مهاراتُ الإلقاءِ الفنيةِ (الجزء الأول)
عبدالله محمد الطوالة
مهاراتُ الإلقاءِ الفنيةِ (الجُزءُ الأول)
الحمد لله وكفى، والصلاةُ والسلامُ على النبي المصطفى، وآلهِ وصحبهِ ومن اقتفى ..
أما بعد: فإن الخطيبَ الجيد، والملقي المؤثر, هو من يتحلَّى بجُملةٍ من الصفاتِ (الأخلاقية) و(العلمية) و(النفسية) و(الفنية)، وجميعُها صفاتٍ مُهمةٍ، إلا أنَّ الصفاتِ الفنيةِ تمثلُ الجانبَ العملي، والتي تتطلَّبُ من الملقي اتقاناً عالياً لمجموعةٍ من المهاراتِ الفنيةِ، ولا يتأتى له ذلك إلا من خلالِ برنامجٍ (عمليٍ) مُنظمٍ، وهذا ما لم يتطرق إليهِ كثيرٌ ممن كتبَ في هذا الموضوع، مع أنهُ هو الجانبُ الأهمُّ للوصول إلى مرحلةِ الإلقاءِ المؤثرِ، ولذا حاولتُ التركِيزَ عليهِ في هذا المقالُ، وأسألُ اللهَ التوفِيقَ والقبول ..
وبدايةً ولكي نتعرَّفَ على مهاراتِ الإلقاءِ الفنيةِ، نحتاجُ أولاً أن نتعرَّف على:
مُكوناتِ الرِّسالةِ الإلقائيةِ:
المتحدثُ حين يُلقى موضوعاً فهو يهدفُ بالدرجة الأولى إلى إقناع المتلقي، وجعلهِ يتقبلُ كلامهُ ويتبناهُ، وليس فقط أن يفهمهُ ويستوعِبهُ ..
والملقي حين يُلقي موضوعاً فهو في الواقع يُلقي رسالةً مكونةً من ثلاثةِ أجزاءٍ مُجتمعةٍ، (المضمونُ، والنَّبرةُ، ولُغةُ البدنِ) .. وكُلُ جُزءٍ من هذه الأجزاءِ الثلاثةِ لهُ دورهُ المختلف في إقناعِ المتلقي وجعلهِ يتقبَلُ الموضوعَ ويتأثَرَ بهِ ..
المضمُونُ: وهو نَصُ الموضوع، أو ما يُمكنُ فهمهُ من الموضوعِ لو كُتبَ على ورقةٍ .. والمضمونُ يمثلُ ما نسبتهُ 7% من قوةِ التأثيرِ والإقناعِ في المتلقي (وليس الفهمُ والاستيعاب) .. وذلك حسبَ الدراساتِ الغربيةِ ..
النبرةُ: وهي التفاعلاتُ والتلويناتُ والتنويعاتُ الصوتيةُ التي يقومُ بها الملقي أثناءَ الإلقاءِ فتجعلُ إلقائهُ حيّاً قويّاً، مؤثراً جذاباً .. (سنتحدث عنها لاحقاً بالتفصيل) .. وتمثلُ النبرةُ بحسبِ الدراسةِ نفسها ما نسبتهُ 38% من مصداقيةِ الملقي وقوةِ تأثيرهِ، ومدى الاقتناع بما يقول ..
لُغةُ البدنِ: وهي ما يقولهُ الملقي بحركاتِ جُسدِهِ, وتعابِيرِ وجههِ وإشاراتِ يديهِ .. وتُمثلُ ما نسبتهُ 55 % من قوةِ التأثيرِ والإقناعِ ..
جاء في حديث عبدالله بن سلام رضي الله عنه حين رأى الرسولَ صلى الله عليه وسلم لأولِ مرةٍ، قال: "فعرفتُ أن وجههُ ليسَ بوجهِ كذابٍ"، وتقولُ العربُ في أمثالها: النائحةُ الثكلى ليست كالنائحةِ المستأجرةِ، وكلُّ هذا من لُغةِ البدن ..
ولا شكَّ أنَّ هذهِ النسبةَ العاليةَ لتأثيرِ لُغةِ البدنِ هي نسبةٌ خاصةٌ بالغرب, ولا تُطابِقُ الواقعَ الإسلامي، لأنَّ مضمونَ الخطابِ الشرعي في الإسلام, يحمِلُ مِصداقيةً عاليةً، نابعةٌ من مِصداقيةِ القُرآنِ والسُّنةِ, والتي لا يتطرقُ إليها شكٌّ في حِسِ المسلم .. كما أن لُغة البدنِ أثناءَ خُطبةِ الجمُعة محدودةٌ ولا تقارنُ بحريةِ الحركةِ عند المدرِّبِ ونحوهِ .. وعليهِ فسيكونُ لها من التأثيرِ والإقناعِ أقلَّ مما لدى الغرب (55 %)، وتبقى المسألةُ تقريبيةً وليست بتلك الدِّقةِ .. إلا أننا نستطِيعُ القولَ أن نبرةَ الصوتِ ولُغةُ البدنِ يشكلانِ جُزءاً كبيراً من قوةِ تأثيرِ الرسالةِ الإلقائية .. ومدى مصداقيتها لدى المتلقي وقوةِ اقتناعهِ بها .. وعليه فكلما أتقنَ الملقي تحكمَهُ في نبرةِ صوتهِ وتلوينهِ، وتفعيلِ لُغةِ بدنهِ .. كلما زادَ تأثيرهُ في المستمعين، وقويَ انجذابهم لما يقول ..
