موجة تقليد الغرب عند الشباب

عبدالرحمن القحطاني
1444/04/17 - 2022/11/11 01:47AM
إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبينا محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ وَلا تَموتُنَّ إِلّا وَأَنتُم مُسلِمونَ﴾
﴿يا أَيُّهَا النّاسُ اتَّقوا رَبَّكُمُ الَّذي خَلَقَكُم مِن نَفسٍ واحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنها زَوجَها وَبَثَّ مِنهُما رِجالًا كَثيرًا وَنِساءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذي تَساءَلونَ بِهِ وَالأَرحامَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلَيكُم رَقيبًا﴾
﴿يا أَيُّهَا الَّذينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقولوا قَولًا سَديدًا ۝ يُصلِح لَكُم أَعمالَكُم وَيَغفِر لَكُم ذُنوبَكُم وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسولَهُ فَقَد فازَ فَوزًا عَظيمًا﴾
أما بعد
:فإن أصدق الحديث كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.
 
 
أيها المؤمنون:
 
خرج المسلمون بعد فتح مكة ، مع رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى حنين ، لملاقاة قبائل العرب التي تجمعت لقتال المسلمين ، وفي أثناء الطريق ، مروا بشجرة يقال لها ذات أنواط، كان الكفار في الجاهلية يعلقون عليها سيوفهم قبل المعركة تبركاً بها، فقال بعض المسلمين - وكانوا حديثي عهد بكفر -: يا رسول الله : اجعل لنا ذات أنواط ؟ كما لهم ذات أنواط؟-، فغضب رسول الله - صلى الله عليه وسلم – وقال : " الله أكبر ! قلتم والذي نفس محمد بيده كما قال قوم موسى : ( اجْعَل لَّنَا إِلَهًا كَمَا لَهُمْ آلِهَةٌ قَالَ إِنَّكُمْ قَوْمٌ تَجْهَلُونَ ) ، إنها السنن ، لتركبن سنن من كان قبلكم " أخرجه أبو داود .
 وفي رواية في البخاري ومسلم: " لتتبعن سنة من كان قبلكم شبراً بشبر ، وذراعاً بذراع ، حتى لو دخلوا جحر ضب لتبعتموهم " قلنا : يا رسول الله ، اليهود والنصارى ؟ قال : " فمن ؟!" .
 
نعم عباد الله، إنها نهايةُ التقليدِ الأعمى واتباعِ خطوات الشيطان، فما انتشرت البدع والخرافات والشرك إلا بسبب تقليد الناس لبعضهم،
والتقليد يكون في بداية الأمر في بعض المظاهر والعادات ثم يتطور شيئاً فشيئاً حتى يصلَ إلى الأفكار والمعتقدات، ثم في نهاية الأمر يأتي جيلٌ يقلد أفرادُهُ أناساً مشركينَ، ظانين أنهم على الهدى،
 
لما دعا إبراهيم -عليه السلام- قومه إلى توحيد الله، وعبادته، وسألهم عن هذه الأصنام التي يعبدونها من دون الله، قال لهم ﴿ما هذِهِ التَّماثيلُ الَّتي أَنتُم لَها عاكِفونَ ۝ قالوا وَجَدنا آباءَنا لَها عابِدينَ﴾
مع أنه كان قبلَ إبراهيمَ عليه السلام أنبياءٌ ولهم أتباع،
 
وهذه سنة الله التي حذرنا منها نبينا ﷺ
 
وقد بلغ التقليد بشبابنا في هذا الزمان مبلغاً عظيماً، فرأينا هيئات على بعض الشباب والفتيات لا تمت للإسلام بصلة، بل هي والله من هيئات شذاذ الآفاق، وأرذل الكفار أخلاقاً في مجتمعاتهم، أصبحنا نرى الأوشامَ تنتشر بين شبابنا وبناتنا ونرى تخريقَ الأنوفِ والآذانِ والجفونِ، ونرى قصاتٍ للشعر تتميز بغرابتها وغرابة ألوانها ولو كانت قبيحة، وانتشرت تربيةُ الكلاب، وأصبح مألوفاً لبسُ الأساور والسلاسل والقلائد،
قصات انثوية للشباب وقصات ذكورية للبنات وأمور غريبة يندهش منها الحليم، ويحتار فيها العاقل، ويتسائل الناظر كيف وصل بنا الحال إلى هذا الحد؟
أيها الشباب؟
ماهذا الذي تفعلون؟
إلى أين أنتم ذاهبون؟
 قولو لي بالله عليكم ماذا بقي من هيئات للكفار على مختلف مشاربهم وتوجهاتهم وميولهم لم نراها اليوم في مجتمعنا المسلم الذي يقول أفراده آمنت بالله رباً وبالإسلام دينا وبمحمد ﷺ نبيا،
 
ألم تسمعوا بقول رسول الله ﷺ (من تشبه بقوم فهو منهم)
 
ألا تعلمون أن هذا يعد من الموالاة لهم واتباعهم في ضلالتهم،،
والله تعالى يقول ﴿الَّذينَ يَتَّخِذونَ الكافِرينَ أَولِياءَ مِن دونِ المُؤمِنينَ أَيَبتَغونَ عِندَهُمُ العِزَّةَ فَإِنَّ العِزَّةَ لِلَّهِ جَميعًا﴾
 
