مِنْ حُقُوْقِ كِـبَـارِ الْـسِّـنِّ

محمد بن عبدالله التميمي
1446/04/06 - 2024/10/09 22:03PM

 

الخُطْبَةُ الأُوْلَى

الْحَمْدُ لِلَّهِ العَلِيِّ الكَبِيْرِ، أَحَقُّ من يُجَلّ، ومِنْ إِجْلَالِه إجْلَالُ ذِيْ الشَّيْبَةِ الـمُسْلِمِ الكَبِيْر، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيَكَ لَهُ الـمُتفَرِدُ بالأُلُوْهِيَّةِ كمَا انْفَرَدَ بالخَلْقِ والـمـُلْكِ والرَّزْقِ والتَّدْبِيْر؛ وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ البَشِيْرُ النَّذِيْرُ والسِّرَاجُ الـمُنِيْرُ؛ اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ والتَّابِعِينَ لَهُمْ بِإحْسَانٍ وَسَلِّم التَّسْلِيْمَ الكَثِيْر. أمَّا بَعْدُ:

فَأُوصِيكُم أَيُّهَا النَّاسُ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللَّهِ، فَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ وَعَلَيْهِ تُعْرَضُونَ، وَارْغَبُوا فِيمَا عَلَيْهِ تَقْدَمُونَ، وَفِيهِ تَخْلُدُونَ ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

عِبَادَ اللهِ.. إِنَّ مِنَ الْمَكَارِمِ الْعَظِيمَةِ، وَالْفَضَائِلِ الْجَسِيمَةَ، وَمِنْ أَعْظَمِ أسْبَابِ التَّيْسيرِ وَالْبَرَكَةِ، وَسَبَبٌ لِلْخَيْرَاتِ وَالْبَرَكَاتِ الْمُتَتَالِيَاتِ: اِحْتِرَامُ كِبَارِ السِّنِّ وَتَوْقِيرِهِمْ وَإجْلَالِهِمْ، وَإِنَّ إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ الـمُسْلِمِ مِنْ إِجْلَالِ اللَّهِ سُبْحَانَه وَتَعَالَى، فَفِي السُّنَنِ أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «إِنَّ مِنْ إِجْلَالِ اللهِ تَعَالَى إِكْرَامَ ذِي الشَّيْبَةِ المُسْلِمِ»، فَأَكْرِمْ ذَا الشَّيْبَةِ ، وَاعْرِفْ لَهُ قَدْرَه، فَقَد سَبَقَكَ إِلى الإِسْلَام، وعَانَى مُرَّ الأَيَّام، وَوَهَنَتْ مِنْهُ العِظَام، وَأَحْسِنْ مُعَامَلَتَهُ، بِحُسْنِ الْخِطَابِ، وَجَمِيلِ الإكْرَامِ، وَطِيبِ الكَلَاَمُ، وَالتَّوَدُّدِ إِلَيْهِ، وَإِيَّاكَ أَنْ تَسْتَطِيلَ عَلَيْهِ أَوْ تَتَرَفَّعَ، فَإِيَّاكَ أَنْ يَغُرَّكَ جَاهُكَ أَوْ يَخْدَعَكَ مَنْصِبُكَ أَوْ يَغُرَّكَ كَثْرَةُ مَالِكَ !!، فَارْفِقْ بِمَنْ هُوَ أَكْبَرُ مِنْكَ سِنًّا لِيَدُلَّ عَلَى الْأَدَبِ الرَّفِيعِ فِي نَفْسِكَ. وَتَذَكَّرِ الْوَعِيدَ لِمَنْ لَا يُجِلُّ الْكَبِيرَ، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «لَيْسَ مِنَّا مَنْ لَمْ يُوَقِّرْ كَبِيرِنَا، وَيَرْحَمْ صَغِيرنَا»، وَقَدْ رُوَيْ عَن اِبْنِ عَبَّاسِ رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُمَا قَالَ: جَاءَ شَيْخٌ يُرِيدُ النَّبِيُّ ﷺ فَأَبْطَأَ الْقَوْمُ عَنْهُ أَنَّ يُوسِعُوا لَهُ، فَقَالَ ﷺ ذَلِك.

