من أحكام العدة والحداد

ناصر محمد الأحمد
1436/06/18 - 2015/04/07 02:25AM
من أحكام العِدَّة والحِداد
21/6/1436ه
د. ناصر بن محمد الأحمد

الخطبة الأولى :
إن الحمد لله ..
أما بعد: أيها المسلمون:
الموت باب وكل الناس داخله فليت شعري بعد الموت ما الدار
الدار جنة عدن إن عملت بما يرضي الإله وإن فرطت فالنار
هما مصيران ما للمرء غيرهما فانظر لنفسك ماذا أنت تختار
عباد الله: إذا مات العبد المسلم فهناك عدد من الأحكام الشرعية تتعلق بموته من تغسيله وتكفينه والصلاة عليه ثم دفنه، ولكل واحدة مما سبق أحكام تفصيلية، وبعدها أحكام تتعلق بتوزيع تركته، وأحكام تخص الزوجة من عِدّة وحداد.
وهذه بعض الأحكام المهمة المتعلقة بالعدّة والحداد مما قد يجهله البعض:
يجب على كل امرأة متوفى عنها زوجها في نكاح صحيح أن تعتدّ سواء المدخول بها أو غير المدخول بها، لما روى الإمام أحمد وأهل السنن أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى في "بروع بنت واشق" امرأة عقد عليها زوجها ومات قبل الدخول بها، بأن عليها العدة، ولها الميراث. الصغيرة والكبيرة، حامل أو حائل.
فأمّا عدّة الحائل: فأربعة أشهر وعشر بلياليهنّ. لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْراً) ( البقرة : 234 ). ولقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم الآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث ليالٍ إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً". متفق عليه.
أما ذات الحمل فقد خُصّصت بقوله تعالى: (وَأُوْلاتُ الأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَن يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ) ( الطلاق : 4 ). وحديث المِسوْر بن مخرمة: أن سُبيعة الأسلمية رضي الله عنها نفست بعد وفاة زوجها بليال، فجاءت النبي صلى الله عليه وسلم، فاستأذنته أن تنكِح، فأذن لها، فنكحت". رواه البخاري. فالحديث دليل على أن الحامل المتوفى عنها زوجها تنقضي عدتها بوضع الحمل، وإن لم يمضِ عليها أربعة أشهر وعشر، ويجوز بعده أن تُنكَح.
ويُشترط لانتهاء العدة على المرأة الحامل أن يكون الحمل الذي وضعته ليس مضغة أو نطفة أو دماً لم تظهر فيه الخلقة، وإنما يكون الحمل الذي وضعته هو ما يتبين منه شيء من خلق الآدمي.
فإذا وضعت حملها الذي تبين فيه خلق آدمي خرجت من العدة، ولا عبرة بالأيام للحديث آنفاً، حتى ولو وضعت بعد الوفاة بنصف يوم فإنها تخرج من العدة. حتى وإن كان سقطاً.
أيها المسلمون: ويباح الحداد على قريب المرأة من أب وأخ وابن وغيره ثلاثاً، لقوله صلى الله عليه وسلم: "لا يحل لامرأة تؤمن بالله واليوم والآخر أن تحد على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشرا". متفق عليه. فدل الحديث على جواز الإحداد على القريب الميت وأن مدة ذلك ثلاثة أيام فما دونها، وتحريمه فيما زاد عليها، كأن هذا القدر أُبيح لأجل حظ النفس ومراعاتها وغلبة الطباع البشرية.
ولا يجب الحداد على المطلقة الرجعية بلا خلاف، بل ولا يُسن لأنها في حكم الزوجة التي لها أن تتزين لزوجها الحي وتستشرف له ليرغب فيها، ولا على موطوءة بشبهة أو زنا في نكاح فاسد أو نكاح باطل أو ملك يمين لأنها ليست زوجة متوفى عنها.
وجمهور العلماء يوجبون الحداد على الكتابية أيضاً.
ويبدأ عدة المتوفى عنها منذ موت الزوج وهو زمن الإحداد، سواء علمت بذلك حين الوفاة أو لم تعلم إلا بعد ذلك ما لم تنقض أربعة أشهر وعشر. فإن انقضت قبل علمها فلا عدة عليها ولا إحداد.
أما حكم تأخير العدة لغير عذر شرعي فهو عمل محرم لأن الواجب على المرأة أن تبدأ بالعدة والإحداد من حين علمها بوفاة زوجها، ولا يحل لها أن تتأخر عن ذلك لقوله تعالى: (وَالَّذِينَ يُتَوَفَّوْنَ مِنكُمْ وَيَذَرُونَ أَزْوَاجاً يَتَرَبَّصْنَ بِأَنفُسِهِنَّ أَرْبَعَةَ أَشْهُر وَعَشْراً) ( البقرة : 234 ).
