نِعَم الله الظَّاهرة والبَاطنة

عايد القزلان التميمي
1439/12/12 - 2018/08/23 20:17PM

الحمد لله على فضله وإحسانه، أسبغ علينا نعمه ظاهره وباطنه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله، فقامت به الحجة وتمت به النعمة، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليمًا.

أما بعدُ فيا عباد الله أوصيكم ونفسي بتقوى الله عز وجل .

عباد الله قال الله عز وجل في محكم التنزيل:

(أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً وَمِنَ النَّاسِ مَن يُجَادِلُ فِي اللَّهِ بِغَيْرِ عِلْمٍ وَلَا هُدًى وَلَا كِتَابٍ مُّنِيرٍ )

إذاً هما نعمتان يا عباد الله، أكرم الله عز وجل بهما عباده، نعمةً ظاهرة ونعمةً باطنة.

فالنِّعم الظاهرة هي ما أدركها الإنسان بحاسة البصر والمعاينة، ومن النّعم الظّاهرة نعمة الحواس الخمس التي أنعم الله بها على الإنسان ونعمة العقل .

عباد الله : نعم الله كثيرة، وعظيمة فالزوجة الصالحة نعمة، والأبناء، والصحة، والأهل، والأصدقاء، والعمل، لذا يجب على كل ذي نعمة أن يقدّرها، ويكون دائم الشكر لله عز وجل، ويصرفها في طاعة الله حتى تستمر هذه النعم، وتدوم.
عباد الله : أمّا النّعم الباطنة فمنها نعمة الإيمان الذي به يهتدي الإنسان إلى طريق الحقّ والصّواب، وبه تستقيم حاله في الدّنيا فتتحقّق سعادته في الدنيا والآخرة وهذه نعمةٌ باطنة لا يدركها الكثيرون، وكذلك من ينفق ماله فينقص ظاهرًا بينما باطنًا تتجلّى نعمة الله في بركة هذا المال ونمائه من حيث لا يدري الإنسان، وكذلك تقوى الله تعالى في الحياة وما ينعم الله على صاحبها حينما يرزقه من حيث لا يحتسب، ويفرّج كربه ويزيل همّه، قال تعالى: (‏‏وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَن يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا‏) [الطلاق:3].
عباد الله : وإننا حينما نتأمل أحوال بعضنا نرى أنهم يتقلبون في نعم الله تعالى وكأنهم جديرون بها من غيرهم وينسون ما يعانيه الآخرون , في البلاد المجاورة من ويلات الحروب عافانا الله والمسلمين منها، وما يعانيه المرضى على الأسرة البيضاء باختلاف أنواع أمراضهم، وما يقاسيه البعض من الجوع والفقر.

عباد الله : ونسي البعض ما كان يعيشه الرسول صلى الله عليه وسلم وأهله من خشونة العيش، حتى إنه يمر الشهران ولم يوقد في بيته صلى الله عليه وسلم نارا ما يجد طعاما يُطبخ فطعامهم الأسودان التمر والماء.

 فلنعقد مقارنة بسيطة بين أصناف النعم التي نتمتع بها وبين ما كان عليه الرسول من خشونة العيش لنشعر بعِظَم النعم ونشكر الله عليها، ونُشْعِر أهلنا وأبناءنا بما كان عليه الرسول صلى الله عليه وسلم وكان عليه الأجداد من الفقر والجوع حتى يعرف أبناء هذا الجيل حجم تلك النعم ورغد العيش ويعرفوا قدرها ويشكروا الله عليها.
عباد الله : يجب على كل ذي نعمة أن يعرف قدرها ويستشعرها ويحمد الله عليها ويصرفها في طاعة الله تعالى حتى تستمر مصداقا لقوله تعالى: (ولئن شكرتم لأزيدنكم)

فعَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ)) إِنَّ اللَّهَ لَيَرْضَى عَنْ الْعَبْدِ أَنْ يَأْكُلَ الْأَكْلَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا أَوْ يَشْرَبَ الشَّرْبَةَ فَيَحْمَدَهُ عَلَيْهَا)). رواه مسلم
أيها المؤمنون : وإنه مما يؤسف له ما نراه من بعض الناس هداهم الله تعالى وخاصة في المناسبات من إسراف وتبذير فلنتعقل في ذلك ولنحترم نِعم الله ولنصن النعمة ولنأخذ منها بقدر ولنصرف ما يتبقى على المحتاجين ولنحذر كل الحذر من إهانة النعم ورميها مع الفضلات أعاذنا الله من زوال النعم وحلول النقم , اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك وتحول عافيتك وجميع سخطك

بارك الله لي ولكم .......

الخطبة الثانية : الحمد لله الجواد الكريم الشكور الحليم، أسبغ على عباده النعم ودفع عنهم شدائد النقم وهو البر الرحيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو الفضل العظيم، والخير العميم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله المصطفى الكريم صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه إلى يوم الدين وسلم تسليما كثيرا .

أما بعدُ فيا عباد الله : لابدّ لكلّ مسلم أن يتذكّر نعم الله عليه، وأن يشكره عليها، فوالله الذي لا إله إلّا هو ما شكر عبدٌ ربّه إلّا زاده من فضله، فلا نشكو ونتذمّر، بل نشكر ونصبر، فالشكر هو السبب الأول والرئيس لحفظ النعمة من الزوال، أمّا الأمور الأخرى التي تساعد العبد في زيادة النعم، فهي كثرة الاستغفار، والدعاء الكثير، فمن عرف الله وقت الرخاء، عرفه الله وقت الشدّة، فبالدعاء تزداد النعم ويزول البلاء، كيف لا والله سبحانه يقول: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ ۖ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ)
عباد الله إنّ المؤمنون دائما يسألون ربهم العون على ذكره وشكره وحسن عبادته وهي وصية النبي صلى الله عليه وسلم ، وكان يرددها دبر كل صلاة " اللَّهُمَّ أَعِنِّي عَلَى ذِكْرِكَ ، وَشُكْرِكَ ، وَحُسْنِ عِبَادَتِكَ ".

عباد الله صلوا وسلموا على رسول الله ......

المرفقات

الله-علينا-الظَّاهرة-والبَاطِنة

الله-علينا-الظَّاهرة-والبَاطِنة

المشاهدات 9752 | التعليقات 0