نسائم العشر، وختام الشهر
د عبدالعزيز التويجري
الخطبة الأولى
28/9/1446ه
الحمد لله، لا رب لنا سواه، ولا نعبد إلا إياه، مخلصين له الدين ولو كره الكافرون. وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ له الأمر وله الحكم وإليه ترجعون. وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله؛ صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.أما بعد:
: فأوصيكم ـ أيّها الصائمون ـ ونفسي بتقوى الله عزّ وجلّ (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي أَنفُسِكُمْ فَاحْذَرُوهُ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَفُورٌ حَلِيمٌ)
الواقفُ بغير بابِ الله عظيمٌ هوانُه، والمؤمِّل غيرَ فضلِ الله خائبةٌ آماله، والعامِل لغير الله ضائعةٌ أعمالُه.
كم نطلب الله في ضر يحل بنا فإن تولت بلايانا نسيناه
الأسباب كلُّها منقطِعة إلا أسبابه، والأبوابُ كلّها مغلَقة إلا أبوابُه. {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ}
النّعيمُ في التلذُّذ بمناجَاةِ الله، والرّاحة في التّعَب في سبيل الله، والغِنى في تصحيحِ الافتقارِ إلى الله.« أَرِحْنَا بِالصَّلَاةِ يَا بِلَالُ » معاني عظام تظهر في شهر الصيام ..
فما أروع القلوب إذا تعلقت بخالقها..وما أجمل الأجساد إذا نصبت لبارئها..ما أحلى العيون إذا متعت بكلام ربها.. ما أعذب اللسان إذا كان يسبح بجلال الله وعظمته ..
رمضان عايشنا خشية المتهجدين وأسمعنا أنات الخائفين ، رمضان أعاد لنا الامل والثقة واننا امة خير وإحسان، امة تسبيح وقرآن.. أمة بيوتها المساجد، وانسها خدمة المسلمين.. رمضان علمنا أننا أقوياء أمام الشهوات والمغريات.. لا جبناء نذل ونتبع نعيق التافهين من شياطين الانس والجن .. رمضان اعطا درساً لكل منافق وناعق ممن يريد أن يذهب حياء النساء ، ويميت غيرة الرجال، ويميع رجولة الشباب، أن رجالها ونسائها موقنون بموعود الله عزوجل لهم ...
تلمس بيوت الله هذه الليالي تراها تكتض بالرجال والنساء شيبا وشبابا، تراهم ركعاً سجداً يبتغون فضلاً الله ورضونا .. يقطعون الليل تسبحا وقرآنا .. تتجافى جنوبهم عن المضاجع يدعون ربهم خوفا وطمعا.
مشاهد تثلج الصدر وتبعث الأمل وتغيض العدوا ، عما يبحث هؤلاء وماذا تبتغي هذه الجموع المزدحمة على عتبات المساجد إلا محبة لله ولسماع كلام الله وشوقا لجنة الفردوس .. فمن قال هلك الناس فهو أهلكهم .. بل فيهم عُباد اتقياء ومحسنون منفقون ، واشداء في خدمة المسلمين ، ورجال أخيار أغيار ينهون عن السوء، والله لايضيع أجر من أحسن عملاً .. أترون أن الكريم الرحيم يذهب دموع الخاشعين سدى , أو تظنون باللطيف الخبير يخيب آمل المحسنين .. أو يضيع تعب العابدين إن ربنا لغفور شكور ..
ربُنا ..حليمٌ عظيمٌ راحمٌ متكرمٌ ** رءوفٌ رحيمٌ واهبٌ متطولُ
جوادٌ مجيـــــدٌ مشفقٌ متعطــــــفٌ ** جليلٌ جميلٌ منعمٌ متفضلُ
فأحسنوا الظن بربكم ، وربنا قال ( أنا عند ظن عبدي بي فاليظن عبدي ماشاء ...
عليك بحسن الظن بالله انه …* … يخص بحسن الاجر من أحسن الظنا
وكم محسن للظن بالله جاءه …* … ففاز بما اضفى عليه وما منا
اذا كان حسن الظن بالخلق نافعا …*… فكيف برحمان رحيم له دنا
نظن برنا خيرا ورحمته وسعة كل شي.. وليكن لك ديمومة على عمل صالح وخبيئة، وأبواب الخير كثيرة، وسبل الاحسان متعددة ، نفقة ودعاء ، إحسان وصلة أرحام، أمر بمعروف ونهي عن منكر ، صلاة وقراءة قرآن ، بر وذكر ، دعوة وتعليم ، فضع بصمتك في هذه الحياة ، فلا تدري ما العمل الذي ينجيك ، والباب الذي تدخل منه الجنة . وما بنيت في رمضان من صلوات ودعوات وورد للقرآن فاستمر عليها فأحب الأعمال إلى الله أدومها وإن قل .ثم استغفروا ربكم وتوبوا إليه إنّه هو الغفور الرّحيم.
