نعمةُ الوعي في حياة الزوجين
رشيد بن ابراهيم بوعافية
1435/01/16 - 2013/11/19 08:27AM
الحمد لله ربّ العالمين ، نحمده سبحانه حمدًا كثيرًا طيّبًا مبارَكا فيه ، ملءَ السموات وملءَ الأرضِ وملءَ ما بينهما ، وملءَ ما شاءَ ربُّنا من شيءٍ بعد ، و أشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، شهادَةَ حقٍّ وصدق ، من قلبٍ مومِنٍ موقِن ، ندّخِرُها ليومِ الجمعِ والتغابُن ، يومَ لا ينفع مالٌ ولا بنون إلا من أتَى اللهَ بقلبٍ سليم ، وأشهد أنَّ محمّدًا عبد الله ورسوله ، بلّغ الرسالة و ختمَها ، و أدّى الأمانةَ وأتمّها ، صلّى الله عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين وصحبِهِ الأخيار ، ومن تبعَهُم على الحقّ إلى يوم الدّين وسلَّم ، ثم أما بعد :
معشر المؤمنين : لنا اليومَ وقفةٌ مع نعمةٍ عظيمةٍ متى ما وُجِدَت في أسرةٍ فلتحمَدِ اللهَ تعالى على نعمةِ التوفيقِ والاصطفاءِ والبركة ، ومتَى فُقِدت فيها كان ذلكَ سببًا في فواتِ فُرصٍ كثيرةٍ و مشاريعَ جليلة ، لا تُستدركُ باللوم والعتاب وليت و لو ، بل بالعزمِ و التفكّر والاجتهادِ و التدبُّر عسَى أن يُمتّعَ بها الواحدُ أولادَهُ وذرِّيّتَهُ من بعدِه ، إنّها نعمةُ الوعي و النضج وما أدراكَ ما الوعي و النضج ! .
الوعيُ الذي هو الفهمُ العميقُ و التمييزُ الدقيقُ و الإدراكُ السليم للأشياء والمفاهيم .
هذه النعمةُ لا تحتاجُ على الصحيحِ إلى شهاداتٍ عُليا ولا إلى مستوياتٍ اجتماعيّةٍ أو اقتصاديّةٍ راقية ، و إن كان ذلك ممّا يسنِدُ الوعيَ ويقوّيه ؛ إنّما تحتاجُ في حقيقةِ الأمرِ إلى قلوبٍ حيّة ، و نيّةٍ وإرادةٍ صادقة قويّة تصنعُ في قلوبِ الزوجَين الحرارةَ و العزم و التصميم على لزومِ الفهمِ الصحيحِ و السعيِ إلى تحقيقِ الرؤية و الرسالة و إن كانا محدودَي المستوى العلمي والاجتماعي والاقتصادي .
لهذه النعمة - معشر المؤمنين- محطّاتٌ و براهين كثيرة تدلُّ عليها في حياة الزوجين ، نقفُ مع ثلاثةٍ منها ، عسَى أن ينتفعَ بها المؤمنون ، ونسأل الله التوفيقَ إلى ما يحبُّ ويرضَى .
أما المحطّة الأولى من محطّات الوعي في حياة الزوجين : فهي محطّةٌ استباقيّة يرتكزُ عليها كلُّ نجاحٍ أسَري ، إنّها " حُسنُ الانتقاءِ والتخيُّر في الزواج " : هذه نقطةُ الارتكازِ في مستقبلِ الوعي ، وما ينتُجُ عن وجودِهِ من مشاريعِ النبوغِ والارتقاءِ و المجدِ و التميُّز ، أو ما ينتُجُ عن فقدانِهِ من مخاوفِ الانحطاطِ و التراجُعِ أو الحياةِ الميّتَةِ العاديَّةٍ في أحسن أحوالِها :
خلقَ اللهُ في الذكرِ والأنثى في كلٍّ منهما ميلاً للاقترانِ والصُّحبة ، ومن أجل ذلكَ شرعَ اللهُ الزواج ، غيرَ أنّ الطرفَ الناضجَ الواعي يختارُ الجهةَ التي ترتقي بمدارِكِهِ العقليّة وتسمُو بمشاريعِهِ الفكريّة الرساليّة ، وهذا يحتاجُ إلى بحثٍ و تفتيش بكلِّ صبرٍ و يقين ، صبرٍ على المفاهيم الصحيحة ويقينٍ بأنّها هي الحق ، وصبرٍ على الشهواتِ التي تدعُو إلى الإسراعِ و يقينٍ بأنّها زائفةٌ زائلة .
