مِنْ بَرَكَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمُ

محمد البدر
1443/04/06 - 2021/11/11 00:15AM

الْخُطْبَةِ الأُولَى: خُطْبَةِ عَنْ(مِنْ بَرَكَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمُ )

إنَّ الحَمْدَ لله، نَحْمَدُه، ونستعينُه، ونستغفرُهُ، ونعوذُ به مِن شُرُورِ أنفُسِنَا، وَمِنْ سيئاتِ أعْمَالِنا، مَنْ يَهْدِه الله فَلا مُضِلَّ لَهُ، ومن يُضْلِلْ، فَلا هَادِي لَهُ.

وأَشْهَدُ أنْ لا إلَهَ إلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ، وأشهدُ أنَّ مُحَمَّدًا عبْدُه ورَسُولُه.﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلا تَمُوتُنَّ إِلا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ﴾.

﴿يَاأَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالأرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا﴾﴿يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلا سَدِيدًا (70)يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا﴾.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿ألر كِتَابٌ أُحْكِمَتْ آيَاتُهُ ثُمَّ فُصِّلَتْ مِنْ لَدُنْ حَكِيمٍ خَبِيرٍ ﴾وَقَالَ تَعَالَى :﴿لا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ تَنزيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ﴾وَقَالَﷺ«الْمَاهِرُ بِالْقُرْآنِ مَعَ السَّفَرَةِ الْكِرَامِ الْبَرَرَةِ، وَالَّذِي يَقْرَأُ الْقُرْآنَ وَيَتَتَعْتَعُ فِيهِ، وَهُوَ عَلَيْهِ شَاقٌّ، لَهُ أَجْرَانِ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ.

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿كِتَابٌ أَنْزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُولُو الْأَلْبَابِ﴾.والبركة هي الخير الكثير المتزايد على الدوام،أي:أن خير القرآن كثير ومتزايد لا ينقص، ودائمٌ لا ينقطع ،وبركته عامة في كل شيء.

مِنْ بَرَكَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمُ  أنه مبارك على قارئه وسامعه ومتدبره؛ فله بكل حرف حسنة، والحسنة بعشر أمثالها، إلى أضعاف لا يعلمها إلا الله تعالى،قَالَﷺ«مَنْ قَرَأَ حَرْفًا مِنْ كِتَابِ اللهِ فَلَهُ بِهِ حَسَنَةٌ، وَالحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، لاَ أَقُولُ الْم حَرْفٌ، وَلَكِنْ أَلِفٌ حَرْفٌ وَلاَمٌ حَرْفٌ وَمِيمٌ حَرْفٌ»رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

ومن بركة القرآن أن العمل اليسير له ثواب كثير قَالَﷺ«﴿قُلْ هُوَ اللهُ أَحَدٌ﴾تَعْدِلُ ثُلُثَ الْقُرْآنِ، وَ﴿قُلْ يَا أَيُّهَا الْكَافِرُونَ﴾تَعْدِلُ رُبُعَ الْقُرْآنِ»صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ.

مِنْ بَرَكَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمُ  أن مَنْ قَرَأَهُ وَعَمِلَ بِهِ مُخْلِصًا رَفَعَهُ اللَّهُ، وَمَنْ قَرَأَهُ مُرَائِيًا غَيْرَ عَامِلٍ بِهِ وَضَعَهُ اللَّهُ قَالَﷺ«إنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الكِتَابِ أقْوَاماً وَيَضَعُ بِهِ آخرِينَ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَمِنْ بَرَكَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمُ  أنه بركة على متدبره فمتدبره سيهدى لأقوم الأمور وأحسنها في أفكاره وآرائه وجميع أموره الدينية والدنيوية بما يحصل لقلبه من انتفاع بالقرآن،قَالَ تَعَالَى:﴿إِنَّ هذَا الْقُرْآنَ يَهْدِي لِلَّتِي هِيَ أَقْوَمُ﴾.

وَمِنْ بَرَكَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمُ  أن تعلُّمُه وتعليمُه من خيرُ الأعمالِ وأنفعُهاوأشرفها قَالَﷺ«خَيْرُكُمْ مَنْ تَعَلَّمَ القُرْآنَ وَعَلَّمَهُ» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ.

وَمِنْ بَرَكَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمُ  انه ووقاية من عذاب القبر ومن فتنة المسيح الدجال قَالَﷺ«مَنْ حَفِظَ عَشْرَ آيَاتٍ مِنْ أَوَّلِ سُورَةِ الْكَهْفِ عُصِمَ مِنَ الدَّجَّالِ» رَوَاهُ مُسْلِمٌ.وَقَالَﷺ«سُورَةُ تَبَارَكَ هِيَ الْمَانِعَةُ مِنْ عَذَابِ الْقَبْرِ» صَحَّحَهُ الأَلبَانيُّ. ‏

