نداء إلي تارك صلاة الجماعة

جابر السيد الحناوي
1434/04/23 - 2013/03/05 21:07PM
بسم الله الرحمن الرحيم
نداء إلي تارك صلاة الجماعة
أخوة الإسلام :
يحث الشرع الحنيف علي أداء الصلوات المفروضة في المسجد وفي الجماعة ، ورتب علي ذلك أجورا كبيرة ، وحذر من عدم إقامتها بالمساجد ، ورغم ذلك نجد الكثير من الناس يتهاونون في هذا الأمر الخطير ويكتفون بأدائها في البيوت أو في محال أعمالهم بدون عذر شرعي ، فما هو الحكم الشرعي في أمثال هؤلاء ؟؟
وقبل أن نجيب علي هذا التساؤل نود أن نطرح سؤالا آخر، هو: ما قولكم في موظف في إحدى الدوائر الحكومية أو الشركات ، لا يحضر إلى مقر العمل إلا يوما واحدا فى الأسبوع ، أو شهرا واحدا في السنة تهاونا وكسلا ، ولما طلب منه رئيسه في العمل أن يحضر يوميا كسائر الموظفين رفض ، وقال : إنه سوف يقوم بعمله الرسمي وهو في البيت ! ! ( [1] )
ما تقولون فيهذا الموظف ؟... ألا يستحق أن يوقع عليه أشد العقاب ؟؟ بل ألا يستحق الطرد والإبعاد عن العمل ؟
إذا فما رأيكم في مسلم لا يحضر إلى المسجد إلا يوما واحدا في الأسبوع (وهو الجمعة ) أو شهرا في السنة (وهو رمضان ) ويزعم أنه سيؤدي هذه الفريضة العظيمة في بيته ؟!
ما الفرق بين الصورتين ؟؟ هل فكر أحد من الموظفين أن يقوم بأداء وظيفته الدنيوية في بيته دون الحضور إلى مقر العمل وهو الديوان أو المصنع أو الشركة ...؟ إذاً لماذا يفكر كثيرون في الصلاة في بيوتهم دون الحضورإلى مقر الصلاة وهو المسجد؟
في كل صباح ، وفي كل يوم ، وفي ساعة محددة تقريبا يخرج الموظفون إلى أعمالهم والطلاب ، والتلاميذ إلى مدارسهم ، والعمال إلي أعمالهم ، فتكتظ بهم الشوارع والطرقات ، وحينما ينادي المنادي للصلاة : " حي علي الصلاة .. حي علي الفلاح " وخاصة لصلاة الفجر ، لا يخرج منهم إلا القليل ، فما هو السبب ياترى؟ أليس الله أحق بالإجلال والتعظيم ؟ أليست حقوق الله أولى بالاهتمام والتكريم . . ؟
إن المساجد هي أفضل البقاع وأطهرها على وجه الأرض ، وعمارتها بالصلاة ، وذكر الله من أعظم الأسباب الجالبة للرزق ، قال سبحانه وتعالي في سورة النور: " فِي بُيُوتٍ أَذِنَ اللَّهُ أَنْ تُرْفَعَ وَيُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ يُسَبِّحُ لَهُ فِيهَا بِالْغُدُوِّ وَالآصَالِ * رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَإِقَامِ الصَّلاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ يَخَافُونَ يَوْماً تَتَقَلَّبُ فِيهِ الْقُلُوبُ وَالأَبْصَارُ * لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ" ( [2] )
الشاهد قوله سبحانه وتعالي : " لِيَجْزِيَهُمُ اللَّهُ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ وَاللَّهُ يَرْزُقُ مَنْ يَشَاءُ بِغَيْرِ حِسَابٍ " بعد قوله سبحانه وتعالي : " لا تُلْهِيهِمْ تِجَارَةٌ وَلا بَيْعٌ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ " فالأرزاق بيد الله سبحانه وتعالي يعطى من يشاء ويمنع من يشاء ... لا معطى لما منع ، ولا مانع لما أعطى ...
