من أسباب الإلحاد

إبراهيم بن سلطان العريفان
1441/04/15 - 2019/12/12 13:10PM

إن الحمد لله نحمده ونستعينه ونستغفره ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا من يهده الله فلا مضل له ومن يضلل فلا هادي له وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً.

إخوة الإيمان والعقيدة ... اتقوا الله واحذروا أسباب الشك والريب في أصول الإيمان، فإن الإيمان لا يكون صحيحاً إلا إن كان عن يقين لا شك فيه، وجزمٍ لا تردد يعتريه ( إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتَابُوا وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ ) أما من شك في الله أو في رسوله ﷺ أو في اليوم الآخر أو في غير ذلك من أصول الإيمان شكاً ينافي التصديق الجازم فهو كافر كفراً أكبر يوجب له الخلود في النار إذا مات قبل أن يتوب، ( وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنْقَلَبًا * قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَكَفَرْتَ بِالَّذِي خَلَقَكَ مِنْ تُرَابٍ ثُمَّ مِنْ نُطْفَةٍ ثُمَّ سَوَّاكَ رَجُلًا * لَكِنَّا هُوَ اللَّهُ رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِرَبِّي أَحَدًا ) فكفّره المؤمن الموقن لما شكّ في قيام الساعة والبعث والنشور.

وأخبر تعالى أن الخلود في النار هو جزاء الشاكين الظانين في قيام الساعة والبعث والنشور والجزاء والحساب ( أَلْقِيَا فِي جَهَنَّمَ كُلَّ كَفَّارٍ عَنِيدٍ * مَنَّاعٍ لِلْخَيْرِ مُعْتَدٍ مُرِيبٍ ).

ولمعرفة أعداء الله وأعداء دينه ورسوله أثرَ الشبهات والشكوك في انسلاخ المسلم من عقيدته وردته عن دينه، فما زالوا يثيرون الشبه والشكوك، ويتصيدون جيل الشباب والفتيات، ويترصدون أصحاب الضعف الإيماني والعلمي، حتى يوقعوهم في شراكهم وشباكهم. مستعملين في هذا السبيل أساليب كثيرة منها المحاورة المباشرة لا سيما إذا كان الشاب في بلادهم مغترباً لدراسة أو غيرها، ومنها المحاورة عن طريق برامج المحادثة. ومن وسائلهم كتابة المقالات والكتب الإلحادية بأسلوب جذاب، وقد تكون على صورة رواية أدبية، ومنها إنشاء المجموعات والمنتديات الحوارية. ومنها إصدار البرامج التي ظاهرها الفائدة أو المتعة البريئة كما يعرف بالبرامج الوثائقية أو الأفلام الموجهة للأطفال، ثم بث أصول كفرية أو نظريات إلحادية في هذه البرامج بطرق غير مباشرة. وليس المقصود هنا حصرَ وسائل نشر الإلحاد وإنما المقصود التنبيهُ على كثرة وسائلهم حتى يكون المسلم على حذر منها.

وأما أسباب الإلحاد والردة بعد الإسلام بالشك والظن في أصل من أصول الدين والإيمان أيضاً فكثيرة ومنها:

* الانبهار بالحضارة الغربية وتقدمها المادي مع فشو الكفر والإلحاد في ديارهم، فيقذف الشيطان في قلبه أن سبب تطورهم إلحادُه،م وأن سبب تخلف المسلمين هو إيمانهم ودينهم، فيدخله الشك في دين الإسلام، مع أنه لو فكرّ وتأمل لوجد دولاً وشعوباً إسلامية متقدمة راقية متطورة مع تمسكها بإسلامها ودينها، ولَوَجد دولاً وشعوباً متخلفة وهم ملاحدة وكفار ومشركون. إذن فالإسلام الحق لا يعيق التقدم العلمي النافع، كما أن الإلحاد والكفر والشرك ليس سبباً للتقدم والتطور والرقي.

ومن أسباب الإلحاد .. حب الشهوات المحرمة كالإباحية والتحرر من قيود الدين والأخلاق، ليفعل ما يشاء ويترك ما يشاء، مما تزينه له نفسه الأمارة بالسوء ويمنعه منه دينه، فيزين له الشيطان أنه إذا ألحد عاش حياته كما يريد متمتعاً بشهواتها المحرمة بلا قلق ولا تأنيب ضمير، وما هي إلا ألاعيب يستدرج بها الشيطان من أصغى إليه، وأقبل عليه، وإلا فلا سعادة للقلب ولا أنس له إلا بإيمانه بربه وذكره له وعبادته وحده ( قُلْ إِنَّ اللَّهَ يُضِلُّ مَنْ يَشَاءُ وَيَهْدِي إِلَيْهِ مَنْ أَنَابَ * الَّذِينَ آمَنُوا وَتَطْمَئِنُّ قُلُوبُهُمْ بِذِكْرِ اللَّهِ أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ ) وأخبر تعالى أن القلب إذا كان فيه زيغ عن الحق ترك الهدى الواضح واتبع الشبهات ( فَأَمَّا الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ زَيْغٌ فَيَتَّبِعُونَ مَا تَشَابَهَ مِنْهُ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِهِ ).

