من صفات المنافقين الفجور في الخصومة

هذه خطبة كتبتها قبل ست سنوات وأظنها لم تنشر في المنتدى لأني بحثت عنها فلم أجدها فيها، وقد طلب بعض الإخوة نشرها عسى الله تعالى أن ينفع بها..
ملف الوورد المرفق توجد به حواشي الخطبة.




من صفات المنافقين (5)
الفجور في الخصومة
17/4/1431
الْحَمْدُ لِلَّهِ الْعَلِيمِ الْحَلِيمِ؛ وَفَّقَ مَنْ شَاءَ مِن عِبَادِهِ لِلْإِيمَانِ وَالْعَمَلِ الصَّالِحِ، فَحَازُوا سَعَادَةَ الدُّنْيَا وَفَوْزَ الْآخِرَةِ، وَخَذَلَ غَيْرَهُمْ عَنِ اتِّبَاعِ الْهُدَى بِاسْتِكِبَارِهِمْ وَعُلُوِّهِمْ فَشَقُوا فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ نَحْمَدُهُ عَلَى هِدَايَتِهِ وَرِعَايَتِهِ، وَنَشْكُرُهُ عَلَى إِمْدَادِهِ وَكِفَايَتِهِ، وَأَشْهَدُ أَن لَا إِلَهَ إِلَا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه؛ أَنَارَ الطَّرِيقَ لِلسَّالِكِينَ، وَأَقَامَ حُجَّتَهُ عَلَى الْخَلْقِ أَجْمَعِينَ، فَأَرْسَلَ الرُّسُلَ مُبَشِّرِينَ وَمُنْذِرِينَ ﴿لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ﴾ [النِّسَاءِ: 165] وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، وَخِيرَتُهُ مِنْ خَلْقِهِ، اجْتَبَاهُ اللهُ تَعَالَى فَهَدَاهُ وَاصْطَفَاهُ، وَجَعَلَ هِدَايَةَ الْخَلْقِ عَلَى يَدَيْهِ ﴿وَإِنَّكَ لَتَهْدِي إِلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ﴾ [الشُّورَى: 52] صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ؛ أَئِمَّةِ هَذِهِ الْأُمَّةِ وِسَادَتِهَا، وَحَمَلَةِ دِينِهَا، بِهِمْ حَفِظَ اللهُ تَعَالَى الْقُرْآنَ وَالسُّنَّةَ؛ إِذْ تَحَمَّلُوهُمَا مِنَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَبَلَّغُوا مَا حُمِّلُوا، فَكَانُوا أُمَنَاءَ فِيمَا حُمِّلُوا وَبَلَّغُوا؛ فَلَا يُبْغِضُهُمْ إِلَا مُنَافِقٌ، وَلَا يَطْعَنُ فِيهِمْ إِلَّا زِنْدِيقٌ؛ إِذِ الطَّعْنُ فِيهِمْ طَعْنٌ فِي دِينِ اللهِ تَعَالَى، وَعَلَى التَّابِعِينَ لَهُم بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا دِينَهُ، وَالْتَزِمُوا أَمْرَهُ وَنَهْيَهُ، وَاعْلَمُوا عِبَادَ اللهِ أَنَّنَا نَتَعَامَلُ مَع عَظِيمٍ فِي مُلْكِهِ وَقُدْرَتِهِ، حَكِيمٍ فِي أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ ﴿وَإِذَا قَضَى أَمْرًا فَإِنَّمَا يَقُولُ لَه كُنْ فَيَكُونُ﴾ [الْبَقَرَةِ: 117] فَآجَالُنَا وَأَرْزَاقُنَا عِنْدَهُ، وَسَعَادَتُنَا وَشَقَاؤُنَا بِيَدِهِ، وَلَا حَوْلَ لَنَا وَلَا قُوَّةَ إِلَا بِهِ ﴿أَلَا لَهُ الْخَلْقُ وَالْأَمْرُ تَبَارَكَ اللهُ رَبُّ الْعَالَمِينَ﴾ [الْأَعْرَافِ: 54].
