نعمة الأمن والأمان

كامل الضبع زيدان
1436/08/21 - 2015/06/08 08:34AM
خطبة الجمعة بجامع الأخوين سحيم وناصر ابني الشيخ حمد بن عبد الله بن جاسم آل ثاني رحمهما الله تعالى. نعمة هي من أجل نعم الله على العباد ألا وهي نعمة الأمن والأمان وقد امتن الله عزو جل علينا في هذه البلاد الطيبة والتي أسأل الله عزو جل أن يديمها علينا وأن يزيدنا من إنعامه وإفضاله فهو جل جلاله المنعم المتفضل بكل النعم كما قال سبحانه {وما بكم من نعمة فمن الله} وهذا الاعتراف بأن النعم من الله عزو جل ركن من أركان الشكر والتي لابد منها حتى تدوم النعم ويزداد العباد من هذه النعم.
أركان الشكر
أن يعترف بالنعمة وأن يعترف بأنها من الله وأن يستخدمها فيما يحبه الله ويرضاه كما أمر الله لا كما تحبه نفسه وتهواه فإذا أكمل العبد هذه الأركان كان جديرا بأن الله عزو جل واهب النعم أن يديم عليه النعم ويتفضل جل جلاله عليه بالزيادة كما قال سبحانه {وإذ تأذن ربكم لأن شكرتم لأزيدنكم} يا له من رب كريم. وعلى العبد أن يعترف بأنه عاجز عن شكر نعم الله التي أسبغها عليه وهي نعم لا تعد ولا تحصى وهذا من تمام شكر النعم اللهم اجعلنا من الشاكرين.
طلب الأمن قبل الرزق
وهذه سنة أبينا إبراهيم عليه وعلى نبينا أفضل الصلاة وأزكى السلام لما دعا قال كما أخبر الله عزو جل {وإذ قال إبراهيم رب اجعل هذا بلدا آمنا وارزق أهله من الثمرات من آمن منهم بالله واليوم الآخر قال ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير} فبدأ بطلب الأمن قبل الرزق لأنه لولا الأمن ما طاب عيش وما استلذ الإنسان بطعام ولا بشراب وما فرح ولا سعد بشيء في حياته ولذلك لما سئل أحد الصالحين ما العيش قال: الأمن وقد أخبرنا حبيبنا صلى الله عليه وسلم أن العبد إذا لم يملك من حطام الدنيا شيئا وكان آمنا وبصحة وعافية فكأنما ملك الدنيا كلها قال صلى الله عليه وسلم :(من أصبح منكم آمنا في سربه معافى في جسده لا يملك إلا قوت يومه فكأنما حيزت له الدنيا بحذافيرها) رواه الترمذي وابن ماجة. وإننا نرى ونسمع ونشاهد كل يوم ما يحدث في كثير من بلاد المسلمين من عدم الأمن والأمان وكثرة الهرج وهو القتل فلا يدري القاتل فيما قتل ولا المقتول لما قتل فتن عظيمة يخرج الرجل من بيته ولا يدري هل هو راجع إليه أم لا بل وقد تلقى عليه القذائف أو البراميل وهو في بيته فتودي بحياته وحياة أسرته بأكملها خوف وهلع وانعدام أمن وأمان مؤكد أنهم لا يهنئون لا بطعام ولا بشراب أسأل الله أن يعيد لبلاد المسلمين الأمن والأمان في سوريا والعراق وليبيا واليمن وجميع بلاد المسلمين برحمته وهو أرحم الراحمين.