أمّا الطرفُ الذي لا ينطلقُ في زواجِهِ من النضجِ و الوعي فلا يُؤمنُ بالانتقاءِ ولا بالتخيُّر لأنّهم زوّجوه واختاروا له ، ولا تراهُ يقترنُ إلا بما يُنعشُ العينَ و يُطرِبُ الجسدَ لا بما يقتَرِنُ بالرّوحِ و الفِكرِ و الوِجدانِ و مسيرة الحياة الصعبةِ الطويلة ! .
ومن هنا - معشر المؤمنين - فاتَ كثيرًا من الناسِ فُرصٌ لا حصرَ لها من مشاريعِ الإبداعِ و
المجد والنبوغ والتميُّز ، في أنفسِهم وأولادٍِهم ، والسرُّ أنّهم تعثَّروا و ما تدبَّروا ، وأبصرُوا فأسرَعوا وما تبصّروا فتفكّروا ! : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " متفق عليه .
أيها الإخوةُ في الله : ومن أجملِ محطّاتِ الوعيِ في حياة الزوجين : الصبرُ على ترقيةِ الأولادِ والبناتِ في تحصيلِ العلمِ و المعرفةِ و إتمامِ الدّراسةِ و التعليم أشدَّ من الصبرِ على حفظِ الأبدان وتنميّة الجُثث بالطعامِ والشراب واللباس :
من رزقهُ اللهُ الوعيَ و النُّضج يعلمُ علمَ يقين أنّ أساسَ تحقيقِ الأبناءِ والبنات المجدَ والتميُّز و النبوغَ والوعيَ و النجاحَ في مستقبلِهم ومستقبلِ أولادِهم إنّما هو بالعلمِ والثقافةِ و النور و لو مع قلّةِ الخبز و بساطةِ الإمكانيّات الماديّة ، يعلمُ علمَ يقينٍ أنّ حرمانَ الأبناءِ و البنات من الارتقاءِ المدرسيّ يفوّتُ عليهم كثيرًا من تلك الفُرَص ! .
صاحبُ هذه الرؤيا الناضجة يستحيلُ أن يحرمَ أولادَه طلبَ العلمِ و إتمامَ مراحِلِ الدّراسةِ و في نفوسِهِم شوقٌ لاستكمالِها و تحقيقِ حُلْمِ الارتقاءِ والنبوغِ فيها . . !
صاحبُ هذه الرؤيا تجدُ أغلى شيءْ عندَهُ في البيتِ خزانةُ الكُتُب والبحوث والرسائل العلميّة لا خزانة الدقيق و الزيت و تُحَف الأواني المنزليّة . .!
و واللهِ - معشر المؤمنين - لا تجدُ والدًا ولا والدَةً يرضَى لأبنائه التوقّفَ عن طلبِ العلمِ والمعرفةِ و الارتقاء الثقافي و تقديمِ الخُبزِ و المادّةِ على ذلك إلا من نقصانِ الوعيِ وفواتِ النّضج ، نسأل الله السلامة والعافية .
هذه والدَةُ الإمام مالكٍ - رحمه الله - تُلبسُ ولدَها العمامةَ و تدفعهُ إلى حلقاتِ العلم دفعًا وهي تقول :" يا بني اذهب إلى مجلس ربيعة ، وأحرص على أن تأخذَ من أدبِهِ قبل علمِه " .
وهذه والدَةُ الإمامِ أحمد تُحمي لهُ الماءَ قبل صلاة الفجر ، فيتوضّأُ ، ثم تتخمَّرُ بخمارها وتذهب به إلى المسجد للصلاة وطلب العلم
وهذا هشام بن عمّار - رحمه الله - يقول :" باع أبي بيتاً لنا بعشرين ديناراً ، وجهزني للحجّ لطلبِ العلمِ على يد الإمام مالك في المدينة " ، فلزِمَهُ حتى صارَ من كبار العلماء ومن شموسِ القُرّاء ( معرفة القراء الكبار للذهبي(1/196) . ابحث وستجدُ أنّ سرَّ نجاحِ كلّ هذه النماذج هو الوعيُ والنضجُ الذي صنعَ في الذريّةِ التميُّزَ و النبوغَ والارتقاءَ والمجد !
أيها الإخوة في الله : ومن أجملِ محطّات النضجِ والوعي في حياة الزوجين : تقديمُ التفاهُم والانسجام لمصلحة الأبناءِ مهما كان حجمُ التباعُد و الاختلاف في المشاعر والأفكار :
فمن فاتهُ الوعيُ في محطّة الانتقاءِ والتخيُّر ، أو ابتُليَ بما لم يكن في الحُسبان ؛ فلا ينبغي أن يفوتَهُ هذا النوعُ من الوعيِ والنُّضج و هو يقاسي مرارَة الحياةِ مع الطرف الآخر ! .
