نعمة الأمن والحفاظ عليها

Abosaleh75 Abosaleh75
1446/03/17 - 2024/09/20 07:56AM

الْحَمْدُ لِلَّهِ الْكَرِيمِ الْمَنَّانِ، الْمُتَفَضِّلِ عَلَى عِبَادِهِ بِأَصْنَافِ النِّعَمِ وَأَنْوَاعِ الإِحْسَانِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ الْمَلِكُ الدَّيَّانُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الْمَبْعُوثُ بِالْهُدَى وَالرَّحْمَةِ وَصَلاَحِ الْقُلُوبِ وَالأَبْدَانِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَالتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإِحْسَان.


أما بعد أيها المسلمون :أُوصِيكُمْ ونَفسِي بِتقوَى اللهِ تَعالَى فَهِيَ وَصِيَّةُ اللهِ للأَوَّلينَ والآخِرينَ ، قال تعالى: ﴿ وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ﴾ النساء : 131.

عباد الله :احمدوا الله وشكروه فإن فَضْـلَه عَلَيْـنَا أَعْـظَمُ مِنْ أَنْ يُحْصَى ، وَإِحْسَانَهُ إِلَيْـنَا أَجَلُّ مِنْ أَنْ يُسْـتَقْصَى ، فَكَمْ شَمِلَنَا سُبْحَانَهُ بِكَرَمِهِ ، وَاكْتَنَفَنا بِفَضْـلِهِ وَنِعَمِهِ ، يقول ربنا جل وعلا :( أَلَمْ تَرَوْا أَنَّ اللَّـهَ سَخَّرَ لَكُم مَّا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ وَأَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظَاهِرَةً وَبَاطِنَةً )

وإن الواجب على العباد أن يقابلوا النعم بالشكر وإن من شُكرِ النِعمِ استشعَارُهَا ، والتحدثُ بِها ، وتذاكرها قال عمر بن عبد العزيز رحمه الله: (تذاكر النعم شكر).

وإن من أجل ماأنعم علينا به المولى جل في علاه نعمة الأمن

والأمن من ضرورات الحياة، وهو كنز ثمين ومطلب عزيز لكل أمة ومجتمع.

ولا حَياة كَرِيْمَة لأُمَةٍ مَا لَمْ يَعُمَّها الأمن .

فالأَمْنُ بِسَاطٌ لِكُلِّ نِعْمَةٍ، وَعَلَى بِسَاطِ الأَمْنِ تَطِيْبُ للنَّاسِ الحَياة.

وَمَا نُزِعَ الأَمْنُ مِنْ أُمَةٍ إِلا نُزِعَ اسْتِقْرارُها، واضْطَرَبَ قَرارُها، واصْطَلَى بِنارِ الخَوفِ أَحْرارُها، وتَشَتتَ في الآفاقِ عُمَّارُها. ما نُزِعَ الأَمْنُ مِنْ أُمَةٍ فأَدْرَكَتْ في عَيْشِها رَخاءً، ولا في نَوْمِها هَناءً، ولا فِيْ حَياتِها صَفاءً. وما أَدْرَكَ قِيْمَةَ الأَمْنِ إِلا مَنْ بَاتَ لَيْلَةً يُقَلِّبُ الطَّرْفَ في الآفاقِ خائِف.

عباد الله : وإننا في هذه البلاد المباركة نعيش في أكناف هذه النعمة نعمة الأمن ونرفل في ثيابها نأمن على أنفسنا وبيوتنا وأموالنا ونعيش في رغد واستقرار ورخاء.

وماذاك الا بفضل من الله جلا في علاه ثم بسبب قيادة رشيدة حكيمة أظهرت التوحيد والسنة وحكمت الشريعة وحاربت الشرك والبدعة والخرافة.

فلنلهج بالحمد والشكر للمولى على هذه النعمة ولنسعى في الحفاظ عليها ولنعلم أَنَّ الْمَسْؤُولِيَّةَ عَلَيْنَا جَمِيعًا فِي الْمُحَافَظَةِ عَلَى أمن بلادنا واجتماع كلمتنا ودحر عدونا.

