من صفات المنافقين

فهد الجمعة
1447/07/01 - 2025/12/21 19:39PM

الحمدلله، الحمدلله الذي أعد جناته لعباده المؤمنين المتقين، وتوعد بنيرانه الكافرين والمنافقين، وأشهد أن لا إله إلا الله الحق المبين، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله إمام المتقين، وقدوة العاملين، صلى الله وسلم عليه وعلى آله وأصحابه أجمعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، أما بعد: فإن خير ما يوصى به هو تقوى الله، (يا أيها الذين …)

واعلموا أنّ خير الحديث ….

عباد الله: لقد توعد الله جل وعلا المنافقين بعذاب أليم، فقال سبحانه: (إنّ المنافقين في الدرك الأسفل من النار ولن تجد لهم نصيرا). قال ابن عمر: إن أشد الناس عذابا يوم القيامة ثلاثة:المنافقون، ومَن كفر من أصحاب المائدة، وآل فرعون؛ تصديق ذلك في كتاب الله تعالى، قالالله تعالى: (إن المنافقين في الدرك الأسفل من النار). والمراد بالدرك الأسفل: أقصى قعرجهنم. فالمنافق أشد عذابا من الكافر  لأنه مثلُه في الكفر ، وضم إليه نوع آخر من الكفر وهوالاستهزاء بالإسلام وبأهله ، وبسبب أنهم لما كانوا يظهرون الإسلام يمكنهم الاطلاع على أسرارالمسلمين ثم يخبرون الكفار بذلك فكانت تتضاعف المحنة من هؤلاء المنافقين، فلهذهالأسباب جعل الله عذابهم أشد من عذاب الكفار. ولذلك يجب علينا جميعا أن نحذر من صفات المنافقين، وصفاتهم كثيرة نذكر بعضًا منها ومن صفاتهم ما ورد في حديث أبي هريرة رضي الله عنه في الصحيحين أن رسول الله ﷺ قال: "آية المنافق ثلاث: إذا حَدّث كذب، وإذا وَعدَ أخلف، وإذا اؤتمن خان". وفي رواية لمسلم: "آية المنافق ثلاث، وإن صام وصلى وزعم أنه مسلم". وعن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: "أربع مَن كن فيه كان منافقا خالصا، ومَن كانت فيه خصلة منهن كانت فيه خصلة من النفاق حتى يَدَعَها: إذا اؤتمِن خان، وإذا حَدّثَ كذب، وإذا عاهدَ غدَر، وإذا خاصَم فجَر". متفق عليه. هذه الأنواع التي ذكرت في هذه الروايات تسمى النفاق العملي، وهذه ليست كل علامات النفاق إنما بعضها، وإلا فهناك علامات أخرى ذكرت في الكتاب والسنة، ولكننا هنا نقتصر على شرح هذه العلامات الخمس الواردة في هذه النصوص، نسأل الله العافية منها.

فقوله: "إذا حدث كذب". فإذا رأيت الشخص يكثر من الكذب ولا يبالي ويتفنن فيه ويتعمده، فهذه علامة من علامات النفاق، ومن صفات المنافقين كثرة الكذب، وقد شهد الله تعالى بذلك وهو خير الشاهدين فقال سبحانه: ﴿وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ﴾. وهناك بعض الناس يكثر من الكذب ويتخذه وسيلة لنيل مطالبه ولا يعلم أنه على خطر عظيم ومعرض لعقاب الله، ولقد ذكر بعضهم عندما نصحه شخص وخوفه من عواقب كذبه قال له: إن زملاءه يقولون له إذا لم تكذب لن تعيش، بمعنى أنه حتى تستمر في العمل لابد أن تكذب بخلق الأعذار فيصدقه الناس، فهذا منكر عظيم وكبيرة من الكبائر. فمن أراد السلامة من النفاق ويبتعد عن صفاتِ المنافقين، فليلزم الصّدْق، وليبتعِدْ عن الكذب؛ فإن الصدق طريق إلى كل خير، كما أن الكذب طريق إلى كل شر. ففي الصحيحين - واللفظ لمسلم - عن عبد الله بن مسعود رضي الله عنه قال: قال رسول الله ﷺ: "عليكم بالصدق؛ فإن الصدق يهدي إلى البرّ، وإن البر يهدي إلى الجنة، وما يزال الرجل يصدُق ويتحرى الصدق حتى يُكتَب عند الله صِدّيقا. وإياكم والكذب؛ فإن الكذب يَهدي إلى الفُجور، وإن الفجور يَهدي إلى النار، وما يزال الرجل يَكذِب ويتحَرّى الكذِب حتى يُكتبَ عند الله كَذّابا".