ويمكنُ للملقي أن يحقّقَ ذلك إذا اهتمَ بالأمورِ الأربعةِ التالية:
- تفعيلُ مهارةِ القراءةِ الذكيةِ .. - تفعيلُ مهاراتِ التَّحكُّمِ في الصوت ..
- تفعيلُ مهاراتِ لُغةِ البدنِ .. - التَّدرُّبُ الجادُّ والمنظَّم ..
وفي هذا الجزءِ من المقالةِ سنكتفي بشرح الأمرين الأول والثاني حتى لا نُطيل، وسنُفردُ الأمرَ الثالثَ والرابعَ لمقالةٍ أُخرى: (مهاراتُ الإلقاءِ الفنيةِ – الجزءُ الثاني) ..
أولاً – مهارةُ القِراءةِ الذكيةِ وصِحةُ النُّطقِ:
يعتبرُ النظرُ إلى الورقةِ لمن لا يُجيدُ الارتجالَ جُزءاً اساسياً من عملية الإلقاء، لكن هذه العمليةِ تمثلُ عائقاً كبيراً للتواصُلِ البصريِ مع الجمهور، لذلك تجُد أن أكثرَ خُطباءِ الورقِ معزولُون تقريباً عن جمهورِهم، وكأنهم في وادٍ وجمهورهم في وادٍ آخر، مما يقلِّلُ كثيراً من قوةِ تأثيرِهم في المستمعين، وللتغلبُ على هذه المشكلِة فإن على الملقي أن يعكِسَ طريقَةَ قراءتهِ، وذلك بأن ينظرَ الخطيبُ نظرةً سريعةً (قراءةً مسحيةً) للجزءِ الذي سيُلقيهِ (ثلاث أو أربع كلمات في النظرة الواحدة)، ولا يبدأُ في الإلقاءِ حتى تلتقي عينهُ بأعيُنِ جمهورهِ، ثم يبدأُ في الإلقاء، وحين يتوقفُ لأخذ النفسِ (بين الجمل) يعاودُ النظرَ للورقةِ ليقرأَ جُزءاً جديداً (ثلاث أو أربع كلمات) .. ثم يرفعُ نظرهُ كما فعلَ سابقاً، وهكذا يستمر .. وبذلك يُحقِّقُ (مع التَدرُّبِ الكافي) تواصلاً بصرياً لا بأسَ به .. وتُسمى هذه الطريقةُ بالقراءةِ الذكيةِ ..
ولو استعانَ المتدرِّبُ بمرآةٍ يجعلُها عِوضاً عن الجمهورِ أثناءَ التدريبِ، فسيُسهلُ عليهِ اكتسابُ المهارةِ في فترةٍ يسيرةٍ ..
ولا بد أن يتحلى الملقي بصحةِ النُّطقِ وسلامةُ المخارجِ، وذلك بخروج كلِّ حرفٍ من مخرجهِ الصحيحِ، وأن يكونَ كلامهُ خالياً من عُيوبِ النطقِ كاللثغةِ والفأفأةِ والتأتأةِ وصعوبةِ النُطقِ وكسلِ اللسانِ ونحوها ..
ومن كان يعاني من بعض عيوبِ النطقِ فيمكنهُ التغلبُ على مُعظمِ هذه المشاكلِ بتمرينِ ضغطِ القراءةِ، وذلك بأن يتكلَّفَ المتدرِّبُ قِراءةَ الكلماتِ بأشدِّ ما يكونُ تكلُفاً، فيضغطَ على كُلِّ حرفٍ أثناء خُروجِهِ ضغطاً شديداً، ويستمرُ على ذلك خمسَ دقائق، ثم يتدرجُ في زيادتها إلى العشر, ومع الاستمرار سيستفيدُ بإذن الله ..
