نِعَمُ االلهِ عَلَينا بالمَمْلَكَة ( حسب التعميم)
راشد بن عبد الرحمن البداح
الحمدُ للهِ كما هديتَنا للإسلامِ والقرآنِ والإيمانِ. بسطْتَ رزقَنا، وأظهرْتَ أمنَنا، وجمعْتَ فُرقتَنا، ومِنْ كلٍ -واللهِ- ما سألناكَ ربَنا أعطيتَنا. أشهدُ ألا إلهَ إلا أنتَ، وأشهدُ أن محمداً عبدُك ورسولُك. فصلى اللهُ وسلمَ عليهِ تسليمًا كثيرًا، أما بعدُ: فاتقوا اللهَ -رحمَكُم اللهُ- وبادِروا آجالَكم بأعمالِكم.
إليكم هذهِ القصةَ البليغةَ، ففي صحيحِ البخاريِ أن ابْنَ عُمَرَ -رضيَ اللهُ عنَهما- قَالَ: لَمَّا تَفَرَّقَ النَّاسُ (أي حينَ وقعَ القتالُ بين عليٍ ومعاويةَ -رضيَ اللهُ عنهما-) خَطَبَ مُعَاوِيَةُ فقَالَ: مَنْ كَانَ يُرِيدُ أَنْ يَتَكَلَّمَ فِي هَذَا الأَمْرِ فَلْيُطْلِعْ لَنَا قَرْنَهُ! (أي رأسَه). فَلَنَحْنُ أَحَقُّ بِهِ مِنْهُ وَمِنْ أَبِيهِ. قَالَ عَبْدُ اللَّهِ: فَحَلَلْتُ حُبْوَتِي، وَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: أَحَقُّ بِهَذَا الأَمْرِ مِنْكَ مَنْ قَاتَلَكَ وَأَبَاكَ عَلَى الإِسْلاَمِ (يريدُ أن معاويةَ وأباهُ كانا قبلَ يومِ الفتحِ كافرَينِ، وهو يومئذٍ مُسلمٌ). قَالَ ابْنُ عُمَرَ: فَخَشِيتُ أَنْ أَقُولَ كَلِمَةً تُفَرِّقُ بَيْنَ الْجَمْعِ، وَتَسْفِكُ الدَّمَ، وَيُحْمَلُ عَنِّي غَيْرُ ذَلِكَ (أي على خلافِ ما أردتَ). فَذَكَرْتُ مَا أَعَدَّ اللَّهُ فِي الْجِنَانِ. قَالَ جلساءُ ابنِ عمرَ: حُفِظْتَ وَعُصِمْتَ(). (أي حفظكَ اللهُ وحماكَ من الفتنةِ وإثارتِها، بفضلِ اللهِ ثم بالعلمِ والإيمانِ) {يَرْفَعِ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَالَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ دَرَجَاتٍ}[المجادلة11] أرأيتم كيف أن العقل والحكمة تقود صاحبها للرشاد، وأن التهور والسفه يقود للفساد؟! أرأيتم مقدار حرص السلف على الوحدة واجتماع الكلمة؟! وأن كلمة طائشة قد تفرق الجمع.
أيُها المؤمنونَ المتآخونَ: لقدْ أنعمَ اللهُ على بلادِنا باجتماعِهم حولَ قادتِهم على هديِ الكتابِ والسنةِ، وعافاهمُ اللهُ من فتنةِ: {الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ(32)}
وبقاعُنا هذه بقاعٌ مصونةٌ، أليستْ هيَ متنزلَ القرآنِ، ومأرِزَ الإيمانِ ومهدَالبطولاتِ ومنطلقَ الغيوثاتِ؟
وإن المملكةَ العربيةَ السعوديةَ في العالمِ الإسلاميِ بمثابةِ مركزِ القلب في الجسمِ الذي إذا قَوِيَ عاشَ وانتعشَ، وإذا دَبَّ الوهنُ إلى هذا القلبِ أو اعتلَّ استولت عليه الأمراضُ.
ألا فلتسلمي ديارَ التوحيدِ شامخةً في قوةٍ وأيدٍ، سالمةً من كل مكرٍ وكيدٍ، ولازلتِ للأمةِ الإسلاميةِ العينَ الحانيةَ الباصرةَ واليدَ الطولَى الناصرةَ.
أيُها المسلمونَ: إن مِن جليلِ نعمِ اللهِ علينا أننا نعيشُ في وطنِ الإخاءِ والرخاءِ والسخاءِ:{أَوَلَمْ نُمَكِّنْ لَهُمْ حَرَمًا آمِنًا يُجْبَى إِلَيْهِ ثَمَرَاتُ كُلِّ شَيْءٍ رِزْقًا مِنْ لَدُنَّا وَلَكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لَا يَعْلَمُونَ}[القصص57] وإذا رأينَا هذه الانقلاباتِ، والهرجَ والقتلَ والتخطُفاتِ فلنذْكرْ قولَ ربِنا: {أَوَلَمْ يَرَوْا أَنَّا جَعَلْنَا حَرَمًا آمِنًا وَيُتَخَطَّفُ النَّاسُ مِنْ حَوْلِهِمْ أَفَبِالْبَاطِلِ يُؤْمِنُونَ وَبِنِعْمَةِ اللَّهِ يَكْفُرُونَ}[العنكبوت67].