أَيُّهَا النَّاسُ: مِنْ حِكْمَةِ اللهِ تَعَالَى فِي عِبَادِهِ أَنِ ابْتَلَاهُمْ بِالإِيمَانِ وَالْكُفْرِ وَالنِّفَاقِ، وَجَعَلَ بَعْضَهُمْ لِبَعْضٍ فِتْنَةً، وَفَضَّلَ أُمَّتَنَا عَلَى سَائِرِ الْأُمَمِ، فَكَانَ لِهَذَا التَّفْضِيلِ وَاجِبَاتُهُ الَّتِي يَجِبُ أَنْ تُؤَدِّيَهَا الْأُمَّةُ؛ لِتَكُونَ كَمَا وَصَفَهَا اللهُ تَعَالَى: ﴿خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ﴾ [آلِ عِمْرَانَ: 110].
إِنَّ ابْتِلَاءَ هَذِهِ الْأُمَّةِ بِعَدُوَّيْنِ شَرِسَيْنِ: عَدُّوِ الدَّاخِلِ وَهُمُ المنَافِقُونَ، وَعَدُّوِ الْخَارِجِ وَهُم الْكَافِرُونَ قَدْ ضَاعَفَ مِنْ مَسْئُولِيَّةِ الْمُؤْمِنِينَ، وَأَثْقَلَ مُهِمَّتَهُمْ، وَزَادَ الْبَلَاءَ عَلَيْهِمْ؛ إِذْ هُمْ يُجَاهِدُونَ عَدُوَّيْنِ لَدُودَيْنِ يُرِيدَانِ إِضْلَالَ النَّاسِ، وَمَحْقَ الْحَقِ وَإِبْدَالَ الْبَاطِلِ بِهِ، وَقَدْ قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي الْمُنَافِقِينَ ﴿وَدُّوا لَوْ تَكْفُرُونَ كَمَا كَفَرُوَا فَتَكُونُونَ سَوَاءً﴾ [النِّسَاءِ: 89] وَقَالَ فِي الْكَافِرِينَ ﴿إِنْ يَثْقَفُوكُمْ يَكُونُوا لَكُمْ أَعْدَاءً وَيَبْسُطُوَا إِلَيْكُمْ أَيْدِيَهُمْ وَأَلْسِنَتَهُمْ بِالسُّوءِ وَوَدُّوا لَو تَكْفُرُونَ﴾ [الْمُمْتَحِنَةِ: 2].
وَالْمُنَافِقُونَ أَشَدُّ خَطَرًا عَلَى هَذِهِ الْأُمَّةِ مِن الْكُفَّارِ؛ لِأَنَّهُمْ يُحَاوِلُونَ إِفْسَادَ الدِّينِ بِأَدَوَاتِهِ، وَيَسْعَوْنَ فِي تَقْوِيضِ الْأُمَّةِ مِنْ دَاخِلِهَا. وَإِذَا كَانَ الْكُفَّارُ يُكَذِّبُونَ بِالْوَحْيِ، وَيَطْعَنُونَ فِي الدِّينِ صَرَاحَةً؛ فَإِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُظْهِرُونَ اعْتِرَافَهُمْ بِالْوَحْيِ وَلَكِنَّهُمْ يُحَرِّفُونَ مَعَانِيَهُ، وَيَصْرِفُونَ النَّاسَ عَنْهُ بِشَتَّى الْوَسَائِلِ، وَمَنِ انْبَرَى لَهُمْ فَدَفَعَ تَأْوِيلَهُمْ لِلْوَحْيِ، وَبَيَّنَ تَحْرِيفَهُمْ لِلشَّرِيعَةِ، وَاحْتَسَبَ عَلَيْهِمْ فِي فَسَادِهِمْ وَإِفْسَادِهِمْ، وَأَنْكَرَ عَلَيْهِمْ فَتْحَ أَبْوَابِ الْفَوَاحِشِ وَالدَّعْوَةِ إِلَيْهَا، وَحَذَّر مِنْهُمْ وَمِمَّا يَدْعُوَنَ إِلَيْه؛ سَلَقُوهُ بِأَقْلَامِهِمْ، وَخَاصَمُوهُ بِشِدَّةٍ، وَفَجَرُوا فِي خُصُومَتِهِمْ لَهُ، وَاسْتَحَلُّوا كُلَّ وَسَيْلَةٍ تُحَقِّقُ إِسْقَاطَهُ؛ فَيَفْتَرُونَ الْكِذْبَ عَلَيْه، وَيَبْتُرُونَ كَلَامَهُ، ويُجِيِّشُونَ النَّاسَ ضِدَّهُ؛ ذَلِكَ أَنَّ اللَّدَدَ فِي الْخُصُومَةِ، وَالْفُجُورَ فِيهَا مِن صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ ﴿وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الخِصَامِ﴾ [الْبَقَرَةِ: 204] وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَن النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «إِنَّ أَبْغَضَ الرِّجَالِ إِلَى اللـهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ»( ) وَالْأَلَدُّ الْخَصِمُ هُوَ: الْمُتَّصِفُ بِاللِّجَاجِ وَالْجِدَالِ، الشَدِيدُ فِي مُجَادَلَتِهِ، الْكَذَّابُ فِي مَقَالَتِهِ، الْفَاجِرُ فِي خُصُومَتِهِ، الظَّالِمُ فِي حُكْمِهِ( ).