ثانياً – تفعيلُ مهاراتِ التَّحكُّمِ في الصوت (التَّنوعُ الصوتي):
إذا أراد الملقي أن يكونَ لصوتهِ تأثيراً كبيراً، فعليهِ أن يتعلَّمَ كيف يتحكَّمُ بنبرةِ صوته، ويلوِّنهُ حسبَ السياقِ ونوعِ الكلامِ، وبشكلٍ عامٍ فهُناك سبعةُ مهاراتٍ أساسيةٍ للتَّحكُم بالصوت وتنويعه، على الملقي أن يبذلَ جُهدَهُ ليُتقِنَ أكبرَ قدرٍ منها، وذلك من خلال التدرُّبِ الجادِّ والمنظَّم .. وفيما يلي نقدِّمُ نبذةً مختصرةً عن كُلِّ مهارةٍ:
1 . مهارةُ السُّرعةِ والبُطء:
مُتوسِطُ سُرعةِ غالبِ الخطباء في حدود 100 كلمة في الدقيقة، والملاحظُ أن أكثر الملقين يلزمُون سرعةً واحدةً تقريباً، والصحيحُ أنَّ السرعة ينبغي أن تختلفَ بحسبِ السياقِ ونوعِ الكلامِ .. فعلى سبيل المثال: الموضوعات التي تخاطب العواطف والمشاعر كالرقائق والترغيب والترهيب .. لا يناسبها الإيقاع السريع، وإنما تحتاجُ إلى تمهُلٍ وإيقاعٍ أبطأ نسبياً من السياقاتِ التَّوعوية أو الفكرية .. وكذلك عند التشويقِ والإثارةٍ يفضلُ الهدوءُ والبطءُ، وعند التعليقِ على حدثٍ ما أو عند تِكرارِ الحديث .. يُفضلُ الإسراعُ قليلاً .. وهكذا ..
ولو أسرع الخطيبُ في بعض الجملِ حتى إذا ما وصلَ للكلمة التي يُريد تأكيدها، أبطأَ سُرعتهُ عندها، وخفضَ صوتهُ، وضغطَ عليها بقوةٍ، فسيُؤثرُ أيمّا تأثير ..
2 . مهارةُ العلوِ والخفضِ:
نفسُ ما قِيلَ في المهارةِ السابقةِ ينطبِقُ على هذه المهارةِ أيضاَ، فعلى الملقي أن ينوِّعَ بين علو الصوتِ وخفضِهِ حسبَ السياقِ ونوعِ الكلامِ .. فيرفعُ صوتهُ (ويُسرِعُ) في المواضيع الحماسيةِ والتحذيريةِ .. ويخفَض صوتهُ (ويُبطئ من سرعته) عند مواضع الرحمةِ والحزنِ والتَّشويقِ .. الخ
3 . مهارةُ التَّفخِيمِ والتَّرقِيقِ:
وهذه المهارة كسابقيها، ينبغي على الملقي أن ينوعَ في استخدامها، وغالباً ما يكونُ التَّفخِيمُ مُصاحِباً لمهارتي الخفضِ والبُطيء، وغالباً ما يكون الترقيقُ مُصاحِباً لمهارتي العلو والسرعة ..
4 . مهارةُ المطِّ والضَّغطِ:
وهذه المهارةُ هي أسهلُ المهاراتِ تطبيقاً، ولذلك يكثرُ استخدامها، ويلجأ لها الملقي كلَّما أرادَ التأكيدَ على فِكرةِ ما، فيعمدُ إلى الكلمةِ المهمَّةِ في الفِكرةِ فيمدُّها طويلاً (عند حروفِ المدِّ) .. أو يضغطُها (يتكئ عليها عند الحروفِ المشدَّدةِ) ليُبرِزَ أهميتَها ويَلفِتَ الانتباهَ إليها ..
5 . مهاراتُ المُحاكاةِ والتَّمثِيلِ:
وهي مهاراتُ التَّعبِيرِ عن المشاعرِ من خلالِ نبرةِ الصوتِ، فيمكنُ للمُلقي المحترفِ أن يُظهرَ من خلال نبرة صوتهِ أنهُ سعيدٌ أو حزينٌ أو مُتوجِعٌ أو غاضِبٌ أو ساخِرٌ أو عاتِبٌ، أو أنهُ يزهو ويفخرُ .. الخ أنواعِ المشاعرِ .. فهناك إذن عدةُ مهاراتٍ للمحاكاة والتمثيل وهي مهاراتُ: (الفرحِ، الحزنِ، الغضبِ، السخريةِ، العتابِ، الفخرِ، التخويفِ، التشويقِ) ويبرزُ استخدامُ هذه المهاراتِ عند سردِ القَصصِ وتقمُّصِ أدوارِ أبطالها .. ولذا فمهارات المحاكاةِ هي أقوى المهارات أثراً وتأثيراً .. وتحتاج من الملقى إلى تمكُّنٍ كبيرٍ ومِرانٍ طويل، لكن أثرها على المستمعين كبيرٌ وجميلٌ جداً، خصوصاً إذا تمَّ أداؤها بطريقة مُتقنةٍ وغير مُتكلفة ..
6 . مهاراتُ الوقفِ على علامات الترقيمِ:
حيث أن هناك أنواعاً مختلفةً من علامات الوقف والترقيم، ولكلِّ منها طريقةٌ مختلفةٌ في نطقها عندما يقفُ الخطيبُ عليها، فالوقفُ على النقطةِ يختلفُ عن الوقفِ على الفاصلة، وكلاهما يختلفُ عن الوقف على علامة الاستفهامِ أو علامةِ التَّعجبِ، أو غيرها من علامات الترقيم .. وعلى الخطيب أن يترجمَ كلُّ علامةٍ بإيقاعٍ صوتيٍ يمكنُ للسامع أن يميزهُ بوضوح .. وهذا يحتاج من الخطيبِ إلى درايةٍ بوظيفة كلِّ علامةٍ، وأن يتدرب عليها حتى يتقنَ طريقةَ نُطقها جيداً ..