وحري بكل عاقل أن يطرق هذا الباب من أبواب الرزق الرباني غير التقليدي ، خاصة في هذه المرحلة التي تمر فيها البلاد بأزمة أقتصادية طاحنة تكاد تعصف بكل فرص العمل والتوظف ، وتترك وراءها طابورا طويلا من العاطلين ، ولا أغالي إذا قلت من الجائعين ، مما أدي إلي ظهور وظيفة جديدة لم يعهدها المجتمع من قبل ، هي وظيفة البلطجة ، وتخريب المرافق العامة والخاصة ، وأصبح لها مقاولون لتوريد الأنفار للمظاهرات والاعتصامات نظير مبالغ باهظة لم يكن يحلم بها الصبية والبلطجية ، ولكل ثمنه حسب دوره وعمره ، والبركة في أموال مصر المنهوبة التي يصرف منها ببذخ علي كل من يخرب البلاد ، بل وأصبح لهم مراكز تجمع معروفة للأسف للجميع باستثناء سلطات الدولة الغائبة ، والمضحك المبكي أنهم أصبح لهم اعتصامات ومظاهرات علي أنفسهم ، منها أنهم أحرقوا ثلاثة خيام مؤخرا في ميدان التحرير احتجاجا علي تأخر رواتبهم ... والعجب كل العجب أن مثل هذه الأخبار لا تنشرها القنوات الفضائية المأجورة ، ومقدمي البرامج مدفوعة الأجر من تحت الترابيزة ، وفي التليفزيون الحكومي الذي ينفق عليه من دم الشعب وضرائبه ، وإلا غُلِّقَت دونهم صنابير الرشاوي والإكراميات ... !!! وإنا لله وإنا إليه راجعون .
إن العبد ليحرم الرزق بالذنب يصيبُه كما أخبر بذلك الصادق المصدوق صلي الله عليه وسلم فعَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ صلي الله عليه وسلم قَالَ : " لا يَرُدُّ الْقَدَرَ إِلا الدُّعَاءُ وَلا يَزِيدُ فِي الْعُمُرِ إِلا الْبِرُّ وَإِنَّ الْعَبْدَ لَيُحْرَمُ الرِّزْقَ بِالذَّنْبِ يُصِيبُهُ " ( [3] ) وهل من ذنب أعظم من الاستهانة بأوامر الله وحقوقه ، وتقديم أوامر غيره على أوامره ، وحقوق غيره على حقوقه ؟
وتأمل قوله سبحانه وتعالي فى الآيات : " رِجَالٌ لا تُلْهِيهِمْ " فهؤلاء هم الرجال ، وما سواهم فأشباه الرجال ولا رجال ، فالصلاة فى البيوت من خصائص النساء.
وقد ثبت في الصحيح أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قد هَمَّ أن يحرق على قوم بيوتهم بالنار لتخلفهم عن صلاة الجماعة بالمسجد ، فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه أن النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم قَالَ : " لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ أُخَالِفُ إِلَى مَنَازِلِ قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ " ( [4] ) ولا يتوعد بتحريق بيوتهم بالنار إلا على ترك واجب ، ومامنعـه من ذلك إلا مافيها من النساء والأ طفال الذين لاتجب عليهم صلاة الجماعة فى المسجد.
أخوة الإسلام :
إن التكاسل عن صلاة الجماعة من أبرز صفات المنافقين التى وصفهم الله بها في كتابه العظيم ، حيث قال سبحانه وتعالي في وصفهم : " إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ وَإِذَا قَامُوا إِلَى الصَّلاةِ قَامُوا كُسَالَى يُرَاؤُونَ النَّاسَ وَلا يَذْكُرُونَ اللَّهَ إِلا قَلِيلاً " ( [5] ) وقال سبحانه وتعالي : " وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلا وَهُمْ كُسَالَى " ( [6] )
وقال ابن مسعود رضي الله عنه : " وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلَّا مُنَافِقٌ مَعْلُومٌ نِفَاقُهُ وَلَقَدْ رَأَيْتُ الرَّجُلَ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ " ( [7] ) فيامن تتهاون في صلاة الجماعة ، هل ترضى لنفسك أن تكون في زمرة المنافقين الذين هم أشد الناس عذابا يوم القيامة ؟ " إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرًا" ( [8] )
أخوة الإسلام :
ونظرا لأهمية صلاة الجماعة وضرورة تأديتها فى المساجد ، لم يترك الشرع لأتباعه عذرا فى تركها ، فعن ابن عباس رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ فلا صلاة له " قَالُوا وَمَا الْعُذْرُ قَالَ خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ " ( [9] ) وفى لفظ : " لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصَّلاةُ الَّتِي صَلَّى " ( [10] ) ومع ذلك لم يكن الصحابة رضي الله عنهم ياخذون بهذه الرخصة ، كما سمعنا من ابن مسعود رضي الله عنه .