وَقَدْ وَصَفَ اللهُ تَعَالَى الْمُنَافِقِينَ بِقَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: ﴿وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ﴾ [الْمُنَافِقُون: 4] فَكَانُوا مِن الْمُفْسِدِينَ الَّذِينَ تُعْجِبُ أَقْوَالُهُمْ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ، وَيَغْتَرُّونَ بِكَذِبِهِمْ، وَتَنْطَلِي عَلَيْهِمْ شُبُهَاتُهُمْ وَيُخْدَعُونَ بِإِشَاعَاتِهِمْ، وَقَدْ ذَمَّ اللهُ تَعَالَى قَوْمًا سَابِقِينَ فَقَالَ سُبْحَانَهُ فِيهِمْ: ﴿بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ﴾ [الزُّخْرُفِ: 58] إِذْ كَانُوا يُبَالِغُونَ فِي الْخُصُومَةِ بِالْبَاطِلِ مَع عِلْمِهِمْ بِالْحَقِ، فِيُخْفُونَهُ عَنِ النَّاسِ، وَيَفَجُرُونَ فِي خُصُومَتِهِمْ لِنَصْرِ بَاطِلِهِمْ.
وَلَا يَخْتَلِفُ مُنَافِقُو زَمَنِنَا هَذَا عَنْ أُولَئِكَ الْمَوْصُوفِينَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ، فَخُصُومَتُهُمْ لِلْحَقِّ وَأَهْلِهِ تَكُونُ بِقَوْلٍ حَسَنٍ مُزَوَّرٍ يَخْدَعُ النَّاسَ، وَيُظْهِرُ الْعِنَايَةَ بِحُقُوقِهِمْ، وَرِعَايَةِ مَصَالِحِهِمْ، وَيَتَبَاكَى عَلَى وَاقِعِهِمْ، وَيُصَوِّرُ لَهُم بِأَنَّهُم يُرِيدُونَ انْتِشَالَهُمْ مِنْهُ إِلَى الرُّقِيِّ وَالتَّقَدُّمِ، وَهُمْ كَاذِبُونَ فِي أَقْوَالِهِمْ، مُنْحَطُّونَ فِي سُلُوكِيَّاتِهِمْ وَأَخْلَاقِهِمْ، خُبَثَاءُ فِي نِيَّاتِهِمْ وَمَقَاصِدِهِمْ، إِنْ يُرِيدُونَ إِلَّا إِخْرَاجَ النَّاسِ مِن دِينِهِمْ، وُتَمْكِينَ أَعْدَائهِمْ مِنْ رِقَابِهِمْ وَبُلْدَانِهِمْ.
لَقَدْ كَانَ مِنْ فُجُورِ الْمُنَافِقِينَ فِي خُصُومَتِهِمْ مَع النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُم فَرَوْا عِرْضَهُ الشَرِيفَ، وَقَذَفُوا زَوْجَتَهُ الطَّاهِرَةَ بِالزِّنَا، وَنَشَرُوا إشَاعَتَهُمْ هَذِه بَيْنَ النَّاسِ بِأَسَالِيبَ قَذِرَةٍ، فَفَضَحَهُمُ اللهُ تَعَالَى، وَبَيَّنَ لِلْمُؤْمِنِينَ مُرَادَهُمْ، وَوَصَفَ مَقَالَتَهُمْ بِالْإِفْكِ الْمُبِينِ، وَالْبُهْتَانِ الْعَظِيمِ، وَذَبَّ عَنْ عِرْضِ نَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي قُرْآنٍ يُتْلَى إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ.
