من نواقض الإسلام

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إخوة الإيمان والعقيدة ...إن أغلى ما يجب أن يعتز به المسلمون ويحافظوا عليه ويستمسكوا به ويدعوا إليه دينهم وعقيدتهم الإسلام، كيف لا؟! وهو دين الله الحق الذي لا يرضى لهم من الديانات غيره ( إِنَّ الدِّينَ عِندَ اللَّهِ الْإِسْلَامُ ) وقال سبحانه ( وَمَن يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلَامِ دِينًا فَلَن يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) ولا يستقيم الدين إلا بسلامة التوحيد، وذلك بالاستمساك بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم.
وهذا التوحيد هو أول الدين وآخره، وباطنه وظاهره، وهو أول دعوة الرسل وآخرها، وهو معنى قول العبد: لا إله إلا الله، وهو أصل الدين وأساس الملة وقاعدة الإسلام التي عليها مداره، وهو أول واجب وآخر واجب، وأول ما يُدخَل به الإسلام وآخر ما يُخرَج به من الدنيا، ولأجل هذا الوحيد خلقت الخليقة وأرسلت الرسل وأنزلت الكتب وافترق الناس إلى مؤمنين وكفار وسعداء وأشقياء…
والتوحيد هو رأس مال العبد في هذه الحياة، وهو ما يفد به على الله بعد الممات وخسارته الإيمان لا تعدلها خسارة، ولا تقبل فيها الفدية ولو بلغت ما بلغت ( إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْ أَحَدِهِمْ مِلْءُ الأَرْضِ ذَهَبًا وَلَوِ افْتَدَى بِهِ أُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ وَمَا لَهُمْ مِنْ نَاصِرِينَ ) وقال سبحانه ( وَمَن يَكْفُرْ بِالْإِيمَانِ فَقَدْ حَبِطَ عَمَلُهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ )
وما أتعسها من حالة حين يهيم الإنسان على وجهه في هذه الحياة حيران قلقاً، بعيداً عن نور الإيمان، وتتردى حالته بعدُ، فلا ينقضي النكد ولا يخفف العذاب ( وَالَّذِينَ كَفَرُوا لَهُمْ نَارُ جَهَنَّمَ لا يُقْضَى عَلَيْهِمْ فَيَمُوتُوا وَلا يُخَفَّفُ عَنْهُمْ مِنْ عَذَابِهَا كَذَلِكَ نَجْزِي كُلَّ كَفُورٍ )
عباد الله .. ولما كان توحيد الله بهذه المنزلة والمكانة؛ كان لزاماً على العبد أن يسعى للمحافظة عليه وعدم زواله؛ ولو كلّفه ذلك حياته؛ خصوصاً في زمن الفتن كزمننا هذا، فإن من الناس في زمن الفتن من يتجاوز حدود الدين إلى الكفر ويخرج عن حياضه مرتداً وهو لا يشعر باعتقاد يعتقده أو شك يعتريه أو تصرف يعمله أو كلمة يتفوه بها؛ ولم يلق لذلك بالاً، وقد صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال (بادروا بالأعمالِ فتَنًا كقطعِ اللَّيلِ المظلمِ ، يصبحُ الرَّجلُ مؤمنًا ويمسي كافرًا ،ويمسي مؤمنًا ويصبحُ كافرًا يبيعُ دينَهُ بعرضٍ منَ الدُّنيا ).
ولأجل ذلك فإن على العبد أن يعلم نواقض الإسلام التي تقوّض بنيانه وتزلزل أركانه ليحذر من الوقوع والتردي فيها فيهلك وتحبط أعماله من حيث يدري أو لا يدري..
عباد الله.. إن نواقض الإسلام كثيرة تصدّى العلماء لذكرها وبيانها وصُنِّفت فيها مصنفات فهي الأعظم خطراً والأكثر وقوعاً.. فمن تلك النواقض للإسلام ... الشرك في عبادة الله. قال تعالى ( إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ ) وقال تعالى ( إِنَّهُ مَن يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ ۖ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنصَارٍ ) ومن مظاهر الشرك المنتشرة في بعض البلدان الإسلامية من دعاء الأموات والاستغاثة بهم والنذر والذبح لهم ( وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّن يَدْعُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ مَن لاَّ يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَىٰ يَوْمِ ٱلْقِيَامَةِ وَهُمْ عَن دُعَآئِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ ٱلنَّاسُ كَانُواْ لَهُمْ أَعْدَآءً وَكَانُواْ بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ ) ( وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ ) .
