نعمةُ الأمن و أسبابُ حصولِها في الإسلام
رشيد بن ابراهيم بوعافية
الحمد لله ربّ العالمين ، نحمده سبحانه حمدًا كثيرًا طيّبًا مبارَكا فيه ، ملءَ السموات وملءَ الأرضِ وملءَ ما بينهما ، وملءَ ما شاءَ ربُّنا من شيءٍ بعد ، خلقنا وهدانَا ، وأطعمنا وسقانَا ، ومن كلّ ما سألناه ربَّنا أعطانَا ، لا نحصي ثناءً عليه هو كما أثنى على نفسِه ، و أشهد أن لا إله إلا الله ، ولا معبودَ بحقٍّ سواه ، وأشهد أنَّ محمّدًا عبد الله ورسوله ، صلّى الله عليه وعلى آله الطيّبين الطاهرين وصحبِهِ الأخيار ، ومن تبعَهُم على الحقّ إلى يوم الدّين وسلَّم ، ثم أما بعد:
أيها الإخوةُ في الله: لنا حديثٌ في هذه الجمعة حول نعمتين عظيمتين امتنَّ الله بهما على العباد، كلاهُما من أساسيَّاتِ الحياة الإنسانية ، وعليهما يقوم استقرارُ كُلِّ المجتمعات البشريَّة ، قال الله سبحانه ممتنًّا على العِبادِ،وطالبًا منهم شُكرَ النّعم :﴿وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُون﴾(النحل:112)، وقال سبحانه في شأن قريش : [FONT="]]فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ(3) الَّذِي أَطْعَمَهُم مِّن جُوعٍ وَآمَنَهُم مِّنْ خَوْف( ( قريش: 3-4) . فمن خلال هذه الآيات نُدركُ النعمتين : إنهما نعمتا " الرخاء و الأمن " . . [/FONT]
لا شكَّ أنَّ لهاتين النعمتينِ أسبابٌ معشر الأحبّة ، متى ما توفَّرت وُجدَ الرخاءُ ووُجِدَ الأمن والسلام ، ومتى ما اختفت أو ضَعُفت وُجِدَ الجوعُ بمفهومه الاقتصادي العام ، ووُجدَ الخوفُ والاضطراب ، بِحْسبِ حالِ تلكَ الأسباب . . حولَ هذه الأسباب يكونُ كلامُنا ، وإن أريدُ إلاَّ الإصلاحَ ما استطعت ، وما توفيقيَ إلا بالله ، عليك توكلت ، وإليه أُنيب :
السببُ الأوَّلُ الذي لا ينبغي أن نقَدِّمَ عليهِ ولا بينَ يديه " استيفاءُ حقِّ اللهِ تعالى" :
فالأمنُ والسلامُ والشّبَعُ والرِّيُّ والرَّخاءُ الاقتصاديُّ والسلامُ الاجتماعيُّ حقوقٌ للإنسان ، وهي - في عقيدَةِ المؤمن – مُكتسباتٌ خزائنها بيَدِ اللهِ سبحانه ، مالكِ السَّمواتِ والأرَضين ، ومُدَبِّرُ شؤونِ الخلقِ أجمعين ، أليسَ من أبسطِ المُسلَّماتِ وأوضَحِ البديهيَّاتِ أنَّ الحقَّ يُقابلهُ واجب ، وأنَّ طالبَ الحقِّ مع التقصيرِ في الواجب ظالمٌ مُقصِّرٌ في نظَرِ النَّاسِ أجمعين ؟!