وَلَئِنْ فَعَلَ الْمُنَافِقُونَ ذَلِكَ بِالنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي أَعَزِّ شَيْءٍ عَلَى الْإِنْسَانِ وَأَكْرَمِهِ بَعْد دِينِهِ وَهْوَ عِرْضُهُ وَشَرَفُهُ، أَتُرَاهُمْ يَتَوَرَّعُونَ عَمَّنَ دُونَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْعُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ وَالْمُحْتَسِبِينَ؟! كَلَّا وَاللـهِ لَنْ يَتَوَرَّعُوا، وَمَا نَرَى مِن حَمَلَاتِهِمُ الصُّحُفِيَّةِ الْمُتَتَابِعَةِ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ المُحْتَسِبِينَ فِي هَذَا الزَّمَنِ الَّذِي مُكِّنَ لَهُمْ فِيه وَسَادُوا مَا هُوَ إِلَّا امْتِدَادٌ لِلْحَمْلَةِ الْإِفْكِيَّةِ الَّتِي افْتَرَاهَا الْمُنَافِقُونَ فِي بَيْتِ النُّبُوَّةِ، وَبِمَا أَنَّ الْعُلَمَاءَ وَالدُّعَاةَ المُحْتَسِبِينَ هُمْ حَمَلَةُ الْمِيرَاثِ النَّبَوِيِّ وَمُبَلِّغُوهُ فَلَا غَرْوَ أَنْ تَتَرَكَّزَ حَمْلَاتُ الْمُنَافِقِينَ عَلَيْهِمْ لِإِسْقَاطِهِمْ كَمَا أَرَادَ ابْنُ سَلُولٍ بِحَمْلَتِهِ الْإِفْكِيَّةِ إِسْقَاطَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَخَابَ وَخَسِرَ، وَسَيَخِيبُ أَهْلُ الصَّحَافَةِ الْمَفْسِدَةِ وَالْإِعْلَامِ الْمُضِلِّ فِي حَمْلَتِهِمْ عَلَى الْعُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ كَمَا خَابَ أَسْلَافُهُمْ.
إِنَّ مِن صِفَاتِ الْمُنَافِقِينَ الْمَنْصُوصِ عَلَيْهَا الْفُجُورَ فِي الْخُصُومَةِ، وَالْكَذِبَ فِي الْحَدِيثِ؛ كَمَا فِي حَدِيثِ عَبْدِ اللهِ بْنِ عَمْروٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَرْبَعٌ مَن كُنَّ فِيهِ كَانَ مُنَافِقًا خَالِصًا، وَمَنْ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِنْهُنَّ كَانَتْ فِيهِ خَصْلَةٌ مِن النِّفَاقِ حَتَّى يَدَعَهَا: إِذَا اؤْتُمِنَ خَانَ، وَإِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ، وَإِذَا خَاصَمَ فَجَرَ» رَوَاه الشَّيْخَانُ ( ).
وَالْفُجُورُ فِي الْخُصُومَةِ هُوَ أَن يَخْرُجَ الْفَاجِرُ عَنِ الْحَقِ عَمْدًا حَتَّى يَصِيرَ الْحَقُّ بَاطِلًا وَالْبَاطِلُ حَقًّا( )، وَصَاحِبُ هَذَا الْفُجُورِ لَا بُدَّ أَن يَكَذِبَ لِإِسْقَاطِ مِن يُرِيدُ كَمَا يَفْعَلُ أَهْلُ الصَّحَافَةِ فِي زَمَنِنَا هَذَا، وَالْعَلَاقَةُ بَيْنَ الْكَذِبِ وَالْفُجُورِ هَيَ عَلَاقَةُ تَلَازُمٍ، فَلَا فُجُورَ بِلَا كَذِبٍ، وَالْكَذِبُ طَرِيقٌ إِلَى الْفُجُورِ كَمَا قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «إِيَّاكُمْ وَالْكَذِبَ فَإِنَّ الْكَذِبَ يَهْدِي إِلَى الْفُجُورِ، وَإِنَّ الْفُجُورَ يَهْدِي إِلَى النَّارِ»( ).
قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ رَجَبٍ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: فَإِذَا كَانَ الرَّجُلُ ذَا قُدْرَةٍ عِنْدَ الْخُصُومَةِ سَوَاءً كَانَتْ خُصُومَتُهُ فِي الدِّينِ أَوْ فِي الدُّنْيَا عَلَى أَن يَنْتَصِرَ لِلْبَاطِلِ، وَيُخَيِّلُ لِلْسَّامِعِ أَنَّهُ حَقٌّ، وَيُوهِنُ الْحَقَّ وَيُخْرِجُهُ فِي صُورَةِ الْبَاطِلِ كَانَ ذَلِكَ مِنْ أَقْبَحِ الْمُحَرَّمَاتِ، وَأَخْبَثِ خِصَالِ النِّفَاقِ( )، وَفِي سُنَنِ أَبِي دَاوَدَ عَنِ ابْنِ عُمَر رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «مَنْ خَاصَمَ فِي بَاطِلٍ وَهُوَ يَعْلَمُهُ لَم يَزَلْ فِي سَخَطِ اللهِ حَتَّى يَنْزِعَ وَمَنْ قَالَ في مُؤْمِنٍ مَا لَيْسَ فِيِهِ أَسْكَنَهُ اللهُ رَدْغَةَ الخَبَالِ حَتَى يَخْرُجَ مِمَا قَالَ»( ) وَقَدْ أَمَرَ الله تَعَالَى بِالْعَدْلِ فِي الْأَقْوَالِ فَقَالَ سُبْحَانَه: ﴿وَإِذَا قُلْتُمْ فَاعْدِلُوا وَلَو كَانَ ذَا قُرْبَى﴾ [الْأَنْعَام: 152] وَمُنَافِقُو زِمَنِنَا هُمْ أَبْعَدُ النَّاسِ عَنِ العَدْلِ.
وَالْمُنَافِقُونَ مُتَلِّونُونَ؛ فَبِالإِمَكَانِ أَنْ يَنْقَلِبُوا فِي لَحْظَةٍ مِنَ اللَّحَظَاتِ إِلَى وُعَّاظٍ وَدُعَاةٍ إِلَى الدِّينِ وَتَعْظِيمِ الشَّرِيعَةِ؛ لِدَرْءِ الْحُدُودِ وَالتَّعْزِيرَاتِ عَنْهُمْ، أَوْ لِخِدَاعِ النَّاسِ وَالتَّلْبِيسِ عَلَيْهِمْ، أَو لِإِسْقَاطِ خُصُومِهِمْ، مَع طَعْنِهِمُ الدَّائِمِ فِي الشَّرِيعَةِ إِلَّا فِي الْحَالَاتِ الَّتِي يَرَوْنَ أَنَّ إِظْهَارَ تَعْظِيمِهَا يَخْدِمُ أَهْدَافَهُمْ، وَيُحَقِّقُ مُرَادَهُمْ عَلَى طَرِيقَةِ الْمَذَاهِبِ النَّفْعِيَّةِ الْمَادِّيَّةِ الَّتِي تُحَقِّقُ الْمَصْلَحَةَ الذَّاتِيَّةَ، وَيَسْتَبِيحُ أَصْحَابُهَا كُلَّ الْوَسَائِلِ الرَّدِيئَةِ فِي سَبِيِلِ الوُصُولِ للْغَايَاتِ الْخَبِيثَةِ. وَتَاللهِ كَمْ رَأَيْنَا مَنْ يَطْعَنُ فِي الشَّرِيعَةِ يَعِظُ بِهَا! وَسَمِعْنَا مَنْ يَسْخَرُ مِنْ سُنَّةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَزْعُمُ تَعْظِيمَهُ لَه؟ وَقَرَأْنَا لِمَنْ يَرُدُّ الْأَحْكَامَ الْمُحْكَمَةَ بِقَلَمِهِ الْمَأْفُونِ يَتَكَلَّمُ عَنْ عَظَمَةِ الْإِسْلَامِ.
إِنَّهُمْ أَرْبَابُ هَوًى، وَمَنِ اتَّبَعَ الْهَوَى فَقَدْ هَوَى، وَدُعَاةُ بَاطِلٍ، وَالْبَاطِلُ لَا يَأْتِي بِالْحَقِّ أَبَدًا ﴿وَلَوِ اتَّبَعَ الحَقُّ أَهْوَاءَهُمْ لَفَسَدَتِ السَّمَوَاتُ وَالأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ﴾ [الْمُؤْمِنُونَ: 71].