والشرك هو أصل كل شر وجماعه؛ وهو أعظم الذنوب على الإطلاق؛ فقد نفى الله مغفرته، وقضى على صاحبه بحبوط الأعمال والخلود في النار؛ ولو كان من نبي؛ وحاشا أنبياء الله أن يقع منهم ذلك؛ يقول سبحانه مخاطبًا نبيه صلى الله عليه وسلم ( وَلَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَإِلَى الَّذِينَ مِن قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَلَتَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ ) وعن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من لقِي اللهَ لا يشركُ به شيئًا دخل الجنَّةَ ، ومن لقِيه يشركُ به دخل النَّارَ ).
والناظر لحال أمة الإسلام اليوم يرى أن سواداً عظيماً ممن ينتسبون إليها ويحملون مسمى الإسلام قد وقعوا في الشرك وخاضوا فيه وتلطخوا به.. فهاهي القبور والأضرحة تنتشر في أرجاء العالم الإسلامي، يطاف حولها ويُتمسح بها ويبنى عليها وتشد الرحال إليها وتتخذ مزارات وأعياداً، ويدعى أصحابُها من دون الله ويُطلب منهم الشفاء والمدد ويذبح لهم ويستغاث بهم.
نعوذ بالله أن نَضِل أو نُضَل أو نُضِل.. ومن الشرك المنتشر بين كثير ممن ينتسبون إلى الإسلام تعليق التمائم والحروز لجلب الخير ودفع الضر واعتقاد أنها مؤثرة بنفسها من دون الله. ومن مظاهر الشرك أيضاً الذبح للأولياء أو الجن لطلب النفع أو لاتقاء الشر؛ ومنه ما يفعله كثير من الجهلة الحمقى الذين يذبحون الذبائح على أعتاب أبواب بيوتهم عند سكناها.
عباد الله ... وإن من نواقض الإسلام .. من جعل بينه وبين الله وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم الشفاعة.. وهذا ما حكى الله عن المشركين حين قال ( وَيَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ مَا لَا يَضُرُّهُمْ وَلَا يَنفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ هَٰؤُلَاءِ شُفَعَاؤُنَا عِندَ اللَّهِ ) ويقول سبحانه ( وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى ) فمن جعل الملائكة والأنبياء وسائط يدعوهم ويتوكل عليهم ويسألهم جلب المنافع ودفع المضار مثل أن يسألهم غفران الذنوب وهداية القلوب تفريج الكروب وسد الفاقات فهو كافر بإجماع المسلمين.
فمن تدبر القرآن تبينت له غربة الدين وجهل كثير من الناس برب العالمين ( وَمَا قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ ) اللهم إنا نسألك الثبات على الدين حتى الممات.اللهم إنا نعوذ بك أن نشرك بك ونحن نعلم، ونستغفرك لما لا نعلم..
بارك الله لي ولكم..


الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على أشرف الأنبياء والمرسلين، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
معاشر المؤمنين ...وإن من نواقض الإسلام .. من لم يكفّر المشركين أو شك في كفرهم أو صحح مذهبهم. لأن الله قد حكم بكفرهم؛ وهذا يكذّب الله تعالى ويرد قوله. فلا يُحكم بإسلام المرء حتى يكفّر المشركين ويتبرأ منهم ويعاديهم. فإن توقف في ذلك أو شك فيه فهو مثلهم.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم ( من قالَ : لا إلهَ إلَّا اللَّهُ ، وكفر بما يُعبَدُ من دون اللَّهِ ، حُرِّم مالُهُ ودمُهُ .وحسابُهُ على اللَّهِ ) فلا يكتفى بعصمة دم المسلم أن يقول: لا إله إلا الله، بل لا بد من الكفر بما يعبد من دون الله..