الخطبة الثانية :
الحمد لله وكفى وسمع الله لمن دعى وصلى الله وسلم على الرسول المجتبى وعلى أله وصحبه ومن اقتفى وسلم تسليما كثيرا أمّا بعد:.
في خِتام هذا الشهر الكريم يُكثر المسلم من سؤال الله القبول والثبات والإخلاص، وعند إكمال العدة، شَرع الله لعبادِه عباداتٍ يتقربون بها، ليوفيهم أجورهم ويزيدَهم من فضله {وَلِتُكْمِلُوا الْعِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ} فشرع التكبير من غروب شمس ليلة العيد إلى الصلاة العيد.
وشرع الله زكاة الفطر، وهي صدقة واجبة عن الكبير والصغير والذكر والأنثى والحر والعبد من المسلمين، صاعاً من طعام، يخرجها الرجل عن نفسه وعمن تلزمه نفقتهم، تدفع للفقراء والمساكين خاصة وليست لسائر أصناف أهل الزكاة، لقول الرسول صلى الله عليه وسلم ( طُهرةٌ للصائم من اللغو والرفث وطعمة للمساكين) وأفضل وقتها أن تؤدى قبل خروج الناس لصلاة العيد، ويجوز أن تؤدى قبل العيد بيومٍ أو يومين، ولا يجوز تأخيرها عن صلاة العيد، ويجوز أن تعطى زكاة الواحد لعدد من الفقراء، كما يجوز أن تعطى زكاة الجماعة لفقير واحد.
وشرع للمسلمين أَن يَخرجوا لصلاة العيد، رجالاً ونساءً، قالت أُمُّ عَطِيةَ رضي الله عنها: أَمَرَنا رَسُوْلُ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنْ نُخْرِجَهُنَّ في الفِطْرِ وَالأضْحَى، العَوَاتِقَ، وَالْحُيَّضَ، وَذَوَاتِ الخُدُورِ، فأمَّا الحُيَّضُ فَيَعْتَزِلْنَ الصَّلَاةَ، وَيَشْهَدْنَ الخَيْرَ، وَدَعْوَةَ المُسْلِمِينَ) متفق عليه
كما يُسَنُّ للمسلمِ أَنْ يَأَكُلَ تَمراتٍ قَبْلَ أَنْ يخرجَ إلى صَلاةِ العِيْدِ، قال أَنسٌ رضي الله عنه: كانَ رَسولُ اللَّهِ r لا يَغْدُو يَومَ الفِطْرِ حتَّى يَأْكُلَ تَمَراتٍ) رواه البخاري .
والواجب على المرأةِ أن لا تخرج متبرجةً ولا متعطرةً ولا متزينةً بزينة يراها الرجال، وعلى وليها أن يفقهها في ذلك. وعلى الرجل مراعاة ملبسه فإن الاسبال من كبائر الذنوب ..
والدين والعبادة شاملة للملبس والمركب والزينه فلا يُتزين بمعصية الله من أخذ اللحية وحلقها فقد كان النبي كث اللحية وقال " خَالِفُوا المُشْرِكِينَ: وَفِّرُوا اللِّحَى، وَأَحْفُوا الشَّوَارِبَ " وكذا الاسبال في ثياب الرجال، أو تقصير ألبسة البنات أو زكرشة وتبرج في عباية النساء، تلك وربي ليست من معاني آثار العبادة والتأثر في رمضان .. فالعبادة خضوع واعمال وسلوك ، والرجل راع في أهل بيته ومسؤل عن رعيته.
والله رفيق يحب الرفق، فرفقاً بالكواهل أن تحمل من الديون مالا تطيق، أو تثقل بتكميل الكماليات هذه الأيام ، مع غلاء الاسعار والتباهي بالتواصل فتربى الأسر على الاقتصاد فكلوا واشربوا ولا تسرفوا .
ثم صلوا وسلموا على نبيكم محمد صاحب الحوض والشفاعة ، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك نبينا محمد وارض اللهم عن خلفائه الراشدين..
اللهم آمنا في دورنا وأصلح ولاة أمورنا ..
المرفقات
1744551432_نسائم العشر وختام الشهر.docx
1744551506_نسائم العشر وختام الشهر.pdf