إِنَّهُمْ حَمَلَةُ فِتْنَةٍ رَكِبُوا لَهَا كُلَّ مَرْكُوبٍ، فَسَاءَتِ الْمَطِيَّةُ وَالْطَوِيَّةُ، الْكِذْبُ دَيْدَنُهُمْ، وَالْحِقْدُ ضَجِيعُهُمْ، رَضَعُوا لَبَانَ الْغَرْبِ ثُمَّ تَقَيُّؤُه فِي بِلَادِ الْمُسْلِمِينَ، وَمَازَالُوا يَسْتَرْجِعُونَهُ، فَهُمْ كَالْعَائِدِ فِي قَيْئِه، اسْتَوْطَنُوا الصُّحُفَ وَالْمَجَلَّاتِ وَالْفَضَائِيَّاتِ فَهِي حَوَانِيَتُهُمْ وَبَارَاتُهُمْ وَأَمَاكِنُ لَهْوِهِمْ وَفُجُورِهِمْ، جَمَعُوا فِيهَا زُبَالَاتِ الْأَفْكَارِ وَسَاقِطَ الْأَقْوَالِ، وَلَا عَجَبَ فِي ذَلِكَ فَإِنَّنَا فِي زَمَنٍ يَتَكَلَّمُ فِيه الرُّوَيْبِضَةُ، يَسَعِّرُونَ الْفِتَنَ الَّتِي سَتُحْرِقُهُمْ قَبْلَ غَيْرِهِمْ، وَقَد قَالَ اللهُ تَعَالَى فِي أَسْلَافِهِم: ﴿يَبْغُونَكُمُ الفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ * لَقَدِ ابْتَغَوُا الفِتْنَةَ مِنْ قَبْلُ وَقَلَّبُوا لَكَ الأُمُورَ حَتَّى جَاءَ الحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ اللهِ وَهُمْ كَارِهُونَ﴾ [التَّوْبَةِ: 47-48].
وَكَمَا فَضَحَ اللهُ تَعَالَى السَّابِقِينَ مِنْهُمْ فَإِنَّهُ سَيَفْضَحُ مُنَافِقِي زَمَنِنَا، وَسَيُظْهِرُ أَمْرَهُ، وَيَنْصُرُ أَوْلِيَاءَهُ سُبْحَانَهُ رَغْمَ أُنُوفِ الْمُنَافِقِينَ وَمَنْ يَمُدُّونَهُمْ فِي بَاطِلِهِمْ، وَيَنْصُرُونَهُمْ في إِفْكِهِمْ، إِنَّهُم يَسْعَوْنَ فِي الْأَرْضِ فَسَادًا وَاللهُ لَا يُحِبُّ الْمُفْسِدِينَ، وَيَدْعُونَ النَّاسَ لِاسْتِبْدَالِ الْفَسَادِ بِالصَّلَاحِ وَاللهُ لَا يُصْلِحُ عَمَلَ الْمُفْسِدِينَ، وَيَخُونُونَ دِينَهُمْ وَأُمَّتَهُمْ وَأَوْطَانَهُمْ وَاللهُ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ، وَيَفْجُرُونَ فِي أَقْوَالِهِمْ وَأَفْعَالِهِمْ وَأَقْلامِهِمْ وَسُلُوكِهِمْ وَخُصُومَتِهِمْ، وَيَدْعُونَ الْنَاسَ إِلَى الْفُجُورِ وَرَبُّنَا جَلَّ فِي عُلَاهُ يَقُولُ: ﴿وَإِنَّ الفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ﴾ [الِانْفِطَارِ: 14] وَفِي آيَةٍ أُخْرَى: ﴿كَلَّا إِنَّ كِتَابَ الفُجَّارِ لَفِي سِجِّينٍ﴾ [الْمُطَفِّفِينَ: 7].
إِنَّهُم قَوْمٌ بُهُتٌ غُدْرٌ قَدْ أَعْلَنُوا حَرْبَهُمْ لِلَّهِ تَعَالَى، وَآذَوُا الصَّالِحِينَ مِن عِبَادِهِ، وَأَلَّبُوا الْعَامَّةَ وَالْجَهَلَةَ عَلَيْهِمْ، مَعَ أَذِيَّتِهِمْ لِلَّهِ تَعَالَى بِالطَّعْنِ فِي دِينِهِ، وَرَدِّ أَحْكَامِهِ، وَرَفْضِ شَرِيعَتِهِ، وَالتَّمَرُّدِ عَلَى أَمْرِهِ وَنَهْيِهِ، وَأَذِيَّتِهِمْ لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَرَدِّ قَوْلِهِ، وَالسُّخْرِيَةِ بِسُنَّتِهِ، وَانْتِقَاصِ صَحَابَتِهِ، وَرَبُّنَا سُبْحَانَهُ يَقُولُ: ﴿إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللهُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُهِينًا * وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا﴾ [الْأَحْزَابِ: 57-58].