و يعجبُني في هذا مثالُ الزوجِ الواعي الناضجِ الذي ابتُليَ بامرأةٍ من شرّ النّساءِ و أحطِّهِنّ فكرًا وسلوكًا و خُلُقًا ، وفاتَتهُ فُرصةُ التصحيح والتدارُك ؛ كيف يصبرُ على فكرِها المنحطّ ، و مشاعرِها الجافية ، وتصرُّفاتها الآثمة الظالمة، وكلماتِها النابية الجارِحة ؛ و يفوّتُ كثيرًا من ذلكَ لأجل أولادِه و معنويّاتهم وقُدُراتهم وحياتهم التي قرَّرَ تجاوُزَ فشلِه مع أمّهِم بتحقيقِ الارتقاءِ والنبوغِ فيها ! .
و يعجبُني في هذا أيضًا مثالُ الزوجةِ الواعيةِ الناضجةِ التي ابتُليَت بزوجٍ من شرّ الأزواجِ و أحطِّهِم فكرًا وسلوكًا و خُلُقًا ؛ كيف تقرّرُ الصبرَ على فكرِه المنحطّ ،و مشاعرِه الجافية ، و تصرُّفاته الآثمة الظالمة ، و كلماتِه النابية الجارِحة ؛ لأجل أولادِها و معنويّاتهم وقُدُراتهم وحياتهم التي قرَّرَت تجاوُزَ فشلِها مع أبيهم بتحقيقِ الارتقاءِ والنبوغِ فيها ! .
هذا من أعزّ أنواعِ الوعي و النضج في الحياة الزوجيّة و أغلاهُ تكاليفَ على الإطلاق ! .
أيها الإخوةُ في الله : هذه نماذجُ من محطّاتٍ تدلُّ على وجودِ النضجِ والوعيِ فينا أو عدمِ وجودِهما ، حقٌّ على كلّ فردٍ امتحانُها فيه وفي فكرِهِ ووجدانِه و حياته . . و نسأل الله مع ذلكَ
[font="] [/font][font="]التوفيق إلى حسن العلم وحسن العمل . اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان،واجعلنا من الراشدين.وصلى الله وسلم وبارك على محمد ..[/font][font="] [/font][font="] [/font][font="] [/font]
معشر المؤمنين : لنا اليومَ وقفةٌ مع نعمةٍ عظيمةٍ متى ما وُجِدَت في أسرةٍ فلتحمَدِ اللهَ تعالى على نعمةِ التوفيقِ والاصطفاءِ والبركة ، ومتَى فُقِدت فيها كان ذلكَ سببًا في فواتِ فُرصٍ كثيرةٍ و مشاريعَ جليلة ، لا تُستدركُ باللوم والعتاب وليت و لو ، بل بالعزمِ و التفكّر والاجتهادِ و التدبُّر عسَى أن يُمتّعَ بها الواحدُ أولادَهُ وذرِّيّتَهُ من بعدِه ، إنّها نعمةُ الوعي و النضج وما أدراكَ ما الوعي و النضج ! .
الوعيُ الذي هو الفهمُ العميقُ و التمييزُ الدقيقُ و الإدراكُ السليم للأشياء والمفاهيم .
هذه النعمةُ لا تحتاجُ على الصحيحِ إلى شهاداتٍ عُليا ولا إلى مستوياتٍ اجتماعيّةٍ أو اقتصاديّةٍ راقية ، و إن كان ذلك ممّا يسنِدُ الوعيَ ويقوّيه ؛ إنّما تحتاجُ في حقيقةِ الأمرِ إلى قلوبٍ حيّة ، و نيّةٍ وإرادةٍ صادقة قويّة تصنعُ في قلوبِ الزوجَين الحرارةَ و العزم و التصميم على لزومِ الفهمِ الصحيحِ و السعيِ إلى تحقيقِ الرؤية و الرسالة و إن كانا محدودَي المستوى العلمي والاجتماعي والاقتصادي .
لهذه النعمة - معشر المؤمنين- محطّاتٌ و براهين كثيرة تدلُّ عليها في حياة الزوجين ، نقفُ مع ثلاثةٍ منها ، عسَى أن ينتفعَ بها المؤمنون ، ونسأل الله التوفيقَ إلى ما يحبُّ ويرضَى .
