من لأهل قارة السمراء

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره, ونعوذ بالله من شرور أنفسنا و من سيئات أعمالنا, من يهده الله فهو المهتد ومن يضلل فلا هادي له, وأشهد أن لا إله إ...لا الله وحده لا شريك له, له الملك وله الحمد يحيى و يميت وهو على كل شيء قدير, علم ما كان وما هو كائن وما سيكون وما لم يكن لو كان كيف كان يكون.
رضاك خير من الدنيا وما فيها يا مالك النفس قاصيها ودانيها
فليس للنفـــس آمــال تحققــها سوى رضاك فذا أقصى أمانيها
فنظرة منك يا سؤلي ويا أملي خيــر إلي من الدنيــا وما فيــها
وأشهد أن محمدا عبده ورسوله وصفيه من خلقه وخليله, أدى الأمانة و بلغ الرسالة ونصح الأمة, فكشف الله به الغمة, وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين, فاللهم أجزه عنا خير ما جزيت نبيا عن أمته ورسولا عن دعوته ورسالته, وصل اللهم عليه وعلى آله وأصحابه وأحبابه وأتباعه و على كل من اهتدى بهديه واستن بسنته واقتفى أثره إلى يوم الدين .
عباد الله أوصي نفسي و إياكم بتقوى الله عز وجل فهي وصيته للأولين والآخرين من عباده ( وَلَقَدْ وَصَّيْنَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَإِيَّاكُمْ أَنِ اتَّقُوا اللَّهَ ).
إخوة الإيمان والعقيدة ... يقول الرب جل في علاه ( أيحسب أن لن يقدر عليه أحد ) إن الأمة الإسلامية اليوم تمر بمصاعب ومحن عظيمة في مشارق الأرض و مغاربها, فلا يمر يوم علينا إلا ونحن نرى ونسمع ونقرأ عن وجود قتلى وجرحى وسفك للدماء وتمزيق للأشلاء وانتهاك للأعراض وقتل للأبرياء ذلك بأنهم قالوا ربنا الله ,ذلك بأنهم مسلمون ,ذلك بأنهم ينتمون لدين محمد عليه الصلاة والسلام.
ومن ثم نتساءل أين دعاة حقوق الإنسان من هذا ؟ أين الذين يتغنون بالأمن والأمان الذي يرجوه كل فرد ؟ أين الذين يتغنون بالعدل الذي يتمناه كل إنسان يعيش على هذه الأرض ؟
إن الفتن في هذه الأيام تتلاحق ,وإن المحن تتلاطم ,وإن الابتلاءات على أمتنا تتوالى , إن ما أصاب الأمة الإسلامية من مذابح ومآسٍ في الآونة الأخيرة بات يزداد يومًا بعد يوم، فالآن إفريقيا الوسطى، ومن قبلُ بورما، والشام، وفي مواقع أخرى، هم يقاسون كل معاني القتل، التمثيل بالجثث، الاغتصاب، التهجير القسري، ومن خلاله يعانون الآلام، التعذيب، القتل، حتى يرسو بهم المطاف إلى دولة أخرى، طالبين الحماية، وقد فقدوا كثيرًا من ذويهم، خاصة الأطفال والشيوخ والنساء، ولا حياة لمن تنادي!
إنها مأساة إنسانية، ومؤامرة غربية، تعصف بهؤلاء الأبرياء تحت أجندة خفية تهدفُ إلى طمس معالم الهُوِيَّة الإسلامية (تطهير عرقي ديني)، على أيدي مَن استطاعوا أن يمدوا نفوذهم السياسي والاقتصادي والاستعماري، بكل مسميات الاستعمار، ونحن - أمة الإسلام - نسمع بأن المؤسسات الإسلامية شجبت هذه العمليات، لكن هل هذا يُحقِّق لهم ولنا النصر وعزة المسلمين؟!
لا وألف لا، فلا بد لنا من تدخل فعلي وقسري سريع، لمواجهة كل هذه الجرائم التي تحاك ضد هؤلاء المسلمين الأبرياء، الذين اشتروا جنات الخلد، ماضين على خطى السابقين؛ لأنهم لم يرضوا المساس والهوان لهذا الدين العظيم، بل رفعوا راية لا إله إلا الله عاليةً خفاقة.
انظروا إلى شاشات وسائل الإعلام ترى ما يحزن القلب , فوالله الذي لا إله إلا هو ما نأتي به ليس من خيال إنسان .