وَمِنْ حُقوقِ كَبِيرَ السِّنِّ إِذَا لَقِينَاهُ أَنَّ نَبْدَأَهُ بِالسَّلَامِ؛ اِحْتِرَامًا لَهُ وَتَقْديرًا، وإِجْلَالًا وَتَوْقِيْرًا، فَقَدْ قَالَ رَسُولُ اللهِ ﷺ: «يُسَلِّمُ الصَّغِيرُ عَلَى الْكَبِيرِ، وَالرَّاكِبُ عَلَى الْمَاشِي».

ومِنْ حُقوقِ كَبِيرِ السِّنِّ تَقْدِيْمُهُ فِي الْمَجْلِسِ وَفِي الْكَلَاَمِ وَفِي الدُّخُولِ وَالْخُرُوجِ وَالشَّرَابِ والطَّعَامِ، فَعَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ: انْطَلَقَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةُ بْنُ مَسْعُودِ بْنِ زَيْدٍ، إِلَى خَيْبَرَ وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ، فَتَفَرَّقَا فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَتَشَمَّطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا، فَدَفَنَهُ ثُمَّ قَدِمَ المَدِينَةَ، فَانْطَلَقَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ، وَمُحَيِّصَةُ، وَحُوَيِّصَةُ ابْنَا مَسْعُودٍ إِلَى النَّبِيِّ ﷺ، فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ يَتَكَلَّمُ، فَقَالَ: «كَبِّرْ كَبِّرْ»، وفِيْ لَفظٍ: «كَبِّرِ الْكُبْرَ فِي السِّنِّ»، فَصَمَتّ. متَّفقٌ عليه. وَعَنِ اِبْنِ عُمَرَ رضِيَ اللهُ عَنْه أَنَّ النَّبِيَّ ﷺ قَالَ: «أَرَانِي أَتَسُوكُ بِسِوَاكَ، فَجَاءَنِي رَجُلَانِ، أَحَدَّهُمَا أكْبَرُ مِنَ الْآخِرِ، فَنَاوَلَتِ السِّوَاكَ الْأَصْغَرَ مِنْهُمَا، فَقِيلَ لِي: كَبِّرْ، فَدَفَعَتْهُ إِلَى الْأكْبَرِ مِنْهُمَا».

وَمِنْ حَقِّ الْمُسِنِّ الدُّعَاءُ لَهُ بِطُوْلِ الْعُمُرِ عَلَى طَاعَةِ الْمَلِكِ الْعَلَّامِ، وَالتَّمَتُّعِ بِالصِّحَّةِ وَالْعَافِيَةِ عَلَى الدَّوَامِ، وتَوْعِيَتُهُ بِمَا يَحْفَظُ صِحَّتَهُ الْجَسَدِيَّةَ، وَتَعْرِيفُهُ بِالْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ الَّتِي يَحْتَاجُ إِلَيهَا فِي عِبَادَتِهِ وَأَحْوالِه.

