من حقوق المصطفى توقير زوجاته

سيف الرحمن التيمي
1442/07/07 - 2021/02/19 04:58AM

موضوع الخطبة: من حقوق النبي (صلى الله عليه وسلم) توقير زوجاته

الخطبة الأولى

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إلـٰه إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُون).

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبا).

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيما).

أما بعد، فإن خير الكلام كلام الله، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

أيها المسلمون، اتقوا الله تعالى وراقبوه، وأطيعوه ولا تعصوه، واعلموا أن من أصول اعتقاد أهل السنة والجماعة؛ توقير أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) ، فقد بوّأهن الله تعالى منـزلة عالية، بل رفعهن إلى منزلة الأمومة لجميع المؤمنين، كما في قوله تعالى }النبي أولى بالمؤمنين من أنفسهم وأزواجه أمهاتهم{، وفي ذلك من الـحُرمة والاحترام والتوقير والإكرام والإعظام ما يوجب على كل مسلم أن يحفظ لهن هذا الحق، ويؤديه على الوجه المطلوب منه شرعاً.

ومما يُوجب توقير زوجات النبي (صلى الله عليه وسلم) أنهن حفظن هديه في بيته ونقلنه للأمة، لاسيما عائشة رضي الله عنها، فإنها من المكثرين من الرواية عن النبي (صلى الله عليه وسلم).

وأما خديجة رضي الله عنها فهي أول أزواجه (صلى الله عليه وسلم) ، وكانت تثبته وتطمئنه إلى أن ما هو عليه هو الحق، وأن الله تعالى لن يخزيه أبدا، كما هو معلوم من قصته لما جاءها يرجف فؤاده لما نزل عليه جبريل بالوحي أول مرة في غار حراء، فطمئنته ثم ذهبت به لابن عمها ورقة بن نوفل، وكان قد تنصر في الجاهلية، فزاده طمأنينة، وبين له أن الذي نزل عليه هو الوحي من الله تعالى.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: ومن أصول أهل السنة والجماعة أنهم يتولون أزواج رسول الله (صلى الله عليه وسلم) أمهات المؤمنين، ويؤمنون بأنهن أزواجه في الآخرة، خصوصاً خديجة رضي الله عنها أم أكثر أولاده، وأول من آمـن به وعاضده على أمره، وكان له منها المنـزلة العالية.

والصديقة بنت الصديق رضي الله عنها، التي قال فيها النبي (صلى الله عليه وسلم): فضل عائشة على النساء كفضل الثريد على سائر الطعام.انتهى كلامه رحمه الله.

ومما يدل على عظم حق أمهات المؤمنين تخصيصهن بالصلاة عليهن، بمعنى الدعاء لهن بأن يثني الله عليهن ويرفع قدرهن، فعن أبي حميد الساعدي رضي الله عنه أنهم قالوا: يا رسول الله، كيف نصلي عليك ؟

قال: قولوا اللهم صل على محمد وأزواجه وذريته كما صليت على آل إبراهيم، وبارك على محمد وأزواجه وذريته كما باركت على آل إبراهيم، إنك حميد مجيد.

ومن حقـوق أمهات المؤمنين الاستغفار لهن، وذكر مدائحهن وفضائلهن وحسن الثناء عليهن، وذلك لمكانتـهن من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) ، وزيادة فضلهن على غيرهن من نساء هذه الأمة.

أيها المؤمنون، وقد نص القرآن على طهارة زوجات النبي (صلى الله عليه وسلم) من الرجس، كما في قوله )إنما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت ويطهركم تطهيرا(، قال ابن جرير رحمه الله: إنما يريد الله ليذهب عنكم السوء والفحشاء يا أهل بيت محمد، ويطهركم من الدنس الذي يكون في أهل معاصي الله تطهيرا. انتهى.

وعلى هذا فالوقيعة في زوجات النبي (صلى الله عليه وسلم) واتهامهن بالباطل من أعظم الإيذاء للنبي (صلى الله عليه وسلم)، وقد حرم الله إيذاء النبي (صلى الله عليه وسلم) في قوله ]إن الذين يؤذون الله ورسوله لعنهم الله في الدنيا والآخرة وأعد لهم عذابا عظيما[.