نَعُوذُ بِاللهِ تَعَالَى مِنَ النِّفَاقِ وَالْمُنَافِقِينَ، وَنَسْأَلُهُ سُبْحَانَهُ أَن يَرُدَّ كَيْدَهُمْ عَلَيْهِمْ، وَأَنْ يَهْتِكَ سِتْرَهُمْ، وَيَكْفِيَ الْمُؤْمِنِينَ شَرَّهُمْ، إِنَّه سَمِيعٌ مُجِيبٌ.
أَقُولُ مَا تَسْمَعُونَ وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُم..
الخطبة الثانية
الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيه كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَه إِلَا الله وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَه، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ صَلَّى اللهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْه وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.
أَمَّا بَعْدُ: فَاتَّقُوا اللهَ تَعَالَى وَأَطِيعُوهُ، وَعَظِّمُوا شَرِيعَتَهُ، وَانْصُرُوَا مَنْ نَصَرَهَا، وَحَارِبُوا مَنْ حَارَبَهَا؛ فَإِنَّ دِيَنَ اللهِ تَعَالَى أَمَانَةٌ في أَعْنَاقِكُمْ تُسْأَلُونَ عَنْهَا يَوْمَ القِيَامَةِ، وَإنَّ أَتْبَاعَهُ غَالِبُونَ، وَإِنَّ جُنْدَهُ مَنْصُورُونَ، وَإِنَّ أَعْدَاءَهُ لَمَخْذُولُونَ ﴿وَلَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنَا لِعِبَادِنَا المُرْسَلِينَ * إِنَّهُمْ لَهُمُ المَنْصُورُونَ * وَإِنَّ جُنْدَنَا لَهُمُ الْغَالِبُونَ﴾ [الصَّافَّاتِ: 171-173] فَأَوْلِيَاءُ اللهِ تَعَالَى وَأَنْصَارُه هُمْ حَمَلَةُ دِينِهِ، حُرَّاسُ شَرِيعَتِهِ، وَقَدْ كَتَبَ اللهُ تَعَالَى لَهُمُ الْغَلَبَةَ عَلَى أَوْلِيَاءِ الشَّيْطَانِ وَحِزْبِهِ ﴿وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الغَالِبُونَ﴾ [الْمَائِدَةِ: 56] وَقَال تَعَالَى فِي حِزْبِ الْكُفَّارِ وَالْمُنَافِقِينَ: ﴿أُولَئِكَ حِزْبُ الشَّيْطَانِ أَلَا إِنَّ حِزْبَ الشَّيْطَانِ هُمُ الخَاسِرُونَ﴾ [الْمُجَادَلَةِ: 19]. وَمَنْ نَاصَرَ الْمُنَافِقِينَ بِقَوْلٍ أَو فِعْلٍ فَوَيْلٌ لَه مِنْ يَوْمٍ عَبُوسٍ قَمْطَرِيرٍ يَقِفُ فِيهِ بَيْنَ يَدَيِ اللهِ تَعَالَى لِلْحِسَابِ وَالْجَزَاءِ.
إِنَّ جِهَادَ الْمُنَافِقِينَ بِالْقَوْلِ وَالْكِتَابَةِ، وَبَيَانِ حَقِيقَتِهِمْ لِلنَّاسِ، وَفَضْحِ مُخَطَّطَاتِهِمْ لِأَهْلِ الْإِيمَانِ، وَإِيضَاحِ سِيرَتِهِمُ الْخَبِيثَةِ، وَكَشْفُ سَرِيرَتِهِمُ الْمُخَادِعَةِ مِنْ أَعْظَمِ الْجِهَادِ فِي سَبِيِلِ اللهِ تَعَالَى؛ لِأَنَّ فِيهِ حِفْظَ النَّاسِ مِنْ تَزْوِيرِهِمْ وَكَذِبِهِمْ وَإِضْلَالِهِمْ، وَإِفْشَالَ مَشْرَوعَاتِهُمُ التَّخْرِيبِيَّةِ، وَتَحْذِيرَ الْأُمَّةِ مِنْهُمْ وَلَا سِيَّمَا أَنَّهُمْ يَظْهَرُونَ فِي صُورَةِ النَّاصِحِينَ الْمُخْلَصِينَ، وَهُمْ أَغَشُّ النَّاسِ وَأَكْذَبُهُمْ وَأَخْوَنُهُمْ، فَمَنْ خَانَ رَبَّهُ وَدِينَهُ وَأُمَّتَهُ هَانَتْ عَلَيْه خِيَانَةُ كُلِّ أَحَدٍ فَأَضْحَتِ الْخِيَانَةُ سُلُوكًا لَه.