انظُروا في حال الشعوب والحضارات، حضاراتٌ كاملة اختفت بسبب استكبارها على الله ورفضِها طاعةَ الله والخضوعَ لأمره : قال الله تعالى:﴿لَقَدْ كَانَ لِسَبَإٍ فِي مَسْكَنِهِمْ آيَةٌ جَنَّتَانِ عَنْ يَمِينٍ وَشِمَالٍ كُلُوا مِنْ رِزْقِ رَبِّكُمْ وَاشْكُرُوا لَهُ بَلْدَةٌ طَيِّبَةٌ وَرَبٌّ غَفُورٌ(15)فَأَعْرَضُوا فَأَرْسَلْنَا عَلَيْهِمْ سَيْلَ الْعَرِمِ وَبَدَّلْنَاهُمْ بِجَنَّتَيْهِمْ جَنَّتَيْنِ ذَوَاتَى أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وَشَيْءٍ مِنْ سِدْرٍ قَلِيلٍ(16)ذَلِكَ جَزَيْنَاهُمْ بِمَا كَفَرُوا وَهَلْ نُجَازِي إِلَّا الْكَفُور﴾(سبأ:15-17) .
رخاءٌ اقتصاديٌّ ، وطاقةٌ مائيَّةٌ جبَّارة ، وجِنانٌ و زروعٌ ليسَ لها مثيل ، ولكنَّهم عندَما استكبروا على الله وضيَّعُوا أمره ، بعثَ اللهُ عليهمُ الأسباب ، فانهارَ اقتصادُهُم ، وبَدَّلَهم الله بتلكَ الجنانِ الفسيحةِ قحطًا وعطَشًا وشَوكًا ، وانتهت حضارَتُهم وعَفَا عليها التاريخ . . !
هذا السَّببُ - معشر المؤمنين- يعملُ في الخفاء ، وكلُّ الأمم ممتحنةٌ عليه شاءت أم أبت ، وكلُّ الأطراف مشتركةٌ في تحقيق نتيجةِ المعادلة سلبًا أو إيجابًا ، صغارًا وكبارًا ، رجالاً ونساءً ، حُكَّامًا ورَعيَّة ، فللكونِ ربٌّ يحكُمُه ، لهُ علينا الطاعةُ والانصياع ، ولنا منه الرزقُ والكفاية ، قال سبحانه: [FONT="]]وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ{56} مَا أُرِيدُ مِنْهُم مِّن رِّزْقٍ وَمَا أُرِيدُ أَن يطْعِمُونِ{57} إِنَّ اللَّهَ هُوَ الرَّزَّاقُ ذُو الْقُوَّةِ الْمَتِين( (الذاريات:56-58). [/FONT]
معشر المؤمنين : ومن أكبر الأسبابِ التي يتحقق بها للعبادِ الرخاءُ والسلام " تحقيقُ العدلِ ومجانبةُ الظُلمِ والجور " : وللهِ في هذا سُنَّةٌ لا تتخلَّف ، فقد يعطي اللهُ الأمَّةَ على عدلها وإن كانت كافرة ، ويمنعُ الأمَّةَ بسبب ظُلمِها وبغيِها وإن كانت مُسلمة ، وأخطرُ مجالاتِ العدلِ على الإطلاق "عدلُ الرَّاعي مع الرَّعيَّة " ، فهذا لهُ تأثيرٌ قويٌّ في تحقيق الرَّخاءِ والأمن والسلام : روى ابن عساكر في ( تاريخ دمشق ) عن عمرو بن العاص رضي الله عنه الصحابي الحكيم أنه قال لابنه عبد الله رضي الله عنه : " يا بني ! ؛ سلطان عادل خير من مطر وابل ، وأسد حطوم خيرٌ من سلطان ظلو م، وسلطان غشوم ظلوم خير من فتنة تدوم " ( الآداب الشرعية 1/238 ) .
العدلُ بمفهومه العام : العدل في القضاء والأحكام ، العدل في إيصال الحقوق لأصحابها، العدلُ في المحاسبةِ و تنزيل العقوبات على المخطئين ، العدل في توزيع الثرواتِ والمواردِ العامَّة، في التعامل مع المال العامِّ مالِ الأمَّة، في الرحمةِ بالضعيف ، وتقريبِ البعيد ، وغيرِها من مجالات العدل . .
