للدَّاء، أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ [النمل:62]، في كلِّ ليلةٍ ساعةُ إجابةٍ، الأبوابُ فيها تفتَّح، والكَريم فيها يمنَح، فسَل فيها ما شِئتَ، فخزائِن الله ملأَى، والمعطِي كريم، وأيقِن بالإجابةِ فالربُّ قديرٌ، وبُثَّ إليه شكواك فإنّه الرّحيم، يقول النبيّ : ((إنَّ في اللّيلِ ساعةً لا يوافِقُها رجلٌ مسلِم يسأَل الله خيرًا مِن أمرِ الدّنيَا والآخرَةِ إلاّ أعطاه إيّاه، وذلك كلَّ ليلةٍ)) رواه مسلم[/FONT]
[FONT="]ونَسَماتُ آخِرِ اللّيل مظِنّة إجابَةِ الدّعوات، قيل للنّبيّ : أيّ الدّعاءِ أسمع؟ قال: ((جوفُ اللّيل الآخر ودبُر الصلوات المكتوبة)) رواه الترمذي[/FONT]
[FONT="]والعبدُ عباد الله[/FONT][FONT="] مفتقرٌ إلى محوِ أدران خطاياه والانكسار بين يدَي اللهِ والافتقارِ إليه، ومِن أرجَى أحوال التذلُّل الاعتكاف في بيتٍ من بيوت الله طلبًا لعفوِ الله، وكان نبيُّنا يعتَكف العشرَ الأخيرةَ من رمَضان. وإذا قرب العبد من ربِّه لطَفَ الله به، وساق إليه الإحسانَ من حيثُ لا يشعُر، وعصمَه من الشرِّ من حيث لا يحتَسِب.[/FONT]
[FONT="]فلنضاعف العَمَلَ وَلْنَستَكثِرْ مِنَ الخَيرِ ، وَلْنَتَقَرَّبْ إِلى الله وَلْنُكثِرْ مِنَ دُّعَائِهِ وَالتَّضَرُّعِ إِلَيهِ ، ولا سيما ما وَرَدَ عَن عَائِشَةَ ـ رَضِيَ اللهُ عَنهَا ـ قَالَت : قُلتُ : يَا رَسُولَ اللهِ ، أَرَأَيتَ إِن وَافَقتُ لَيلَةَ القَدرِ مَا أَقُولُ ؟ قَالَ : " قُولي : اللَّهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ العَفوَ فَاعفُ عَنِّي " رواه الترمذي [/FONT]