مواقف وحوارات من يومِ القيامة (1) 1438/2/18هـ
عبد الله بن علي الطريف
1438/02/17 - 2016/11/17 21:50PM
مواقف وحوارات من يومِ القيامة (1) 1438/2/18هـ
اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْنا، وَبِكَ آمَنْنا، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَبِكَ خَاصَمْنا، وَإِلَيْكَ حَاكَمْنا، فَاغْفِرْ لَنَا مَا قَدَّمْنا وَمَا أَخَّرْنا، وَمَا أَسْرَرْنا وَمَا أَعْلَنْا، أَنْتَ المُقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ..
اللهم صلى وسلم على سيدنا حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102] أما بعد أيها الإخوة: لسرد المواقف والحوارات وقع خاص بالنفوس، وإذا كانت مما يرويه الصادقُ المصدوق عن يوم القيامة تضاعف تأثيرها..
وحديثنا اليوم عن بعض تلك المواقف والحوارت التي ستقع يوم القيامة؛ أردناها لنُذْكِي بها النفوسَ ونُذكرُها بيومِ المعاد (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق:37].. اللهم اجعلنا ممن يستفيد مما يسمع..
أحبتي: أولُ هذه الحورات حوارٌ يقع بين الله جل في علاه، وبين رجل هو آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «.. إِذَا فَرَغَ اللهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مِنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا مِمَّنْ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَيَعْرِفُونَهُمْ في النَّارِ، يَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ، تَأْكُلُ النَّارُ مِنَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ، حَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ وَقَدِ امْتَحَشُوا [احترقوا] فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ [وهو ما جاء به السيل من طين] ثُمَّ يَفْرُغُ اللهُ تَعَالَى مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا [أي: سمني وآذاني وأهلكني] وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا [أي: لهبها واشتعالها وشدة وهجها] فَيَدْعُو اللهَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدْعُوَهُ، ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ.؟ فَيَقُولُ: لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، وَيُعْطِي رَبَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ مَا شَاءَ اللهُ، فَيَصْرِفُ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى الْجَنَّةِ وَرَآهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ، قَدِّمْنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ لَا تَسْأَلُنِي غَيْرَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، مَا أَغْدَرَكَ.! فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، يَدْعُو اللهَ حَتَّى يَقُولَ لَهُ: فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ؛ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ اللهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا قَامَ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ انْفَهَقَتْ لَهُ الْجَنَّةُ [أي: انفتحت واتسعت] فَإِذَا رَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ.؟ وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، مَا أَغْدَرَكَ.! فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو اللهَ حَتَّى يَضْحَكَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ، فَإِذَا ضَحِكَ اللهُ مِنْهُ قَالَ: ادْخُلْ الْجَنَّةَ، فَإِذَا دَخَلَهَا قَالَ اللهُ لَهُ: تَمَنَّهْ، فَيَسْأَلُ رَبَّهُ وَيَتَمَنَّى حَتَّى إِنَّ اللهَ لَيُذَكِّرُهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا [أي: يقول الله له تمن من الشيء الفلاني ومن الشيء الآخر يسمى له أجناس ما يتمني] حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الْأَمَانِيُّ، فَيَقُولُ لَهُ: هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ» وفي رواية: «هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا» رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ..
أيها الإخوة: وقصة آخر أهل الجنة دخولاً والله أعلم طويلة، ومنها قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، رَجُلٌ يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: اعْرِضُوا عَلَيْهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ، وَارْفَعُوا عَنْهُ كِبَارَهَا، فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ صِغَارُ ذُنُوبِهِ، فَيُقَالُ: عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، وَعَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: نَعَمْ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِ، فَيُقَالُ لَهُ: فَإِنَّ لَكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً، فَيَقُولُ: رَبِّ، قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لَا أَرَاهَا هَا هُنَا" فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. [وهي أقصى الأضراس] رواه مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وضحك الرسول الله صلى الله عليه وسلم ربما يكون تعجبًا من سرعة تقلب الآدمي من اليأس الشديد إلى الطمع العتيد، فإن هذا كان خائفًا من كبار ذنوبه أن تظهر له، فلما عرف ما مَنَّ اللهُ به عليه من تبديلها حسنات زاد طمعه فقال "رَبِّ، قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لَا أَرَاهَا هَا هُنَا.!"