ومِنْ حُقوقِ كَبِيرَ السِّنِّ أَنَّ نُنَادِيهِ بألْطف خِطَابٌ، وَأَجْمَلِ كِلَاَمٍ، وَأَلِيَنِ بَيَانَ، نُرَاعِي فِيهِ اِحْتِرَامَهُ وَتَوْقِيرَهُ، وَقَدْرَهُ وَمَكَانَتَهُ، كَأَنْ نُخَاطِبَهُ بـ"الْعَمَّ" ونَحْوِ ذَلِكَ مِنَ الْخِطَابَاتِ الَّتِي تَدُلُّ عَلَى التقْدِيرِ وَالتَّوْقِير، فَعَنْ أَبِي أُمَامَة بْن سَهْلٍ قَالَ: صَلَّيْنَا مَعَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِالعَزِيزِ الظُّهْرَ، ثُمَّ خَرَجْنَا حَتَّى دَخَلنَا عَلَى أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ رضي الله عنه فَوَجَدْنَاهُ يُصَلِّي الْعَصْرَ، فَقُلْتُ: يَا عَمٍّ، مَا هَذِهِ الصَّلَاَةُ الَّتِي صَلَّيْتَ؟ قَالَ: الْعَصْر، وَهَذِهِ صَلَاَةِ رَسُولِ اللهِ ﷺ الَّتِي كَنَّا نَصْلِيُّ مَعَهُ [فكانوا يُؤَخِّرونَ الظُّهْرَ جِدًّا، وأَنَسٌ رضيَ اللهُ عنه صلى العَصْرَ أوَّلَ وقْتِها عَلى السُّنَّة] وعَنْ عَبْدِالرَحْمَنِ بْن عَوْفٍ أَنَّهُ قَالَ: بَيْنَا أَنَا وَاقِفٌ فِي الصَّفِّ يَوْمَ بَدْرٍ، فَنَظَرْتُ عَنْ يَمِينِي وَعَنْ شِمَالِي، فَإِذَا أَنَا بِغُلاَمَيْنِ مِنَ الأَنْصَارِ -حَدِيثَةٍ أَسْنَانُهُمَا، تَمَنَّيْتُ أَنْ أَكُونَ بَيْنَ أَضْلَعَ مِنْهُمَا- فَغَمَزَنِي أَحَدُهُمَا فَقَالَ: يَا عَمِّ هَلْ تَعْرِفُ أَبَا جَهْلٍ؟ قُلْتُ: نَعَمْ، مَا حَاجَتُكَ إِلَيْهِ يَا ابْنَ أَخِي؟ قَالَ: أُخْبِرْتُ أَنَّهُ يَسُبُّ رَسُولَ اللَّهِ ﷺ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، لَئِنْ رَأَيْتُهُ لاَ يُفَارِقُ سَوَادِي سَوَادَهُ حَتَّى يَمُوتَ الأَعْجَلُ مِنَّا.

عِبَادَ اللهِ .. إِنَّ الْخَيْرَ وَالْبَرَكَةَ مَعَ الْأكَابِرِ، عَنْ أَنَسٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «أَلَا أُنْبِئُكُمْ بِخِيَارِكُمْ»، قَالُوا: بَلَى يَا رَسُولِ اللهِ، قَالَ: «خِيَارُكُمْ أَطْوَلُكُمْ أَعَمَارًا إِذَا سُدِّدُوا»، وَعَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ أَنَّ رَسُولَ اللهِ ﷺ قَالَ: «خِيَارُكُمْ أَطْوَلُكُمْ أَعَمَارًا، وَأَحْسَنَكُمْ أعمالًا»، وَعَنِ اِبْنِ عَبَّاسِ رَضِّيَّ اللهُ عَنْهُمَا عَنِ الرَّسُولِ ﷺ أَنَّهُ قَالٌ: «الْخَيْرُ مَعَ أكَابِرِكُمْ» وَفِي رِوَايَةٍ: «الْبَرَكَةُ مَعَ أكَابِرِكُمْ». فالْبَرَكَةُ عِبَادَ اللهِ مَعَ أكَابِرِكُمِ الْمُجَرِّبِينَ لِلْأُمُورِ، وَالْمُحَافِظِينَ عَلَى تَكْثِيرِ الْأُجُورِ، فَجَالِسُوهُمْ لِتَقْتَدُوا بِرَأْيِهِمْ، وَتَهْتَدُوا بِهَدْيِهِمْ.

فَيَا مَعَاشِرَ الْكِبَارِ سِنًّا وَقَدْرًا؛ يَرْحَمُ اللهُ ضَعْفَكُمْ، وَيَجْبُرُ كَسْرَكُمْ، قَدْ رَبَّيْتُمْ وَعَلَّمْتُمْ، وَلَئِنْ طَالَ الْعَهْدُ عَلَى مَا قَدَّمْتُمُوهُ فَإِنَّ الْخَيْرَ يَدُومُ وَيَبْقَى، ثُمَّ إِلَى رَبِّكَ الْمُنْتَهَى، وَعِنْدَهُ الْجَزَاءُ الْأَوْفَى، ‏﴿إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ إِنَّا لَا نُضِيعُ أَجْرَ مَنْ أَحْسَنَ عَمَلًا﴾.

الْلَّهُمَّ احْفَظْ كِبَارَنَا، وَوَفِّقْ لِلْخَيْرِ صِغَارَنَا، وبَارَكَ لَنَا فِي أَعْمَارِنا وأعْمَالِنا، وَانْفَعْنَا بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ وهَدْيِ نبِيِّهِ الكَرِيْم، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ، فَاسْتَغْفِرُوهُ وَتُوبُوا إِلَيْهِ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.


