منافقو الداخل والخارج

الخطيب المفوه
1433/03/25 - 2012/02/17 07:54AM
منافقو الداخل والخارج
خطبة ألقيت في جامع أبي عبيدة بحي الشفا
ألقاها : د / سعد بن عبد العزيز الدريهم .






بسم الله الرحمن الرحيم

إنَّ الحمدَ لله ، نحمدُه ونستعينه ونستغفره ، ونعوذُ بالله من شرور أنفسنا ، ومن سيئات أعمالنا . من يهده الله ؛ فلا مضلَّ له ، ومن يضللْ؛ فلا هاديَ له ، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأشهدُ أن محمداً عبده ورسوله .
أما بعدُ : فإنَّ أصدق الحديث كتابُ الله ، وخيرَ الهدي هديُ محمد ، وشرَّ الأمور مُحـدثاتُها ، وكلَّ محـدثةٍ بدعــةٌ ، وكلَّ بدعةٍ ضلالةٌ ، وكلَّ ضلالةٍ في النار
أيها الأحبةُ في الله ، لا تحسبوا إطناب الخطباء نابعاً من لذة تسكن بواطنهم ؛ فهم يفرِّجون عنها عن طريق الخطب إطالة ، كلا بل لأن الحوادث جمة وهم حريصون على إظهار حقيقتها مع مراعاة الإيجاز ، لكن ربما استعصى عليهم ذلك ، وتأخير البيان عن وقت الحاجة لا يجوز كما قال الشارع ، كما أن القلم ذو جموح ، والأخذ بزمامه قد لا يتأتى لكل أحد ؛ لذا عليكم باغتفار الإطالة نظير ما تنالون من الإفادة ، وتذكروا يا رعاكم الله ، أن كلَّ خمس دقائق قد ذهبت منكم في استماع الخطبة والاستمتاع بها ، قد أخذت من الخطيب المعدِّ ساعة أو بعضَها ، والله نسأل أن يرزقنا الإخلاص في القول والعمل ، وأن يجعل ما نقول ونسمع في موازين حسناتنا ..
أيها الأحبة في الله ، إن ما أقوله هذا اليوم ربما لا يحتاج إلى زيادة في القول ؛ لأن الحوادث الواقعة تجعله في قالب من الوضوح والشفافية ، وبالتأمل قليلاً تتضح الصورة وتظهر ، ولعل من نافلة القول أيها الجمع الكريم ، أن أقول لكم : إننا في هذه الأيام نعيش وتعيش بلادنا أصعب أوقاتها وأكثرها حرجاً ، لا أقول ذلك مبالغة أو تخويفاً ، بل هو الحق الذي لا مرية فيه ولا شك ، ولو اتضحت لكم الأمور وسيرورةُ المكر الذي يحيط بنا ، لربما كان ما أقوله دون الحقيقة ، وهذا يفترض فينا اليقظة والتنبه من الغفلة ، وطرح بنيات الطريق للحاق بعزائم الأمور ؛ فإن اليوم له ما بعده ، وما بعده قد يكون محزناً ومخزياً ، والله نسأل أن يحفظ بلادنا وأهلنا وحكامنا من كل سوء ، وأن يبصرهم بحقائق الأمور ؛ فإن القلب يتقطع حسرات على ما يرى ويبصر ، وإذا لم ننتبه فإننا إلى زوال ولا حول ولا قوة إلا بالله ..
أيها الجمع الكريم ، في كل أمة من الأمم ييسر الله بعض أهل البصائر للتحذير من مكر يحيط بالأمة ، وربما سارعوا به إلى الحكام وذوي الغيرة ؛ فربما كان الحاكم ذا عقل وحكمة وغيرة على بلاده وأهله ؛ فأخذ بزمام الأمور ، وأصلح من الخلل ؛ فكانت النجاة ، وربما كان الحاكم ذا غفلة وذا حس متبلد ؛ فكانت النكبة والباقعة ، ونحن أيها الجمع الكريم ، نظن في حكامنا وعلمائنا العقلَ والحكمة ، وأنهم على علم بما يراد بالأمة ، وهم ينتظرون الساعة الحاسمة للإيقاع بذوي الفساد والفجور ، والله نسأل أن يريهم الحق حقاً ويرزقَهم اتباعه ، والباطل باطلاً ويرزقهم اجتنابه ..
أيها الجمع الكريم ، سرح الطرف قليلاً وكن ذا حس مرهف ، سترى ولا ريب أن بلادنا يتربص بها الأعداء من الخارج ، كما أن الأعداء من الداخل ينخرون في جسد الأمة ، ويعملون معاولهم في النيل من تماسكها ، ولو تم الأمر لمن هم بالداخل وللذين هم خارجها ؛ لكان السقوط ، وعندها يسقط الرمز الصالح ، ولا تسل بعد ذلك عن الفساد العريض الذي سيكتنف البشرية ..