ومن أشهر علامات الترقيم:
· النقطة (.) توضع عند اكتمال معنى الكلام، وعند تمام الجملة.
· الفاصلة (،) توضع بين الجمل ذات المعنى المتصل، وبعد المنادى، وقبل سرد الأمثلة، أي قبل كلمة "مثل" .
· علامةُ السؤال (؟) وتوضع في نهاية الجملة الاستفهاميّة.
· علامةُ التعجب (!) توضع في نهاية الجمل التي تعبر عن الدهشة أو الفرح.
7 . مهاراتُ الوقفِ بين الجُملِ والفقرات:
أماكنُ الوقفِ الصحيحِ هي التي تتناسبُ مع تمام المعنى، ولا تُخلُ به .. والخطيبُ المتمكنُ هو الذي يختارُ أماكنَ وطولَ وقفاتهِ بعنايةٍ شديدةٍ، بُغيةَ زيادةِ التأثيرِ في مُستمعيهِ ..
وبالعموم فهناك ثلاثةُ أنواعٍ من الوقفاتِ من حيثُ الطولِ:
الوقفةُ القصيرةُ أو العادية: مدتها (ربع ثانية تقريباً)، وتستخدم للتوقف بين كل جملتين أو عبارتين لالتقاط النفس ..
الوقفة المتوسطةُ: مدتها (نصف ثانية تقريباً)، وتستخدم للوقوف بين الفقرات المختلفة، وذلك لتهيئة السامع للانتقال إلى فكرةٍ جديدة ..
الوقفة الطويلةُ أو المفتعلةُ: مدتها (ثانيتين أو ثلاث)، وتستخدمُ قُبيلَ طرحِ الأجزاءِ الهامَّةِ من الخطاب، كنوعٍ من حبسِ الأنفاسِ للترقبِ لما سيأتي .. كما يمكنُ استخدامها بعد الأجزاء الهامة لترك مساحةٍ من الزمن لاستيعاب الفكرةِ المطروحةِ والتأثُرِ بها ..
والطريقةُ العمليةُ للتَدرُّبِ على مهاراتِ الصوتِ هي على النحو التالي:
يحدِّد المتدرِّب مهارةً معينة ليتدرَّب عليها (مهارة السرعةِ مثلا)، ويختارُ لها نصاً مُناسباً (سطرين أو ثلاثة) .. ثم يبدأُ الإلقاءِ بالمستوى العادي (سرعة عادية)، وفي المرة الثانية يُسرع قليلاً ويقرأُ كاملَ النصِ بهذا المستوى، وفي المرةِ الثالثةِ يُسرعُ أكثر قليلاً .. وهكذا يستمرُ في كلِّ مَرةِ يُسرِّعُ قليلاً حتى يصلَ إلى درجةٍ من السرعةِ غيرُ مقبولةٍ .. ثمَّ يُحدِّدُ الملقي (بمساعدة غيره) مما سبق من السرعات درجتينِ مُناسبتين من السرعة، نسمي الأولى: (السرعة الخفيفة)، ونسمى الثانية: السرعة العالية .. ثم يقوم المتدرِّب بتكثيف التدرِّب على هاتين السرعتين فقط, حتى يصل بهما إلى درجة الاتقان الشديد .. وهكذا يفعلُ مع مهارة البُطءِ، ثم مهارةُ العلو، ومهارة الخفض ..
أما مهارةُ التفخيم ومهارة الترقيقِ ومهارات المحاكاة فيكتفى بمستوى واحدٍ لكلٍّ منها .. فمثلا إذا أرادَ المتدرِّب التدرُّب على مهارة الغضب .. فإنهُ يختارُ لهُ نصاً مُناسباً (يدلُ على أن المتكلِمَ في حالةِ غضبٍ) .. ثم يبدأ الإلقاء بالمستوى العادي (أي بدونِ غضب)، وفي المرة الثانية: يغضبُ قليلاً ويقرأ كاملَ النصِ بهذا المستوى، وفي المرة الثالثة: يغضبُ أكثرَ قليلاً .. وهكذا يستمرُ, فيزيدُ في كلِّ مرةِ درجةَ الغضبِ حتى يصلَ إلى درجةِ غيرِ مقبولةٍ .. ثم يحدِّد الملقي (بمساعدة غيره) مما سبقَ من المحاولاتِ درجةً مُناسبةً لهذه المهارة، ثمَّ يُكثفُ التدرِّبَ عليها حتى يصلَ بها إلى درجةِ عالية من الاتقانِ ..
وإلى اللقاء في الجزء الثاني من مهاراتِ الإلقاءِ الفنيةِ، وفق الله الجميع لكل خير ..