أين المسلمون من إغاثة إخوانهم المنكوبين ؟؟
أين المسلمون من إغاثة أطفال و نساء ورجال وشيوخ المسلمين ؟؟
كفانا اجتماعات .. كفانا مؤتمرات .. يا قوم لا تتكلموا ، إن الكلام محرم .. ناموا ولا تستيقظوا ، ما فاز إلا النــوم .. ودعوا التفهم جانبا ، فالخير أن لا تفهموا .. إن قيل : هذا شهدكم مر فقولوا : علقم .. أو قيل إن نهاركم ليل فقولوا : مظلم.
ولسان حال الجامعة العربية .. والاجتماعات الدولية يقول إن لم يتوقفوا عن جرائمهم سنخرج ببيان آخر فقط .وما تغني تلك البيانات ونحن نرى أثار الظلم والطغيان على شعب أعزل يعيثون فيه قتلا وسفكا وعداء.
آلاف القتلى و أكثرهم من النساء والأطفال وعشرات الآلاف من الجرحى و المشردين والآلاف من المعتقلين و المضطهدين وخلال الأيام القليلة الماضية لا يمر يوم إلا والقتلى بالعشرات بل المئات ونرى مشاهد وفظائع وجرائم.
فأين العالم المتحضر الذي يتحدث عن حقوق الإنسان ؟ أين أصحاب القلوب الرحيمة التي ترحم هذا الشعب الأعزل الذي لا يستطيع رد الظلم والعدوان عن نفسه ؟ أين تلك الدولة المتشدقة بالديمقراطية من تلك الأيدي الظالمة المتلطخة بدماء الأبرياء دون أن يحركوا ساكنا ؟
هذا الشعب الأعزل يواجه في كل لحظة مجازر جماعية في البشاعة والقتل وتقتلع حناجرهم وتقطع أيديهم وأرجلهم بما لا يتصوره عقل ولم تره عين في تاريخ الإجرام و التعذيب ,يقتلون بدم بارد في الشوارع والطرقات دون أي رحمة أو شفقة أو حتى مراعاة لأية حقوق إنسانية أو أخلاقية .
إن العالم اليوم أمام مهمة أخلاقية و فضيلة إنسانية لن تنفع معها الحلول الدبلوماسية , كفى ظلما لإخواننا ونحن نسمع استغاثات الأمهات وصرخات الأطفال ولكن لا مجيب .
إن العين لتدمع و إن القلب ليحزن و إن على مصابكم يا مسلمون لمحزنون "وَلاَ تَحْسَبَنَّ اللّهَ غَافِلاً عَمَّا يَعْمَلُ الظَّالِمُونَ إِنَّمَا يُؤَخِّرُهُمْ لِيَوْمٍ تَشْخَصُ فِيهِ الأَبْصَارُ".
بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم ، أقول ما تسمعون ....



الحمد لله رب العالمين, مغيث المستغيثين, وناصر المظلومين, وقاصم ظهور المتكبرين والظالمين, ومجيب دعوة المضطرين, فارج الهم وكاشف الكرب, لا إله إلا هو رب العرش العظيم, وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له, له الملك كله وإليه يرجع الأمر كله, يقضي ما يشاء ويفعل ما يريد ,وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أوصانا بالخوف من الجليل, صلوات ربي وسلامه عليه وعلى آله وصحبه ومن اقتفى أثره إلى يوم الدين .
معاشر المؤمنين .. يقول الرب جل في علاه ( إِنَّ اللَّهَ يُدَافِعُ عَنِ الَّذِينَ آمَنُوا إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ كُلَّ خَوَّانٍ كَفُورٍ * أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقَاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَإِنَّ اللَّهَ عَلَى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ )
صبرا أهل إفريقيا الوسطى .. فإن الفرج قريب قريب فوالله أقرب مما يتوقعه الواحد منا .
إن تخاذل الأمة عن نصرة أهل إفريقيا الوسطى سببها كلمة جامعة مانعة يدخل تحتها كل أمراض الأمة سياسيا واقتصاديا وتربويا وفكريا وعسكريا وأخلاقيا أخبرنا عنها الحبيب النبي _عليه الصلاة والسلام_ ألا وهي "الوهن" حب الدنيا وكراهية الموت .هذا السبب الحقيقي لكافة أمراض الأمة وكلما أرى حال الأمة وهي تقف مكتوفة الأيدي عن نصرة المستضعفين من المسلمين أتألم كل الألم، والأدهى والأمر من ذلك كله أن يخرج علينا من أبناء جلدتنا ويتكلمون بألسنتنا من يؤيد بقوة ويقف بجانب فرنسا الظالمة .
