من أخلاق الإسلام : النصــرة

فهد عبدالله الصالح
1431/06/26 - 2010/06/09 16:36PM
عباد الله : الأخلاق عماد الأمم وقوام الشعوب ومعيار الحياة الآمنة وشعار المدنية الفاضلة والأخلاق مرتبطة ٌ بالإيمان وجوداً وعدماً وقوة وضعفا , و الله سبحانه وتعالى حينما أرسل رسله إلى الناس جعل تمكين الأخلاق الفاضلة من أصول رسالاتهم حتى تستقيم الحياة وينعم الناس بالحرية والكرامة والآمان وحيثما يوجد الإيمان مع العمل الصالح ـ أيها الأخوة ـ توجد الأخلاق الكريمة والحياة المطمئنة يقول الله تعالى { من عمل صالحاً من ذكر أو أنثى وهو مؤمن فلنحيينه حياة طيبة ولنجزينهم أجرهم بأحسن ما كان يعملون } وفي المقابل حيثما كان الضلال والظلم والطغيان كانت أزمة الأخلاق

والعالم اليوم مع بعده عن منهج الله القويم يعاني أزمة أخلاقية حادة في جوانب الحياة المختلفة .

إن مفهوم الأخلاق ـ أيها المسلمون ـ مفهومٌ واسع و شاملٌمن صدق الحديث والوفاء والأمانة والكرم والصفح والعفو والقصد والعفاف وسلامة الصدر من الأحقاد والحياء والإخاء والرحمة والعطف واحترام الرجال وكف الأذى والثبات على المبدأ وغيرهما .

ومن الأخلاق الإسلامية ـ أيضاً ـ النصرة ُوهي موضوعنا اليوم ونعنى بالنصرة تلك الغيرة الإيمانية التي تدفع المسلم لرفع الظلم عن أخيه المسلم المتضعف أو لمد يد العون إليه وبقدر إحساس المسلم بحال أخيه وبقدر المساعدة والعون يكون معيار الأخوة لأن الأخوة الإيمانية ضريبتها النصرة وعلامتها النصرة وآثارها النصرة .

أيهـا المؤمنون:القائم بحق النصرة والمتخاذل عنها كلٌ منهما سيلقى ثمرة ذلك ـ في الدنيا قبل الآخرة ـ جزاءَ وفاقا يقول النبي صلى الله عليه وسلم في ذلك { ما من امرئ يخذل امرءاً مسلما عند موطن ٍ تنتهك فيه حرمته وينتقص فيه من عرضه إلاَ خذله الله عز وجل في موطن يحب فيه نصرته وما من امرئ ينصر امرءاً مسلماً في موطن ينتقص فيه من عرضه وينتهك فيه من حرمته إلاَ نصرة الله في موطن يحب فيه نصرته } رواه الإمام أحمد في مسنده .

وقد أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسبع ٍ كان منها نصرُ المظلوم والله تعالى أوجب نصرة من طلب النصرة من إتباع الدين بقوله جلا وعلا{ وإن استنصركم في الدين فعليكم النصر } ويصف ابن الجوزي الظلم بأن المعصية فيه أشد من غيرها معللاً ذلك بقوله { لأنه لا يقع غالباً إلاَ بالضعيف الذي لا يقدر على الانتصار } .

والمسلم ـ يأخى المسلم ـ لا يرتضى بأن يُظلم أخوه المسلم أو أن يتخلى عنه وهو قادرٌ على نصرته ناهيك عن مباشرة الظلم وإيقاع العدوان بالأخ المسلم أو المساهمة فيه أو إقراره والعياذ بالله ففي صحيح البخاري يقول الرسول صلى الله عليه وسلم { المسلم أخو المسلم لا يظلمه ولا يسلمه ومن كان في حاجة أخيه كان الله في حاجته ومن فرج عن مسلمٍ كربة فرج الله عنه كربة من كربات يوم القيامة ومن ستر مسلماً ستره الله يوم القيامة } .

أيها المسلمون : لقد كان أبناء الجاهلية يتناصرون في الخير والشر وأراد الإسلام لهذا الخلق أن يستمر بوجهه الخيَر معطياً له معنى جديدا ففي الصحيح يقول { انصر أخاك ظالماً أومظلوما فقال رجل : يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما أما رأيت إذا كان ظالماً كيف أنصره ؟ قال : تحجزه ـأو تمنعه ـ من الظلم فإن ذلك نصره } .