عبدالله محمد الطوالة
مهاراتُ الإلقاءِ الفنيةِ (الجُزءُ الثَّاني)
الحمد لله وكفى، والصلاةُ والسلامُ على النبي المصطفى، وآلهِ وصحبهِ ومن اقتفى ..
أما بعد: فقد تحدثنا في الجزء الأولِ عن تفعيلِ مهارةِ القراءةِ الذكيةِ، وعن مهاراتِ التَّحكُّمِ في الصوت، ونتحدثُ بإن الله في هذا الجزءِ عن:
تفعيلِ مهاراتِ لُغةِ البدنِ، وعن التَّدرُّبُ الجادُّ والمنظَّم ..
ومن اللهِ نستمدُ العونَ والتوفيق ..
ثالثاً – تفعيلُ مهاراتِ لُغةِ البدنِ:
والمقصودُ بلُغةِ البدنِ هي ما يقومُ به الملقي من حركاتٍ وإيماءاتٍ جسديةٍ تزيدُ المعنى وضوحاً، وتساعِدُ على الفهم, وعلى تصورِ المعاني ورسُوخِها في ذهن المتلقيِ، وتُعززُ من انتباهِه وتُبقيهِ مُتيقِظاً مُتابعاً، وتُعطي تأكيداً علي قوةِ مشاعِر المتحدثِ وحماسهِ ومصداقِيتهِ .. وهي من أقوى الأسرارِ في تميُّزِ بعضِ الملقينَ وقوةِ أثرِهم على المتلقي ..
وقد أثبتت الدراساتُ أنَّ حوالي 70% من الانطباعِ الأولِ الذي يتركهُ المتحدثُ في نفوسِ السامعينَ يأتي من لُغةِ بدنهِ، كما أثبتت الدراساتُ المتخصِصةِ أنَّ تأثيرَ لُغةِ البدنِ أقوى في التأثير والاقناعِ من أي كلامٍ يُقال، وأنَّ الشخصَ حينَ يتحدثُ للآخرينَ فأنهُ يُعطي ما لا يُحصى من الإشارات البدنية .. وأنَّ أبسطَ الحركاتِ، وأصغرَ الإيماءاتِ، كفيلةٌ بإحداث أبلغِ الأثرِ في المتلقي إذا أُحسِنَ توظِيفُها وأدائُها ..
ولُغةُ البدنِ تتضمنُ العينانِ بشكلٍ خاصٍ، وتعابيرُ الوجهِ عموماً، وحركةُ الكفينِ واليدينِ والذراعينِ والكتفينِ والوقفةُ والمظهرُ الخارجيُ لكاملِ الجسمِ ..
ولكثرة المهارات المتعلقة بلغة البدنِ وتداخُلِها فقد رتبتُها بالطريقة التالية:
المهارةُ الأولى: الوقفةُ المُعتدِلةُ:
الوقفةُ المعتدلةُ تُبرِزُ قُوةَ الملقي ومدى ثِقتهِ بنفسهِ، فتعلَّم كيف تقفُ بطريقةٍ صحيحةٍ مُعتدلة، وأن تجعل الجزء الأعلى من جِسمك يُدلُ على ذلك .. ولا تنسى أن تراقبَ الجزء الأسفلَ من جسمك، لئلا يُقلل من تأثيرك، أو يُظهِركَ بطريقةٍ غير مُناسبةٍ ..
واحذر من بعضِ أنماطِ الوقوفِ الخاطئة, كالتمايُلَ من جهةٍ لأخرى، أو الاعتماد على أحد القدمين والوقوف بشكل مائل, أو ارتخاء الكتفين إلى الأمام, أو إرجاعِ الظهرِ إلى الخلف, أو إبرازُ الصدرِ إلى الإمام أكثرَ من اللازم ..
المهارةُ الثانيةُ: التواصُلُ البصري:
وإذا العيونُ تحدثت بلُغاتها ... قالت مقالاً لم يقُلهُ خطيبُ ..
يقولُ رالف والدو ايموسون: العينُ يمكنُ أن تُهدِدَ كما تُهدِدُ بُندقيةٌ مُصوبةٌ، ويمكنُ أن تُهينَ كالركلِ والرفسِ، أمَّا إذا كانت نظرتُها حانيةٌ ولطيفةٌ فيمكنها أن تجعلَ القلب يرقصُ بهجةً وفرحاً ..
لذا فاتصالُ العينِ بالمتابعين هو الأقوى والأكثرُ أهميةً وتأثيراً، فمن خلال العيونِ يمكنُ الارتباطُ بالآخرين بشكلٍ مُباشِرٍ، وللعيونِ قُدرةٌ كبيرةٌ على دعمِ وتأكيدِ كُل ما يقولهُ الملقي .. عِلماً بأن أدنى حركةٍ للعينِ يُمكنُ أن تُلحظَ بسهولةٍ، فتنبه لذلك ..