وتعتد المرأة المتوفى عنها زوجها في المنـزل الذي بلغها نعي زوجها وهي فيهساكنة، ولا تخرج منه إلى غيره بلا عذر سواء كان المسكن لزوجها، أو بإجارة، أو عارية، لحديث فُريعة بنت مالك أن زوجها خرج في طلب أعبُدٍ له فقتلوه. قالت: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أرجع إلى أهلي، فإن زوجي لم يترك لي مسكناً يملكه ولا نفقة. فقال: "نعم" . فلما كُنت في الحجرة ناداني، فقال: "امكثي في بيتك حتى يبلغ الكتاب أجله"، قالت: فاعتددت فيه أربعة أشهر وعشراً، قالت: فقضى به بعد ذلك عثمان". أخرجه أصحاب السنن وهو صحيح. فاستُدِل بحديثها على أن المتوفى عنها تعتد في المنـزل الذي بلغها نعي زوجها وهي فيه ولا تخرج منه إلى غيره بلا عذر، فإن تحولت خوفاً على نفسها أو مالها أو حُوّلت قهراً، أو حُوّلت بحق يجب عليها الخروج من أجله كزيادة فوق أُجرته، أو لا تجد ما تكتري به إلا من مالها، انتقلت حيث شاءت للضرورة.
أيها المسلمون: ويجوز للمعتدة أن تخرج في حوائجها نهاراً لما ثبت من حديث جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: طُلّقت خالتي فأرادت أن تَجُدَّ نخلها، فزجرها رجل أن تخرج، فأتت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: "بلى! فجُدّي نخلك، فإنك عسى أن تصَدَّقي أو تفعلي معروفاً". رواه مسلم.
قال ابن قدامة رحمه الله: "وللمعتدة الخروج في حوائجها نهاراً سواء كانت مطلقة أو متوفى عنها زوجها حتى قال: "وليس لها المبيت في غير بيتها ولا الخروج ليلاً إلا لضرورة لأن الليل مظنة الفساد بخلاف النهار لأنه مظنة قضاء الحوائج". وقال الإمام العلامة الشيخ ابن باز طيب الله ثراه: "فيجوز لها تبعاً للضرورة مراجعة المستشفى عند المرض وشراء حاجتها من السوق كالطعام ونحو ذلك إذا لم يكن لديها من يقوم بذلك". انتهى ..
وتقول اللجنة الدائمة: "وإذا كانت طالبة فيجوز لها أن تذهب إلى المدرسة لحاجتها إلى تَلَقِي الدروس وفهم المسائل وتحصيلها، مع التزام اجتناب ما يجب على المعتدة عدة الوفاة اجتنابه".
وسُئل شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله تعالى عن امرأة معتدة عدّة الوفاة، لم تعتدّ في بيتها بل كانت تخرج في ضرورتها الشرعية فهل يجب عليها الإعادة؟.
فأجاب: "العدة انقضت بمضي أربعة أشهر وعشر من حين الموت، ولا تقضي العدة، فإن كانت خرجت لأمر يُحتاج إليه ولم تثبت إلا في منـزلها فلا شيء عليها، وإن كانت قد خرجت لغير حاجة، أو باتت في غير ضرورة، أو تركت الإحداد فلتستغفر الله وتتوب إليه من ذلك ولا إعادة عليها".
وبهذا نعلم يا عباد الله: خطأ تلك تلك الفتاوى التي لا تستند إلى دليل شرعي في التساهل في خروج المعتدة لغير ضرورة، فتساهل بسبب ذلك أعداد من النساء فأصبحن يخرجن لأدنى سبب ولغير ضرورة كالذهاب إلى الحدائق العامة أو المطاعم بحجة الترويح عن النفس، أو الذهاب إلى الأسواق وهناك من يقوم بشوؤنها والله المستعان.
والحادّة لا نفقة لها من مال زوجها، فهي لا تخلو من أحد أمرين: إمّا أن تكون حائلاً أو حاملاً. فإن كانت حائلاً فلا نفقة لها ولا سكنى لانتهاء الزوجية بالموت، ولأن المال انتقل من الزوج إلى الورثة ولا حق لها على الورثة، ولا سبب لوجوب النفقة. أمّا إن كانت حاملاً: فالجمهور على عدم وجوب النفقة لها أيضاً.
ولا يجوز التصريح بخِطبة المعتدة كقوله: "أُريد أن أتزوجك" أو نحو ذلك. لكن يجوز التعريض. قال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ولا مانع من التعريض لها من غير تصريح لقوله تعالى: (وَلاَ جُنَاحَ عَلَيْكُمْ فِيمَا عَرَّضْتُم بِهِ مِنْ خِطْبَةِ النِّسَاء) ( البقرة : 235 )".
اللهم علمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا إنك أنت العليم الحكيم ..

