نِعْمَة اَلْأَمْنِ وَالِانْتِمَاءِ وَاللُّحْمَةِ اَلْوَطَنِيَّةِ
سعود المغيص
الخُطْبَةُ الْأُولَى:
إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أما بعد عِبَادَ اللهِ :
اتقوا الله واعلموا أن الله تعالى قَدْ أَنْعَمَ عَلَيْنَا فِي هَذِهِ البِلَادِ بِنَعَمٍ عَظِيْمَةٍ، وَمِنَنٍ وَآلَاءٍ جَسِيْمَةٍ، لَا نُحْصِيْ لَهَا قَدْراً، وَلَا نُحِيْطُ بِهَا شُكْراً، كَمَا قَالَ تَعَالَى: ﴿ وَإِن تَعُدُّوا نِعْمَتَ اللَّهِ لاَ تُحْصُوهَا﴾ .
وَإِنَّ أَعْظَمَ نِعَمِ اللهِ تَعَالَى عَلَيْنَا فِي هَذِهِ البِلَادِ، نِعْمَةُ الإسْلَامِ وَالسُّنَّةِ، وَالأَمْنِ فِي الأَوْطَانِ، وَالصِّحَّةِ فِي الأَبْدَانِ، وَتَوْفِيْرِ كَثِيْرٍ مِنْ أَسْبَابِ العَيْشِ الكَرِيْمِ، واجْتِمَاعِ الكَلِمَةِ وَوَحْدَةِ الصَّفِّ .
فَنَحْنُ وَللهِ الحَمْدُ نَعِيْشُ فِي أَمْنٍ وَأَمَانٍ، وَرَاحَةٍ وَاطْمِئْنَانٍ، وَهَذَا غَايَةُ مَا يَتَمَنَّاهُ كُلُّ إِنْسَانٍ عَاقِلٍ، قَالَ صلَّ الله عليه وسلم : «مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ؛ فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا بِحَذَافِيرِهَا».
وَحُبُّ الْوَطَنِ غَرِيزَةٌ فِي النَّفْسِ وَ لِذَلِكَ قَالَ تَعَالَى: ﴿وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِن قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِّمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَىٰ أَنفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ ۚ وَمَن يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ﴾.
عَبَادَ اللهِ: لقد وَحَّدَ الملِكُ عَبْدُالعَزِيْزِ رَحِمَهُ اللهُ هَذِهِ البِلَادَ الشّاسِعَةَ، فَتَوَحَّدَتْ هَذِهِ البِلَادُ تَحْتَ رَايَةٍ وَاحِدَةٍ هِيَ رَايَةُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ مُحَمَّدٌ رَسُوْلُ اللهِ، وَسَخَّرَ الـمَلِكُ الـمُوَحِّدُ رَحِمَهُ اللهُ مُقَدَّرَاتِ الدَّوْلَةِ وَإِمْكَانِيَّاتِهَا لخِدْمَةِ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيْفَيْنِ، وَتَحْقِيْقِ َالعَدْلِ، وحَرِصَ عَلَى اجْتِمَاعِ كَلِمَةِ الـمُسْلِمِينَ وَتَوْحِيْدِ الصَّفِّ، وَأَنْ يَعِيْشَ النَّاسُ فِي حَيَاةٍ كَرِيْمَةٍ، مَعَ تَحْقِيْقِ اللُّحْمَةِ بَيْنَ الرَّاعِيْ وَالرَّعِيَّةِ ، ثُمَّ سَارَ عَلَى هَذَا النَّهْجِ أَبْنَاؤُهُ البَرَرَةُ رَحِمَهُمْ اللهُ تَعَالَى، وَهَا نَحْنُ اليَوْمَ فِي هَذَا العَهْدِ الزَّاهِرِ ، وخَادِمِ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيْفَيْنِ وَوَلِيِّ عَهْدِهِ حَفِظَهُمَا اللهُ تَعَالَى، يَبْذُلَانِ جُهُوْداً عَظِيْمَةً فِي خِدْمَةِ الإِسْلَامِ وَالـمُسْلِمِيْنَ دَاخِلِيّاً وَخَارِجِيّاً.
أيها المسلمون: إنَّ مَنْ لَا يَشْكُرُ النَّاسَ لَا يَشْكُرُ اللهَ، وَمِنْ شُكْرِ اللهِ أَنْ نَشْكُرَ وَنَذْكُرَ جُهُودَ وُلَاةِ أَمْرِنَا وَفَّقَهُمْ اللهُ فِي حِمَايَةِ جَنَابِ التَّوْحِيْدِ وَالتَّحْذِيْرِ مِن الشِّرْكِ، وَفِي الحَثِّ عَلَى اتِّبَاعِ السُّنَّةِ وَحِمَايَتِهَا، فَبِفَضْلِ اللهِ لَيْسَ فِي بِلَادِنَا قَبْرٌ يُطَافُ بِهِ، وَلَا صَنَمٌ يُعْبَدُ مِنْ دُوْنِ اللهِ، وَلَا بِدَعٌ ظَاهِرَةٌ وَالحَمْدُ للهِ، وَمِنْ تِلْكَ الجُهُودِ الحَمِيْدَةِ لِوُلَاةِ أَمْرِنَا عِمَارَةُ الحَرَمَيْنِ الشَّرِيْفَيْنِ وَالعِنَايَةُ بِقَاصِدِيْهِمَا مِنْ ضُيُوفِ الرَّحْمَنِ، وَتَطْوِيْرُ قِطَاعَاتِ التَّعْلِيْمِ وَالصِّحَّةِ وغيرها. وَمِن أهَمِّ الجُهُوْدِ الـمَشْكُوْرَةِ مَا بَذَلَتْهُ هَذِهِ الدَّوْلَةُ الـمُبَارَكَةُ فِي حِفْظِ الأَمْنِ والاسْتِقْرَارِ فِي شَتَّى رُبُوْعِ البِلَادِ وَحُدُوْدِهَا، وكَذَلِكَ دَعْمُ جَمِيْعِ مُؤَسَّسَاتِ الدَّوْلَةِ وَوِزَارَاتِهَا وَرَسْمُ الخُطَطِ والرُّؤَى التّنْمَوِيَّةِ الشَّامِلَةِ وَمُحَارَبَةُ الفَسَادِ لِلنُّهُوضِ بِالدَّوْلَةِ وَشَعْبِهَا وَالـمُقِيْمِينَ بِهَا لَأَعْلَى الـمَرَاتِبِ.