والحذر الحذر ـ أيها الأخوة ـ من العصبيات المفتنة والنعرات الجاهلية التي لا يحكمها الإسلام ولا تتحاكم إلى العدل والميزان , لقد أمرنا بأن ندعها لأنها فتنه ، ولقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم حال صاحب العصبية بالبعير الهالك { من نصر قومَه على غير الحق فهو كالبعير الذي رُدَى فهو ينزع بذنبه } والحديث رواه أبو داود وصححه الألباني رحمه الله .

ونصرة المسلمين ونصرة الأخ في الإسلام ـ أيها الأحبة ـ يكون بكل وسيلة مشروعة , يكون بالوقوف معه وبيان الحق للمخالف , والتعريف بقضيته يكون بالشفاعة الحسنة والكلمة الطيبة , يكون بالمال والنفس والجاه وكل مستطاع وما أحوج المسلمين اليوم إلى النصرة في بلدان مسلمة كثيرة يتعرض فيها المسلون للاحتلال والاضطهاد والظلم , وما أحوج بعض أفراد المجتمع إلى النصرة ممن هم في حاجة ماسة إلى مساعدة ٍمالية لسداد دين أو مؤونة زواج أو تحسن حال أو رفع فقر, أو مساعدة في حل مشكلة نفسية أو اجتماعية بل إن من نصرة الأخ المسلم مناصحته وأمره بالمعروف والأخذ على يد الظالم وكل ذلك من باب نصرته والحدب عليه وعلى المجتمع والأمة بأسرها للحديث السابق(انصر أخاك ظالما أومظلوما ) ....فنصرة المسلمين واجبة وخذلانهم محرم , ومن لم يهتم بأمر المسلمين فليس منهم

ولا بأس أيها ألأخوة ـ على المسلم أن يطلب النصرة في حالة حاجته فهذا رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما كان يعرضُ دعوته في المواسم بمنى كان يقول { من يؤويني ؟من ينصرني ؟ } وحين بويع بيعة العقبة اشترط النصرة , وحتى ورقة بن نوفل كان يقول له في مطلع الرسالة { وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤذراَ } رواه البخاري في كتابه بدء الوحي .

والله عز وجل قادر ـ وهو القادر جلا وعلا ـ قادر على أن ينصر رسوله وكتابه ودينه لكنه ترك للمؤمنين حظاً في النصرة يؤدونه ويسألون عنه ويؤجرون عليه قال تعالى { هو الذي أيدك بنصره وبالمؤمنين } , ووصف الله سبحانه المفلحين بأنهم هم الذين { آمنوا به وعزروه ونصروه }

ولقد شُرع للمؤمن أن يدعو بالنصرة كما في الحديث { رب أعنى ولا تعن علي وانصرني ولا تنصر علي } واشترط رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجالسين على قارعة الطريق أن يتحملوا ضريبة جلوسهم بقوله لهم { إن أبيتم إلاَ أن تجلسوا فاهدوا السبيل وردوا السلام وأعينوا المظلوم } رواه الإمام أحمد في مسنده الصحيح .

ولقد أثنى عمرو بن العاص رضي الله عنه على الروم وهم كفار بخصال استحسنها فيهم فقال : إن فيهم لخصالاً أربعاً : إنهم لأحلم الناس عند فتنة وأسرعهم إفاقة بعد معصية وأوشكهم كرة بعد فرة وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف وخامسة حسنة جميلة : وأمنهم من ظلم الملوك } والحديث رواه مسلم في صحيحه

والمسلمون أحرى وأولى من الكافرين في إقامة العدل ونصرة المظلوم وإعانة المسكين واليتيم والضعيف .