إِنَّ الْإِغْلَاظَ عَلَيْهِمْ فِي الْقَوْلِ، وَالشِّدَّةَ فِي الْكِتَابَةِ عَنْهُمْ مِنْ فُرُوعِ الْجِهَادِ الْمَأْمُورِ بِهِ فِي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى: ﴿يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالْمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ﴾ [التَّوْبَةِ: 73].
إِنَّ الْمُنَافِقِينَ قَدْ أَتَوْنَا بِعَظَائِمِ الْبِدَعِ، وَنَشَرُوا فِينَا كَبَائِرَ الْمُوبِقَاتِ، وَشَرَعُوا أَبْوَابَ الْفَسَادِ، وَسَعَوْا فِي تَحْرِيفِ مَعَانِي الشَّرِيعَةِ، وَتَكَالَبُوا عَلَى إِسْقَاطِ الْعُلَمَاءِ وَالدُّعَاةِ الْمُحْتَسِبِينَ، وَدَعَوُا النَّاسَ إِلَى الْإِرْجَاءِ والِاسْتِهَانَةِ بِالْمُنْكَرَاتِ، وَنَادَوْا بِالْمُسَاوَاةِ بَيْن الْمُؤْمِنِينَ وَالْكُفَّارِ، وَنَفَوْا وُجُودَ النِّفَاقِ؛ لِتَزْكِيَةِ أَنْفُسِهِمْ، وَالتَّلْبِيسِ عَلَى النَّاسِ، وَاللهُ تَعَالَى قَدْ أَمَرَ بِجِهَادِ الْمُنَافِقِينَ، وَحَذَّرَ النَّاسَ مِنْهُمْ وَقَال سُبْحَانَهُ: ﴿هُمُ العَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ﴾ [الْمُنَافِقُونَ: 4] فَكَيْفَ يُحَذِّرُ اللهُ تَعَالَى مِمَّنْ لَا وُجُودَ لَهُمْ، وَكَيْفَ يَأْمُرُ بِجِهَادِهِمْ؟! فوَاجِبٌ عَلَى أَهْلِ الْإِيمَانِ الذَّبُّ عَنْ دِينِ اللهِ تَعَالَى، وَفَضْحُ الْمُنَافِقِينَ، وَصِيَانَةُ جَنَابِ السُّنَّةِ النَّبَوِيَّةِ مِنَ اعْتِدَائهِمْ، وَتَحْصِينُ ثُغُورِ الشَّرِيعَةِ مِنْ تَحْرِيفِهِمْ وَتَلْبِيسِهِمْ، وَحِمَايَةُ عُقُولِ النَّاسِ مَنْ دَجَلِهِمْ وَافْتِرَائِهِمْ ﴿أَمْ حَسِبَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ أَنْ لَنْ يُخْرِجَ اللهُ أَضْغَانَهُمْ * وَلَوْ نَشَاءُ لَأَرَيْنَاكَهُمْ فَلَعَرَفْتَهُمْ بِسِيمَاهُمْ وَلَتَعْرِفَنَّهُمْ فِي لَحْنِ القَوْلِ وَاللهُ يَعْلَمُ أَعْمَالَكُمْ * وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ حَتَّى نَعْلَمَ المُجَاهِدِينَ مِنْكُمْ وَالصَّابِرِينَ وَنَبْلُوَ أَخْبَارَكُمْ﴾ [مُحَمَّدٍ: 29-31].
وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا.
المرفقات

مِن صِفَات الْمُنَافِقِيْن 5.doc

مِن صِفَات الْمُنَافِقِيْن 5.doc

المشاهدات 2103 | التعليقات 2

جزاك الله خيرا


كتب الله اجرك ونفع بعلمك