ولنتذكر قصةً مضَى عليها آلافُ القرونِ، وذلكَ حينما جاءَ إِبْرَاهِيمُ –عليهِ السلامُ- لمكانِ البيتِ، قبلَ بناءِ الكعبةِ، فدعا وقالَ: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا بَلَدًا آمِنًا}[البقرة126]. فلما بَناها، وصارَ عندَها بلدٌ تَهوِي إليهِ أفئدةُ الناسِ دعا مرةً أخرَى فقالَ: {رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِنًا}[إبراهيم35] أرأيتمْ كيفَ أن الأمنَ ضرورةٌ قبلَ البناءِ، وضرورةٌ بعدَ البناءِ.
بَيْدَ أنَ هذا الحرمَ الآمنَ ومَن حولَه لم يَسلَمْ من اثنينِ متطرفَينِ: من خارجيٍ خرجَ على ولاةِ أمرِهِ! ومتحررٍ انفلتَ من نهيِ اللهِ وأمرهِ. ومن الكلماتِالمأثورةِ المحفورةِ عن مليكِنا سلمانَ –حفظهُ اللهُ- قولُه: لا مكانَ بينَنا لمتطرفٍيرى الاعتدالَ انحلالاً، ولا مكانَ لمُنْحَلٍ يَرى حربَنا على التطرفِ وسيلةًلنشرِ انحلالِهِ: {وَأَنَّ هَذَا صِرَاطِي مُسْتَقِيمًا فَاتَّبِعُوهُ وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ}[الأنعام153]
الحمدُ للهِ الذي هدَانا للإسلامِ والسنةِ، والصلاةُ والسلامُ على مَن كانتْبِعثتُه خيرَ مِنَّةٍ، أما بعدُ: فإن من أعظمِ الواجباتِ تربيةَ أجيالِنا على الحِفاظَ على أمانِ ونماءِ بلادِنا، بحراسةِ حدودِها ووحدتِها وتوحيدِها، وألا تتنازعَناالأهواءُ، ولا تتوازَعَنا الأحزابُ. ولنحدثهُم عن الجوعِ والخوفِ والجهلِ والمرضِالذي أصابَ أجدادَنا قبلَ توحيدِ المملكةِ على يدِ مؤسسِها رحمهُ اللهُ.
ألا وإن مِن منهجِ أهلِ السنةِ وعقيدتِهِم: أنهم يَدِينونَ بالسمعِ والطاعةِوالبيعةِ لولاةِ أمرِهِم، ويَدْعونَ لهم بالتسديدِ والتوفيقِ، ويعتقدونَ أن تحقيقَ التوحيدِ وتحكيمَ الشرعِ سببٌ للاستخلافِ والتمكينِ ودوامِ الأمنِ: {وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الْأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا يَعْبُدُونَنِي لَا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئًا وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُونَ}[النور55]
• فاللهم يا من حَفِظتَ بلادَنا طيلةَ هذهِ القرونِ، وكفيتَها شرَ العادياتِ الكثيراتِ المدبَّراتِ الماكراتِ، اللهم فأدِمْ بفضلِكَ ورحمتِكَ حِفْظَها من كل سوءٍ ومكروهٍ، وأدِمْ عليها نعمةَ الأمن والنماء، وإقامة التوحيد وإحياء السنة الغراء.
• اللهم احفظْ دينَنا وأمنَنا وحدودَنا وجنودنا. واحفَظْ ثرواتِنا وثمراتِنا، واقتصادَنا وعتادَنا.
• اللهم وفقْ وسدِّدْ وليَ أمرِنا ووليَ عهدِه لهُداكَ. واجعلْ عمَلَهما في رضاكَ. واجزِهما على التيسيرِ على المسلمينَ، وعلى خدمةِ الحرمينِ.
• اللهم إنا عاجزونَ عن شُكركَ، فنُحيلُ إلى عِلمكَ وفضلِكَ.
• اللَّهُمَّ صُبَّ عَليْنا الخَيْر صَبًّا صَبًّا، ولا تَجْعَل عَيْشَنَا كَدًّا كَدًّا.
• اللَّهُمَّ لا تَحْرِمْنَا خَيْرَ ما عِنْدَكَ بِشَرِّ ما عِنْدَنَا.
• اللهمَّ وارحمْنا ووالدِينا، وهبْ لنا من أزواجِنا وذرياتِنا قرةَ أعينٍ.
• اللهم صلِّ وسلِّمْ على عبدِكَ ورسولِكَ محمدٍ
المرفقات
1663854767_نعم الله علينا بالمملكة.doc
1663854776_نعم الله علينا بالمملكة.pdf