ألا فاتقوا الله ـ أيها المسلمون ـ وكونوا أنصار الله بنصرتكم للحق ونصرتكم لأخوتكم المسلمين عند ظلمهم وضعفهم وهوانهم على الناس، واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم { والذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله والذين ءاووا ونصروا أولئك هم المؤمنون حقاً لهم مغفرة ورزق كريم }


الخطبة الثانية :

أيها المسلمون : إن انتماءنا إلى أمة الإسلام والمسلمين هو تفعيل هذه الأخوة تفعيلا عمليا يجعل الأمة جسدا واحدا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم : ( مثل المؤمنين في توادهم وتراحمهم وتعاطفهم ، مثل الجسد . إذا اشتكى منه عضو ، تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى ) ( أخرجه مسلم).
وإن التارك لأي حق من حقوق أخيه المسلم عرضة للمساءلة عن ذلك التقصير فقد ورد في الحديث القدسي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الله تعالى يقول يوم القيامة: يا ابن آدم مرضت فلم تعدني، قال: يا رب! كيف أعودك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أن عبدي فلاناً مرض فلم تعده، أما علمت أنك لو عدته لوجدتني عنده؟!، يا ابن آدم، استطعمتك فلم تطعمني، قال: يا رب! وكيف أطعمك وأنت رب العالمين؟! قال: أما علمت أنه استطعمك عبدي فلان فلم تطعمه، أما علمت أنك لو أطعمته لوجدت ذلك عندي، يا ابن آدم، استسقيتك فلم تسقني، قال: يا رب! كيف أسقيك وأنت رب العالمين؟ قال: استسقاك عبدي فلان فلم تسقه، أما إنك لو سقيته وجدت ذلك عندي " ( أخرجه مسلم في صحيحه)هذا الحديث القدسي تضمن ثلاث صور للتقصير في حق المسلم كانت محلا للعتاب الإلهي ويقاس عليها عدم نصرتهم ومساعدتهم بل إنها في هذه الحالة أولى بالعتاب مما تقدم .
إن من أهمِّ وسائل نصرة المسلمين أن نبدأ بإصلاح أنفسنا حتى يصلح الله حالنا ﴿ إِنَّ اللَّهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ ﴾


إن ما حدث ويحدث من تسلُّط الأعداء على ديارنا ومقدَّساتنا إنما هو بسبب ذنوبنا ومعاصينا، ولا يظلم ربُّك أحدًا، ﴿ وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ ﴾

أيها المسلمون:إنَّ دعمنا لإخواننا في غزة من أرض فلسطين في مواصَلة صمودِهم يصبُّ في مصلحتهم ومصلحتنا ومصلحة ديننا وامتنا ، فلو أنَّا تركناهم وشأنَهم لقضى عليهم عدوهم، ليَتفرَّغ بعد ذلك لمحاربتنا وانتهاك حرمتنا، وإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية هذا وصلوا وسلموا على نبيكم ..
المشاهدات 2837 | التعليقات 1


ذكر الشيخ فهد ـ وفقه الله ـ في خطبته النافعة المباركة أن من النصرة النصيحة ، ومن هذا المنطلق فإني أتقدم بهذه الملحوظات التي أجزم أنها لم تأت إلا من استعجال أخينا ـ حفظه الله ـ في نشر الخطبة من باب (وعجلت إليك رب لترضى)
فأسأل الله أن يرضى عنا وعنه وأن يجزيه خيرًا على غيرته ، ولن أذكر محاسن الخطبة فكلها محاسن ولله الحمد .
وليأذن لي ـ أخي الحبيب ـ بإبداء بعض الملحوظات لإتمام التميز الذي حظيت به الخطبة :