أيها الإخوة: آخر أهل الجنة دخولًا وآخر أهل النار خروجًا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواضع متعددة ذكرنا اثنين منها، ولبيان الحال قال أهل العلم: لا يبعد أن الرجل المقصود واحد، وذكر كل واحد من الرواة طرفًا من حاله، وقد كان في أمره ما يقتضي هذا التفصيل، فلا يمكن أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل أنه آخر أهل النار خروجًا منها، ويخرج بعده أحد..
أيها الإخوة: مَشْهَدُ الحسابِ يومَ القيامةِ مشهدٌ عظيم؛ لما فيه من الخوف والهول، والوجل والرعب، فتطيشُ فيه عقولُ الناسِ، وتصابُ بالرعبِ الشديدِ، مما ترى في صحائف الأعمال من أمثالِ مثاقيلِ الذر من حقوق العباد.. ولذلك وصفه الله تعالى فقال: (..إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) [الحج:1،2]
والسعيد من كان حسابه يسيراً يوم القيامة، وهؤلاء لا يناقشون الحساب، وإنما تعرض عليهم ذنوبُهم، ثم يتجاوز الله لهم عنها، وهم عامة المؤمنين..قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ أحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلا هَلَكَ». فَقُالْتُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.: يَا رَسُولَ الله، ألَيْسَ قَدْ قال: اللهُ تَعَالَى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ* فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) [الانشقاق:7، 8] فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا ذَلِكِ العَرْضُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُنَاقَشُ الحِسَابَ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلا عُذِّبَ». متفق عليه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا. وَعَنْ عَبدِالله بْنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، [أي: ستره ولطفه وإكرامه، فيخاطب خطاب ملاطفة، ويناجيه مناجاة المصافاة والمحادثة] فَيَقُولُ: أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا.؟ أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا.؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأى فِي نَفْسِهِ أنَّهُ هَلَكَ، قال: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأنَا أغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ. وَأمَّا الكَافِرُ وَالمُنَافِقُ، فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: (هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [هود:18]». متفق عليه. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد..
الثانية:
أيها الإخوة: أيها الإخوة: أما الحور عن الدماء فذاك حوار رهيب قَالَ عنه رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي الدّمَاءِ». متفق عليه عَنْ عَبْدِالله بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. ويكفي من هول حرمة الدماء هذا الحوار قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا قتلني، فَيَقُولُ الله لَهُ: لِمَ قَتَلتَهُ.؟ فَيَقُولُ: قَتَلتُهُ لِتَكُونَ العِزَّةُ لَكَ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: فَإِنَّهَا لِي، ويَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ إِنَّ هَذَا قتلني، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: لِمَ قَتَلتَهُ.؟ فَيَقُولُ: لِتَكُونَ العِزَّةُ لِفُلاَنٍ، فَيَقُولُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِفُلاَنٍ فَيَبُوءُ بِإِثْمِهِ." رواه النسائي وصححه الألباني عَنْ عَبْدِالله بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وعند الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَجِيءُ الْمَقْتُولُ بِالْقَاتِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاصِيَتُهُ [أي شعر مقدم رأسه] وَرَأْسُهُ بِيَدِهِ وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا [أَي تَسِيلُ وتتفَجَّر بالدَمِ، وَالأَوْدَاجُ العُرُوقُ الـمُحِيطَةُ بالعُنُقِ الَّتِى تُقْطَعُ حَالَةَ الذَبْحِ] يَقُولُ يَا رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي حَتَّى يُدْنِيَهُ مِنْ الْعَرْشِ، قَالَ الرَاوْي فَذَكَرُوا لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا التَّوْبَةَ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا..) [النساء:93] ثُمَ قَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "مَا نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا بُدِّلَتْ وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ." صححه الألباني.
