من أحكام شهر شوال-6-10-1438هـ-حسين بن محفوظ-الملتقى-بتصرف
محمد بن سامر
1438/10/05 - 2017/06/29 14:26PM
[align=justify]
أما بعدُ: فإنَّ المؤمنَ يتقلبُ في طاعةِ اللهِ-تعالى-، ويتنقلُ بين العباداتِ، وما ينتهي موسمٌ إلا ويبدأُ آخرُ للتجارةِ مع اللهِ، والفوزِ في الآخرةِ.
وقدِ انتهى شهرُ رمضانَ وبدأ شهرُ شوالَ، فلماذا سُمِّيَ بشهرِ شوالَ؟ وما هي فضائلُه؟ وما هي أحكامُ صومِ الستِ منه؟
اعلموا أنّ العربَ كانتْ قد سمّتِ الشّهورَ بحسَبِ ما يتّفقُ لها من الأحوالِ والأحداثِ، فسمّت شعبانَ لأجل تَشَعُّبِهِم وتَفَرُّقِهم للبحثِ عن المياهِ، ورمضانَ لشدةِ الرّمَضِ والحرِّ الّذي يجدونَه فيه إذا وافقَ الصيفَ، كذلك الأمرُ فيما يَخصُّ شهرَ شوّالَ، فهو مأخوذٌ من الشَّوْلِ بمعنى الارتفاعِ، فالخيرُ يرتفعُ فيه بسببِ جفافِ الزروعِ والثمارِ، وما يزالُ بعضُ العربِ إلى اليومِ يعنونَ بها الارتفاعَ أو الرفعَ، فيقولونَ: "شالَها" أي رفَعَها.
ومن فضائلِه: أَنه أوّلُ أَشْهُرِ الحجِ المعلوماتِ, وهي: شوالُ, وذُو القِعدةِ, وذو الحِجةِ، فلا يَجُوزُ لأحدٍ أن يُحْرِمَ بالحجِّ في غيرِها، قالَ تعالى: [الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ].
ومن فضائلِه: أنَّ فيه صومَ الستِ، وخُصَّ شوالُ بذلكَ؛ لأنَّه جاءَ بعدَ صومِ رمضانَ، والرغبةُ شديدةٌ فيهِ في الممنوعاتِ خلالَ صومِ رمضانَ: وهي الأكلُ والشُربُ والجماعُ، فصومُه أشقُ، وثوابُه كثيرٌ، قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ-: "منْ صامَ رمضانَ ثم أتبعَه ستًا من شوالَ كانَ كصيامِ الدهرِ"، وقالَ: "منْ صامَ ستةَ أيامٍ بعدَ الفِطرِ، كانَ تمامَ السنةِ: [مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا]".
قالَ العلماءُ: "وإنَّما كانَ كصيامِ الدهرِ؛ لأنَّ الحسنةَ بعشرِ أمثالِها، فرمضانُ بعشرةِ أشهرٍ، وستُ شوالَ بشهرينِ".
أما ثمراتُ صيامِ الستِ وفوائدُها، فمنها:
- أَّن صيامَ ستةَ أيامٍ من شوالٍ بعدَ رمضانَ يُستكمَلُ بها أجرُ صيامِ الدهرِ كلِّه.
- وأنَّ صيامَ شعبانَ قبلَ رمضانَ وصيامَ شوالَ بعدَه، كصلاةِ السننِ الرواتبِ قبلَ الصلاةِ المفروضةِ وبعدَها، فيُكَمَّلُ بذلك ما حصلَ في الفرضِ من خللٍ ونقصٍ، فإنَّ الفرائضَ تُكمَّلُ بالنوافلِ يومَ القيامةِ، وأكثرُ الناسِ في صيامِه للفرضِ نقصٌ وخللٌ، فيحتاجُ إلى ما يَجبرُه من الأعمالِ.
- وأنَّ معاودةَ الصيامَ بعد صيامِ رمضانَ علامةٌ على قبولِ اللهِ لصومِ رمضانَ، فإنَّ اللهَ-تعالى-إذا تقبلَّ عملَ عبدٍ، وفقَه لعملٍ صالحٍ بعدَه.
- وأنَّ الصائمينَ لرمضانَ يُوفَّون أجورَهم في يومِ الفطرِ، وهو يومُ الجوائزِ، فيكونُ معاودةَ الصيامِ بعدَ الفطرِ شكرًا لهذه النعمةِ.
ومنَ المسائلِ المهمةِ التي تتعلقُ بصيامِ هذه الستِ:
- يعتقدُ بعضُ الناسِ أنه إذا صامَ الستَ من شوالَ هذه السنةَ، فلا بُدَّ أنْ يصومَها كلَّ سنةٍ، وهذا غيرُ صحيحٍ، فالمسلمُ مخيرٌ بينَ صيامِها وفطرِها لأنَّ صيامَها ليسَ واجبٍا بل هو مستحبٌ.