خرجَ عُمَرُ بن الخطابِ يومًا إلى السوق فرأى إبلاً سِمانًا فقال : إبِلُ من هذه ؟ فقالوا : إبِلُ عبدِ اللهِ بنِ عُمر ، ابنِ أميرِ المؤمنين ! ، فقال عُمر رضي الله عنه :" بَخٍ بَخٍ يا ابن أمير المؤمنين! "، فأرسلَ في طلبه ، فلما حضَرَ قال له :" ما هذه الإبلُ يا عبدَ الله ؟ "، قال : " اشتريتُها بمالي " وبعثتُ بها إلى الحِمَى أُتاجرُ فيها ، وأبتغي ما يبتغي المسلمون . فقال عُمر :" ويقول الناسُ حينَ يرونها : ارعُوا إبِلَ ابنِ أمير المؤمنين ! ، اسقُوا إبِلَ ابنِ أمير المؤمنين .. ! ، وهكذا تسمنُ إبلُك ، ويربُوا ربحُكَ "، ثم صاحَ به : " خُذ رأسَ مالك واجعلِ الرّبحَ في بيتِ مال المسلمين " ( صلاح الأمة في علو الهمة 6/49 ) . .
تُرى معشر المؤمنين : هل يحتاجُ هذا الموقفُ وهذا الكلامُ إلى تعليق . . ؟! و هل يحِقُّ لنا أن نتعجّبَ حينَ يرفعُ اللهُ الأمنَ و السّلامَ والشّبَعَ و الرّي .. ؟!
يقول رضي الله عنه لأقاربِه : " إنّي نهيتُ الناسَ عن كذا و كذا ، و إنّ الناسَ ينظرون إليكم كما ينظرُ الطيرُ إلى اللحم ، فإن وقعتُم وقعوا ، وإن هبتم هابُوا ، وإنّي والله لا أوتَى برجُلٍ منكم وقع فيما نهيتُ الناسَ عنهُ إلا ضاعفت له العذاب لمكانِهِ مِنّي ! ، فمن شاءَ منكم فليتقدّم ، ومن شاءَ فليتأخّر ! "
تُرى معشر المؤمنين : هل يحتاجُ هذا الموقفُ وهذا الكلامُ إلى تعليق ؟! و هل يحِقُّ لنا أن نتعجّبَ حينَ يرفعُ اللهُ الأمنَ و السّلامَ والشّبَعَ و الرّي .. ؟!
قال عبد الله بن عامر بن ربيعة :" صحبتُ عُمَرَ بن الخطاب من المدينة إلى مكة في الحج ، ثم رجعنا ، فما ضُربَ له فسطاطٌ ولا خباءٌ،ولا كان له بناءٌ يستظل به،إنما يلقي كساءً على شجرة فيستظل تحته . فقال له عمر [FONT="]t : كم أنفقنا في حجَّتنا هذه ؟ قال : خمسة عشر دينارًا ! ، فقال أمير المؤمنين :" لقد أسرفنا في هذا المال ! " . [/FONT]
يقول هذا وتحت يده مال الأمة وخزائن الروم وكسرى ! :
تُرى معشر المؤمنين : هل يحتاجُ هذا الموقفُ وهذا الكلامُ إلى تعليق ؟! و هل يحِقُّ لنا أن نتعجّبَ حينَ يرفعُ اللهُ الأمنَ و السّلامَ والشّبَعَ و الرّي .. ؟!
نسأل الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى، أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية :
أيها الإخوةُ في الله : ومن أكبر الأسبابِ التي يتحقق بها للعبادِ الرخاءُ والسلام : " لزومُ الشرعِ في أوقاتِ الفتَنِ العامَّة " : الفتنُ خطَّافةٌ للعقول ، مُذهبةٌ للأحلام والنُّهى ، تختلطُ فيها الأمور، ويكثُرُ فيها القيلُ والقال ، ولا يظهرُ فيها سِوَى الهرجُ والمَرْجُ والإفسادُ وحظوظُ النَّفس ..