فكيف يليق بمسلم صحيح آمن يسمع منادي الله كل يوم خمسَ مراتٍ وهو يناديه : " حي على الصلاة ، حي على الفلاح " ثم لا يجيبه ؟ ... ويسمعه وهو يقول : " الصلاة خير من النوم " ثم يكون النوم عنده خير من الصلاة ؟ ... ويسمع منادى الله وهو يقول : " الله أكبر" ثم يكون اللعب عنده أكبر، ومشاهدة الأفلام والمباريات عنده أكبر ، ومشاغل الدنيا الفانية لديه أكبر؟ ... إن التخلف عن صلاة الجماعة دليل على ضعف الإيمان وخواء القلب من تعظيم الله وتوقيره واحترامه .
والعجب كل العجب ... إن الكبر ـ أعاذنا الله منه ـ من الموانع التي تمنع بعض الناس من حضور صلاة الجماعة ، كأن يأنف البعض من الوقوف بجانب عامل أو فقير؟ وقد قال صلي الله عليه وسلم : " لا يَدْخُلُ الْجَنَّةَ مَنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ مِثْقَالُ ذَرَّةٍ مِنْ كِبْرٍ" ( [11] ) فنعوذ بالله من ذلك ، فالكبرياء لله وحده .
أخي المسلم :
يا من تصلى في بيتك وتهجر بيوت الله ، إنك مهما عشـت في هذه الدنيا فلابد لك من دخول المسجد ، إما حيا ، وإما ميتا ... فلماذا لا تحرص على دخوله حيا قبل ألا تدخله إلا وأنت محمول على الأكتاف ليصلي عليك ؟ وحينئذ لا ينفعك مالك ولا تجارتك ولا جاهك أو منصبك ، ولا مشاغلك الدنيوية التي شغلتك عن إجابة داعي الله وأنت صحيح آمن معافى .
وأخيرا اعلم أخي المسلم :
أن المساجد هي المدارس الحقيقية التي تتربى فيها الأجيال ، وهي الجامعات التي يتخرج فيها الرجال والأبطال ، ولقد فقه أعداؤنا ذلك جيدا ... جولدا مائير يخوفونها من الإسلام يوم كانت رئيسة لوزراء الكيان الصهيوني ، فتطمئنهم بأنه لا خوف علي اسرائيل من المسلمين إلا إذا امتلأت المساجد بالمصلين في صلاة الفجر كما تمتلئ بهم في صلاة الجمعة ... ولذا يحاولون جاهدين تخريب مساجدنا علينا ، وتقليص دورها الحقيقي في تربية الأمة ، وهذا ما يفسر تدخل أمريكا في رسم سياسة المساجد ... من توحيد الأذان ، وتوحيد خطبة الجمعة وما إلي ذلك ... فلن يكون للمسـلمين عزة ولا قوة ولا هيبة إلا حين يعودون إلى المساجد ، فينطلقون منها كما انطلق منها أسلافنا الأولون ، لينشروا الهدى والحق والنور في كل مكان ، وصدق من قال :
لا يُصـــــنع الأبطـــــال إلا * في مســـــاجدنا الفســـــاح
في روضــــة القـــــرآن في * ظـل الأحـاديث الصحـــاح
شعــــــب بغــــــير عقـــيدة * ورق يذريه الريـــــــــاح
من خان(حي على الصلاة) * يخون (حي على الكفــاح )
*** *** ***
إخوة الإسلام :
الأدلة على وجوب صلاة الجماعة في المساجد من كتاب الله سبحانه وتعالي وسنة رسوله صلي الله عليه وسلم وأقوال الصحابة رضي الله عنهم كثيرة جدا ، وهي لا تخفى على من وفقه الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى " وَالَّذِينَ اهْتَدَوْا زَادَهُمْ هُدًى وَآتَاهُمْ تَقْوَاهُمْ " ( [12] ) لذا فسأقتصر على ذكر بعضها مما تقوم به الحجة إن شاء الله تعالى :
أولا : من كتاب الله:
1- قال سبحانه وتعالي : " يَوْمَ يُكْشَفُ عَنْ سَاقٍ وَيُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ فَلا يَسْتَطِيعُون* خَاشِعَةً أَبْصَارُهُمْ تَرْهَقُهُمْ ذِلَّةٌ وَقَدْ كَانُوا يُدْعَوْنَ إِلَى السُّجُودِ وَهُمْ سَالِمُونَ" ( [13] )
قال سعيد بن المسيب رحمه الله : كانوا يسمعون (حي على الصلاة حي على الفلاح ) فلا يجيبون وهم أصحاء سالمون . وقال كعب الأحبار: والله ما نزلت هذه ا لآية إلا في الذين تخلفوا عن الجماعة ... فأى وعيد أشد وأبلغ من هذا لمن ترك صلاة الجماعة مع القدرة على إتيانها ؟؟.
