نخاسوا القلوب // د. ديمة طارق طهبوب

احمد ابوبكر
1435/05/25 - 2014/03/26 13:14PM
حرصت طاعة لله على مراقبة قلبها و تعهده كما يتعهد الواحد منا زهرة رقيقة يخاف على وريقاتها من السقوط مع هبات الريح... كانت كأي فتاة طبيعية تطرق المشاعر قلبها خاصة أنها كانت مولعة بالأدب و الشعر و اللغة و الجماليات و لكنها ظلت تسيج قلبها لكيلا يدخله الا من يستحقه فهي ترى قلبها رأس مالها و لم تكن مستعدة لتسلمه لكل من هب و دب كانت محط أنظار الكثيرين فالشباب يطوفون كثيرا و لكنهم عندما يرسون على بر ينتقون على الأغلب ذات الأخلاق التي يحبون أن يتربى أولادهم في كنفها، و قد رفضت الكثيرين و هي تبحث عن المعادلة المثلى في صاحب الدين و الخلق الى أن صادفت شابا يصنف من المتدينين و دخل عليها بكلام الدين و العمل و الهم المشترك و المشاريع فتحرك بينهما ما هو أكبر من ذلك من مشاعر بشرية لم تظل حبيسة الصدر طويلا فصارحها بأن يريدها في الحلال للآن لا بأس في القصة الواقعية التي تتكرر في حياتنا كثيرا سوى أن "البطل" لم يكن على قدر كلمته بعد أن أملها و وثقت به و أحبته و نسجت أحلاما بحياة مستقبلية و رأت فيه كل طموحاتها في الرجل! و تم الفراق بجروح أكبر و أوجع في نفس الفتاة و أقل أثرا في نفس الشاب، فالرجل لا يكسره حب امرأة و يسهل عليه أن ينقل فؤاده حيث شاء من الهوى أما المرأة فقلبها ملكية حصرية و الكسور فيه تبقى آثارها و الجروح تظهر ندوبها حتى لو كانت في صورة ذكرى مؤلمة قد تتجاوزها أو لا تستطيع ذلك! تتكرر هذه السناريوهات العاطفية في مجتمعنا و تكثر قصص الخيبة و لم يعد قصر مدة التعارف و لا طولها يغني عن الصدق شيئا، فبعض الرجال يتسلون بالعواطف و القلوب كما يتسلون بالألعاب على هواتفهم و حواسيبهم و يحبون أن يعيشوا حالة الحب و الهيام و أن يكون فارسا في نظر امرأة و يحاولون تسجيل الأهداف و قطع المراحل دون نهاية تتكلل بنصر حاسم و قد يترك اللعبة مللا و يتحول الى غيرها!!! للاسف أن الأنثى هي الأضعف في معادلة العواطف و بالذات اذا كانت على خلق فتجربيتها محصورة و مثالية و من يدخل عليها بقال الله و قال رسوله و ركعتين في المسجد و كلمتين حفظهما من كتاب و شعار يردده قد يأخذ بلبها!! ناهيك أن كلمة الحب لأول مرة في قلب لم يدق سابقا لشخص بعينه يكون لها مفعول السحر! لذا ربما لم يرد لنا الدين أن نتعمق في مشاعرنا حتى نتثبت من أساسيات في الحياة أهم بكثير من دقة قلب ستخف مع السنين و تتخذ أشكالا أخرى أعمق أو أقل! و لكن لا يمكن لنا أيضا مع قلة الأمانة في الرجال و كثرة التزين أن نحرق المراحل و نسارع الى الإتمام فتكون الخسارة أكبر و المصيبة أعظم و الكسر مضاعفا! جاء في الحديث الشريف الذي يشجع على النظر الى المخطوبة "انظر اليها فإنه أحرى أن يؤدم بينكما" و فعل يؤدم بالمضارعة دلالته موحية على أخذ الوقت و التمهل فهذا الفعل المتعلق بالديمومة و هو الزواج يحتاج إنجازه و ثباته الى وقت و ليس صنيع لحظة و لا نظرة عين فقط رأت ما أعجبها من حسن ظاهر فأخذت قرارا مصيريا سينتج عنه إما جنة في الدنيا أو جحيم سيؤذي فردين و الداهية إذا شمل