أولاً/ حبذا مراعاة علامات الترقيم ؛ فإن فيها إراحة للقارئ وتنظيمًا لعقله وهو يتابع القراءة ، ومن ثم إعانته على الفهم الأمثل .
ثانيا/ مما يلحق بما سبق الاعتناء بالمسافات التي بين الكلمات ، فقد لحظت كلمات لا مسافات بينها ، وأخرى قد وُصِلَت ببعضها خطأً وهي قليلة ولا تخفى .
ثالثًا/ هذه جمل من الخطبة مع ملحوظات يسيرة كتبت باللون الأحمر وصوابها بالأخضر ، وقد أترك التصويب لوضوحه :
* وينعم الناس بالحرية والكرامة والآمان .
* إن مفهوم الأخلاق ـ أيها المسلمون ـ مفهومٌ واسع و شاملٌ من صدق الحديث (العبارة غير منسبكة سبكًا متماسكًا أو أن ثمة خرمًا)
... والثبات على المبدأ وغيرهما (ذُكِرَت أخلاق كثيرة وليس اثنين فقط فيقال : وغيرها)
* التي تدفع المسلم لرفع الظلم عن أخيه المسلم المتضعف .
* لأن الأخوة الإيمانية ضريبتها النصرة وعلامتها النصرة وآثارها النصرة . (ألا ترى ـ أخي الحبيب ـ أن كلمة ضريبة ها هنا ثقيلة ثقل من ابتدعها وعمل بها وأنها لا تناسب الامتثال الذي يجب أن يكون عليه المؤمن الراجي الخائف المحب)
* والله تعالى أوجب نصرة من طلب النصرة من إتباع الدين بقوله جلا وعلا{ وإن استنصركم في الدين فعليكم النصر }
* والمسلم ـ يأخى المسلم ـ لا يرتضى بأن يُظلم أخوه المسلم أو أن يتخلى عنه وهو قادرٌ على نصرته .
* ففي الصحيح يقول { انصر أخاك ظالماً أومظلوما فقال رجل : يا رسول الله أنصره إذا كان مظلوما أما رأيت إذا (أرأيت إن )كان ظالماً كيف أنصره ؟ قال : تحجزه ـأو تمنعه ـ من الظلم فإن ذلك نصره }
* والحذر الحذر ـ أيها الأخوة ـ من العصبيات المفتنة ( لعلها المنتنة) والنعرات الجاهلية التي لا يحكمها الإسلام ولا تتحاكم إلى العدل والميزان , لقد أمرنا بأن ندعها لأنها فتنه (منتنة) ، ولقد شبه الرسول صلى الله عليه وسلم حال صاحب العصبية بالبعير الهالك { من نصر قومَه على غير الحق فهو كالبعير الذي رُدَى ( الضبط غير صحيح وهو ولاشك سبق ، والصحيح ( رَدَى ـ رَدِيَ ـ رُدِّيَ ) جاء في مرقاة المفاتيح : كالبعير الذي رَدَى بفتح الدال مخففة ، وفي نسخة بكسرها وفتح الياء ، وفي نسخة صحيحة بضم الراء وكسر الدال مشددة وفتح الياء : أي تردى وسقط في البئر وقيل معناه هلك)
* وما أحوج بعض أفراد المجتمع إلى النصرة ممن هم في حاجة ماسة إلى مساعدة ٍمالية لسداد دين أو مؤونة زواج أو تحسن ( لعلها تحسين ) حال أو رفع فقر .
* ولا بأس أيها ألأخوة ـ على المسلم أن يطلب النصرة في حالة حاجته .
* وحتى ورقة بن نوفل كان يقول له في مطلع الرسالة { وإن يدركني يومك أنصرك نصراً مؤذراَ } رواه البخاري في كتابه بدء الوحي ( في صحيحه كتاب بدء الوحي )
* والله عز وجل قادر ـ وهو القادر جلا وعلا ـ قادر على أن ينصر رسوله وكتابه ودينه (قادر ، القادر ، قادر ... !!!)
* واشترط رسول الله صلى الله عليه وسلم على الجالسين على قارعة الطريق أن يتحملوا ضريبة جلوسهم (ثقيلة كسابقتها ثقل اليهود الماكرين والنصارى الحاقدين ) بقوله لهم { إن أبيتم إلاَ أن تجلسوا فاهدوا السبيل وردوا السلام وأعينوا المظلوم } رواه الإمام أحمد في مسنده الصحيح (في مسنده وهو حديث صحيح)
* إنهم لأحلم الناس عند فتنة وأسرعهم إفاقة بعد معصية (مصيبة) وأوشكهم كرة بعد فرة وخيرهم لمسكين ويتيم وضعيف وخامسة حسنة جميلة : وأمنهم (وأمنعهم) من ظلم الملوك } والحديث رواه مسلم في صحيحه
* واتقوا الله الذي انتم به مؤمنون .
* إن انتماءنا إلى أمة الإسلام والمسلمين هو تفعيل هذه الأخوة تفعيلا (هذه من لغة الحواسيب) عمليا يجعل الأمة جسدا واحدا .
* ويقاس عليها عدم نصرتهم ومساعدتهم بلإنها في هذه الحالة أولى بالعتاب مما تقدم .



وعذرًا عذرًا إن كنت أثقلتُ أو ثقلتُ ، إن أريد إلا الإصلاح ما استطعت .
وأستغفر الله ، أستغفر الله ، أستغفر الله .
اللهم اغفر لي ولأخي ولجميع المسلمين .