وقوله: "إذا وعدَ أخلف". وهذه صفة ثانية من صفات المنافقين، وهي إخلاف الموعد، قال الله تعالى في وصفهم: ﴿ وَمِنْهُمْ مَنْ عَاهَدَ اللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِنْ فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ الصَّالِحِينَ * فَلَمَّا آتَاهُمْ مِنْ فَضْلِهِ بَخِلُوا بِهِ وَتَوَلَّوْا وَهُمْ مُعْرِضُونَ * فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقًا فِي قُلُوبِهِمْ إِلَى يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَا أَخْلَفُوا اللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ ﴾ فالمنافق يَعِدُ الناس فيُخلِف وعدَه عمدًا من دون عُذر، لا وفاء لديه. بينما الوفاء بالعهود والوعود من صفات المؤمنين المتقين، قال تعالى في وصفهم: ﴿ وَالْمُوفونَ بعَهْدِهِمْ إِذا عَاهَدُوا وَالصَّابِرِينَ فِي الْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ وَحِينَ الْبَأْسِ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ ﴾. فواجب على المسلم أن يفي بوعده مع الآخرين من عهود ووعود وعقود في بيع أو إجارة أو عمل، أو غير ذلك من العهود المعروفة، وسواء كانت هذه العقود والعهود والوعود مبرمة بين المسلم وأخيه المسلم، أو بين المسلم وغير المسلم... فالوفاء واجب مع الجميع. وليعلم العبد أنه سيسأل عن وُعُودِه وعُهودِه يوم القيامة، فقد قال عز وجل:{وَأَوْفُوا بِالْعَهْدِ إِنَّ الْعَهْدَ كَانَ مَسْؤُولًا}. وقال سبحانه: (يا أيها الذين آمنوا أوفوا بالعقود).

بارك ….

 


الخطبة الثانية

الحمدلله… أما بعد: فمن علامات المنافقين أنهم يخونون الأمانة. وربنا سبحانه وتعالى يأمرنا بأداء الأمانة، وينهانا عن خيانتها، فقال سبحانه: ﴿ إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ أَن تُؤدّواْ الأَمَانَاتِ إلى أهْلِهَا ﴾. وقال عز وجل: ﴿ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ ﴾. ونبينا ﷺ يقول: "أَدِّ الأَمَانَةَ إِلَى مَنِ ائْتَمَنَكَ، وَلَا تَخُنْ مَنْ خَانَكَ" أخرجه الترمذي.

ومن صفات المنافقين: الغدر ونقض العهد، والغدرُ حرام في كل عهد بين المسلم وغيره، ولو كان المعاهَدُ كافرا، ففي صحيح البخاري عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما عن النبي ﷺ قال: "من قتل نفسا مُعاهدا لم يَرِحْ رائحَة الجنة، وإنّ ريحَها ليُوجَدُ مِن مسيرة أربعين عاما".

ومن صفات المنافقين: الفجور عند الخصومة: فالمنافق يخاصم بالباطل، ويجادل بالباطل، ويختلق التهم والأكاذيب، ويُفشي الأسرار، ويسبّ ويشتم، ويدّعي ما ليس له، أو يجحَد ما كان عليه.ففي  الصحيحين عن عائشة رضي الله عنها، قالت: قال رسول الله ﷺ: "أبغض الرجال إلى الله الألدّ الخصم". (الألد الخصم) المعوجّ عن الحق، المولع بالخصومة والماهر بها. فعليكم أيها المسلمون بالحذر من صفات المنافقين وتمسكوا بصفات المؤمنين المتقين تنجوا من عذاب الله وتنالوا رحمته ورضوانه.

المشاهدات 94 | التعليقات 0