ومن النصائحِ التي يُمكنُ تقديمُها فيما يخصُ العينين النقاطُ التالية:
1 - حاول أن تبدأ إلقاءك بابتسامةٍ خفيفةٍ ونظرةٍ ودودةٍ .. وابعد أيَّ شيءٍ يمنعُك من رؤية الجمهور، كالمايك (اللاقط) ونحوه ..
2 - تنقل بنظرك بين الجمهور ببطء، وبشكل هادئ وعشوائي، وليكن لديك تواصلٌ بصريٌ مع الجميع، وتجنب التركيزَ على جهةٍ واحدةٍ لأكثر من خمس ثواني، لأن هذا سيشوشُ الباقين ..
3 – حاول أن تنظرَ إلى عيونِ الجمهور مُباشرةً، فإن كان ذلك يسبب لك توتُراً فحول النظرَ إلى جِباهِهم ورُؤوسِهم، واحذر أن تذهب ببصركَ بعيداً عن الجمهور، فإن ذلك يبعثُ على التوتر وعدمِ الطُمأنينة ..
4 – أحسِن قراءةَ عُيونَ مُتابِعيك: هل يُصغونَ إليك؟ ، هل يَفهمُونَ كلامَك؟ ، هل يَتفِقونَ مَعك؟ ، هل يَتحمسُونَ لما تُقول؟ .. الخ
5 - لا تُغمِض عينك لأكثرَ من ثانيتين، فكأنك بذلك تقولُ: أنا غيرُ مُرتاح, ولا أريد أن أكونَ هنا، وهذا سيؤثرُ سلباً على المستمعين ورغبتهم في الاستماع إليك ..
المهارةُ الثالثةُ: التَّحكُم في ملامحِ وتعابيرِ الوجهِ:
فباستخدامِ أجزاءِ الوجهِ المختلفةِ (العينان، الحاجبان، الجبين، الوجنتان، الشفتان) يستطيعُ الانسانُ أن يُشكِلَ بوجههِ ما لا يُحصى من التعابير المختلفةِ، من حُزنٍ وفرحٍ وتعجُبٍ وغضبٍ، وسُخريةٍ وخوفٍ، وفخرٍ، وغيرُها كثيرٌ جداً ..
ولكي يتواصلَ الملقي بشكلٍ فعالٍ مع جمهورهِ فعليهِ أن يتحكَّم جيداً في ملامحِ وتعابيرِ وجههِ، وأن يكونَ (أغلبَ الوقتِ) مُبتهِجاً (مُنبسطَ الوجهِ) غيرَ عبوسٍ، إلا إذا تطلبَ السياقُ الخطابيُ ذلك، وليكُن على حذرٍ، فبعضُ الناسِ لا يشعرُ أنهُ عبوسٌ، وقد يظنُ نفسهُ مُبتسماً وهو على العكس من ذلك .. فعلي الملقي أن يهتم لهذا الأمرِ جيداً، وأن يكتشِفَ كيف تبدو صورتهُ (عندما ينسى نفسهُ) كي لا يُساءَ فَهْمُ تعابيرِ وجههِ وهو لا يقصِدُ .. فما يُدركهُ الآخرونَ من الملامحِ الظاهرةِ هو ما يعتقِدُونهُ في صاحِبها، لأنهم لا يعلمون ما بداخِله إلا إذا أظهرهُ لهم بلسانه أو بتعابيرِ وجههِ، فإن كانَ المرءُ مُنبسِطَ الوجهِ مُرتخي الأسارِيرِ ظنوهُ دَمِثَ الأخلاقِ طيبَ المعشَرِ، وإن رأوهُ حادَّ التعابيرِ مشدود الأسارير، ظنوهُ جافُ الطباعِ صعبُ المعشَرِ، ولذا فعليهِ أن يتنبه لذلك جيداً .. وعليه كذلك أن يكتشِفَ كيفَ ينظرُ إليهِ الآخرونَ عندما يكونُ تحتَ الضغطِ، وفي الأوقاتِ العصيبةِ، وليجعل ذلك منهُ على بالٍ، ليعرفَ القدرَ المقبولَ وغيرَ المقبولِ من تلك التعابِيرِ، ويُدركَ الفرقَ بينها .. وعليهِ كذلك أن يكتشِفَ إن كان لديهِ شيءٌ من الإشاراتِ العصبيةِ ألا إراديةِ، التي تجعلهُ يخرجُ عن وضعهِ الطبيعيِ (وهو لا يشعُر)، كأن يشيرَ بيديه بسرعةٍ وعصبيةٍ .. ثم ليحرص بعد ذلك على أن يجعلَ حركاتهُ طبيعيةً تُفهم بحسبِ ما يريد ..
المهارةُ الرابعةُ: توظِيفُ حركةِ اليدينِ:
وكما يعبرُ الانسانُ بملامح وجههِ، فكذلك يمكنهُ أن يعبرَ بيديهِ جُملةً من الإيماءاتِ المتنوعةِ، كالارتفاعِ والانخفاضِ، والضيقِ والسعةِ، والأمامِ والخلفِ، والقوةِ والتلاحُمِ، والاستقامةِ والاعوجاجِ .. إلى غير ذلك من الإيماءاتِ الكثيرة ..