أصبح هؤلاء يفعلون مايحلو لهم من مخالفة صريحة لهيئات المسلمين وتعاليم ديننا القويم ومشابهة لهيئات الغرب المنحل أخلاقياً ودينياً دون أدنى مراعاة للذوق العام أو اعتبارٍ للنقد المجتمعي، وذلك حينما ذهب الحياء منهم، وصدق رسول الله ﷺ إذ قال (إنَّ ممَّا أدرك النَّاسُ من كلامِ النُّبوَّةِ الأولَى : إذا لم تستحْيِ فاصنَعْ ما شئتَ)
 
ولكنها التبعية، والهزيمة النفسية، والشعور بالدونية،
ولسان حالهم يقول:
ضاعَتْ مَعَالمُ عِزَّةٍ وتحطَّمَت *** فينا الكَـرَامةُ واستُبيحَ الدَّارُ
وَتبدَّلتْ أخـلاقُنا وطِباعُنا *** وتساوتْ الحسَناتُ والأوزارُ
 
 
ولا شك أن ذلك بسبب الانغماس في الحياة المادية، واتباع الشهوات والملذات، و البعد عن كتاب الله تعالى وسنة نبيه ﷺ،
 
ولا سبيل عباد الله لاختفاء تلك المظاهر إلا بالعودة الصادقة إلى الدين،
 
قال عمر بن الخطاب رضي الله عنه (إنَّا كنَّا أذلَّ قوم، فأعزَّنا الله بالإسلام، فمهما نطلب العِزَّة بغير ما أعزَّنا الله به أذلَّنا الله)
 
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعنا بما فيه من الآيات والذكر الحكيم.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم الجليل لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
 
—————
 
الخطبة الثانية:
الحمد لله على إحسانه، والشّكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيما لشأنه، وأشهد أنّ نبيّنا محمّدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلّى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلم تسليماً كثيراً مزيداً إلى يوم الدين.
أمّا بعد:
فاتقوا الله حق التقوى وراقبوه في السر والنجوى.
 
عباد الله:
قال رسول الله ﷺ: «إذا قال الرَّجُل: هَلَكَ الناس، فهو أَهْلَكُهُم».
 
مجتمعنا بحول الله وقوته باقٍ على تمسكه بدين الله، المساجد مليئة بالمصلين وحلق التحفيظ والذكر مليئة بالطلاب، ولا يزال معظم نسائنا متمسكات بالحجاب، فلله الحمد والمنة
 
ولكن الواجب علينا عباد الله، الحفاظَ على هذه المكتسبات ونبذِ المظاهر الدخيلة علينا بالأخذ على يد شبابنا وبناتنا بالحسنى والنصح لهم على قدر المستطاع، لأن خلفهم جيلٌ صاعد ينبغي ألا ينشأ على مانراه اليوم،
والله تعالى يقول: ﴿كُنتُم خَيرَ أُمَّةٍ أُخرِجَت لِلنّاسِ تَأمُرونَ بِالمَعروفِ وَتَنهَونَ عَنِ المُنكَرِ وَتُؤمِنونَ بِاللَّهِ﴾
فالخيرية في هذه الأمة لا تزال بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر،
 
وقال ﷺ: (والَّذي نفسي بيدِهِ لتأمرُنَّ بالمعروفِ ولتنهونَّ عنِ المنكرِ ، أو ليوشِكَنَّ اللَّهُ أن يبعثَ علَيكُم عِقابًا مِن عندِهِ ، ثمَّ لتدعُنَّهُ فلا يستجيبُ لَكُم)
————
صلوا وسلموا على من أمركم الله بالصلاة والسلام عليه فقال عز من قائل
﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾
اللهم صلِّ وسلِّم وبارك وأنعم على صاحب الوجه الأنور والجبين الأزهر نبينا محمد وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى أزواجه أمهات المؤمنين وارضَ اللهم عن الأربعة الخلفاء الراشدين، أبي بكرٍ، وعمر، وعثمان، وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين ، وعن التابعين، ومَن تَبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بعفوك وكرمك وإحسانك يا أرحم الراحمين.
اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، وانصُر عبادك الموحِّدين.
اللهم من أراد الإسلام والمسلمين بسوء فأشغله في نفسه واجعل تدميره في تدبيره.
اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.
اللهم آمنَّا في أوطاننا، وأصلِح أئمتنا وولاة أمورنا.
اللهم وفق ولي أمرنا خادم الحرمين الشريفين لهداك واجعل عمله في رضاك وارزُقه وولي عهده البطانةَ الصالحة الناصحة التي تدله على الخير وتعينه عليه.
اللهم أره الحق حقاً وارزقه اتباعه، وأره الباطل باطلاً وارزقه اجتنابه.
اللهم ادفَع عنَّا الغَلاء والوباء، والربا والزنا والزلازل والمِحَن وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصَّة، وعن سائر بلاد المسلمين عامَّة يا رب العالمين.
ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
عباد الله:
أنَّ الله يأمُر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القُربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغْي، يعظُكم لعلَّكم تذكَّرون.
فاذكُروا الله العظيم الجليل يذكُركم، واشكُروه على نِعَمِه يزدْكم، ولَذِكرُ الله أكبر، والله يعلَمُ ما تصنَعون.
المرفقات

1668120235_تقليد الغرب.pdf

1668120451_تقليد الغرب.docx

المشاهدات 1372 | التعليقات 0