عباد الله :لن تَنْعَمُ الأُمَمُ بالأَمْنِ الا إِنْ هِيَ وحدت وآمَنَتْ. ولا أَمْنَ لِمَنْ عَنِ الإِيْمانِ والتوحيد انْحرَفْ {الَّذِينَ آمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُم بِظُلْمٍ أُولَٰئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُم مُّهْتَدُونَ} (لَهُمُ الأَمْنُ) فَهُوَ لَهُم مُخْتَصٌّ بِهِم. يَتَقَلَّبُونَ فِيْهِ في كُلِّ مَنازِلِهِم. أَمْنٌ في الدُّنْيا مِنْ حُلُولِ العذابِ ومِنْ زَوالِ النِّعَمِ، ومِنْ انْقِلابِ الحَالِ ومِنْ سُوءِ المآل. وأَمْنٌ في القَبْرِ، وأَمْنٌ في الحَشْر، وأَمْنٌ عِنْدَ اشْتِداد الأَهوال {أَفَمَن يُلْقَىٰ فِي النَّارِ خَيْرٌ أَم مَّن يَأْتِي آمِنًا يَوْمَ الْقِيَامَةِ} {لَا يَحْزُنُهُمُ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ وَتَتَلَقَّاهُمُ الْمَلَائِكَةُ هَٰذَا يَوْمُكُمُ الَّذِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ} فَلَهُم الأَمْنُ المُطْلَق في الدُّنْيا والآخِرَة.

وإِنْ مَسَّهُم شَيءٌ مِنَ الخَوفِ في أَزْمِنَةٍ مِنْ أَزْمانِهِم. فَلَسًوفَ يَنْجَلِيْ، وَذاكَ بَلاءٌ يُمْتَحَنُونَ بِه، تُرْفَعُ لَهُمْ فيهِ الدَّرَجاتُ، وتُحَطُّ عَنْهُم بِه السَّيئِاتِ، والعاقِبَةُ لِمَنْ صَبَر {وَلَنَبْلُوَنَّكُم بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ}

أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ، إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

الخطبة الثانية :

الحمدُ لله وكفى، والصلاة والسلام على عبده المصطَفى، وعلى آله وصحبه ومَن اجتبى... أما بعد:

عباد الله :وإن القيام بِأَوامِرِ اللهِ صَمَّامُ أمان قال تعالى {وَعَدَ اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُمْ وَلَيُبَدِّلَنَّهُمْ مِنْ بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْناً يَعْبُدُونَنِي لا يُشْرِكُونَ بِي شَيْئاً وَمَنْ كَفَرَ بَعْدَ ذَلِكَ فَأُولَئِكَ هُمُ الفَاسِقُونَ}

أَمَانٌ مِنَ اللهِ لِقَومٍ إِلى رَبِهِم يَرْجِعُون. يُنِيبُوْنَ إِليهِ وَيَسْتَغْفِرُوْن، وَيَتُوبُونَ إِليه وَلا يَسْتَكْبِرُون

وما مَزَّقَ أَرْوِقَةَ الأَمْنِ مِثْلُ مُخالَفَةٍ لأَمْرِ اللهِ، وتَناحُرٍ وتَنافُرٍ ونِزَاع {وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ}

عباد الله: ويستتب الأمنِ: باجْتِمَاعُ الكَلِمَةِ ، ولزوم الجماعة وَالِالْتِفَافُ حَولَ العُلَمَاءِ ، وَطَاعَةُ وَلَاةِ الأمْرِ ، ؛ قَالَ تَعَالَى: { يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ أَطِيعُواْ اللّهَ وَأَطِيعُواْ الرَّسُولَ وَأُوْلِي الأَمْرِ مِنكُمْ فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ إِن كُنتُمْ تُؤْمِنُونَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ ذَلِكَ خَيْرٌ وَأَحْسَنُ تَأْوِيلاً } النساء

وقال تَعَالَى: ﴿ وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللهِ جَمِيعًا وَلا تَفَرَّقُوا..﴾ الآية [آل عمران: 103].

هَذَا ، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: ﴿إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾

المشاهدات 432 | التعليقات 0