أما المحطّة الأولى من محطّات الوعي في حياة الزوجين : فهي محطّةٌ استباقيّة يرتكزُ عليها كلُّ نجاحٍ أسَري ، إنّها " حُسنُ الانتقاءِ والتخيُّر في الزواج " : هذه نقطةُ الارتكازِ في مستقبلِ الوعي ، وما ينتُجُ عن وجودِهِ من مشاريعِ النبوغِ والارتقاءِ و المجدِ و التميُّز ، أو ما ينتُجُ عن فقدانِهِ من مخاوفِ الانحطاطِ و التراجُعِ أو الحياةِ الميّتَةِ العاديَّةٍ في أحسن أحوالِها :
خلقَ اللهُ في الذكرِ والأنثى في كلٍّ منهما ميلاً للاقترانِ والصُّحبة ، ومن أجل ذلكَ شرعَ اللهُ الزواج ، غيرَ أنّ الطرفَ الناضجَ الواعي يختارُ الجهةَ التي ترتقي بمدارِكِهِ العقليّة وتسمُو بمشاريعِهِ الفكريّة الرساليّة ، وهذا يحتاجُ إلى بحثٍ و تفتيش بكلِّ صبرٍ و يقين ، صبرٍ على المفاهيم الصحيحة ويقينٍ بأنّها هي الحق ، وصبرٍ على الشهواتِ التي تدعُو إلى الإسراعِ و يقينٍ بأنّها زائفةٌ زائلة .
أمّا الطرفُ الذي لا ينطلقُ في زواجِهِ من النضجِ و الوعي فلا يُؤمنُ بالانتقاءِ ولا بالتخيُّر لأنّهم زوّجوه واختاروا له ، ولا تراهُ يقترنُ إلا بما يُنعشُ العينَ و يُطرِبُ الجسدَ لا بما يقتَرِنُ بالرّوحِ و الفِكرِ و الوِجدانِ و مسيرة الحياة الصعبةِ الطويلة ! .
ومن هنا - معشر المؤمنين - فاتَ كثيرًا من الناسِ فُرصٌ لا حصرَ لها من مشاريعِ الإبداعِ و
المجد والنبوغ والتميُّز ، في أنفسِهم وأولادٍِهم ، والسرُّ أنّهم تعثَّروا و ما تدبَّروا ، وأبصرُوا فأسرَعوا وما تبصّروا فتفكّروا ! : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :" تنكح المرأة لأربع لمالها ولحسبها ولجمالها ولدينها فاظفر بذات الدين تربت يداك " متفق عليه .
أيها الإخوةُ في الله : ومن أجملِ محطّاتِ الوعيِ في حياة الزوجين : الصبرُ على ترقيةِ الأولادِ والبناتِ في تحصيلِ العلمِ و المعرفةِ و إتمامِ الدّراسةِ و التعليم أشدَّ من الصبرِ على حفظِ الأبدان وتنميّة الجُثث بالطعامِ والشراب واللباس :
من رزقهُ اللهُ الوعيَ و النُّضج يعلمُ علمَ يقين أنّ أساسَ تحقيقِ الأبناءِ والبنات المجدَ والتميُّز و النبوغَ والوعيَ و النجاحَ في مستقبلِهم ومستقبلِ أولادِهم إنّما هو بالعلمِ والثقافةِ و النور و لو مع قلّةِ الخبز و بساطةِ الإمكانيّات الماديّة ، يعلمُ علمَ يقينٍ أنّ حرمانَ الأبناءِ و البنات من الارتقاءِ المدرسيّ يفوّتُ عليهم كثيرًا من تلك الفُرَص ! .
صاحبُ هذه الرؤيا الناضجة يستحيلُ أن يحرمَ أولادَه طلبَ العلمِ و إتمامَ مراحِلِ الدّراسةِ و في نفوسِهِم شوقٌ لاستكمالِها و تحقيقِ حُلْمِ الارتقاءِ والنبوغِ فيها . . !
صاحبُ هذه الرؤيا تجدُ أغلى شيءْ عندَهُ في البيتِ خزانةُ الكُتُب والبحوث والرسائل العلميّة لا خزانة الدقيق و الزيت و تُحَف الأواني المنزليّة . .!
و واللهِ - معشر المؤمنين - لا تجدُ والدًا ولا والدَةً يرضَى لأبنائه التوقّفَ عن طلبِ العلمِ والمعرفةِ و الارتقاء الثقافي و تقديمِ الخُبزِ و المادّةِ على ذلك إلا من نقصانِ الوعيِ وفواتِ النّضج ، نسأل الله السلامة والعافية .
هذه والدَةُ الإمام مالكٍ - رحمه الله - تُلبسُ ولدَها العمامةَ و تدفعهُ إلى حلقاتِ العلم دفعًا وهي تقول :" يا بني اذهب إلى مجلس ربيعة ، وأحرص على أن تأخذَ من أدبِهِ قبل علمِه " .