- يبدأُ صيامُ الستِ من شوالَ من ثاني أيامِ العيدِ، وينتهي بنهايةِ الشهرِ، ولا فرقَ في أن تُصامَ هذه الأيامُ مفرقةً بسببٍ أو بغيرِ سببٍ أو متتابعةً.
أما بعدُ: فيسألُ بعضُهم عن حكمِ أن ينويَ الإنسانُ صومَ الستِ من شوالَ في يومي الاثنينِ والخميسِ.
إذا وافقَ أن يكون صيامُ هذه الأيامِ الستةِ في يومِ الاثنينِ أو يومِ الخميسِ، فإنَّه يحصلُ له الأجرانِ بنيتِه: أجرُ الأيامِ الستةِ وأجرُ الاثنينِ أو الخميسِ.
ويسألُ بعضُهم: هلْ يجوزُ أنْ تُصامُ الستُ وتُعدُ قضاءً لرمضانَ لمن عليهِ قضاءٌ؟
والجوابُ: صيامُ الستِ لا يصحُ أن يُعدَّ قضاءً لرمضانَ؛ لأنَّ أيامَ الستِ تابعةٌ لرمضانَ فهي مثلُ السنةِ الراتبةِ البعديةِ للصلاةِ المفروضةِ.
وبعدُ: فمَنْ تعودَّ على الخيرِ والعملِ الصالحِ في رمضانَ، فلا يقطعْه في غيرِه، بل يستمرُ فيهِ وإنْ قلَّ، فركعةٌ أو ركعتينِ في كلِّ ليلةٍ، وصفحةٌ أو جزءٌ من القرآنِ، وصدقةٌ بريالٍ أو بريالينِ، وذكرُ اللهُ في خمسِ دقائقَ أو أكثرَ في كلِّ يومٍ، ثوابُه عظيمٌ، وأجرُه كبيرٌ، صحَ عنهُ-عليهِ وآلهِ الصلاةُ والسلامُ-أنَّ خيرَ العملِ القليلُ الدائمُ.
[/align]
أما بعدُ: فإنَّ المؤمنَ يتقلبُ في طاعةِ اللهِ-تعالى-، ويتنقلُ بين العباداتِ، وما ينتهي موسمٌ إلا ويبدأُ آخرُ للتجارةِ مع اللهِ، والفوزِ في الآخرةِ.
وقدِ انتهى شهرُ رمضانَ وبدأ شهرُ شوالَ، فلماذا سُمِّيَ بشهرِ شوالَ؟ وما هي فضائلُه؟ وما هي أحكامُ صومِ الستِ منه؟
اعلموا أنّ العربَ كانتْ قد سمّتِ الشّهورَ بحسَبِ ما يتّفقُ لها من الأحوالِ والأحداثِ، فسمّت شعبانَ لأجل تَشَعُّبِهِم وتَفَرُّقِهم للبحثِ عن المياهِ، ورمضانَ لشدةِ الرّمَضِ والحرِّ الّذي يجدونَه فيه إذا وافقَ الصيفَ، كذلك الأمرُ فيما يَخصُّ شهرَ شوّالَ، فهو مأخوذٌ من الشَّوْلِ بمعنى الارتفاعِ، فالخيرُ يرتفعُ فيه بسببِ جفافِ الزروعِ والثمارِ، وما يزالُ بعضُ العربِ إلى اليومِ يعنونَ بها الارتفاعَ أو الرفعَ، فيقولونَ: "شالَها" أي رفَعَها.
ومن فضائلِه: أَنه أوّلُ أَشْهُرِ الحجِ المعلوماتِ, وهي: شوالُ, وذُو القِعدةِ, وذو الحِجةِ، فلا يَجُوزُ لأحدٍ أن يُحْرِمَ بالحجِّ في غيرِها، قالَ تعالى: [الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَّعْلُومَاتٌ].
ومن فضائلِه: أنَّ فيه صومَ الستِ، وخُصَّ شوالُ بذلكَ؛ لأنَّه جاءَ بعدَ صومِ رمضانَ، والرغبةُ شديدةٌ فيهِ في الممنوعاتِ خلالَ صومِ رمضانَ: وهي الأكلُ والشُربُ والجماعُ، فصومُه أشقُ، وثوابُه كثيرٌ، قالَ رسولُ اللهِ-صلى اللهُ عليهِ وآلهِ وسلمَ-: "منْ صامَ رمضانَ ثم أتبعَه ستًا من شوالَ كانَ كصيامِ الدهرِ"، وقالَ: "منْ صامَ ستةَ أيامٍ بعدَ الفِطرِ، كانَ تمامَ السنةِ: [مَن جَاء بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثَالِهَا]".
