نعمة الأمن وكيف نحافظ عليها ؟؟

علي الذهبي
1433/06/08 - 2012/04/29 15:36PM
نعمة الأمن وكيف نحافظ عليها ؟؟
الحمد لله الولي الحميد أمر بالشكر ووعد بالمزيد , وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له يفعل ما يشاء ويحكم ما يريد, وأشهد أن محمداً عبده ورسوله أشرف الخلق وسيد العبيد صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهديه واستن بسنته إلى يوم المزيد ،،
أمّا بعد: فاتَّقوا الله ـ عبادَ الله ـ حقَّ التقوى، فمن اتَّقى ربَّه رشَد، ومن أعرضَ عن مولاه عاش في كمَد .( ومن أعرض عن ذكري فإن له معيشة ضنكا , ونحشره يوم القيامة أعمى , قال رب لم حشرتني أعمى وقد كنت بصيرا, قال كذلك أتتك آياتنا فنسيتها وكذلك اليوم تنسى ).
أقف وإياكم إخوتي في الله في هذه الجمعة المباركة لأذكر نفسي وإياكم بنعمة جليلة .. ومنة كبيرة .. هذه النعمة هي مطلب كٌلِ أمة ، وغاية كل دولة ، من أجلها جندت الجنود ، ورصدت الأموال ، وفي سبيلها قامت الصراعات والحروب.
إنها نعمة الأمن .. وما أدراكم ما نعمة الأمن التي كانت أولَ دعوةٍ لأبينا الخليل إبراهيم عليه الصلاة والسلام ، حينما قال: (رَبِّ اجْعَلْ هَـَذَا بَلَداً آمِناً وارزق أهله من الثمرات) .. فقدّم إبراهيم نعمة الأمن ، على نعمة الطعام والغذاء ، لعظمها وخطر زوالها . و والله وتالله إن أشهى المأكولات ، وأطيبَ الثمرات ، لا تُستساغ مع ذهابِ الأمن ونزولِ الخوف والهلع ذلكم أنه لا غناء لمخلوق عن الأمن ، مهما عز في الأرض، أو كسب مالاً أو شرفاً أو رفعة.إن نعمة الأمن ، هي منة الله على هذه الأمة المباركة المرحومة ، قال تعالى: (وَاذْكُرُواْ إِذْ أَنتُمْ قَلِيلٌ مُّسْتَضْعَفُونَ فِي الأَرْضِ تَخَافُونَ أَن يَتَخَطَّفَكُمُ النَّاسُ )، إن نعمة الأمن ، تشكل مع العافية والرزق ، الملكَ الحقيقيَ للدنيا .. فعن عبيد الله بن محصنٍ الأنصاري عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: (من أصبح منكم آمنا في سربه ، معافى في جسده ، عنده قوت يومه ، فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها ) . رواه الترمذي وابن ماجه بسند حسن
إن الديار التي يفقد فيها الأمن صحراءٌ قاحلة ، وإن كانت ذاتِ جناتٍ وارفةِ الظلال.. وإن البلاد التي تنعم بالأمن تهدأ فيها النفوس وتطمئن فيها القلوب وإن كانت قاحلةً جرداء.في رحاب الأمن ، يأمنُ الناس على أموالهم ومحارمهم وأعراضهم .. وفي ظلال الأمن ، يعبدون ربهم ويقيمون شريعته ويدعون إلى سبيله .. في رحابِ الأمن وظلِه تعم الطمأنينةُ النفوس ، ويسودها الهدوء ، وترفرف عليها السعادة ، وتؤدي الواجبات باطمئنان ، من غير خوفِ هضمٍ ولا حرمان .لو انفرط عقد الأمن ساعة لرأيت كيف تعم الفوضى وتتعطل المصالح ويكثر الهرج وتأمل فيمن حولك من البلاد ستجد الواقع ناطقاً ، واسأل العراق وغيرَ العراق تجدْه على هذه الحقيقة شاهداً .إن أمراً هذا شأنه ، ونعمةً هذا أثرها ، لجديرةٌ بأن نبذِل في سبيلها كلَّ رخيص ونفيس ، وأن تُستثمَرَ الطاقات وتُسخَرَ الجهودُ والإمكانات ، في سبيل الحفاظ عليها وتعزيزها