بارك الله ..


الخطبة الثانية :
الحمد لله ..
أما بعد: أيها المسلمون: لماّ علمنا أن العدة هي اسم الزمن الذي تتربص به المرأة مدة معلومة، علمنا أن الحداد هو اجتناب الحادّة مظاهر الزينة في بدنها وفي ثيابها. فمما يحرم على الحادّة:
أولاً: الطِّيب: بجميع أنواعه، فلا تتطيب في بدنها ولا ثوبها ولا تستعمل الأشياء المطيّبة لقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تمس طيباً". متفق عليه، قال الشيخ العلامة ابن عثيمين رحمه الله: "وعلى هذا فالصابون ذو الرائحة الطيبة لا يجوز استعماله للمحادّة، وفي الصابون الخالي من الطيب ما يُغني عنه". انتهى ..
ويدخل في الطيب البخور إلا إذا طهرت من الحيض، فإن المحدّة تتبع أثر الدم بنحو أظفار، فقد ثبت عن أم عطية الأنصارية رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم قالت: "كنا نُنهى أن نحدّ على ميت فوق ثلاث إلا على زوج أربعة أشهر وعشراً، ولا نكتحل، ولا نتطيب، ولا نلبس ثوباً مصبوغاً إلا ثوب عَصْبٍ، وقد رُخِّص لنا عند الطهر إذا اغتسلت إحدانا من محيضها في نُبْذة من كُسْت أظفار". وفي رواية: "قُسْط وأظفار" ، وهما نوعا بخور. والحديث رواه الشيخان.
ثانياً: يحرم على الحادّة تجنب الزينة: من حلي كقلائد أو أساور ولو خاتم ذهب أو فضة، لحديث: "المتوفى عنها زوجها لا تلبس المعصفر من الثياب، ولا المُمَشَّقة، ولا الحُلْيَ، ولا تكتحل، ولا تختضب". أخرجه أبو داود بسند صحيح. وسُئِلت اللجنة الدائمة عن حكم لبس الساعة فأجابت: "لها ذلك لأن الأمر يَتبع القصد، وتركها أوْلى لأنها تُشبِه الحُلي".
ثالثاً: تجنب ثياب الزينة: كلبس الثوب المطيّب والمصبوغ بالأحمر أو الأصفر للحديث المتقدم: "لا تلبس المعصفر من الثياب".
أما تخصيص لبس السواد حداداً على المتوفى وخاصة إذا كان الزوج فهو شعارٌ باطل لا أصل له، وهو مذموم. فتلبس المرأة من الثياب ما لا زينة فيه ولا يتعين لون خاص مما جرت العادة بلبسه.
رابعاً: تجنب الكحل: لقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تكتحل". متفق عليه، لما فيه من زينة للعين، فليس لها أن تكتحل ولا ما يكون في معنى الكحل من التجميل للوجه كمساحيق التجميل، ويُستثنى من الكحل ما كان تداوياً لا زينة، فلها أن تكتحل ليلاً وتمسحه نهاراً، ولا بأس أن تداوي عينيها بغير الكحل مما لا زينة فيه.
خامساً: تجنب الخضاب: وهو الحناء لقوله صلى الله عليه وسلم: "ولا تختضب". متفق عليه، وهو شامل لكل أنواع الخضاب والأصباغ، لحديث: "ولا تمتشطي بالطيب ولا بالحناء فإنه خضاب". رواه أبو داود والنسائي.
سادساً: يحرم على الحادّة الدهن: وتجنب الحادّة الدهن المطيّب وغير المطيّب لأن فيه زينة الشعر، ولا يخلو الدهن من نوع طيب.