فلو تأملت لوجدت أن النفاق في هذا الزمن قد استحكمت حلقاته وغلت مراجله ، وأضحى مكره شديداً تكاد تزول منه الجبال ؛ فنفاق الداخل ونفاق الخارج في تآزر للإطاحة بدولتنا والنيلِ من أهل السنة هنا، فأتباع ابن سلول في الداخل ، وأتباع ابن سبأ في الخارج ، في سعي لا يكاد يفتر لتحين ساعة الصفر للهجوم على الأمة ، وها هي طلائع قواتهم بدأت تدكُّ قلاعنا ، نعم ، أيها الجمع ، لقد أسفر مكرهم وبان ، وأضحى لا يخفى على أحد ، فالمنافقون من الليبراليين بدؤوا في النيل من مسلمات الأمة ؛ فنال مقولهم المقيت رب العزة في علاه ، وأبدوا وقاحتهم في حق رسول الله  ، وأما الصحب الكرام وأمهات المؤمنين ؛ فأعراضهم تلاك من قبل أهل النفاق ومن قديم ، وكل هذا رغبة في إيذاء أهل السنة في هذا البلد في ظل تراخي ولاة الأمر معهم والتماس الأعذار لهم ، كما أنهم ومن سعيهم ذلك يرمون لإشعال الأمة عما يحيط بهم من مكر الأعداء من الرافضة والنصارى واليهود ، كما أنهم يرمون من وراء ذلك إلى إلهاء ذوي الغيرة عن مآسي إخوانهم في سوريا ؛ تنفيذاً لرغبات الحخامات في طهران ، وهذه الدولة المجوسية الحاقدة أيها لأحبة ، تمثل المكر السبئي ، نعم ، فهي لشدة حقدها عليكم ورغم ما تواجهه من ضيق اقتصادي وموجة احتجاجات عارمة تحيط بها إلا أنها جعلتكم عدوها الأول ، وكم كانت تتمنى لو تم لها ما أرادت ؛ فسيطرت على العراق وسوريا ولبنان وفلسطين ، وكذلك اليمن عن طريق الحوثيين ، ثم ناجزتكم برافضة الداخل ؛ لا ريب أنها لن تترك فيكم عيناً تطرف ؛ ولكن شاء الله أن تتعطل بعضُ أجندتهم ، ولكنهم ومع ذلك ساعون في مخططاتهم ، ولا زالوا على أمل في تحقيقها أو تحقيق جزء منها .. أرأيتم أيها الجمع ، كيف أننا بين فكي نفاق لا يرحم لو تمكن ؛ فالليبراليون يشغلون ويصرفون الأنظار ، وأولئك من الرافضة والباطنيين يعدون العدة للانقضاض ؛ والهدف الجامع إذلالُ أهل السنة والقضاء عليهم ، وهم والله قليل ؛ فرحم الله أهل السنة كم هم في عناء ، ولكن صبراً يا أهل السنة فالموعد الجنة إن شاء الله ، ولو دققت أيها المحب ، لوجدت بين هؤلاء الليبراليين والرافضة في بلادنا وغيرها اتفاقاً واجتماعات سرية لم تعد تخفى ؛ فما يقال هنا ينطلق غالبا من طهران أو القطيف ؛ فالأمر جد خطير ؛ فانتبهوا واتركوا ما أنتم فيه من تعاطي الملهيات ، وما أخذت أمة إلا على حين غرة ؛ فنحن نرقص هنا ، وإخواننا يذبحون هناك ، ومن ذبح أخاك لا بد أنه سينالك يوماً من الأيام أَفَأَمِنَ أَهْلُ القُرَى أَنْ يَأْتِيَهُمْ بَأْسُنَا بَيَاتاً وَهُمْ يَلْعَبُونَ ، ولا بد لولاة الأمر من أن يأخذوا على أيدي السفهاء المنافقين ، وأن يأطروهم على الحق أطراً ، فهم والله دعاة كفر ، وهم جواسيس لقوى الشر ؛ فقلوبهم عفنة ، وألسنتهم تنضح بالحقد على الله ورسوله وعلى أهل التوحيد ، والله نسأل ألا يمكن لهم وأن يخزيهم إنه جواد كريم ..
أقول قولي هذا ، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب ؛ فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم .



الحمد ُلله على آلائه، وصلـواتُه على محمَّدٍ خاتمِ أنبيائه، وعلى آله وأصحابه وأصفيائه، وسلَّم تسليماً كثيراً.
أَمَّا بَعدُ ، فَيَأَيُّهَا الأَحِبَّةُ في الله ، إن سرَّ خيرية الأمة وتقدمِها على العالمين، كائنٌ بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ،  كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَونَ عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ  ، فما دامت الأمة تأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر ، فهي مقدَّمة على العالمين ، ومتى ما أحجمت عن هذا الأمر ؛ فلا ريب أنها تتنازل عن هذه الفضيلة ؛ لتلحق بقطيع الضلالة ، وليس ذلك وحسب ، بل ستُتخطف ليلحقها الهوان ، ولو تأملنا في الآية السالف ذكرها ؛ لوجدنا أن الحق سبحانه قدم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على الإيمان ،  كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالمَعْرُوفِ وَتَنْهَونَ عَنِ المُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللهِ  ؛ وذلك لبيان أهمية فريضة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولن تضل أمة أو تتردى ما دام يصاح بين أظهرها بالأمر بالمعروف والنهي عن المنكر ، ولن نؤخذ بهلاك عام ما دام الآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر يجوسون خلالنا نصحاً وتوجيهاً ، وإذا رأيت آمراً بالمعروف وناهياً عن المنكر يصدح بذلك؛ فافرح وادع له بخير ؛ لأنه يخفف عنك مؤونة التبعة وعظمها ؛ فالآمرون بالمعروف والناهون عن المنكر ، هم صمام أمان للبلاد والعباد من الهلاك ، وجهودهم والله لا تخفى .. كم ترهب خطواتهم وكلماتهم أهل البغي والفساد ، وكم تقوض صولتهم من مخططات كانوا يطمحون لنشرها ؛ فعمل المحتسبين والآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر ممن هم في سلك الهيئة وممن هم خارجها ، من الجهاد في سبيل  يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ جَاهِدِ الكُفَّارَ وَالمُنَافِقِينَ وَاغْلُظْ عَلَيْهِمْ  ، فهم في جهاد مع المنافقين مشرعي الفساد والرقص ، وهم في جهاد مع المغفلين ، الذين لا هم لهم إلا شهواتهم ، ولو احترقت الأمة في سبيل ذلك ، فيا أيها الأحبة ، الوقت حرج وخطير ، ووقوف الأمة مع نفسها ومسارعتها في إطفاء المنكرات من أوجب الواجبات ، وبذلك تُطفئ غضب ربها ، وإذا رُفع غضب الرب ؛ كبت الأعداء .. فأتمروا أيها الأحبة في الله ، بالمعروف وتناهوا عن المنكر ، ولو بالنية الصالحة لتكونوا من الناجين المفلحين ، فَلَمَّا نَسُوا مَا ذُكِّرُوا بِهِ أَنْجَيْنَا الذِّيْنَ كَانُوا يَنْهَونَ عَنِ السُّوءِ وَأَخَذْنَاَ الذِّينَ ظَلَمُوا بِعَذَابٍ بَئِيسٍ بِمَا كَانُوا يَفْسُقُونَ  .
اللهم إنا نسألك يا حي يا قيوم ، أن تأخذ بأيدي الآمرين بالمعروف والناهين عن المنكر لما تحب وترضى ، اللهم سددهم وأعنهم وارزقهم الحكمة والعلم النافع ، اللهم ومن عاداهم أو نال من أعراضهم اللهم فانتقم لهم منه ، وافضحه وزلزل مكانته ، واجعله عبرة لمن يعتبر ..
اللهم إنك تعلم يا ودود يا ذا العرش المجيد يا فعال لما يريد ما يعانيه إخواننا في سوريا من بطش الرافضة والبعثيين ، اللهم انصرهم ، وأعل كلمتهم ، ووحد صفوفهم ، وأمددهم بمدد من عندك ، اللهم وعليك بالرافضة والنصيريين اللهم أهلكهم وامكر بهم ، اللهم وأقر عيوننا بهلاك المجرمين ، اللهم نصرك الذي وعدت ، لا يهزم جندك ولا يخلف وعدك ، ولا حول ولا قوة إلا بك يا قوي يا عزيز ..
اللهم يا كريم اللهم يا كريم اللهم يا كريم نحن في انتظار فرجك ، اللهم فرج همنا ونفس كربنا ، وارفع مقتك عنا ، فنحن نقر بذنوبنا ، وأنت خير الغافرين ، اللهم أغثنا ... اللهم أغثنا غيثاً مغيثاً هنيئا مريئا سحاً غدقاً نافعاً غير ضار تحيي به العباد والبلاد وتجعله بلاغاً للحاضر والباد ، اللهم سقيا رحمة لا سقيا عذاب ولا هدم ولا غرق برحمتك يا أرحم الراحمين .. يا ربنا ويا مولانا ويا خالقنا ، الرب كريم والخزائن ملأى والعباد في حاجة ، اللهم اسقنا وأغثنا يا كريم ، لا إله إلا أنت سبحانك إنا كنا من الظالمين ..
هذا وصلوا وسلموا على من أمرتم بالصلاة والسلام عليه
[
المرفقات

منافقو الداخل والخارج.doc

منافقو الداخل والخارج.doc

المشاهدات 1583 | التعليقات 0