ولذلك فقد أرشدَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم المسلمين إلى لزومِ الشرعِ والعقل أزمانَ الفتن ، وإلى لزومِ البيوتِ وتركِ القيلِ والقال ، وإلى دعاءِ اللهِ بتفريجِ الكروب وتسهيل الأمور ، وإلى تركِ الإفسادِ بالقول والعمل :
هذا عبد الله بن عمرو بن العاص- رضي الله عنهما –يقول :
بينما نحن حول رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ ذكر الفتنة فقال :" إذا رأيتم الناس قد مَرِجَت عهودهم ، وخفت أماناتهم ، وكانوا هكذا " وشبك بين أصابعه " قال : فقمت إليه فقلت : كيف أفعل عند ذلك جعلني الله فداك ؟، قال :" الزم بيتك واملك عليك لسانك وخذ بما تعرف ودع ما تنكر وعليك بأمر خاصة نفسك ودع عنك أمر العامة " ( حسن صحيح: سنن أبي داود 4343) .
انظُر إلى هذه الأصول ما أجلَّها : لزوم البيت أي مفارقة الفتن بالبَدن - و إمساكُ اللسان عن القيل والقال لعَدَمِ إشعال نار الفتنة - والحذرُ من العامَّة والدَّهماءِ فإنَّهم وَقودُ الفتَنِ وبهم تشتعلُ نيرانُها ، قال الحسن البصري- رحمه الله - : " إن الفتنة إذا أقبلت عَرَفها كلُّ عالم ، وإذا أدبرت عَرَفها كل جاهل" .
أيها الإخوةُ في الله : قال الله تعالى :﴿إِنَّ اللَّهَ لَا يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنفُسِهِمْ﴾(الرعد:11). لا بدَّ من استيفاءِ حقّ الله تعالى أوّلاً ، ولا بُدّ من الصلاح و الإصلاح وصفاء القلوب من الرعية ، ولا بدَّ من العدل والقسط وصفاء القلوب من الرُّعاة ، حتى تكونَ النتائج والثمرات ، ويتنزَّلَ السلام و الأمن و الرخاءُ ، فجاهدوا أنفسَكم جميعًا على هذه المعاني ، فإن الله تعالى قال: ﴿وَالذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللهَ لَمَعَ المحْسِنِين﴾(العنكبوت:69) . .
نسأل الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا،وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان . .
المشاهدات 2511 | التعليقات 3
وفيكم بارك الله أستاذ اسماعيل : استيفاء حق الله ، والعدل الكامل خاصّةً من ولي الأمر ، و لزوم الشريعة عند الفتن ؛ أسبابٌ كفيلةٌ بتحقيق الأمن والرّخاء بإذن الله ! ، و خاصّةً أولياء الأمور فعدلُ ساعةٍ منهم خيرٌ من مطرٍ وابلٍ أخي الكريم ! ، وقد قال الهرمزان حينما رأى عمر متوسّدًا بردةً : هذا والله المُلكُ الهنئ ! ( ابن سعد في الطبقات الكبرى ( 3/ 293/ ط . دار صادر )) .
و صور الشاعر حافظ إبراهيم هذا الموقف بهذه الأبيات الشعرية الرائعة:
وَرَاعَ صَاحِبَ كِسْرَى أَنْ رَأَى عُمَراً = بَيْنَ الرَّعِيَّـةِ عُطْـلاً وَهْـوَ رَاعِيْهَا
وَعَـهْدُهُ بِمُلُـوكِ الفُرْسِ أَنَّ لَهَـا = سُوْراً مِنْ الجُنْدِ وَالحُرَّاسِ يَحْمِيْـهَا
رَآهُ مُسْتَغْـرِقـاً فِي نَوْمِهِ فَـرَأَى =فِيْـهِ الجَلاَلَةَ فِـي أَسْمَى مَعَانِيْـهَا
فَوْقَ الثَّرَى تَحْتَ ظِلِّ الدَّوْحِ مُشْتَمِلاً= بِبُرْدَةٍ كَـادَ طُـوْلِ العَهْدِ يُبْلِيْهَا
فَهَـانَ فِي عَيْنِهِ مَا كَانَ يُكْبِـرُهُ = مِـنَ الأَكَاسِرَ وَالدُّنْيَـا بِأيْدِيْـهَا
وَقَـالَ قَـوْلَةَ حَقٍّ أَصْبَحَتْ مَثَلاً = وَأَصْبَحَ الجِيْلُ بَعْدَ الجِيْلِ يَرْوِيْـهَا
أَمِنْتَ لَمَّا أَقَمْتَ العَـدْلَ بَيْنَهُمُو = فَنِمْتَ نَوْمَ قَرِيْرِ العَيْـنِ هَانِيْـهَا
و للدُّعابة فقط :
لماذا وضعت هذا الرمز عند الحديث عن الحكام :eek:
تكلّم وإلاَّ .... ؟ !!!!!!!!!!!! :rolleyes:
ماذا تريدُ أن تقول ؟!!! :cool: .