قال الحبيب النبي "سَيَأْتِي عَلَى النَّاسِ سَنَوَاتٌ خَدَّاعَاتٌ يُصَدَّقُ فِيهَا الْكَاذِبُ , وَيُكَذَّبُ فِيهَا الصَّادِقُ , وَيُؤْتَمَنُ فِيهَا الْخَائِنُ ، وَيُخَوَّنُ فِيهَا الْأَمِينُ ، وَيَنْطِقُ فِيهَا الرُّوَيْبِضَةُ ، قِيلَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَمَا الرُّوَيْبِضَةُ ؟ قَالَ : الرَّجُلُ التَّافِهُ يَنْطِقُ فِي أَمْرِ الْعَامَّةِ" فوالله لقد نطق الرويبضة في هذا الزمان يا رسول الله ؟ والله لقد تكلم الرجل التافه في أمر العامة في هذا الزمان يا رسول الله ؟ إنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور.
فابشروا لقد ضربت عليهم الذلة أينما كانوا ,و إن كانوا يظنوا أنهم سيقضوا على الهوية الإسلامية في قارة السمراء، فأقول لهم ( قُلْ مُوتُوا بِغَيْظِكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ ) شاء الله أن يكون بعد الليل فجر جديد، وبعد الألم أمل ، قالوا : يا رسول الله !ألا تستنصر لنا ؟ ألا تدعو الله لنا ؟ فقال الحبيب النبي ( قد كان من قبلكم يؤخذ الرجل فيحفر له في الأرض, فيجعل فيها فيجاء بالمنشار فيوضع على رأسه, فيجعل نصفين, ويمشط بأمشاط الحديد ما دون لحمه وعظمه فما يصده ذلك عن دينه." (الثبات الثبات يا أهل قارة السمراء )
يا أهل قارة السمراء ( إِنْ تَمْسَسْكُمْ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِنْ تُصِبْكُمْ سَيِّئَةٌ يَفْرَحُوا بِهَا وَإِنْ تَصْبِرُوا وَتَتَّقُوا لايَضُرُّكُمْ كَيْدُهُمْ شَيْئًا إِنَّ اللَّهَ بِمَا يَعْمَلُونَ مُحِيطٌ ) يا أهل قارة السمراء ( لَن يَضُرُّوكُمْ إِلاَّ أَذًى وَإِن يُقَاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ الأَدُبَارَ ثُمَّ لاَ يُنصَرُونَ )
فأكثروا من الدعاء، فالدعاء سلاح عظيم يستدفع به البلاء، ويرد به سوء القضاء، فأكثروا ولا تيأسوا ولا تتعجلوا. فدماؤكم هي دماؤنا وأعراضكم هي أعراضنا .. فوالله إن دماءكم التي تنزف - هي والله - تنزف من قلوبنا .
يا مسلمون .. لا نحقرن ذنبا فعلناه فما نزل بلاء إلا بذنب و ما رفع إلا بتوبة. فرب ذنب فعلته أنا وأنت هو السبب في تأخير النصر فتعالوا – يا سماون - نبادر بالتوبة والأوبة، فما سفكت دماؤهم ولا مزقت أشلاؤهم إلا أنهم قالوا ربنا الله !!
أليس من الأحرى و الأوجب أن نقتلع عن ذنوبنا وأن نتوب إلى ربنا ؟؟
اللهم عجل بفرج أخواننا و ارفع عنهم الضر والبأس. اللهم يا منتقم يا جبار يا واحد يا قهار انتقم من كل ظالم . ربنا إنهم مظلومون فانصرهم , جوعى فأطعمهم ,عراة فاكسوهم , مرضى فاشفهم يا رحمن يا رحيم.
المشاهدات 1923 | التعليقات 1

جزيت خيرا شيخ إبراهيم وفعلا خطبة قيمة وجولتك رائعة شفعت لك عندنا مما كان سيأتيك منا من عتاب غيابك وانقطاعك هههه علينا.

لله درك لكم الشكر والفضل في تحريك وتفعيل هذا المنتدى ونظراؤكم بعد الله سبحانه.