عباد الله .. الأمن والإيمان قرينان ، فلا يتحقق الأمن إلا بالإيمان .. قال تعالى : (الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون) .وإذا تخلى أبناء المجتمع عن دينهم وكفروا نعمة ربهم أحاطت بهم المخاوف ، وانتشرت بينهم الجرائم ، وانهدم جدار الأمن وادلهم ظلام الخوف والقلق وهذه هي سنة الله التي لا تتخلف في خلقه قال تعالى : (وَضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا قَرْيَةً كَانَتْ آَمِنَةً مُطْمَئِنَّةً يَأْتِيهَا رِزْقُهَا رَغَدًا مِنْ كُلِّ مَكَانٍ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ فَأَذَاقَهَا اللَّهُ لِبَاسَ الْجُوعِ وَالْخَوْفِ بِمَا كَانُوا يَصْنَعُونَ )
عباد الله .. لا بد أن ندرك أن نعمة الأمن لا توجد إلا بوجود مقوماتها ، ولا تدوم إلا بدوام أسبابها ، والتي من أعظمها توحيد الله والإيمان به ،وحتى نحافظ على الأمن في البلاد ، فلا بد من تربية الأمة على طاعة الله والاستقامة على شرعه والبعد عن معصيته .. إن النفوس المطيعة لا تحتاج إلى رقابة القانون وسلطة الدولة لكي تردعها عن الجرائم ، لأن رقابة الله والوازع الإيماني في قلب المؤمن يقظ لا يغادره في جميع الأحوال .ونحافظ على الأمن بالتمسُّك بالكتابِ والسنة والعنايةُ بالعلم قال ابن القيّم رحمه الله في إعلام الموقعين : "وإذا ظهر العلمُ في بلدٍ أو محلّة قلّ الشر في أهلها، وإذا خفي العلمُ هناك ظهَر الشرّ والفساد"..ونحافظ على الأمن بالقيام بشعيرة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، فهو صمام أمان يمنع الشرور والآفات عن المجتمعات وبه يحصل العز والتمكين : (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ* الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ).ونحافظ على الأمن بالعدل في كل جوانب الحياة ، فالراعي مع رعيته ، والأب مع أهله وزوجاته وأولاده، والمعلم مع طلابه ، والرئيس مع مرؤوسيه ، وصاحب العمل مع عماله ، ومتى تحقق العدل دام الأمن بإذن الله .ونحافظ على الأمن بتهيئة المحا ضن التربوية للشباب والناشئة ودعم كل المؤسسات العاملة في تربية الناشئة ونحافظ على الأمن ، بمعالجة أسباب انحراف الأبناء ، بسبب ما تعيشه بعض البيوت من فقر ، أو نزاعات وشقاق ، وما ينتج عنها من حالات طلاق وتشرد وشقاق .إن الأمن الوطني لا يتحقق إلا بوجود الأمن الفكري بحماية الأجيال الناشئة وشباب الأمة وتحصين أفكارهم من التيارات المشبوهة التي تسمم العقول وتحرف السلوك من دعوات التغريب ودعايات الفساد والإفساد

الحمد لله الذي أوضح منهاج الحق للراغب، وكشف ظلمة الباطل للطالب، وفتح لعباده الباب فهي بلا حاجب، فما تقرّب إليه أحدٌ إلا ورجع بالمكاسب، ولا ابتعد عنه أحدٌ إلا رجع بالمصائب، استوى على عرشه كما قال، لا كما يقول أولو المصائب، وارتفع فوق سماواته فيا سعادة الآيب، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، ولا ضد ولا ند، ولا شبيه ولا مقارب، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله وحبيبه وخليله. صلى الله عليه، وآله وصحبه، وسلم تسليماً كثيراً كلما أمطرت السحائب.ا.
أمة الإيمان والنظام، ظاهرة الشغب الرياضي ظاهرة جديدة على مجتمعنا، هذه الظاهرة الاجتماعية الخطيرة إذا تركت ولم تعالج من البداية يستفحِل خطرها، ويصعب بعد ذلك السيطرة عليها؛ حيث إنها تنمو كالسرطان، خاصة إذا ما وجدت شبابًا بعدوا عن هدي الدين، ووجدوا قدرًا كبيرًا من الفراغ.