أنا امزحُ فقط ، بارك الله فيك وفي علمائنا وحُكّامنا ، وهدانا جميعًا إلى ما فيه صلاح العباد والبلاد ، والله لا نفعل هذا إلا ونحن نريدُ لهم الخير .
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
أبو حاتم إسماعيل بوفار
بارك الله فيك شيخنا وأُضيف شيئا حاك في صدري وأنا أقرأ هاتين الخطبتين أما الأمر الأول فإن الله ليس بينه وبين خلقه محاباة أو ما يكون بين الخلق بعضهم مع بعض من الأحقاد والضغائن ، فالله الكريم الجواد ذو الفضل العظيم يجازي على الحسنة إحسانا ولا يريد من عباده إلا الطاعة والاستقامة على دينه ولهم بعد أن يعيشوا على أحسن حال ولقد ذكرتم حفظكم الله كيف كان حال أهل سبأ من الهناء ورغد العيش وكيف تغير بعد ذلك الأمر إلى خراب ودمار وكذلك سنة الله في الأفراد والأمم والشعوب لا تتغير ولا تتبدل ولذلك صدق من قال ما أهون العباد على الله إن هم أضاعوا أمره وهاهي أمم أصبحت أثرا بعد عين حينما خالفوا الأمر وعصوا ربهم وخالقهم ورازقهم سبحانه وتعالى .
الأمر الآخر أنه لا يغير الله ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم فهذه قاعدة ربانية لا تتبدل ولا تتخلف وهي تغيير إما من الحال السيئ إلى الحسن إن كانت الطاعة والاستقامة على الأمر أو العكس إن كانت المعصية وتنكب الطريق .
وأما الأمر الأخير الذي يتعلق بمفصل المسألة هنا وهو إقامة العدل في كل مناحي الحياة وخاصة حينما يتعلق الأمر بين الحاكم والمحكوم :eek: وبالأخص في تطبيق القوانين أذكر لكم قصة : ذكروا أن الأسرة المالكة في بريطانيا كان من بين أفرادها رجل متزوج من إحدى بنات هذه الأسرة وفي مرة من المرات كان ممتطيا سيارته يسير بسرعة فائقة فما من رجال الأمن الذي يقومون على أمن الطرقات إلا أن أوقفوه وطلبوا منه الوثائق فقال لهم معرفا بنفسه أنا فلان زوج فلانة من الأسرة المالكة فقالوا له وأعادوا له نفس الطلب فكان منه أن أعاد نفس الكلام -كما يقع عندنا ويا للأسف- فما كان منهم إلا أن طالبوه بالوثائق لأجل أنه ارتكب مخالفة ولا بد وأن يعاقب وتم ذلك ولكن الذي يحير العقل أنه وبعد تنفيذ هذه العقوبة عليه لأنه خالف القانون في اليوم الموالي أصدرت الأسرة الحاكمة بيانا تطلب فيه الاعتذار من الشعب من هذا التصرف الذي وقع من هذا الرجل :confused: قلت : ولذلك فقد وصلوا إلى ما وصلوا إليه ونحن حالنا لا يخفى على كل ذي عينين والله المستعان بارك الله في الجميع .
تعديل التعليق