2- وقال سبحانه وتعالي : " وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكَاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ" ( [14] ) والشاهد هنا قوله سبحانه وتعالي : " وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ" أي : صلوا مع المصلين، ففيه الأمر بالجماعة للصلاة ووجوبها ( [15] ) ، وهو نص فى وجوب صلاه الجماعة ومشاركة المصلين فى صلاتهم ، ولو كان المقصود إقامتها فقط لاكتفى بقوله سبحانه وتعالي فى أول الآية : " وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ "
3- وقوله سبحانه وتعالي : " وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ فَإِذَا سَجَدُوا فَلْيَكُونُوا مِنْ وَرَائِكُمْ وَلْتَأْتِ طَائِفَةٌ أُخْرَى لَمْ يُصَلُّوا فَلْيُصَلُّوا مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا حِذْرَهُمْ وَأَسْلِحَتَهُمْ " ( [16] ) وجه الدلالة من هذه الآية أن الله أوجب أداء الصلاة فى الجماعة فى حال الحرب ، ففى حال السلم أولى ، ولو كان أحدٌ يُسامح فى ترك صلاة الجماعة ، لكان الصافون للعدو ، والمهددون بهجومه عليهم أولى بأن يسامح لهم فى تركها .
ثانيا : من السنة :
1- وقد سبق أن مر بنا حديث النَّبِيِّ صلي الله عليه وسلم : " لَقَدْ هَمَمْتُ أَنْ آمُرَ بِالصَّلاةِ فَتُقَامَ ثُمَّ أُخَالِفُ إِلَى مَنَازِلِ قَوْمٍ لا يَشْهَدُونَ الصَّلاةَ فَأُحَرِّقَ عَلَيْهِمْ "
2- و عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : أَتَى النَّبِيَّ صلي الله عليه وسلم رَجُلٌ أَعْمَى فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَجُلٌ ضَرِيرُ الْبَصَرِ شَاسِعُ الدَّارِ لَيْسَ لِي قَائِدٌ يَقُودُنِي إِلَى الْمَسْجِدِ ، فَسَأَلَ رَسُولَ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم أَنْ يُرَخِّصَ لَهُ فَيُصَلِّيَ فِي بَيْتِهِ ، فَقَالَ له صلي الله عليه وسلم : " هَلْ تَسْمَعُ النِّدَاءَ بِالصَّلاةِ ؟ " قَالَ : نَعَمْ . قَالَ صلي الله عليه وسلم : " فَأَجِبْ ، لا أَجِدُ لَكَ رُخْصَةً " ( [17] ) فإذا كان هذا فى حق رجل أعمى ، يسكن بعيدا عن المسجد ، وليس عنده من يقوده إلى المسجد ، فبالله عليكم كيف بمن هو صحيح البصر ، معافا فى بدنه ، آمنا فى سـربه ... لا عذر له !!
3- وقد مر بنا قولُ ابن عباس رضي الله عنه أن رسول الله صلي الله عليه وسلم قال : "مَنْ سَمِعَ الْمُنَادِيَ فَلَمْ يَمْنَعْهُ مِنْ اتِّبَاعِهِ عُذْرٌ. قَالُوا : وَمَا الْعُذْرُ ؟ قَالَ خَوْفٌ أَوْ مَرَضٌ ، لَمْ تُقْبَلْ مِنْهُ الصَّلاةُ الَّتِي صَلَّى ، وأنه لا صلاة له ".