إلا فليعلم المتهاونون بدماء أمة الإسلام فضاعة ما صنعوا.. اللهم احقن دماء أمتنا الذي يراق وصن عرضها الذي ينتهك وولي عليها خيارها..
اللَّهُمَّ لَكَ الحَمْدُ أَنْتَ قَيِّمُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ لَكَ مُلْكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ نُورُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَنْ فِيهِنَّ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ مَلِكُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ، وَلَكَ الحَمْدُ أَنْتَ الحَقُّ وَوَعْدُكَ الحَقُّ، وَلِقَاؤُكَ حَقٌّ، وَقَوْلُكَ حَقٌّ، وَالجَنَّةُ حَقٌّ، وَالنَّارُ حَقٌّ، وَالنَّبِيُّونَ حَقٌّ، وَمُحَمَّدٌ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَقٌّ، وَالسَّاعَةُ حَقٌّ، اللَّهُمَّ لَكَ أَسْلَمْنا، وَبِكَ آمَنْنا، وَعَلَيْكَ تَوَكَّلْنا، وَإِلَيْكَ أَنَبْنا، وَبِكَ خَاصَمْنا، وَإِلَيْكَ حَاكَمْنا، فَاغْفِرْ لَنَا مَا قَدَّمْنا وَمَا أَخَّرْنا، وَمَا أَسْرَرْنا وَمَا أَعْلَنْا، أَنْتَ المُقَدِّمُ، وَأَنْتَ المُؤَخِّرُ، لاَ إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ..
اللهم صلى وسلم على سيدنا حبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيراً.. (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102] أما بعد أيها الإخوة: لسرد المواقف والحوارات وقع خاص بالنفوس، وإذا كانت مما يرويه الصادقُ المصدوق عن يوم القيامة تضاعف تأثيرها..
وحديثنا اليوم عن بعض تلك المواقف والحوارت التي ستقع يوم القيامة؛ أردناها لنُذْكِي بها النفوسَ ونُذكرُها بيومِ المعاد (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَنْ كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق:37].. اللهم اجعلنا ممن يستفيد مما يسمع..
أحبتي: أولُ هذه الحورات حوارٌ يقع بين الله جل في علاه، وبين رجل هو آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «.. إِذَا فَرَغَ اللهُ مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَأَرَادَ أَنْ يُخْرِجَ بِرَحْمَتِهِ مَنْ أَرَادَ مِنْ أَهْلِ النَّارِ، أَمَرَ الْمَلَائِكَةَ أَنْ يُخْرِجُوا مِنَ النَّارِ مِنْ كَانَ لَا يُشْرِكُ بِاللهِ شَيْئًا مِمَّنْ أَرَادَ اللهُ تَعَالَى أَنْ يَرْحَمَهُ مِمَّنْ يَقُولُ: لَا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، فَيَعْرِفُونَهُمْ في النَّارِ، يَعْرِفُونَهُمْ بِأَثَرِ السُّجُودِ، تَأْكُلُ النَّارُ مِنَ ابْنِ آدَمَ إِلَّا أَثَرَ السُّجُودِ، حَرَّمَ اللهُ عَلَى النَّارِ أَنْ تَأْكُلَ أَثَرَ السُّجُودِ، فَيُخْرَجُونَ مِنَ النَّارِ وَقَدِ امْتَحَشُوا [احترقوا] فَيُصَبُّ عَلَيْهِمْ مَاءُ الْحَيَاةِ، فَيَنْبُتُونَ مِنْهُ كَمَا تَنْبُتُ الْحِبَّةُ فِي حَمِيلِ السَّيْلِ [وهو ما جاء به السيل من