وأما من صحح مذهبهم واستحسن ما هم عليه من الكفر والطغيان فهو كافر مثلهم لأنه لم يعرف الإسلام على حقيقته؛ والإسلام هو: الاستسلام لله بالتوحيد والانقياد له بالطاعة، والبراءة من الشرك وأهله.
وهذا الأصل من أصول ملة إبراهيم عليه السلام التي أُمرنا باتباعها، ومن رغب عنها فقد سَفِه نفسه ( قَدْ كَانَتْ لَكُمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ فِي إِبْرَاهِيمَ وَالَّذِينَ مَعَهُ إِذْ قَالُوا لِقَوْمِهِمْ إِنَّا بُرَآءُ مِنكُمْ وَمِمَّا تَعْبُدُونَ مِن دُونِ اللَّهِ كَفَرْنَا بِكُمْ وَبَدَا بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمُ الْعَدَاوَةُ وَالْبَغْضَاءُ أَبَدًا حَتَّىٰ تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَحْدَهُ ) فمن لم يكفّر المشرك الكافر؛ سواء كان كافراً أصلياً كاليهود والنصارى أو ثبت كفره يقيناً كالباطنية والرافضة فهو كافر مثلهم.
فإن كان شاكاً في كفرهم أو جاهلاً بكفرهم بينت له الأدلة من كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم على كفرهم، فإن شك بعد ذلك وتردد فإنه كافر بإجماع العلماء، على أن من شك في كفر الكافر فهو كافر.
ويدخل في هذا الناقض ما نراه من كثير ممن ينتسبون إلى الإسلام وهم يوالون المشركين ويقرّبونهم ويعظّمونهم.. مع أن الله حذّر من ذلك ولو كانوا من القرابة، فقال تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا آبَاءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَاءَ إِنِ اسْتَحَبُّوا الْكُفْرَ عَلَى الْإِيمَانِ ۚ وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَأُولَٰئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ) وقال تعالى ( لَّا تَجِدُ قَوْمًا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ يُوَادُّونَ مَنْ حَادَّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَوْ كَانُوا آبَاءَهُمْ أَوْ أَبْنَاءَهُمْ أَوْ إِخْوَانَهُمْ أَوْعَشِيرَتَهُمْ ).
ويدخل غي هذا الناقض ما نراه من بعض ممن ينتسبون إلى الإسلام من مُظاهرة المشركين، ومعاونتهم على المسلمين بشتى أنواع المعاونة، وقد قال الله تعالى ( يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ ) فنشكو إلى الله ما حل بنا في هذا العصر الغريب الذي انقلبت فيه الموازين وأصبح الكثير يتعاملون مع الأسماء دون المسميات ومع الدعاوى دون البينات.. فعدو الله الذي يحارب الدين ليلاً ونهاراً سراً وجهاراً قد صار مؤمناً موحداً عند الجهال المغفّلين وأهل الشهوات بدعوى أنه يتلفظ بالشهادتين.. وما يغني عنه تلفظه بهما وقد صار جندياً من جنود إبليس يحارب هذا الدين بالنفس والمال.. والله المستعان.
اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداء الدين، واحمِ حوزة الدين يا رب العالمين. اللهم آمِنا في أوطاننا، وأصلح واحفظ أئمتنا وولاة أمورنا. اللهم استعمل على جميع المسلمين خيارهم. اللهم استعمل عليهم من يطبِّق شريعتك يا رب العالمين. اللهم وفق المسلمين والمسلمات لما تحب وترضى. اللهم اهدهم سبل السلام، وجنبهم الفواحش، ما ظهر منها وما بطن. اللهم انصر المجاهدين في سبيلك فوق كل أرضٍ وتحت كل سماء. اللهم كن لهم ولا تكن عليهم يا رب العالمين. اللهم عليك بأعدائك أعداء الدين من اليهود والنصارى والملحدين وأتباعهم يا رب العالمين. اللهم عليك بهم عاجلاً غير آجل. اللهم أنزل عليهم بأسك الذي لا يُرَد عن القوم المجرمين. ربنا اغفر لنا، ولوالِدِينا، ولجميع المسلمين، الأحياء منهم والميتين، برحمتك يا أرحم الراحمين. ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.
المشاهدات 800 | التعليقات 0