أرأيتم ـ أحبتي ـ إذا ترك المجال لهذه الظاهرة ولم يتم علاجها ماذا يترتب عليها؟ وتعالوا لننظر ونتتبّع هذه الظاهرة في بلادنا ، فقد بدأت في صورة سيارات وأبواق في الشوارع، ثم إذا بالأمر يتطوّر حتى أصبح إغلاقًا كاملاً للطرقات وتعطيلاً لحركة المرور ،التعدي على المرافق العامة والمنشآت الرياضية التعدي على الحافلات والمركبات والحاق الضرر بها تجاوز الانظمة المرورية والسرعه والتهور في القيادة
وقوع مشادات كلامية والفاظ سوقية وسباب وشتائم كثيرا ما تنتهي بعواقب سيئة
وقد وصل الحال ببعض العقلاء أنه لا يخرج من بيته بعد انتهاء المباريات الحسّاسة خشية على نفسه أو أهله. والمصيبة أن كل تلك البلايا ترتكب باسم الوطنية .فنقول لأمثال هؤلاء: إن هذه حجة واهية وفهم سقيم، فالمواطن الصالح هو الذي يسعى لخير بلاده ويساهم في أمنها وأمانها وحفظ النظام فيها، فأي وطنية تلك التي تنشر الفوضى والاضطراب وتعطيل مصالح الناس؟! أي وطنية تلك التي تصوِّرنا أمام العالم بأننا أمة بلهاء ذات اهتمامات وضيعة نعطي اللهو حجمًا أكبر من العلم؟! فكم من شاب جامعي ترك محاضراته ليتابع المباريات أو ليخرج للشوارع مشجعًا، وكم من طالب فرط في امتحانه ليتابع المباريات أو ليخرج إلى الشوارع مشجعًا.
إن معيار الوطنية في هذه البلاد هو مدى الالتزام بتعاليم الإسلام التي تحافظ على مكتسبات البلاد وتسعى لتنميتها، أقول لهذه الفئة من الشباب: ماذا لو مات أحدكم في أثناء هذه الفوضى؟! كيف يقابل ربه؟! يبعث الناس يوم القيامة على ما ماتوا عليه كما أخبر بذلك الصادق المصدوق حيث قال: ((يُبْعَثُ كُلُّ عَبْدٍ عَلَى مَا مَاتَ عَلَيْهِ))، فمن مات ساجدًا يبعث ساجدًا، ومن مات للقرآن تاليًا يبعث له تاليًا، ويبعث صاحب الشغب الرياضي يوم القيامة في رقصه وتزميره وتفاهته،.
معاشر الأحباب، لم يقتصر الشغب الرياضي على ما يحدث في الشوارع فقط، بل بدأ ينسحب على العلاقات الأسرية والاجتماعية، فكم من أسرة تشتّت شملها لأن الزوج يشجع فريقًا والزوجة تشجع فريقًا آخر، فينهزم فريق الزوج، فلا يتحمل تلك الهزيمة وشماتة الزوجة، فتكون ردة فعله الطلاق ولا حول ولا قوة إلا بالله. وكم من أب يضرب ابنه بسبب التعصب الرياضي، وكم من أخ هجر أخاه من النسب بسبب التعصب الرياضي. أيها الأحبة في الله، إن أساس تلك البلايا ونحوها إنما هو البعد عن معين الإسلام الصافي ونسيان المآل والسؤال.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم، أَفَحَسِبْتُمْ أَنَّمَا خَلَقْنَاكُمْ عَبَثًا وَأَنَّكُمْ إِلَيْنَا لا تُرْجَعُونَ فَتَعَالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ لا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْكَرِيمِ
وإني أرى أن من أساليب العلاج لتلك الظاهرة التخفيف مما يشحن الأنفس ويزيد التوتر من خلال تقليل الحديث الإعلامي عن كرة القدم، ، توجيه المدرسين في المدارس أو الجامعات والكليات إلى بيان آداب الرياضة وضرورة الالتزام بها، كما أنه من أكثر الأساليب فعالية تكثيف الجرعة الدينية في المجتمع، فهي اللجام الذي يحدّ من تفاقم تلك الظاهرة، وقد كانت تجرى مسابقات رياضية على عهد النبي في الجري أو سباق الخيل أو في الرمي، وكان هناك مشجعون، لكن لم يسجل التاريخ شيئًا من العنف الرياضي في تلك الفترة. وما نراه اليوم إنما هو تقليد غير واعي لمجتمعات كافرة.وإني أوجه خطابي للآباء والأسر فأقول لهم: أنتم مجال التربية الأول، فلا يعتمد الرجل على أن تصلِح الدولة أو المجتمع له ولدَه، فلا بد لكل أب أن يتعاهد ابنه وابنته ويتفقد حالهما، ومتى ما رأى بوادر العنف الرياضي عليهما أن يبادر بإصلاحها. وأقول لكل أب ولكل مدرس وقدوة في المجتمع: أنتم قادة التربية في المجتمع، فلا يجد منكم أبناؤكم وتلاميذكم ما يشجّع على حالة الشغب الرياضي، وكونوا صمام أمان لمجتمعكم؛ لأن لانتشار هذه الظاهرة ثمنا ضخما يدفعه الجميع إن لم يتم تدارك الأمر من الآن، ودِرهم وقاية خير من قنطار علاج
المشاهدات 4018 | التعليقات 0