طين] ثُمَّ يَفْرُغُ اللهُ تَعَالَى مِنَ الْقَضَاءِ بَيْنَ الْعِبَادِ، وَيَبْقَى رَجُلٌ مُقْبِلٌ بِوَجْهِهِ عَلَى النَّارِ وَهُوَ آخِرُ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، اصْرِفْ وَجْهِي عَنِ النَّارِ، فَإِنَّهُ قَدْ قَشَبَنِي رِيحُهَا [أي: سمني وآذاني وأهلكني] وَأَحْرَقَنِي ذَكَاؤُهَا [أي: لهبها واشتعالها وشدة وهجها] فَيَدْعُو اللهَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَدْعُوَهُ، ثُمَّ يَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: هَلْ عَسَيْتَ إِنْ فَعَلْتُ ذَلِكَ بِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ.؟ فَيَقُولُ: لَا أَسْأَلُكَ غَيْرَهُ، وَيُعْطِي رَبَّهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ مَا شَاءَ اللهُ، فَيَصْرِفُ اللهُ وَجْهَهُ عَنِ النَّارِ، فَإِذَا أَقْبَلَ عَلَى الْجَنَّةِ وَرَآهَا سَكَتَ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ، قَدِّمْنِي إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ لَا تَسْأَلُنِي غَيْرَ الَّذِي أَعْطَيْتُكَ، وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، مَا أَغْدَرَكَ.! فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، يَدْعُو اللهَ حَتَّى يَقُولَ لَهُ: فَهَلْ عَسَيْتَ إِنْ أَعْطَيْتُكَ ذَلِكَ أَنْ تَسْأَلَ غَيْرَهُ؛ فَيَقُولُ: لَا وَعِزَّتِكَ، فَيُعْطِي رَبَّهُ مَا شَاءَ اللهُ مِنْ عُهُودٍ وَمَوَاثِيقَ، فَيُقَدِّمُهُ إِلَى بَابِ الْجَنَّةِ، فَإِذَا قَامَ عَلَى بَابِ الْجَنَّةِ انْفَهَقَتْ لَهُ الْجَنَّةُ [أي: انفتحت واتسعت] فَإِذَا رَأَى مَا فِيهَا مِنَ الْخَيْرِ وَالسُّرُورِ، فَيَسْكُتُ مَا شَاءَ اللهُ أَنْ يَسْكُتَ، ثُمَّ يَقُولُ: أَيْ رَبِّ، أَدْخِلْنِي الْجَنَّةَ، فَيَقُولُ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى لَهُ: أَلَيْسَ قَدْ أَعْطَيْتَ عُهُودَكَ وَمَوَاثِيقَكَ أَنْ لَا تَسْأَلَ غَيْرَ مَا أُعْطِيتَ.؟ وَيْلَكَ يَا ابْنَ آدَمَ، مَا أَغْدَرَكَ.! فَيَقُولُ: أَيْ رَبِّ، لَا أَكُونُ أَشْقَى خَلْقِكَ، فَلَا يَزَالُ يَدْعُو اللهَ حَتَّى يَضْحَكَ اللهُ تَبَارَكَ وَتَعَالَى مِنْهُ، فَإِذَا ضَحِكَ اللهُ مِنْهُ قَالَ: ادْخُلْ الْجَنَّةَ، فَإِذَا دَخَلَهَا قَالَ اللهُ لَهُ: تَمَنَّهْ، فَيَسْأَلُ رَبَّهُ وَيَتَمَنَّى حَتَّى إِنَّ اللهَ لَيُذَكِّرُهُ مِنْ كَذَا وَكَذَا [أي: يقول الله له تمن من الشيء الفلاني ومن الشيء الآخر يسمى له أجناس ما يتمني] حَتَّى إِذَا انْقَطَعَتْ بِهِ الْأَمَانِيُّ، فَيَقُولُ لَهُ: هَذَا لَكَ وَمِثْلُهُ مَعَهُ» وفي رواية: «هَذَا لَكَ وَعَشَرَةُ أَمْثَالِهِ» قَالَ أَبُو هُرَيْرَةَ: «وَذَلِكَ الرَّجُلُ آخِرُ أَهْلِ الجَنَّةِ دُخُولًا» رواه البخاري ومسلم عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ..
