من ثمار المؤتمر العالمي الثاني لتدبر القرآن الكريم د. زياد الشامي

احمد ابوبكر
1437/01/25 - 2015/11/07 04:25AM
[align=justify]كثيرة هي المشكلات التي عانت منها الأمة الإسلامية عبر تاريخها الطويل بسبب بعدها عن كتاب ربها "القرآن الكريم" فهما وتدبرا في المقام الأول , وتطبيقا والتزاما بعد ذلك , ولعل استمرار ما تشهده الأمة اليوم من محن وأزمات , وما تعانيه من ضعف وفرقة و هوان .... خير دليل على ذلك البعد والتجافي عن مصدر عزة هذه الأمة , ومنبع الحلول لمشكلاتها التي تعاني منها .


ومن هنا لم يكن بدعا أن تهتم المؤسسات الإسلامية والعلماء والمفكرون بمسألة تدبر القرآن الكريم , فالتدبر خطوة لا بد منها لتذكير المسلمين بأن المنحة الإلهية التي خصهم الله بها "القرآن الكريم" لم تكن للتلاوة فحسب – مع التأكيد على فضل التلاوة وثوابها عند الله تعالى - بل للفهم والتدبر والتمعن , تمهيدا لاستنباط سنن الله في الأنفس والكون والحياة , ناهيك عن دور التدبر في إعادة ربط المسلمين بوحي السماء المحفوظ بحفظ الله من التحريف والتبديل , والتأكيد على كونه مصدر الأمة لحل مشكلاتها وأزماتها المعاصرة المزمنة .


ولعل من أهم المؤتمرات المعاصرة التي تعقد لترسيخ عبادة تدبر كتاب الله في النفوس , وتفعيلها في إعادة تربية الجيل المسلم المعاصر , وجعلها وسيلة لاستنباط الحلول لمشاكل الأمة وأزماتها المتجددة .... المؤتمر العالمي لتدبر القرآن الكريم , الذي اختتم فعاليات انعقاده الثاني في العاصمة المغربية الدار البيضاء الخميس الماضي .


وكانت الهيئة العالمية لتدبر القرآن الكريم – وهي مؤسسة دعوية علمية تعليمية تهتم خصيصا بتدبر القرآن الكريم وفق منهج يجمع بين الأصالة والمعاصرة - قد تأسست عام 2012م , ونظمت المؤتمر العالمي الأول لتدبر القرآن الكريم في نفس العام بمكان تأسسها الدوحة , وأقامت العديد من المشاريع والأنشطة العلمية والإعلامية، وأصدرت أكثر من 25 كتابا علميا في التدبر طُبع منها ما يزيد على نصف مليون نسخة ...


ليأتي المؤتمر الثاني الذي عقد في مدينة الدار البيضاء بالمملكة المغربية، خلال الفترة 15 - 16 المحرم 1437 هــ اﻟﻤﻮاﻓﻖ 28 – 29 ﺃﻛﺘﻮﺑﺮ 2015 ﻡ تحت عنوان (ﺗﺪﺑُّﺮ اﻟﻘﺮﺁﻥ اﻟﻜﺮﻳﻢ: ﻣﻨﺎﻫﺞ ﻭﺃﻋﻼﻡ) ليكون استمرارا لجهود الهيئة في تعميم تدبر القرآن بين المسلمين , وجعله الأساس في تلقي الأمة لكتاب ربها .


والحقيقة أن حاجة الأمة لمثل هذه المؤتمرات جد ماسة , خاصة في هذه الأوقات العصيبة التي تمر بها , والتي تزداد فيها الجفوة بين أبناء الأمة وبين حبل الله الذي أُمرنا بالتمسك به والاعتصام , قال تعالى : { وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا ....} آل عمران/103 , حيث تنبه لضرورة استقاء الحلول لأزمات المسلمين من القرآن الكريم, والكف عن الفغلة عن كنوزه وجواهره في هذا الإطار .


وقد قُدِّم في هذا المؤتمر المبارك 21 بحثا ، شارك فيه عددٌ من الباحثين المهتمين بتدبر القرآن ، و وزعت هذه البحوث على خمس جلسات علمية ، وعُقد عددٌ من حلقات النقاش ، والدورات التدريبية ومحاضرات حول محاور المؤتمر وموضوعاته ، إضافة إلى معرض مصاحب لعدد من المؤسسات القرآنية للجهات، في حضور كبير فاق 500 شخص من مختلف الجنسيات .


وبالإضافة لثمرة تسليط المؤتمر الضوء على ضرورة ارتقاء الأمة إلى مستوى تدبر كتاب الله تعالى كما ينبغي وكما أمر الله في أكثر من موضع من كتابه العزيز , قال تعالى : { كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ } ص/29 ,..... والذي سيكون له دور في حث المسلمين للعودة إلى هذا الأمر الإلهي الذي فيه خلاصهم مما هم فيه ...فإن للمؤتمر الكثير من الثمرات الأخرى : كإستنهاض همم العلماء والمفكرين في تأليف الكتب والأبحاث النافعة في هذا المجال , ناهيك عن التنويه إلى ضرورة تسخير التقدم الهائل في وسائل الاتصال لخدمة نشر وتعميم تدبر كتاب الله تعالى .


وإذا كانت الإشارة إلى جميع توصيات المؤتمر في جلسته الختامية من الصعوبة بمكان , فإن ذكر أهم تلك التوصيات وأبرزها يفي بالغرض ويحقق المطلوب :


1- كانت أولى توصيات المؤتمر : ضرورة تحديد تعريف واضح وشامل لمصطلح التدبر .... وهي في الحقيقة توصية تستأهل أن تكون في المقام الأول , لاستبعاد التعريفات الناقصة والشاذة وغير المضبوطة , و لتنطلق مشاريع الهيئة ومناهجها من خلاله بعد ذلك .


2- الاستفادة من مناهج السلف وكبار المفسرين في تدبر القرآن من الأهمية بمكان , و بحل الإشكاليات وتصحيح المفاهيم الخاطئة عن التدبر ، و ضرورة ابتكار أساليب عملية معاصرة لتربية المسلمين على تدبر القرآن الكريم .


3- الحذر من الطُّرق المنحرفة في تدبُّر القرآن الكريم، التي لا تلتزم بشروطه وضوابطه , والتي لها من الأثر السلبي ما لا يخفى على كل عالم أو متعلم .


4- توظيف تدبُّر القرآن الكريم في حماية الشباب من الانحراف الفكري والسلوكي، وتقوية إيمانهم وتهذيب نفوسهم , و تفعيل الإعلام الجديد في نشر تدبر القرآن وإبلاغ رسالة القرآن بلغة تناسب عامة المسلمين الناطقين بالعربية وغير الناطقين بها .


5- عقد المزيد من المؤتمرات والملتقيات العلمية لنشر تدبر القرآن بين المسلمين , مع ضرورة التنسيق بين المؤسسات والهيئات القرآنية في جميع البلاد الإسلامية، لتحقق الشمول والتكامل فيما بينها .


ويمكن أن يكون طلب تكرار هذه المؤتمرات في فترات زمنية متقاربة لا تزيد عن عام أحد أهم الوسائل التي يمكن أن تزيد من نشر تربية تدبر كتاب الله تعالى بين المسلمين[/align]
المرفقات

864.doc

المشاهدات 502 | التعليقات 0