4 - وعن أبي موسى رضي الله عنه قال : قال رسول الله صلي الله عليه وسلم : " من سمع النداء فارغا صحيحا فلم يجب فلا صلاة له " ( [18] )
5 ـ وعَنْ أَبِي الْجَعْدِ الضَّمْرِيِّ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلي الله عليه وسلم : " مَنْ تَرَكَ ثَلاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ طَبَعَ اللَّهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى عَلَى قَلْبِهِ " ( [19] ) والمعني قال ابن الملك : " مَنْ تَرَكَ ثَلاثَ جُمَعٍ تَهَاوُنًا " : أي تساهلا وعن تقصير لا عن عذر " طَبَعَ اللَّهُ عَلَى قَلْبِهِ " : أي ختم " عَلَى قَلْبِهِ ": يمنع إيصال الخير إليه ، وقيل : كتبه منافقا ، وهذا ما أميل إليه لأن الله تَبَارَكَ وَتَعَالَى وصف المنافقين بقوله سبحانه وتعالي : " ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ " ([20] )
ثالثا : من أقوال الصحابة رضي الله عنهم :
1- عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بن مسعود قَالَ : " مَنْ سَرَّهُ أَنْ يَلْقَى اللَّهَ غَدًا مُسْلِمًا فَلْيُحَافِظْ عَلَى هَؤُلاءِ الصَّلَوَاتِ حَيْثُ يُنَادَى بِهِنَّ ، فَإِنَّ اللَّهَ شَرَعَ لِنَبِيِّكُمْ صلي الله عليه وسلم سُنَنَ الْهُدَى وَإِنَّهُنَّ مِنْ سُنَنِ الْهُدَى وَلَوْ أَنَّكُمْ صَلَّيْتُمْ فِي بُيُوتِكُمْ كَمَا يُصَلِّي هَذَا الْمُتَخَلِّفُ فِي بَيْتِهِ لَتَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ وَلَوْ تَرَكْتُمْ سُنَّةَ نَبِيِّكُمْ لَضَلَلْتُمْ ، وَمَا مِنْ رَجُلٍ يَتَطَهَّرُ فَيُحْسِنُ الطُّهُورَ ثُمَّ يَعْمِدُ إِلَى مَسْجِدٍ مِنْ هَذِهِ الْمَسَاجِدِ إِلا كَتَبَ اللَّهُ لَهُ بِكُلِّ خَطْوَةٍ يَخْطُوهَا حَسَنَةً وَيَرْفَعُهُ بِهَا دَرَجَةً وَيَحُطُّ عَنْهُ بِهَا سَيِّئَةً وَلَقَدْ رَأَيْتُنَا وَمَا يَتَخَلَّفُ عَنْهَا إِلا مُنَافِقٌ مَعْلُومُ النِّفَاقِ ، وَلَقَدْ كَانَ الرَّجُلُ يُؤْتَى بِهِ يُهَادَى بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ حَتَّى يُقَامَ فِي الصَّفِّ " ( [21] )
2- وعن أبي هريرة رضي الله عنه قال : " لأن يمتلئ أذن ابن آدم رصاصا مذابا خير له من أن يسمع المنادي ثم لا يجيبه " ( [22] )
وبعد هذه الأدلة الواضحة الصريحة ، هل بقى لمتخلف عن صلاة الجماعة فى المسجد عذر ؟ اللهم هل بلغت ، اللهم فاشهد.
تَذَكَّر نعم الله عليك ، وما من الله به عليك من الصحة والعافية ... واعلم أن هذه النعم بقاؤها مرهون بالشكر: " لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ " ( [23] ) وشكر هذه النعم يكون باستعمالها في مرضاة الله وشهود الجمع والجماعات ، وصلة الأرحام والقرابات وغيرها من الطاعات والقُرُبات.
وصل اللهم وسلم وبارك علي محمد
وعلي آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا

[1]عن رسالة عاجلة إلي جار المسجد : محمد بن عبد العزيز المسند
[2]النور36 – 38

[3]مسند أحمد ج 45 / ص 394
[4]صحيح للبخاري ج 8 ص 268
[5]النساء :142
[6] التوبة : من الآية54
[7]سنن النسائي 3/ 367
[8]النساء : 145
[9]المستدرك على الصحيحين للحاكم ج 2 / ص 413
[10]سننن أبي داود ج 2 / ص 155
[11]صحيح مسلم ج 1 / ص 247
[12]محمد : 17
[13]القلم : 42-43
[14]البقرة :43
المشاهدات 3498 | التعليقات 0