من معاني شعار العشر: الله أكبر
محمد بن عبدالله التميمي
1441/12/03 - 2020/07/24 01:30AM
الحمد لله، وسبحان الله، ولا إله إلا الله، والله أكبر، حمدا لربنا العلي الكبير، أشهد أنه سبحانه الإله الحق وهو على كل شيء قدير، وأشهد أن محمدا عبدُ الله ورسوله المدّثر، قام فأنذر، ولِربه كبّر، صلى الله عليه وسلَّم وعلى آله وكل صاحب جليل، وعلى من تبعهم بإحسان وعلى هديهم يسير، أما بعد:
فَاتَّقُوا الله بِفعل مَا أمركم بِه، وَترك مَا نهاكم عَنه، وإدامة الذّكر لَه، واستشعار الخشية مِنْه، قال الله تعالى عن المتقين في جنات النعيم: {وَأَقْبَلَ بَعْضُهُمْ عَلَى بَعْضٍ يَتَسَاءَلُونَ (25) قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ (26) فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ (27) إِنَّا كُنَّا مِنْ قَبْلُ نَدْعُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْبَرُّ الرَّحِيمُ (28)}
عباد الله.. أيامكم هذه العشر، أيامٌ زُهرٌ غُر، العمل الصالح فيها أزكى وأعظم وأفضل، وهو فيها إلى الله أَحَب، وقد خص الله من العمل الصالح: الذكر، وحثَّ النبي صلى الله عليه وسلّم على أنواع منه كما في حديث ابن عمر: "فأكثروا فيهن من التهليل والتكبير والتحميد"، وشعار هذا الأيام الذي يُجهر فيه بين الأنام: تكبير الله.
عباد الله.. التكبير شأنُه عظيم، وثوابُه عند الله جزيل، وقد تكاثرت النصوص في الحث عليه والترغيب فيه وذكر ثوابه.
قال الله تعالى: {وَقُلِ الحَمْدُ للهِ الَّذِي لَمْ يَتَّخِذْ وَلَداً وَلَمْ يَكُن لَهُ شَرِيكٌ فِي المُلْكِ وَلَمْ يَكُن لَهُ وَلِيٌّ مِنَ الذُّلِّ وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً} ، وقال تعالى في شأن الصيام: {وَلِتُكْمِلُوا العِدَّةَ وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَلَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ}، وقال تعالى في شأن الحج وما يكون فيه من نُسك يَتقرَّب فيه العبدُ إلى الله: {لَن يَنَالَ اللهَ لُحُومُهَا وَلاَ دِمَاؤُهَا وَلَكِن يَنَالُهُ التَّقْوَى مِنكُمْ كَذَلِكَ سَخَّرَهَا لَكُمْ لِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلَى مَا هَدَاكُمْ وَبَشِّرِ المُحْسِنِينَ} ، وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا المُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنذِرْ وَرَبَّكَ فَكَبِّرْ}
إن المسلم يكبر الله في اليوم والليلة في الصلوات الخمس المكتوبة فقط أربعاً وتسعين تكبيرة، فكيف إذا كان محافظاً مع ذلك على الرواتب والنوافل، وكيف إذا كان محافظاً على الأذكار التي تكون أدبار الصلوات وفيها التكبير ثلاثٌ وثلاثون مرة، فالمسلم إذا كان محافظاً على الصلوات الخمس مع السنن الرواتب وعددُها ثنتا عشرة ركعة مع الشفع والوتر ثلاث ركعات ومحافظاً على التكبير المسنون أدبار الصلوات ثلاثا وثلاثين مرة فإنَّ عدد تكبيره لله في يومه وليلته يكون ثلاثمائة واثنتين وأربعين تكبيرة، ولا ريب أنَّ هذا فيه دلالة على فضيلة التكبير حيث جعل الله للصلاة منه هذا النصيب الوافر، فإذا ضُمَّ إلى ذلك التكبيرُ في الأذان للصلاة والإقامة لها ممّن يؤذِن أو يُحافظ على إجابة المؤذِن، زاد بذلك عدد تكبيره في يومه وليلته، فإنَّ عدد ما يكون فيهما من تكبيرات في اليوم والليلة خمسون تكبيرة، فإنَّ عدد التكبير بذلك يزيد.
ثم إنَّ المسلم إذا كان محافظاً على التكبير المطلق غير المقيد بوقت فإن عدد تكبيره لله في أيامه ولياليه لا يحصيه إلا الله سبحانه.
أقول قولي هذا وأستغفر الله فاستغفروه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية
أما بعد: فإن التكبير كلمةٌ عظيمٌ شأنها، رفيعٌ قدرها، تتضمّن المعاني الجليلةَ والمدلولاتِ العميقةَ والمقاصد السامية الرفيعة، الدِّينَ كلَّه يُعدُّ تفصيلاً لكلمة "الله أكبر" فالمسلم يقوم بالطاعات جميعها والعبادات كلّها تكبيراً لله وتعظيماً لشأنه وقياماً بحقِّه سبحانه، وهذا ممّا يبيّن عظمةَ هذه الكلمة وجلالةَ قدرها، ولهذا يروى عن عمر بن الخطّاب رضي الله عنه أنّه قال: "قول العبد: الله أكبر، خيرٌ من الدنيا وما فيها"4، فالله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.
التكبير هو تعظيم الربّ تبارك وتعالى وإجلاله، واعتقاد أنّه لا شيء أكبرُ ولا أعظمُ منه، فيصغر دون جلاله كلُّ كبير، فهو الذي خضعت له الرقاب وذلَّت له الجبابرة، وعنت له الوجوه، وقهر كلَّ شيء، ودانت له الخلائق، وتواضعت لعظمة جلاله وكبريائه وعظمته وعلوّه وقدرته الأشياء، واستكانت وتضاءلت بين يديه وتحت حكمه وقهره المخلوقات.
عباد الله.. المسلم إذا اعتقد وآمن بأنّ الله سبحانه وتعالى أكبر من كلِّ شيء، وأنّ كلَّ شيء مهما كبر يصغر عند كبرياء الله وعظمته، علمَ من خلال ذلك علم اليقين أن كبرياءَ الربِّ وعظمتَه وجلالَه وجمالَه وسائرَ أوصافه ونعوته أمرٌ لا يمكن أن تحيط به العقول أو تتصوّره الأفهام أو تدركه الأبصار والأفكار، فالله أعظم وأعظم من ذلك، بل إنّ العقولَ والأفهامَ عاجزةٌ عن أن تدركَ كثيراً من مخلوقات الرب تبارك وتعالى، فكيف بالرب سبحانه.
_______________________________________________________________________________
من بعد التمهيد للخطبة الأولى بقول"التكبير شأنُه عظيم"كان التلخيص لصفحات عديدة في أسطر يسيرة
من كتاب فقه الأدعية والأذكار للشيخ عبدالرزاق البدر
المرفقات
من-معاني-شعار-العشر-الله-أكبر
من-معاني-شعار-العشر-الله-أكبر