{من سار على الدرب وصل } 22 صفر 1434هـ

محمد البدر
1434/02/22 - 2013/01/04 02:05AM
[align=justify]الخطبة الأولى :-
قال تعالى : {وَقُلِ اعْمَلُوا فَسَيَرَى اللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ وَالْمُؤْمِنُونَ وَسَتُرَدُّونَ إِلَى عَالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ } .
عبادالله :في كل عام يتكرر هذا المشهد، حالات طوارئ واستنفار في البيوت ،الكل حريص على أبنائه و يقول لهم ذاكروا ويعد أبنائه كلٌ حسب حالته وسعته فمنهم من يعدهم بهدية حسب العمر والمراحل إما سيارة أو دراجة أو سفر وترفيه وإما مال وغيره .
ومشهدٌ آخر يتكرر أيضا ازدحام السيارات في الشوارع ، وما يصاحب ذلك من ضجيج وخصام وسباب وحوادث في كل مكان ، الكل يتسابق يريد الوصول للمدارس قبل فوات الامتحانات وقفل الأبواب حرصٌ شديد وجهدٌ كبير والله المستعان .
عباد الله : غدا كما تعلمون أول يوم في الاختبارات وغدا يبدأ الفصل والتفريق بين المجتهد والكسلان ، غدا هو موعد قطف الثمار و الجرد السنوي للتحصيل ، غدا يكرم المرء أو يهان وغدا يُعلم أن من زرع حصد ، ومن سار على الدرب وصل ، فيا حسرة على من سوف وأطال الآمال ، ويا فوز من أتعب جسده ونظره في تحصيل العلم ، وعلم أن من طلب العلا سهر الليالي .
عباد الله : يا أولياء الأمور أيها الآباء والأمهات ربوا أبناءكم على الكتاب والسنة والمحافظة على أداء أركان الإسلام وخاصة الصلاة ربوهم على الأخلاق الفاضلة والصفات الحميدة ، علموهم العقيدة الصحيحة وجهوهم لطلب العلم والتمسك بالكتاب والسنة ، ربوا الولد الصالح الذي يدعوا لكم بعد الممات مصداقا لقوله صلى الله عليه وسلم : « إِذَا مَاتَ الإِنْسَانُ انْقَطَعَ عَنْهُ عَمَلُهُ إِلاَّ مِنْ ثَلاَثَةٍ إِلاَّ مِنْ صَدَقَةٍ جَارِيَةٍ أَوْ عِلْمٍ يُنْتَفَعُ بِهِ أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ » رواه مسلم.
ثم لا تجعلوا أوقات الامتحانات حالات طارئة ، ولا تهولوا فيها وتضخموا وتزرعون الرهبة في صدور الأبناء ، لماذا لا تهتمون بهم طوال العام ، اجعلوا يوماً في الأسبوع مثلاً للأبناء اسألوهم عن ما حصَّلوا في المدارس ، وقدموا لهم المساعدة ، ذللوا لهم الصعاب ، دلوهم على ما ينفعهم .
عباد الله : ويا أبناءنا الطلاب والطالبات في البيوت انتم اليوم صغار وغدا كبار فإذا أردتم الفلاح والنجاح والبركة في المال والولد فعليكم بتقوى الله في السر والعلن و عليكم ببر الوالدين تبركم أبنائكم وعليكم بالصدق فإنه منجاة في الدنيا والآخرة ،وإياكم والغش فإنه خلقٌ سمج ممقوت،ووباء ينخر في الأمة وهي حيلة العاجز لقلة الزاد .
عباد الله :أيها المعلمين والمعلمات اتقوا الله في أبناء المسلمين ، لا نريد من المعلم المراقب للطلاب في القاعات أن يراقبهم وكأنهم مجرمين ولا نريد إطلاق الأحكام عليهم دون التأكد ، ولا نريد منهم التساهل في هذا الأمر ، ولكن نريد معلمين رحماء قبل الامتحان يذكرون الطلاب بالله ويحذروهم من الغش وعليهم أن يزرعوا في نفوسهم الأمان والثقة بالنفس ,و أن هذا امتحان في الدنيا وهو أخف وأهون من امتحان الآخرة ، وأن الأمر كله بتوفيق الله وتقديره .
عباد الله : وياأيها الطلاب: الوصية بتقوى الله عز وجل، فمن اتقى الله جعل له من كل هم فرجًا، ومن كل ضيق مخرجًا، ومن اتقى الله جعل له من أمره يسرًا، وجعل العسير يسيرًا وآتاه خيرًا كثيرًا.
خذوا بأسباب النجاح وأسباب الصلاح والتوفيق والفلاح، استذكروا واجتهدوا فإن تعبتم اليوم فغداً راحة كبيرة ،واعلموا أن أفضل أسباب النجاح وأجمعها وأصلحها: أن تعلموا علم اليقين أنه لا حول ولا قوة للعبد إلا بالله رب العالمين، ثم التوكل على الله وتفويض الأمور كلها له سبحانه، فلا تعتمدوا على الذكاء والحفظ ولا على النبوغ والفهم فقط، بل فوضوا مع ذلك أموركم لله، والتجئوا إليه، واعلموا أن الذكي لا غنى له عن ربه، وأن الذكاء وحده ليس سبباً للنجاح بل إرادة الله وتوفيقه أولاً.
إذا أراد الله بعبده التوفيق جعله مفوضًا الأمور إليه وفقه وسدده لكي يعتمد على حول الله وقوته، لا على حوله وقوته، وإذا وكل الله العبد إلى نفسه وكلَه إلى الضعف والخور.

أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب ..

الخطبة الثانية:
عباد الله : يا معاشر الطلاب والطالبات ها هي أيامُ الاختبارات قد أقبلت عليكم فاستعينوا بالله وتراحموا وتعاضدوا، وإياكم والشحناء والبغضاء والحسد، ليكن كل إنسان كما أمره الله أن يكون، يحب لأخيه ما يحب لنفسه فتعاونوا وتراحموا وتعاطفوا، فإن احتاج إليك أخوك في حاجة أو في مسألة فأعنه أعانك الله على أمورك، فمن نفس عن مؤمن كربة نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ومن أعان أخاه أعانه الله في دنياه وأخراه وهذا خارج القاعة وليس في القاعة فافهموا.
يا معاشر الطلاب والطالبات الحسدُ لا خير فيه، تنافسوا وليكن ذلك على وجه يرضي الله عز وجل. الحسد حسد الغبطة لا حسد الشحناء والبغضاء، ولا تتمنوا زوال نعم الله عن عباد الله واشكروا فضل الله عليكم واحمدوه على نعمه التي لديكم.
يا معاشر الطلاب والطالبات إن لله حرمة، ولكتابه حرمة ولسنة النبي وكتب العلم حرمة عظيمة ألا فاتقوا الله في كتاب الله، اتقوا الله في الآيات، واتقوا الله فيما جمعته الأوراق من كلام الله وكلام رسول الله. القرآن أعظم وأجل وأكرم من أن يرمى في الطرقات، أو تقطع أوراقه للامتحانات، الله الله في كتاب الله، وفي كلام الله وكلام رسول الله ، وإياكم وامتهان كتاب الله فمن امتهن شيئًا من كتاب الله فإن الله يهينه، ولربما ينتقم منه في دينه أو دنياه أو آخرته فاتقوا الله عباد الله واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله [البقرة:281].
ألا وصلوا عباد الله ....
[/align]
المشاهدات 2257 | التعليقات 0