ولكي يستفيد الملقي من إيماءات يديهِ عليه مراعاةُ النقاطِ التالية:
1 – أن يكونَ طبيعياً، وليترك ليديهِ حُريةَ الحركة، ولا يجعلهُما كالمكبلتين ..
2 – أن يُحسِنَ توظِيفُ إشارتهِ، ولتكن مُنسجمةً ومتناغِمةً مع إلقاءه ..
3 – أن لا يُشيرِ بأصبعهِ إلى الجمهورِ مُباشرةً إلا في حالة المدحِ والثناء ..
4 – أن يحذرَ المبالغةَ في كثرة أو سرعةِ الحركةِ باليد، فإن لها مردوداً عكسياً ..
المهارةُ الخامِسةُ: أن يكونَ لائقَ المظهرِ:
بما أن تسعين بالمائة من شخصيتنا مُغطى باللباس، فمن الضروري أن نُدرك أهمية ذلك في تشكيل الانطباع عنا .. إلا أنه ينبغي للملقي أن لا يبالغ في تحسين هيئته، إلى الدرجة التي تكون سبباً في انصراف المتابعين عن كلامه إلى التفكير بزيه وهيئتهِ .. ولكي لا تكون سبباً في كسر نفوس البسطاء .. فكُن لائِقاً في مظهرك، ولا تتكلف ولا تتبذَّل .. فكلا طرفي الأمور ذميمُ، وخيرُ الأُمورِ أواسِطُها ..
يقول الإمام الماوردي: "ويستحبُ للإمام من حُسنِ الهيئةِ وجمالِ الزي أكثر مما يُستحبُ لغيره؛ لأنه قدوةٌ مُتبع" .. وذكر الجاحظ في كتاب (البيان والتبيين) أن إياس بن معاوية المزني أتى حلقةً في مسجد دمشق، فتكلم فابهرهم؛ وكان في هيئةٍ مُتقشفةٍ، فاستهانوا به، فلما عرفوه اعتذروا إليه، وقالوا له: "الذنب مُقسومٌ بيننا وبينك؛ أتيتنا في زي المساكين، تُكلمنا بكلام الملوك" ..
وحيث أن الغرض العام من لغة البدن (وكذلك النبرة) هو رفعُ درجةِ انتباهِ المتلقي، واستمرارُ تركيزهِ مع الملقي حتى ينتهي .. فإن الجانب العملي لكيفيةِ إتقانِ لُغةِ البدنِ، هي أن يختارَ المتدرِّبُ (بوعيٍ) جُملةً مُناسبةً من حركات لُغةِ البدنِ (مما سبقَ بيانهُ) التي يراها مُؤثرةٍ، ثم يقومُ بالتدرُّبِ على أدائِها، ويراقِبُ نفسهُ (من خلال التصوير) ليرى مدى مُناسبةِ ما اختارهُ من حركات، ثم يُعدِل (يُلغِي ويُضِيف) ما يراهُ مُناسباً من الحركات حتى يصلَ إلى المستوى المنشود ..
د - التدرُّبُ الجادُّ المنظّمُ لإتقانِ المهارات (الجانبُ العملي):
معلومٌ أنَّ النجاحَ في أي مجالٍ فنيٍ (كالإلقاء مثلاً) يتطلبُ (إتقانَ) مجموعةٍ من المهاراتِ الخاصةِ بذلك المجال ..
كما أن (إتقانَ) أيَّ مهارةٍ فنيةٍ يتطلبُ تدرُّباً جادًّا ومنظماً ..
ونعني بالتدرُّب الجادّ المنظَّم: أي أن يسيرَ المتدرِّبُ في تدرُّبهِ وفقَ جدولٍ عمليٍ مُحددٍ، وهذا ولا شك سيُسهِّلُ عليه بإذن اللهِ إتقانَ المهارةِ بأقلَ قدرٍ مُمكنٍ من الوقتِ والجُهدِ، وبمستوىً عالٍ من الجودةٍ والكفاءةٍ ..
مهارةُ الخطِ الجميلِ مثلاً: تتطلبُ لإتقانها أن يسيرَ المتدرِّبُ وفقَ أصولِ وقواعدِ كتابةِ الخطِ (نظامُ الخط)، وأن يتدرَّبَ (بجديةٍ) فترةً من الزمنِ حتى يصلَ للمستوى المطلوبِ .. وقِس على ذلك مهاراتُ الخطابةِ والإلقاءِ ..
ثم إن إيّ مهارةٍ جديدةٍ يُراد تعلُّمُها واتقانُها، لا بدَّ أن تمُرَّ بمرحلتين اساسيتين:
المرحلةُ الأولى: يُمكنُ أن نُسمِّيها مرحلةُ التعلُّم، أو مرحلةُ (الغشامة)، حيث تتميزُ هذه المرحلةُ بكثرة الأخطاءِ، وبيقظةِ العقلِ وانتباهِه (ليتعلَّمَ) .. ومع استمرارِ الممارسةِ يُصبِحُ أداءُ المهارةِ شيئاً (عادياً) يُمارسُ بتلقائيةٍ وبلا وعيٍ ولا انتباهٍ، وهذه هي المرحلةُ الثانيةُ, والتي تُسمى مرحلةُ الإتقانِ والتِّلقائِية ..