وهذه والدَةُ الإمامِ أحمد تُحمي لهُ الماءَ قبل صلاة الفجر ، فيتوضّأُ ، ثم تتخمَّرُ بخمارها وتذهب به إلى المسجد للصلاة وطلب العلم
وهذا هشام بن عمّار - رحمه الله - يقول :" باع أبي بيتاً لنا بعشرين ديناراً ، وجهزني للحجّ لطلبِ العلمِ على يد الإمام مالك في المدينة " ، فلزِمَهُ حتى صارَ من كبار العلماء ومن شموسِ القُرّاء ( معرفة القراء الكبار للذهبي(1/196) . ابحث وستجدُ أنّ سرَّ نجاحِ كلّ هذه النماذج هو الوعيُ والنضجُ الذي صنعَ في الذريّةِ التميُّزَ و النبوغَ والارتقاءَ والمجد !
نسأل الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى،أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
فمن فاتهُ الوعيُ في محطّة الانتقاءِ والتخيُّر ، أو ابتُليَ بما لم يكن في الحُسبان ؛ فلا ينبغي أن يفوتَهُ هذا النوعُ من الوعيِ والنُّضج و هو يقاسي مرارَة الحياةِ مع الطرف الآخر ! .
و يعجبُني في هذا مثالُ الزوجِ الواعي الناضجِ الذي ابتُليَ بامرأةٍ من شرّ النّساءِ و أحطِّهِنّ فكرًا وسلوكًا و خُلُقًا ، وفاتَتهُ فُرصةُ التصحيح والتدارُك ؛ كيف يصبرُ على فكرِها المنحطّ ، و مشاعرِها الجافية ، وتصرُّفاتها الآثمة الظالمة، وكلماتِها النابية الجارِحة ؛ و يفوّتُ كثيرًا من ذلكَ لأجل أولادِه و معنويّاتهم وقُدُراتهم وحياتهم التي قرَّرَ تجاوُزَ فشلِه مع أمّهِم بتحقيقِ الارتقاءِ والنبوغِ فيها ! .
و يعجبُني في هذا أيضًا مثالُ الزوجةِ الواعيةِ الناضجةِ التي ابتُليَت بزوجٍ من شرّ الأزواجِ و أحطِّهِم فكرًا وسلوكًا و خُلُقًا ؛ كيف تقرّرُ الصبرَ على فكرِه المنحطّ ،و مشاعرِه الجافية ، و تصرُّفاته الآثمة الظالمة ، و كلماتِه النابية الجارِحة ؛ لأجل أولادِها و معنويّاتهم وقُدُراتهم وحياتهم التي قرَّرَت تجاوُزَ فشلِها مع أبيهم بتحقيقِ الارتقاءِ والنبوغِ فيها ! .
هذا من أعزّ أنواعِ الوعي و النضج في الحياة الزوجيّة و أغلاهُ تكاليفَ على الإطلاق ! .
أيها الإخوةُ في الله : هذه نماذجُ من محطّاتٍ تدلُّ على وجودِ النضجِ والوعيِ فينا أو عدمِ وجودِهما ، حقٌّ على كلّ فردٍ امتحانُها فيه وفي فكرِهِ ووجدانِه و حياته . . و نسأل الله مع ذلكَ
[font="] [/font][font="]التوفيق إلى حسن العلم وحسن العمل . اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا ، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان،واجعلنا من الراشدين.وصلى الله وسلم وبارك على محمد ..[/font][font="] [/font][font="] [/font][font="] [/font]
المشاهدات 3064 | التعليقات 4
جزاك الله خيرا يا شيخ رشيد ، نحتاج إليها كثيرا في مجتمعنا ...قلة الوعي في كل ميدان مما عمت به البلوى ، نسأل الله تبارك وتعالى أن يرزقنا وعيا وفهما وعملا صالحا .
جزاك الله خيرا وبارك فيك .
أتحفنا بالمزيد من روائع دررك أخي الكريم .
شكرا جزيلاً للإخوة الأحباب زياد الريسي و أبي محمد الوهراني و خالد أبي عمار على حسن الظن و الدعاء المفعم بالحب و الخير ، جزاكم الله كل خير ، ونفع الله بي وبكم ، لكم كل الاحترام والتقدير .
زياد الريسي - مدير الإدارة العلمية
خطبة رائعة بروعة صاحبها وقيمة بقيمة موضوعها وجميلة بجمال صياغتها
نفع الله بك وبكل المشاركين والمعلقين
تعديل التعليق