أيها المسلمون: وأما ما يباح للمرأة الحادّة: قال الإمام ابن القيم رحمه الله: "ولا تُمنع من تقليم الأظافر، ونتف الإبط، وحلق الشعر المندوب إلى حلقه، ولا عن الاغتسال بالسدر والامتشاط به". وقال شيخ الإسلام ابن تيمية رحمه الله: "ويجوز لها أن تأكل كل ما أباحه الله كالفاكهة واللحم وكذلك شرب ما يباح من الأشربة". إلى أن قال: "ولا يحرم عليها عمل شغل من الأشغال المباحة مثل التطريز والخياطة والغزل وغير ذلك مما تفعله النساء، ويجوز لها سائر ما يُباح لها في غير العدة مثل كلام من تحتاج إلى كلامه من الرجال إذا كانت متسترة وغير ذلك، وهذا الذي ذكرته هو سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم الذي كان يفعله نساء الصحابة إذا مات أزواجهنّ". انتهى ..
قال العلامة إمام العصر الشيخ ابن باز رحمه الله تعالى: "أمّا ما قد يظنه بعض العامة ويفترونه من كونها لا تتكلم بالهاتف، ومن كونها لا تغتسل في الأسبوع إلا مرة، ومن كونها لا تمشي في بيتها حافية، ومن كونها لا تخرج في نور القمر، وما أشبه هذه الخرافات فلا أصل لها بل لها أن تمشي في بيتها حافية ومنتعلة، تقضي حاجتها في البيت تطبخ طعامها وطعام ضيوفها، تمشي في ضوء القمر، في السطح، وفي حديقة البيت، تغتسل متى شاءت، تُكلّم من شاءت كلاماً ليس فيه ريبة، تُصافح النساء وكذلك محارمها، أمّا غير المحارم فلا، ولها طرح خمارها عن رأسها إذا لم يكن عندها غير محرم، ولا تستعمل الحنّاء، ولا الزعفران ولا الطيب لا في الثياب، ولا في القهوة لأن الزعفران نوع من أنواع الطيب". انتهى ..
عباد الله: ومن أفعال الجُهّال كذلك الخروج في آخر أيام العدة لإعطاء أول من تلاقيه صدقة، وتغطية جميع مرايات البيت طوال أيام العدة، وبعضهن تمكث أيام الحداد كلها في غرفتها وتلبس السواد والقفازين وجراب الأرجل، وكذلك منع الصبي الصغير غير المكلّف من الدخول على المعتدّة، وتحريم الإجابة على الهاتف، والذبح عند انتهاء العدة. فهذا كله من البدع ومن التشدد وهو مأخوذ من كلام الجهّال.

اللهم ..
المشاهدات 2886 | التعليقات 1

مع الشكر الجزيل لصاحب القلم السيال والخطب المميزة فضيلة الشيخ د.ناصر...
أحببت أن أبين مسألة وهي أنّ المطلقة الرجعية..زوجة

وأورد لكم فتوى اللجنة الدائمة في ذلك

السؤال الأول من الفتوى رقم ( 338 )
س1: والده توفي بالدعس ليلة البارحة، وليس في استفتائه تاريخ- إلا أن وروده إلى الرئاسة كان في 16 / 12 / 1392هـ- ويذكر أنه سبق أن طلق والدته في 15 / 10 / 1392هـ طلاق السنة، ولم يسبقه طلاق، وإن الدم متوقف عنها منذ ثمانية عشر عاما، ويسأل هل عليها عدة الوفاة؟