فمثلاً: حينما يبدأ الطفلُ في تعلُّمِ قيادةِ الدراجةِ، تكثرُ أخطاءهُ وسقطاتهُ، ويكون عقلُهُ يقِظاً مُنتبهاً فهذه هي مرحلةُ الغشامةِ أو التعلُّمِ والانتباهِ، وهي مرحلةٌ حسَّاسةٌ تحتاجُ إلى صبٍر وتحمُّلٍ ومُجاهدةٍ .. ومع استمرارِ التدرُّبِ بحديةٍ ينتقلُ المتدرِّبُ إلى بدايات المرحلةِ الثانية: مرحلةُ الإتقانِ والتلقائية و(التعوُّد)، حيث يبدأ المتدرِّبُ بأداءِ المهارةِ بتلقائيةٍ ودون تفكيرٍ فيها أو انتباهٍ لما يفعل، فقائدُ السيارةِ مثلاً، يُصبِحُ قادراً على القيادةِ دونَ أن ينتبهَ لما تفعلُهُ يداهُ وقدماهُ .. لقد أصبحَ بإمكانهِ أن يفعلَ ذلك لأن مهارةَ القيادةِ انتقلت إلى مرحلةِ التعوّدِ والتلقائيةِ ..
ولمزيدٍ من البيانِ حولَ التدرُّبِ الجادِّ المنظَّم، دعنا نشبِّهُ المهارةَ بالعضلة .. فلكي تحصُلَ على عضلةٍ قويةٍ وجميلةٍ وضخمةٍ فلابدُّ أن تلتزمَ بنظامٍ تدريبي مُناسبٍ (أي أن تتدرَّب وفق جدولٍ مُحددٍ) .. ومعلومٌ أن كثرةَ تحريك العضلةِ (بلا نظامٍ) لن يُؤدِي إلى ذلك، فالحدَّادُ والحطَّابُ والحمَّالُ .. أمثلةٌ لكثرة تحريك العضلةِ (بلا نظامٍ)، ومع ذلك فليسَ لأحدٍ منهم عضلاتٌ يمكنُ مُقارنتُها بعضلات لاعبي كمالِ الأجسامِ، عِلماً بأنَّ لاعبي كمالِ الأجسامِ (من حيثُ الجملةِ) أقلُّ تحريكاً لعضلاتِهم من أولئك الحرفيين، لكن ولأنَّ الرياضِيين يُحركُون عضلاتهم (بنظام) فهم يحصلون على نتائج قويةٍ ورائعةٍ .. وقِس على ذلك مَهارةُ الخطِ، فليست كثرةُ الكتابةِ هي الطريقُ الصحيحُ لأن تُصبحَ خطاطاً مميزاً ..
وعليهِ فيُمكِنُ قِياسُ مهاراتِ الإلقاءِ على أوضاع العضلةِ أو الكتابةِ، فمن يستخدِمُ مهاراتِه الصوتِيةِ ولُغةَ بدنهِ (بلا نظامٍ)، فلن يُحصُلَ على النتيجةِ المطلوبة ..
فالنصيحةُ الذَّهبيةُ التي أقدمها لك هنا هي:
صمِّم جدولاً بنظامٍ مُناسبٍ للمجال الذي تودُّ النَّجاحَ فيه، ثمَّ تدرَّب .. تدرَّب .. تدرَّب .. هذه هي أفضلُ نصيحةٍ أُقدِمُها لك، فالتدرُّبُ هو أفضلُ المعلمين ..
يقولُ أحدُ المدربين: لا يُوجدُ إنسانٌ فاشلٌ (يعني لا يستطيعُ النجاحَ) .. يُوجدُ إنسانٌ تدرَّبَ على المهاراتِ اللازِمةِ حتى أتقنَها .. وإنسانٌ لم يتدرَّب بعدُ (غشيم) ..
فمن فضلك تذكر مرةً أخرى: أنك لن تستفيدَ من دراسةِ مهاراتِ الإلقاءِ حتى تتدرَّبَ عليها جيداً، وتُتقِنَ استخدامها تماماً، وتنقُلها إلى مرحلةِ الإتقانِ والتِلقائِيةِ ..
وصدقَ من قال: من استعجلَ شيئاً قبلَ أوانهِ، عُوقِبَ بحرمانهِ ..
فالتدرُّبُ الجادُّ المنظَّمُ على مهاراتِ الإلقاءِ .. هو الذي سيوصِلُ المتدرِّبَ بإذن اللهِ إلى مرحلةِ الاتقانِ والتلقائيةِ وفي فترةٍ زمنيةٍ قياسية ..
وآخر دعوانا أن الحمدُ للهِ ربِ العالمين ..
تعديل التعليق