وَمِنْ بَرَكَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمُ  أنه بركة على البيوت، لأن الشياطين تفر من البيوت التي يسمع فيها القرآن،قَالَﷺ«إِنَّ الشَّيْطَانَ يَنْفِرُ مِنَ الْبَيْتِ الَّذِي تُقْرَأُ فِيهِ سُورَةُ الْبَقَرَةِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَمِنْ بَرَكَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمُ  أنه يحاج عن حامله وقارئه يوم القيامة، ويكون شفيعا له فَعَنْ أَبِي أُمَامَةَ الْبَاهِلِيُّ رضي الله عنه قَالَ:سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِﷺيَقُولُ:«اقْرَءُوا الْقُرْآنَ فَإِنَّهُ يَأْتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ شَفِيعًا لأَصْحَابِهِ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَمِنْ بَرَكَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمُ  أنه شفاء لمن أصيبوا بشر الشياطين ومسهم وضرهم؛قَالَ تَعَالَى:﴿يَا أَيُّهَا النَّاسُ قَدْ جَاءَتْكُمْ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّكُمْ وَشِفَاءٌ لِمَا فِي الصُّدُورِ وَهُدًى وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾وَقَالَ تَعَالَى:﴿وَنُنَزِّلُ مِنَ الْقُرْآنِ مَا هُوَ شِفَاءٌ وَرَحْمَةٌ لِلْمُؤْمِنِينَ﴾.

وَمِنْ بَرَكَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمُ  أنه بركة على المجالس التي يتلى فيها،قَالَ ﷺ«وَمَا اجْتَمَعَ قَوْمٌ فِي بَيْتٍ مِنْ بُيُوتِ اللهِ، يَتْلُونَ كِتَابَ اللهِ، وَيَتَدَارَسُونَهُ بَيْنَهُمْ، إِلَّا نَزَلَتْ عَلَيْهِمِ السَّكِينَةُ، وَغَشِيَتْهُمُ الرَّحْمَةُ، وَحَفَّتْهُمُ الْمَلَائِكَةُ، وَذَكَرَهُمُ اللهُ فِيمَنْ عِنْدَهُ»رَوَاهُ مُسْلِمٌ.

وَمِنْ بَرَكَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمُ  أن صاحبه ينال الدرجات العلى من الجنة قَالَﷺ«يُقَالُ لِصَاحِبِ الْقُرْآنِ:اقْرَأْ، وَارْتَقِ، وَرَتِّلْ كَمَا كُنْتَ تُرَتِّلُ فِي الدُّنْيَا، فَإِنَّ مَنْزِلَكَ عِنْدَ آخِرِ آيَةٍ تَقْرَؤُهَا»رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَقَالَ الأَلبَانيُّ حَسَنٌ صَحِيحٌ.

وَمِنْ بَرَكَاتِ الْقُرْآنِ الْكَرِيمُ  أن علومه ومعارفه لا تنضب، ولا تتوقف فرائده وفوائده، ولا زال العلماء منذ تنزله إلى اليوم وخلال أربعة عشر قرنا ينهلون منه، ويغترفون من بحر فوائده بل كان للقرآن مدخل في كثير من العلوم العصرية التي دلت آياته عليها صراحة، أو إشارة وإيماءً. قَالَ تَعَالَى:﴿سَنُرِيهِمْ آياتِنا فِي الْآفاقِ وَفِي أَنْفُسِهِمْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الْحَقُّ﴾.

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا..


الْخُطْبَةِ الثَّانِيَةِ:

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِه ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِه ، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمَاً لِشَأْنِه ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدَاً عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ , صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمَاً كَثِيرَاً .

عِبَادَ اللَّهِ:قَالَ تَعَالَى:﴿الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ﴾فحق علينا أن نولي كتاب الله تعالى عنايتنا، وأن نفرغ له أوقاتنا، وأن نعمر به بيوتنا، وأن نملأ بعظاته قلوبنا، وأن نشرح بآياته صدورنا، وأن ننير ببراهينه عقولنا، وأن نعلمه نساءنا وأولادنا؛ فلا شيء ينير لهم طريق حياتهم مثل القرآن، ولا ضمان لمستقبلهم إلا بالقرآن؛ فهو عزهم ورفعتهم وغناهم وقوتهم، قَالَ ﷺ« إِنَّ اللهَ يَرْفَعُ بِهَذَا الْكِتَابِ أَقْوَامًا، وَيَضَعُ بِهِ آخَرِينَ»مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. 

عِبَادَ اللهِ:إِنَّ اللهَ تَعَالَى قَدْ أَمَرَنَا بِأَمْرٍ بَدَأَ فِيهِ بِنَفْسِهِ فَقَالَ سُبْحَانَهُ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا صَلَّيْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد، وَبَارِكْ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ كَمَا بَارَكْتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيد. وارض اللهم عن الخلفاء الراشدين أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن صحابته أجمعين، والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.اللّهمّ أعِزّ الإسلامَ والمسلمين، وأذِلَّ الشِّركَ والمشركين، ودمِّر أعداءَ الدّين.واحفظ اللّهمّ ولاةَ أمورنا، وأيِّد بالحق إمامنا ووليّ أمرنا، اللّهمّ وهيّئ له البِطانة الصالحة الناصحة الصادِقة التي تدلُّه على الخير وتعينُه عليه، واصرِف عنه بطانةَ السوء يا ربَّ العالمين، واللهم وفق جميع ولاة أمر المسلمين لما فيه صلاح الإسلام والمسلمين يا ذا الجلال والإكرام.اللّهمّ واصرف عن بلادنا جائحة كورونا وعن سائر بلاد المسلمين ﴿رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ﴾. عِبَادَ اللَّهِ: اذكروا الله يذكركم ، واشكروه على نعمه يزدكم ﴿وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ ﴾.

المشاهدات 1135 | التعليقات 0