أيها المسلمون، ومما يناقض توقير زوجات النبي (صلى الله عليه وسلم) ما عليه الرافضة قبحهم الله، فقد تَـبِعوا المنافقين في اتهام أم المؤمنين عائشة بالزنا، فهم يدينون الله بهذا الاعتقاد الفاسد، وهذا كفر عياذا بالله، لأن الذي يتهم عائشة بالزنا لم يصدق بخبر براءتها الوارد في القرآن في صدر سورة النور، قال الله تعالى ﴿إن الذين جاءوا بالإفك عصبة منكم لا تحسبوه شراً لكم بل هو خير لكم لكل امرئ منهم ما اكتسب من الإثم والذي تولى كبره منهم له عذاب عظيم * لولا إذ سمعتموه ظن المؤمنون والمؤمنات بأنفسهم خيرًا وقالوا هذا إفك مبين﴾ إلى أن قال ﴿ولولا إذ سمعتموه قلتم ما يكون لنا أن نتكلم بهذا سبحانك هذا بهتان عظيم * يعظكم الله أن تعودوا لمثله أبداً إن كنتم مؤمنين﴾.

قال ابن كثير رحمه الله: وقد أجمع العلماء رحمهم الله قاطبة على أن من سبها بعد هذا ورماها بما رماها به بعد هذا الذي ذكر في هذه الآية؛ فإنه كافر لأنه معاند للقرآن.

فهذه فوائد يسيرة تتعلق بتوقير أزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) وما ينافي ذلك، رضي الله عنهنأجمعين.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني وإياكم بما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول قولي هذا واستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه، إنه كان للتوابين غفورا.

الخطبة الثانية

الحمد لله وكفى، وسلام على عباده الذين اصطفى، أما بعد، فيا أيها المسلمون، وأزواج النبي (صلى الله عليه وسلم) هُنَّ من دخل بهنَّ من النساء، وهن إحدى عشرة:

1- خديجة بنت خويلد رضي الله عنها.
2- عائشة بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنها وعن أبيها.
3- سودة بن زمعة رضي الله عنها.
4- حفصة بنت عمر بن الخطاب رضي الله عنها وعن أبيها.
5- أم حبيبة، رملة بنت أبي سفيان رضي الله عنهما.
6- أم سلمة، هند بنت أبي أمية بن المغيرة، القرشية،رضي الله عنها.
7- زينب بنت جحش رضي الله عنها.
8- زينب بنت خزيمة الهلالية رضي الله عنها.
9- جويرية بنت الحارث رضي الله عنها.
10- صفية بنت حيي بن أخطب رضي الله عنها.
11- ميمونة بنت الحارث الهلالية رضي الله عنها.
ثم اعلموا رحمكم الله أن الله سبحانه وتعالى أمركم بأمر عظيم فقال (إن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تسليما)، وقال النبي صلى الله عليه وسلم حاثا أمته على الإكثار من الصلاة والسلام عليه يوم الجمعة: (إن من خير أيامكم يوم الجمعة، فأكثروا من الصلاة عليَّ فيه، فإن صلاتكم معروضة علي)، اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد، وارض عن أصحابه الخلفاء، وارض عن التابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، وأذل الشرك والمشركين، ودمر أعداءك أعداء الدين، وانصر عبادك الموحدين، اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا، واجعلهم هداة مهتدين، اللهم من أرادنا وأراد الإسلام والمسلمين بشر فأشغله في نفسه، ورد كيده في نحره.

اللهم ادفع عنا الغلاء والوباء والربا والزنا، والزلازل والمحن وسوء الفتن، ما ظهر منها وما بطن، عن بلدنا هذا خاصة، وعن سائر بلاد المسلمين عامة يا رب العالمين.

اللهم ارفع عنا الوباء إنا مسلمون.

اللهم وفق جميع ولاة المسلمين لتحكيم كتابك، وإعزاز دينك، واجعلهم رحمة على رعاياهم.

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

عباد الله، إن الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكرون، فاذكروا الله العظيم يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

أعد الخطبة: ماجد بن سليمان الرسي، في التاسع عشر من شهر ربيع الثاني لعام 1442، في مدينة الجبيل، في المملكة العربية السعودية

 

 

المرفقات

1613710721____خطبة مختصرة- __توقير زوجات المصطفى.pdf

المشاهدات 518 | التعليقات 0