نريد الوصول إلى وطن بلا مخدرات

محمد البدر
1440/04/06 - 2018/12/13 14:20PM
الْخُطْبَةِ الأُولَى:
عِبَادَ اللَّهِ: قَالَ تَعَالَى :﴿ وَلا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ ﴾]البقرة: 195[.الشريعة الإسلامية إنما جاءت للمحافظة على ضروريات الحياة الخمس وهي: الدين والنفس والنسل والعقل والمال ،ويكاد يكون العقل أهم مقصد من هذه المقاصد؛ والعقل هو مناط التكليف الشرعي؛ فمن فقد نعمة العقل رُفع عنه التكليف عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، قَالَ:« رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ: عَنِ النَّائِمِ حَتَّى يَسْتَيْقِظَ، وَعَنِ الصَّغِيرِ حَتَّى يَكْبُرَ، وَعَنِ الْمَجْنُونِ حَتَّى يَعْقِلَ أَوْ يُفِيقَ » رَوَاهُ النَّسَائِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ
عِبَادَ اللَّهِ: إن هذه البلاد اعني بلاد الحرمين المملكة العربية السعودية مستهدفة في كل شيء مستهدفة في دينها ومستهدفة في أمنها و في ثرواتها ومستهدفة في ابناءها لان كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ والمخدرات جزء من كيد الحاقدين والحاسدين من الداخل والخارج لهذه البلاد يريدون أن يستغلوا ابناء بلاد التوحيد من خلال بث سموم المخدرات استغلالاً لموسم الاختبارات في المدارس فينصبون فخاً ليقع الطلاب والطالبات في شراكهم وحبائلهم يُريدون تدميرهم والقضاء عليهم و أن ينشأ جيلٌ لا عقل له ولا دين فيُخربون بيوتهم بأيديهم ويستهدفون مختلف الأعمار ويركزون على مرحلة المراهقة والشباب وهي المرحلة التي تعتمد عليها الدولة في نهضتها فالمخدرات من أعظم المشكلات التي تهدّد أمن وسلامة المجتمعات وتعوق تقدمها اقتصادياً واجتماعياً وأمنياً.
قَالَ تَعَالَى :﴿أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنَا آلَ إِبْرَاهِيمَ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْنَاهُمْ مُلْكًا عَظِيمًا فَمِنْهُمْ مَنْ آمَنَ بِهِ وَمِنْهُمْ مَنْ صَدَّ عَنْهُ وَكَفَى بِجَهَنَّمَ سَعِيرًا ﴾ [النساء: 55].
وَعَنْ مُعَاذِ بن جَبَلٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ :«اسْتَعِينُوا عَلَى إِنْجَاحِ الْحَوَائِجِ بِالْكِتْمَانِ، فَإِنَّ كُلَّ ذِي نِعْمَةٍ مَحْسُودٌ» رَوَاهُ الطَّبَرَانيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.
عِبَادَ اللَّهِ: إن الناظر لآثار المخدرات بكل أنواعها وسائر نتائجها يراها تُشكل خطراً واضحاً واعتداء سافراً وتهديداً قاطعاً للضروريات الخمس؛ فمتعاطي المخدرات لا يُبالي بأحكام دينه، ولا يلتفت لواجبه نحو خالقه، فلا يحرص على طاعته، ولا يخشى معصيته، مما يترتب عليه فساد دينه وضياع آخرته، ومتعاطي المخدرات يفقد سويته البشرية وكرامته الإنسانية، ويصبح أُلعوبة بيد تجار الموت يلهث وراءهم باحثاً عن السراب، فلا يملك تفكيراً سوياً ولا اتزاناً ضرورياً ولا قدرة على حسن الاختيار لكل ما حوله مما يصبو إليه العقلاء، يبيع نفسه بثمن بخس ويبذل كل ماله ويبيع كل ما يملك بل يتعدى على غيره لجلب المال وهو على استعداد أن يسرق أو يحتال أو يختلس باحثاً جاهداً قاصداً لقاء حتفه بأشنع صورة وأبشع ميتة و هذا قليل من كثير في تصوير حالة المخدوع الهالك بالمخدرات – لذلك حكم العلماء على المخدرات بالتحريم القاطع بلا خلاف؛ وذلك لثبوت آثارها السلبية السيئة، ومضارها القاطعة اليقينية، ومخاطرها المحققة على الأفراد والمجتمعات البشرية. قَالَ تَعَالَى :﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّمَا الْخَمْرُ وَالْمَيْسِرُ وَالأَنصَابُ وَالأَزْلاَمُ رِجْسٌ مِّنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ فَاجْتَنِبُوهُ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ﴾ [المائدة: 90].والمخدرات تلتقي مع الخمر في علة التحريم، وهي الإسكار بإذهاب العقل فتُشمَل بحكمه. وَعَنْ ابْنِ عُمَرَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : « كُلُّ مُسْكِرٍ خَمْرٌ ، وَكُلُّ مُسْكِرٍ حَرَامٌ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ . أَقُولُ قَوْلِي هَذَا...
الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:
عِبَادَ اللَّهِ: أصبحت المخدرات ظاهرة عالمية يعاني منها الكثير من دول العالم، والمخاطر الناجمة عن هذه الظاهرة تستدعي ضرورة التصدي لها ومحاربتها بمختلف السبل والوسائل، ورغم خطورة تعاطي المخدرات داخل أيّ مجتمعٍ من المجتمعات وما تتركه من آثارٍ نفسيةٍ واجتماعيةٍ واقتصاديةٍ مدمرةٍ على الفرد والمجتمع، إلا أنها أصبحت تؤرق جميع المهتمين بها في المجتمع كالقيادات الأمنية التي لها تماس مباشر مع مثل هذه الآفة الخطيرة، وكذلك علماء الاجتماع وعلماء النفس ورجال الدين، من اجل احتوائها والحدّ من مخاطرها ،ولهذا يجب على الجميع التعاون من أجل القضاء والحد من انتشار هذه الآفة المدمّرة التي تؤدي إلى ضياع الشباب وإهلاك المجتمعات.
عِبَادَ اللَّهِ: لا بدّ من نشر الوعي بحقائق الأمور وإدراك حجمِ الخطر من خلال وسائل الاعلام المختلفة ووسائل التواصل الاجتماعي، ثم التكاتُف والتآزر بين أفراد المجتمع للحدّ من هذا الوباء وصدّه، كذلك تنمية الرقابةِ الذاتيّة بالإيمان والخوف من اللهِ في قلوبِ الناس عامّةً والناشئة والشّباب خاصّة، ولا بدّ من تكثيفِ التوعية بأضرار المسكرات والمخدّرات، وتجب العنايةُ بالشباب وملءُ فراغهم بما ينفعُهم وينفعُ مجتمعَهم. ويجب الأمرُ بالمعروف والنهيُ عن المنكر فهي مهمة كلِّ مسلمٍ ،ولا بدّ أن يتكاتفَ أفراد المجتمع مع الجهاتِ المسؤولة على نبذِ المروّجين والتبليغ عنهم وعدم التهاون معهم نريد الوصول إلى وطن بلا مخدرات.
الا وصلوا ...
المشاهدات 1107 | التعليقات 1

جزاك الله خيرا