أيها الإخوة: وقصة آخر أهل الجنة دخولاً والله أعلم طويلة، ومنها قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنِّي لَأَعْلَمُ آخِرَ أَهْلِ الْجَنَّةِ دُخُولًا الْجَنَّةَ، وَآخِرَ أَهْلِ النَّارِ خُرُوجًا مِنْهَا، رَجُلٌ يُؤْتَى بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، فَيُقَالُ: اعْرِضُوا عَلَيْهِ صِغَارَ ذُنُوبِهِ، وَارْفَعُوا عَنْهُ كِبَارَهَا، فَتُعْرَضُ عَلَيْهِ صِغَارُ ذُنُوبِهِ، فَيُقَالُ: عَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، وَعَمِلْتَ يَوْمَ كَذَا وَكَذَا كَذَا وَكَذَا، فَيَقُولُ: نَعَمْ، لَا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُنْكِرَ وَهُوَ مُشْفِقٌ مِنْ كِبَارِ ذُنُوبِهِ أَنْ تُعْرَضَ عَلَيْهِ، فَيُقَالُ لَهُ: فَإِنَّ لَكَ مَكَانَ كُلِّ سَيِّئَةٍ حَسَنَةً، فَيَقُولُ: رَبِّ، قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لَا أَرَاهَا هَا هُنَا" فَلَقَدْ رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَحِكَ حَتَّى بَدَتْ نَوَاجِذُهُ. [وهي أقصى الأضراس] رواه مسلم عَنْ أَبِي ذَرٍّ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ وضحك الرسول الله صلى الله عليه وسلم ربما يكون تعجبًا من سرعة تقلب الآدمي من اليأس الشديد إلى الطمع العتيد، فإن هذا كان خائفًا من كبار ذنوبه أن تظهر له، فلما عرف ما مَنَّ اللهُ به عليه من تبديلها حسنات زاد طمعه فقال "رَبِّ، قَدْ عَمِلْتُ أَشْيَاءَ لَا أَرَاهَا هَا هُنَا.!"
أيها الإخوة: آخر أهل الجنة دخولًا وآخر أهل النار خروجًا ذكره رسول الله صلى الله عليه وسلم في مواضع متعددة ذكرنا اثنين منها، ولبيان الحال قال أهل العلم: لا يبعد أن الرجل المقصود واحد، وذكر كل واحد من الرواة طرفًا من حاله، وقد كان في أمره ما يقتضي هذا التفصيل، فلا يمكن أن يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم عن رجل أنه آخر أهل النار خروجًا منها، ويخرج بعده أحد..
أيها الإخوة: مَشْهَدُ الحسابِ يومَ القيامةِ مشهدٌ عظيم؛ لما فيه من الخوف والهول، والوجل والرعب، فتطيشُ فيه عقولُ الناسِ، وتصابُ بالرعبِ الشديدِ، مما ترى في صحائف الأعمال من أمثالِ مثاقيلِ الذر من حقوق العباد.. ولذلك وصفه الله تعالى فقال: (..إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ* يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) [الحج:1،2]
والسعيد من كان حسابه يسيراً يوم القيامة، وهؤلاء لا يناقشون الحساب، وإنما تعرض عليهم ذنوبُهم، ثم يتجاوز الله لهم عنها، وهم عامة المؤمنين..قَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «لَيْسَ أحَدٌ يُحَاسَبُ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلا هَلَكَ». فَقُالْتُ عَائِشَةُ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا.: يَا رَسُولَ الله، ألَيْسَ قَدْ قال: اللهُ تَعَالَى: (فَأَمَّا مَنْ أُوتِيَ كِتَابَهُ بِيَمِينِهِ* فَسَوْفَ يُحَاسَبُ حِسَابًا يَسِيرًا) [الانشقاق:7، 8] فَقَالَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِنَّمَا ذَلِكِ العَرْضُ، وَلَيْسَ أَحَدٌ يُنَاقَشُ الحِسَابَ يَوْمَ القِيَامَةِ إِلا عُذِّبَ». متفق عليه عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهَا. وَعَنْ عَبدِالله بْنِ عُمَرَ رَضيَ اللهُ عَنهُمَا قَالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ: «إِنَّ اللهَ يُدْنِي المُؤْمِنَ، فَيَضَعُ عَلَيْهِ كَنَفَهُ وَيَسْتُرُهُ، [أي: ستره ولطفه وإكرامه، فيخاطب خطاب ملاطفة، ويناجيه مناجاة المصافاة والمحادثة] فَيَقُولُ: أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا.؟ أتَعْرِفُ ذَنْبَ كَذَا.؟ فَيَقُولُ: نَعَمْ أيْ رَبِّ، حَتَّى إِذَا قَرَّرَهُ بِذُنُوبِهِ، وَرَأى فِي نَفْسِهِ أنَّهُ هَلَكَ، قال: سَتَرْتُهَا عَلَيْكَ فِي الدُّنْيَا، وَأنَا أغْفِرُهَا لَكَ اليَوْمَ، فَيُعْطَى كِتَابَ حَسَنَاتِهِ. وَأمَّا الكَافِرُ وَالمُنَافِقُ، فَيَقُولُ الأَشْهَادُ: (هَؤُلَاءِ الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى رَبِّهِمْ أَلَا لَعْنَةُ اللَّهِ عَلَى الظَّالِمِينَ) [هود:18]». متفق عليه. وصلى الله وسلم وبارك على نبينا محمد..
الثانية:
أيها الإخوة: أيها الإخوة: أما الحور عن الدماء فذاك حوار رهيب قَالَ عنه رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَوّلُ مَا يُقْضَى بَيْنَ النّاسِ يَوْمَ القِيَامَةِ فِي الدّمَاءِ». متفق عليه عَنْ عَبْدِالله بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا. ويكفي من هول حرمة الدماء هذا الحوار قَالَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ يَوْمَ القِيَامَةِ فَيَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا قتلني، فَيَقُولُ الله لَهُ: لِمَ قَتَلتَهُ.؟ فَيَقُولُ: قَتَلتُهُ لِتَكُونَ العِزَّةُ لَكَ، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: فَإِنَّهَا لِي، ويَجِيءُ الرَّجُلُ آخِذًا بِيَدِ الرَّجُلِ فَيَقُولُ إِنَّ هَذَا قتلني، فَيَقُولُ اللهُ لَهُ: لِمَ قَتَلتَهُ.؟ فَيَقُولُ: لِتَكُونَ العِزَّةُ لِفُلاَنٍ، فَيَقُولُ: إِنَّهَا لَيْسَتْ لِفُلاَنٍ فَيَبُوءُ بِإِثْمِهِ." رواه النسائي وصححه الألباني عَنْ عَبْدِالله بنِ مَسْعُودٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ. وعند الترمذي عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنْ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: يَجِيءُ الْمَقْتُولُ بِالْقَاتِلِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ نَاصِيَتُهُ [أي شعر مقدم رأسه] وَرَأْسُهُ بِيَدِهِ وَأَوْدَاجُهُ تَشْخَبُ دَمًا [أَي تَسِيلُ وتتفَجَّر بالدَمِ، وَالأَوْدَاجُ العُرُوقُ الـمُحِيطَةُ بالعُنُقِ الَّتِى تُقْطَعُ حَالَةَ الذَبْحِ] يَقُولُ يَا رَبِّ هَذَا قَتَلَنِي حَتَّى يُدْنِيَهُ مِنْ الْعَرْشِ، قَالَ الرَاوْي فَذَكَرُوا لِابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا التَّوْبَةَ فَتَلَا هَذِهِ الْآيَةَ: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا..) [النساء:93] ثُمَ قَالَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ: "مَا نُسِخَتْ هَذِهِ الْآيَةُ وَلَا بُدِّلَتْ وَأَنَّى لَهُ التَّوْبَةُ." صححه الألباني.
إلا فليعلم المتهاونون بدماء أمة الإسلام فضاعة ما صنعوا.. اللهم احقن دماء أمتنا الذي يراق وصن عرضها الذي ينتهك وولي عليها خيارها..
شبيب القحطاني
عضو نشطجزاك الله خيرا
تعديل التعليق