أقول ما سمعتم. وَاسْتَغْفِرُ اللهَ لِي، وَلَكُمْ، وَلِسَائِرِ المُسْلِمينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ إنَّهُ هُوَ الغَفُورُ الرَّحِيمُ.
الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَلاَّ إِلَهَ إِلاَّ اللَّهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوانِهِ، صَلَّى اللهُ عَليْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَأَعْوَانِهِ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.
أَمَّا بَعْدُ عَبَادَ اللهِ:
إنَّنَا نَعِيشُ فِي نِعَمٍ عَظِيْمَةٍ وَللهِ الحَمْدُ وَالمِنَّةُ، فبِلَادُنَا هِيَ مَنَارَةُ الإِسْلَامِ وَفِيْهَا قِبْلَةُ المسْلِمِينَ ومَأْرِزُ الإيمانِ، وَلَا رَيْبَ أَنَّ كُلَّ ذِيْ نِعْمَةٍ مَحْسُوْدٌ، وَلَا شَكَّ يَا عِبَادَ اللهِ أَنَّ مَا نَحْنُ فِيْهِ مِنْ نِعْمَةٍ وَأَمْنٍ وَلُحْمَةٍ اجْتِمَاعِيَّةٍ فَرِيْدَةٍ وَاجْتِمَاعِنَا عَلَى طَاعَةِ وَلِيِّ أَمْرِنَا لَا يَرُوْقُ لِلْأَعْدَاءِ بَلْ يَقُضُّ مَضَاجِعَهُمْ، فَاحْذَرُوا مِنْ كَيْدِ الأَعْدَاءِ يَا عِبَادَ اللهِ، وَانْشُرُوا الوَعْيَ الصَّحِيْحَ بَيْنَ أَهْلِيْكُمْ وَأَوْلَادِكُمْ وَأَقَارِبِكُمْ وَمَعَارِفِكُمْ، وَاسْأَلُوا اللهَ الحِمَايَةَ وَالِحفْظَ مِنْ الفِتَنِ وَالشِّرْكِ وَالشِّقَاقِ والنِّفَاقِ، إِنَّهُ وَلِيُّ ذَلِكَ وَالقَادِرُ عَلَيهِ.
اللَّهُمّ صَلِّ وَسَلِّمْ عَلَى نبيِّنا مُحَمَّدٍ وَآلِه الطيبين الطاهرين .
اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَدِمْ الْأَمْنَ وَالِاسْتِقْرَارَ فِي بِلَادِنَا وَبِلَادِ الْـمُسْلِمِيْنَ، وَاصْرِفْ عَنَّا وَعَنْهُمْ كُلَّ شَرٍّ وَبَلَاءٍ، وَاكْفِنَا وَإِيَّاهُمْ سَائِرَ الْأَهْوَاءِ وَالْأَدْوَاءِ.
الَّلهُمَّ اِحْمِ بِلَادَنَا وَسَائِرَ بِلَادِ الإِسْلَامِ مِنَ الغَلَاءَ وَالوَبَاءَ وَالرِّبَا وَالزِّنَا وَالزَّلَازِلَ وَالمِحَنَ وَسُوءَ الفِتَنِ مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَمَا بَطَنَ يَا رَبَّ العَالَمِيْنَ.
اللهم إنا نعوذُ بك مِنْ زَوَالِ نِعْمَتِكَ وَتَحَوُّلِ عَافِيَتِكَ وَفُجَاءَةِ نِقْمَتِكَ وَجَمِيعِ سَخَطِكَ .
اللهم اشف مرضانا ومرضى المسلمين ، واغفِرْ لنا ولوالدينا ووالدي والدينا ، والمؤمنين والمؤمنات ، والمسلمين والمسلمات ، الأحياء منهم والأموات برحمتك يا أرحم الراحمين ..
اللَّهُمَّ وَفِّقْ خَادِمَ الْحَرَمَيْنِ الشَّرِيفَيْنِ وَوَلِيَّ عَهْدِهِ وَسَدِّدْهُمْا وَأَعِنْهُمْا ، وَاجْعَلْهُما مُبارَكِيْنَ مُوَفَّقِيْنَ لِكُلِّ خَيْرٍ وَصَلاحٍ يارب العالمين
سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ، وَسَلَامٌ عَلَى الْـمُرْسَلِينَ، وَالْحَمْدُ لِلهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.