تقوى الله والاستجابة لأوامر الله
لا شك أن هذه النعمة العظيمة هبة من الله عزو جل يتفضل بها على من يشاء من عباده لينظر كيف يعملون فإذا هم آمنوا واتقوا وعملوا الصالحات واستجابوا لله رب العالمين وامتثلوا أوامره وانتهوا عما نهاهم عنه من المحرمات والمعاصي والموبقات استحقوا دوام هذه النعمة قال جل جلاله {الذين آمنوا ولم يلبسوا إيمانهم بظلم أولئك لهم الأمن وهم مهتدون} وقال سبحانه {إن المتقين في مقام أمين} الأمن والأمان لهم في الدنيا لتعلقهم بالله عزو جل ومراقبتهم له في السر وفي العلن وخوفهم من عذابه الأليم إن هم حادوا عن صراطه المستقيم الذي وضحه وبينه لهم في كتابه العزيز وجاء الحبيب صلى الله عليه وسلم وزاده وضوحا على وضوحه كما أمره الله رب العالمين فمن شب وشاب وعاش ومات على ذلك لا شك أنه من أسعد السعداء في دنياه وفي قبره وفي أخرته قال الله عزو جل{من عمل صالحا من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كانوا يعملون} حياة طيبة في الدنيا ملؤها الأمن والأمان والسلامة والاطمئنان بكثرة ذكر الله والشوق إلى لقياه والنعيم وقرة العين في عبادته وتقواه وبهذا توهب النعم من الله. أهل الطاعة أمن وأمان لمن حولهم
نعم والله إن الله عزو جل يحب أهل طاعته ويرحمهم ويعطف عليهم بواسع رحماته وبره ومن عظيم رحمته بهم بأن يمنع البلاء عمن استحق البلاء ممن حولهم من ذويهم وأبنائهم وأهليهم وجيرانهم وأهل مجتمعاتهم بل وعن الأمة كلها أو على الأقل يخفف البلاء بسبب وجود أهل الطاعة والعبادة بينهم لذلك وجب علينا ألا نقصر أبدا في طاعة الله عزو جل وأن ندعوه ليل نهار لنا ولأهلينا ولأمتنا ولإخواننا المسلمين في البلاد التي ابتليت بالفوضى وعدم الأمن أن يمن عليهم بالأمن والأمان والسلامة في الأوطان وأن لا نستصغر أبدا ولا نستقل بالدعاء فالدعاء سلاح عظيم لا يخيب أبدا من تسلح به والله عزو جل العلي القدير ولا يعجزه شيء {إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون}
الحذر الحذر من كفران النعم
فكفران النعم وعدم شكرها وتأدية حق الله الواجب فيها وبخاصة نعمة الأمن والأمان يعجل بزوالها وتبديلها إلى خوف وفزع وهلع وإذا كان قد فعل ذلك بأم القرى وبأحب بلاد الله إلى الله عزو جل وإلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة المكرمة بعدما كانت بلد الأمن والأمان والناس من حولها يتقاتلون ويتخطفون ويغير بعضهم على بعض لأتفه الأسباب ولكنها لما كفرت بأنعم الله وأعظمها رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي هو منهم ويعرفون نسبه وشرفه وصدقه وأمانته وإذ بهم يكفرون به ويصدونه وأصحابه عن أن يبلغوا دين الله المنعم والمتفضل عليهم بهذه النعم العظيمة إذ بالعلي القدير يبدل ما بهم من النعم ويحولها عليهم سنين عجاف قاحلة بدعوة حبيبه عليهم بعدما فعلوا به وبأصحابه الأفاعيل قال : اللهم اشدد وطأتك على مضر واجعلها عليهم سنين كسني يوسف عليه السلام فأصابتهم دعوة حبيب الله صلى الله عليه وسلم فأصابهم القحط والجدب والمجاعة حتى أكلوا الجيف والعظام وأخافهم الله عزو جل بسرايا رسول الله صلى الله عليه وسلم التي كانت تطوف بهم من كل حدب وصوب خوف وجوع بعد الأمن والأمان والثمرات التي كانت تجبى إليهم من كل مكان والعيش الرغيد الهنيء تبدل كل ذلك بقدرة القدير الذي لا يعجزه شيء وضرب الله عزو جل بهم المثل وجعلهم عبرة لمن يعتبر في سورة النحل قال عز من قائل {وضرب الله مثلا قرية كانت آمنة مطمئنة يأتيها رزقها رغدا من كل مكان فكفرت بأنعم الله فأذاقها الله لباس الجوع والخوف بما كانوا يصنعون ولقد جاءهم رسول منهم فكذبوه فأخذهم العذاب وهم ظالمون} فإذا كان فعله جل وعلا بمن هم بجوار بيته الحرام كذلك فكيف يكون بمن هم ليسوا بهذه المكانة من القرب إن هم كفروا بإنعام الله عليهم لا شك أن العقاب سيكون أشد وأشد نسأل الله السلامة والعافية إذا فعلى العقلاء في كل بلاد الدنيا أن يراعوا نعم الله وأن يحفظوها بطاعة الله وامتثال أوامره والبعد عن معصيته لأن المعاصي تزيل النعم وتفتح أبواب البلايا العظام فما نزل بلاء إلا بذنب وما رفع إلا بتوبة أسأل الله العظيم رب العرش العظيم أن يديم علينا في هذه البلاد الطيبة نعمة الأمن والأمان والطاعة والإيمان وأن يعجل بزوال وهلاك الظالمين في جميع بلاد المسلمين ليعم الأمن والأمان على جميع بلاد المسلمين اللهم آمين وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين.
أخوكم / كامل الضبع محمد زيدان
المشاهدات 2743 | التعليقات 0