ومن أسباب الإلحاد .. عدم التفريق بين الدين الحق وبين ما دخله من البدع والمحدثات والمفاهيم التي لا يقرها عقل سليم ولا فطرة سوية، فيبغض الدين ويمقته، فغلو الخوارج واستحلالهم للدماء المعصومة وإفسادهم في الأرض من أسباب نفور بعض الناس عن الإسلام ظناً منهم أن هذا هو الإسلام الذي جاء به محمد ﷺ. وخزعبلات الصوفية والروافض وغلوهم في مشايخهم وقبورهم وأضرحتهم من أسباب فتنة بعض الناس عن دين الإسلام ظنا منهم أن هذا هو الدين الذي جاء به محمد ﷺ. ومَن درس الإسلام وعرف كتاب الله وسنة رسوله ﷺ أدرك أن دين محمد ﷺ برئ من هذا الغلو ومن هذه الأباطيل.

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم ونفعني وإياكم بهدي سيد المرسلين أقول هذا القول وأستغفر الله لي ولكم من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الحمد لله على إحسانه والشكر له على توفيقه وامتنانه وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه صلى الله عليه وعلى آله وصحبه ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين أما بعد:

معاشر المؤمنين .. حافظوا على دينكم وعقيدتكم أشد المحافظة، فدينكم الحق هو سبب سعادتكم في هذه الدنيا وسبب سعادتكم في الدار الأخرى، كما أن التمرد عليه والانسلاخ منه هو الضلال والشقاء والخيبة والخسران ( مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ ) وقال تعالى ( فَمَنِ اتَّبَعَ هُدَايَ فَلَا يَضِلُّ وَلَا يَشْقَى * وَمَنْ أَعْرَضَ عَنْ ذِكْرِي فَإِنَّ لَهُ مَعِيشَةً ضَنْكًا وَنَحْشُرُهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ أَعْمَى ).

سدوا أبواب الشبهات والشهوات فإنها فتن، والفتن من تقرب منها هلك ومن ابتعد عنها نجى.

وعليه أن يتوقف عن الاسترسال مع الشكوك والوساوس ويستعيذَ بالله من الشيطان ويتفلَ عن يساره ثلاثاً، قال ﷺ  ( يَأْتِي الشَّيْطَانُ أَحَدَكُمْ فَيَقُولُ: مَنْ خَلَقَ كَذَا، مَنْ خَلَقَ كَذَا، حَتَّى يَقُولَ: مَنْ خَلَقَ رَبَّكَ؟ فَإِذَا بَلَغَهُ فَلْيَسْتَعِذْ بِاللَّهِ وَلْيَنْتَهِ) وفي رواية قال ( فَمَنْ وَجَدَ مِنْ ذَلِكَ شَيْئًا فَلْيَقُلْ: آمَنْتُ بِاللَّهِ ) وفي رواية ( فَقُولُوا: اللَّهُ أَحَدٌ اللَّهُ الصَّمَدُ لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُولَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوًا أَحَد،ٌ ثُمَّ لِيَتْفُلْ عَنْ يَسَارِهِ ثَلَاثًا وَلْيَسْتَعِذْ مِنَ الشَّيْطَانِ ).

ومن وقع الشك والوسواس في قلبه، فليبادر إلى سؤال أهل العلم الربانيين فيسألَهم سؤال مسترشد باحث عن الحق طالب للعلاج، لا يسألهم سؤال متكبرٍ مجادل، فالكبر والجدال بغرض المغالبة لا يثمر إلا الزيغ والضلال، والحرمان من التوفيق للهدى ( إِنَّ الَّذِينَ يُجَادِلُونَ فِي آيَاتِ اللَّهِ بِغَيْرِ سُلْطَانٍ أَتَاهُمْ إِنْ فِي صُدُورِهِمْ إِلَّا كِبْرٌ مَا هُمْ بِبَالِغِيهِ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ ).

أكثروا من الدعاء كما كان نبينا محمد يكثر من قول ﷺ ( اللهم يا مقلب القلوب ...

اللهم إنا نسألك الثبات على الحق إلى يوم نلقاك اللهم لا تزغ قلوبنا بعد إذ هديتنا وهب لنا من لدنك رحمة إنك أنت الوهاب.

اللهم أعز الإسلام والمسلمين وأذل الشرك والمشركين. وانصر عبادك الموحدين. اللهم وفق إمامنا وولي عهده بتوفيقك وأيدهم بتأييدك وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا رب العالمين. اللهم اجعل هذا البلد آمنا مطمئناً وسائر بلاد المسلمين.

اللهم آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، اللهم فرج همومنا واقض ديوننا واشف مرضانا وارحم موتانا وأحسن عاقبتنا في الأمور كلها يا رب العالمين. اللهم صل وسلم على عبدك ورسولك محمد وعلى آله وصحبه وأجمعين

المشاهدات 726 | التعليقات 0