ج1: إذا كان الأمر كما ذكره السائل في سؤاله من أن والده طلق أمه في 15 / 10 / 1392هـ، طلاق السنة، ولم يكن آخر ثلاث تطليقات، فإذا لم يكن على عوض وكانت كما ذكره آيسة من المحيض، فعدتها ثلاثة أشهر،
وحيث إن والده توفي مدعوسا قبل مضي ثلاثة أشهر من الطلاق حسب ذكره فإنها تترك عدة الطلاق، وتستأنف عدة الوفاة؛ لكون طلاقها رجعيا، حيث إن المطلقة طلاقا رجعيا تعتبر في حكم الزوجة حتى تخرج من العدة.

(الجزء رقم : 20، الصفحة رقم: 408)

وبالله التوفيق، وصلى الله على نبينا محمد وآله وصحبه وسلم.
اللجنة الدائمة للبحوث العلمية والإفتاء
عضو ... عضو ... نائب الرئيس
عبد الله بن سليمان بن منيع ... عبد الله بن عبد الرحمن بن غديان ... عبد الرزاق عفيفي



وقد ذكر الشيخ/الدكتور فيحان شالي المطيري في بحثه(الإمداد بأحكام الإحداد) ما نصه :
"المطلقة لا تخلو من أحد أمرين :
إما أن تكون رجعية..
أو بائنا..
والبائن لا تخلو من أن يكون طلاقها في صحـة الـزوج..
وإمـا أن يكون في حالة مرضه ..
وطبقا لهذا التقسيم يكون الكلام في هذا المطلب ولهذا فقد رأيت أن يكون البحث في جانبين...
أحدهما متفق عليه... والآخر مختلف فيه.

فأما المتفق عليه فهو قسمان:

(أ) الطلاق الرجعي.

(ب) البينونة في حالة الصحة.

وأما المختلف فيه فهو البينونة في حالة المرض وإليك تحرير المقام والله المستعان.

القسم الأول: من الجانب الأول عدة الرجعية إذا مات زوجها قبل انقضاء عدتها لا خلاف بين أئمة الفتوى في أن الرجعية إذا مات زوجها قبل انقضاء عدتها من الطلاق تنتقل من عدة الطلاق إلى عدة الـوفـاة فيكـون ابتداء عدتها من حـين وفاة زوجها ولا تعتد بالزمن الذي مضى قبل وفاته والحكم في الإحداد هو نفسه لأنه لا يوجد بوجود العدة وينعدم بعدمها وإنما قلنا بذلك لما يأتي:

(1) أن النكـاح قائم بينهـما بعـد الطلاق الرجعى فكان منتهيا بالموت وبانتهاء النكاح بالموت يلزمها عدة الوفاة.

(2) أن العـدة بعـد الطلاق الرجعى تكون بالحيض وهي لا يزول الملك بها إلا بعد تمامها وقد زال بالموت فعليها العدة التي هي من حقوق النكاح وهي عدة الوفاة[29].

(3) أن الرجعيـة زوجـة يلحقها طلاقـه وينالها ميراثه فتعتد للوفاة كغير المطلقة إذ الطلاق الرجعي لا يوجب زوال الزوجية وإنما تزول بالموت أو بالبينونة أو بخروج الرجعية من عدتها ومن المعلوم أن موت الزوج يوجب على زوجته عدة الوفاة لما بيّنا أكثر من مرة فوجوب عدة الوفاة على الزوجة بعد الطلاق الرجعى لا يختلف عنه قبله ولهذا كله قال ابن المنذر: "أجمع كل من نحفـظ عنـه من أهـل العلم على ذلـك"[30]. وهو كما قال فإنني لم أجد خلافا بين أهل العلم في أن المعتدة الرجعية تستأنف عدة الوفاة إذا مات زوجها في عدتها وتكون عدتها أربعة أشهر وعشرا." انتهى كلام الدكتور المطيري.


والذي نقل كلام ابن المنذر في الإجماع .. هو ابن قدامة صاحب المغني

أوردت ذلك للفائدة..
وااله تعالى أعلم وأحكم