قالَ العلماءُ: "وإنَّما كانَ كصيامِ الدهرِ؛ لأنَّ الحسنةَ بعشرِ أمثالِها، فرمضانُ بعشرةِ أشهرٍ، وستُ شوالَ بشهرينِ".
أما ثمراتُ صيامِ الستِ وفوائدُها، فمنها:
- أَّن صيامَ ستةَ أيامٍ من شوالٍ بعدَ رمضانَ يُستكمَلُ بها أجرُ صيامِ الدهرِ كلِّه.
- وأنَّ صيامَ شعبانَ قبلَ رمضانَ وصيامَ شوالَ بعدَه، كصلاةِ السننِ الرواتبِ قبلَ الصلاةِ المفروضةِ وبعدَها، فيُكَمَّلُ بذلك ما حصلَ في الفرضِ من خللٍ ونقصٍ، فإنَّ الفرائضَ تُكمَّلُ بالنوافلِ يومَ القيامةِ، وأكثرُ الناسِ في صيامِه للفرضِ نقصٌ وخللٌ، فيحتاجُ إلى ما يَجبرُه من الأعمالِ.
- وأنَّ معاودةَ الصيامَ بعد صيامِ رمضانَ علامةٌ على قبولِ اللهِ لصومِ رمضانَ، فإنَّ اللهَ-تعالى-إذا تقبلَّ عملَ عبدٍ، وفقَه لعملٍ صالحٍ بعدَه.
- وأنَّ الصائمينَ لرمضانَ يُوفَّون أجورَهم في يومِ الفطرِ، وهو يومُ الجوائزِ، فيكونُ معاودةَ الصيامِ بعدَ الفطرِ شكرًا لهذه النعمةِ.
ومنَ المسائلِ المهمةِ التي تتعلقُ بصيامِ هذه الستِ:
- يعتقدُ بعضُ الناسِ أنه إذا صامَ الستَ من شوالَ هذه السنةَ، فلا بُدَّ أنْ يصومَها كلَّ سنةٍ، وهذا غيرُ صحيحٍ، فالمسلمُ مخيرٌ بينَ صيامِها وفطرِها لأنَّ صيامَها ليسَ واجبٍا بل هو مستحبٌ.
- يبدأُ صيامُ الستِ من شوالَ من ثاني أيامِ العيدِ، وينتهي بنهايةِ الشهرِ، ولا فرقَ في أن تُصامَ هذه الأيامُ مفرقةً بسببٍ أو بغيرِ سببٍ أو متتابعةً.
الخطبة الثانية
إذا وافقَ أن يكون صيامُ هذه الأيامِ الستةِ في يومِ الاثنينِ أو يومِ الخميسِ، فإنَّه يحصلُ له الأجرانِ بنيتِه: أجرُ الأيامِ الستةِ وأجرُ الاثنينِ أو الخميسِ.
ويسألُ بعضُهم: هلْ يجوزُ أنْ تُصامُ الستُ وتُعدُ قضاءً لرمضانَ لمن عليهِ قضاءٌ؟
والجوابُ: صيامُ الستِ لا يصحُ أن يُعدَّ قضاءً لرمضانَ؛ لأنَّ أيامَ الستِ تابعةٌ لرمضانَ فهي مثلُ السنةِ الراتبةِ البعديةِ للصلاةِ المفروضةِ.
وبعدُ: فمَنْ تعودَّ على الخيرِ والعملِ الصالحِ في رمضانَ، فلا يقطعْه في غيرِه، بل يستمرُ فيهِ وإنْ قلَّ، فركعةٌ أو ركعتينِ في كلِّ ليلةٍ، وصفحةٌ أو جزءٌ من القرآنِ، وصدقةٌ بريالٍ أو بريالينِ، وذكرُ اللهُ في خمسِ دقائقَ أو أكثرَ في كلِّ يومٍ، ثوابُه عظيمٌ، وأجرُه كبيرٌ، صحَ عنهُ-عليهِ وآلهِ الصلاةُ والسلامُ-أنَّ خيرَ العملِ القليلُ الدائمُ.
[/align]
المرفقات
من أحكام شهر شوال-6-10-1438هـ-حسين بن محفوظ-الملتقى-بتصرف.pdf
من أحكام شهر شوال-6-10-1438هـ-حسين بن محفوظ-الملتقى-بتصرف.pdf
من أحكام شهر شوال-6-10-1438هـ-حسين بن محفوظ-الملتقى-بتصرف.docx
من أحكام شهر شوال-6-10-1438هـ-حسين بن محفوظ-الملتقى-بتصرف.docx