 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ

الحَمْدُ للهِ الوَلِيِّ المَوْلَى، والصَّلاةُ والسَّلامُ عَلى رَسُولِهِ المُصْطَفَى، وعَلى آلِهِ وصَحبِهِ ومَن سَارَ عَلى نَهْجِهِ واقْتَفَى، أمَّا بَعْدُ:

فاتَّقُوا اللهَ -عِبَادَ اللهِ- حَقَّ التَّقْوَى، واسْعَوا فِيْمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى.

أَيُّهَا المُسْلِمُونَ ، لِيُعْلَمْ أَنَّ حَقَّ الْكَبِيرِ يَعَظُمُ مِنْ جِهَةِ مَا يَتَنَاوَلُهُ ، فَإِذَا كَانَ ذَا رَحِمٍ فَلَهُ مَعَ كِبَرِ سِنِّهِ حَقُّ الْرَّحِمِ ، وَإِذَا كَانَ جَارًا فَلَهُ مَعَ كِبَرِ سِنِّهِ حَقُّ الْجِوَارِ ، وَإِذَا كَانَ مُسْلِمًا فَلَهُ مَعَ كِبَرِ سِنِّهِ حَقُّ الْإِسْلامِ، وَإِذَا كَانَ الْكَبِيرُ مِنَ الْوَالِدَينِ فَالْحَقُّ أَعْظَمُ ، قَالَ تَعَالَى : ‏﴿إِمَّا يَبْلُغَنَّ عِنْدَكَ الْكِبَرَ أَحَدُهُمَا أَوْ كِلَاهُمَا فَلَا تَقُلْ لَهُمَا أُفٍّ وَلَا تَنْهَرْهُمَا وَقُلْ لَهُمَا قَوْلًا كَرِيمًا ❍ وَاخْفِضْ لَهُمَا جَنَاحَ الذُّلِّ مِنَ الرَّحْمَةِ وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُمَا كَمَا رَبَّيَانِي صَغِيرًا﴾ فحالةُ الكِبَرِ يحتاجانِ فيها إلى البِرِّ أكْثَر؛ لتغَيُّرِ الحالِ بالضَّعفِ والكِبَر، فأُلزِمَ في هذه الحالةِ مِن مُراعاةِ أحوالِهما أكثَرَ مِمَّا أُلزِمَه مِن قَبلُ، فلا يتضَجَّرْ مِنَ الحالِ، ولا يَنهَرْهما في المَقالِ إذا أساءَا في القَولِ والفِعَال، ولْيَجْعَل الإنسانُ نَفسَه مع أبويه في تواضُعٍ في أقوالِه وسَكَناتِه ونظَرِه، و تَذكُّرُ العبدِ شفقةَ الوالِدينِ وتَعَبِهما في التربيةِ، يزيدَه إشفاقًا لهما، وحنانًا عليهما.

وإِنَّ مِنْ حُقُوقِ الآبَاءِ والأُمَّهَاتِ أَنْ تَكُونَ أُسَرُهُمْ مَكَانَ عَيْشِهِم، ففي قُربِهَم بَرَكَة، مُؤَانَسَتِهِم مَسَرَّة، والقِيَامُ بِشُؤُونِهم قُرْبَة، فَتَقَرَّ عُيُونُهُم، وتَسْلُوَ نُفُوسُهُم، ويَبُرُّهُمْ أَوْلاَدُهُمْ وَأَحْفادُهُمْ.

اللهُمَّ ارْحَمْ وَالِدِيْنَا كَمَا ربَّوْنَا صِغَارًا، واغْفر لهم أَحْيَاءً وأمْوَاتًا، واعْفُ عن تَقْصِيْرَنا واغِفِر، وأَعِنَّا على البِرّ، وأَصْلِحْ لَنَا فِيْ ذُرِّيَّاتِنَا إنَّا تُبْنَا إِلَيْكَ وإنَّا مِنَ الـمُسْلِمِيْن.

المرفقات

1728500615_من حقوق كبار السن.docx

1728500615_من حقوق كبار السن.pdf

المشاهدات 1014 | التعليقات 0