أكثر!! مشكلة عنما لا يعود الدين في الرجال يعني الأمانة و الثقة للنساء في مستقبلهن الأسري لأنه تدين شكلي لا يجاوز الحلوق!! مشكلة عندما تصبح الأخلاق رداء يلبسه الرجال في الملأ و يخلعونه عند باب البيت!! مشكلة عندما تغيب المرؤءة و الرجولة فيبقى أشباه الرجال الذين يسولون لأنفسهم التلاعب بالنساء لأغراضهم الشخصية!! مشكلة أن يصبح الزواج بطيخة مخفية اللب أو ضربة حظ يا تصيب يا تخيب و يكون العهد على كتاب الله و سنة رسوله مجرد كلام لا يعي بعض رجال هذا الزمان أن رجال الز مان المجيد كانوا يضحون بحياتهم لأجل ثوب امرأة و صرخة امرأة، و كم دمعت اليوم عيون و كم كسرت قلوب و كم هضمت حقوق و رجال اليوم يرون الرجولة خشونة صوت و هرمونات ذكورية و قوة جسدية و مباهاة أمام الأقران و لسانا يبعبع دون فعل!! أيها الرجل لا يليق بك أن "تتولدن" و تراهق بمشاعرك كالصبية!! للرجولة ضريبة في النظرة و الكلمة و التصرف إذا لم تكن مستعدا لدفعها فصدق أن الرجولة ليست حاصل تحصيل لك لمجرد أنك خلقت ذكرا!! كم من رجال عفوا عن مشاعر فاض بها القلب و نظرات تاقت لها العين و أفعال تحركت نحوها الجوارح مراعاة لله في قلوب الآخرين و قد قيل "إن من أعظم ما يجب أن يتق الانسان ربه فيه هو قلوب الآخرين" من هنا يبدء الإمساك بالمعروف أن تمسك نفسك عما تحب و عمن تحب إذا كنت تعرف أنك لست أهلا لحفظ القلوب و إنفاذ العهود خلاصة الكلام للنساء: لا تسلمي قلبك من أول كلمة و أول نظرة و أول جلسة مشاهدة فإن نخاسي الكلام و النظرات و المشاعر كثر و القلب رأس مال الانسان و مثل اولئك من قليلي الذمة سيبيعونه برخيص الخذلان، فمن لا يبذل في الحب الا الكلام لن يقوى على الفعل و كلمته في سوق الرجال لا تساوي فلسا! بعض الخطوات على الطريق: الاستخارة و الاستشارة و التؤدة و التريث و الدعاء بقرة العين و أن يكون ابتلاء المرء في زوجه ثم أن يكون كل شيء في النور فما يستخفي منه الانسان في السر ربما ليس نبيلا لأن يتم في العلن، و رجل يحرص على المرأة في السر مع غياب رقباء البشر و حضور الرقيب العليم الخبير سبحانه قمين أن يضعها على رأسه في العلانية ليس هناك شيء اسمه أعظم حب و بعده حطام أو على الدنيا السلام فلو كان ذلك لما وصلت خديجة رضي الله عنها الى محمد صلى الله عليه و سلم و لا عوض الله أم سلمة برسول الله و لا تنقلت أسماء بنت عميس بين الكرام و الأفذاذ جعفر و أبي بكر و علي كيف نرى المستقبل؟ بعين الأمل في أن الخير باق و لو على قلة و ندرة و بعين الرجاء أن تربي الأمهات أبنائهن على العفة و الأمانة و الحياء من الله و الإجلال لعهوده حتى نسلم فلذات أكبادنا و المؤنسات الغاليات و قواريرنا دون خوف أن تعود مكسورة في اليوم التالي! الصلاة الصلاة و استوصوا بالنساء خيرا كانت من آخر الوصايا و الأمانات التي عهد بها رسول الله صل الله عليه و سلم الى أمته، الأولى فرض يصلك برب السماء لتحفظ أمانة و حقوق أهل الأرض و لو صحت الأولى لصحت الثانية و من فرط في الثانية فلن تنفعه الأولى فكم تساوي في سوق الرجولة و كم تساوين في سوق الأنوثة بميزان تقوى الله؟
المشاهدات 1220 | التعليقات 0