ملخص أحكام صلاة المسافر

أبو ناصر فرج الدوسري
1439/02/06 - 2017/10/26 11:46AM

أما بعد: فَاتَّقُوا اللهَ يا عِبَادَ اللهِ وتمسكوا بدينكم وأدوا ما فرضه عليكم واستعينوا عليه بالصبر ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلَاةِ ۚ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ﴾
وإن مما فرضه الله عليكم الصلاة التي هي الركن الثاني من أركان الإسلام.
فيجب على كل مسلم أن يتعلم أحكام الصلاة وكل ما يتعلق بها.
عباد الله : لا شك أن الأصل في الصلوات أن تؤدى في وقتها المحدد لها شرعا لقول الله تعالى: ﴿إِنَّ الصَّلاَةَ كَانَتْ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ كِتَابًا مَّوْقُوتاً﴾ النساء: 103
مَّوْقُوتاً: أي تؤدّونها في أوقاتها؛ والمعنى عند أهل اللغة: مفروض لوقت بعينه. اهـ.
إلا أن الله سبحانه وتعالى قد رخص لنا في قصر الصلاة فقال ﴿وَإِذا ضَرَبتُم فِي الأَرضِ فَلَيسَ عَلَيكُم جُناحٌ أَن تَقصُروا مِنَ الصَّلاةِ﴾ النساء: 101، وكذلك لفعل ﷺ بقصرة للصلاة حال سفره.
ولذا يجب على المسلم أن يتعلم أحكام صلاة المسافر، حيث يخل بها بعض الناس ويقصرون فيها وهم لايشعرون وبعضهم يجتهد من تلقاء نفسه بدون علم.
فهذه مسائل مختصرة متعلقة بأحكام صلاة السفر ذكرتها مجردة عن الدليل والتعليل غالباً ، واقتصرت على الراجح من أقوال العلماء.
المسألة الأولى: يجوز للمسافر أن يجمع ويقصر حتى ولو لم ينو الجمع أو القصر عند ابتداء الصلاة الأولى .
المسألة الثانية: القصر رخصة خاصة بالمسافر فلا يجوز القصر لغيره من مرض ونحوه .
أما الجمع بين الصلاتين في وقت إحداهما؛ كجمع الظهر مع العصر، وجمع المغرب مع العشاء تقديمًا أو تأخيرًا؛ فإنه يجوز للمريض إذا احتاج إليه؛ بأن كان الجمع أرفق به؛ فإنه يباح له الجمع في هذه الحالة، أما القصر؛ فلا يجوز للمريض؛ لأنه مقيم، والمقيم لا يجوز له القصر.
المسألة الثالثة: لا يجوز لمن أراد السفر الجمع أو القصر حتى يغادر مباني بلده, فمن قصر قبل ذلك فعليه أن يعيد صلاته ، ويعيد الصلاة الثانية إن كان قد جمع.
المسألة الرابعة: يشترط للترخص برخص السفر نية المسافة لأكثر من ثمانين كيلو ، ولا يشترط للترخص قطع هذه المسافة بل متى خرج ناوياً لها فله الجمع والقصر ولو كان قريبا من بلده.
المسألة الخامسة: إذا أخر المسافر الصلاتين المجموعتين إلى حين دخول بلده الذي يقيم فيه فله حالان:
الحال الأولى: أن يدخل بلده قبل خروج وقت الأولى فيجب عليه أن يصليها تامة وفوراً قبل خروج وقتها
ولا يجوز له أن يؤخرها ليجمعها مع ما بعدها بعد أن يصل إلى بلده لأن رخص السفر قد انقطعت في حقه.
الحال الثانية: أن يدخل بلده بعد خروج وقت الأولى فيصليهما كاملتين بدون قصر.
مثاله: مسافر راجع لبلده دخل عليه وقت المغرب فنوى جمعها مع العشاء , لكنه دخل بلده قبل أن يدخل وقت العشاء فهنا يصلي المغرب فور وصوله ولا يؤخرها للعشاء.
مسافرٌ دخل عليه وقت الظهر وهو راجع لبلده فنوى جمعها مع العصر ووصل بيته بعد أذان العصر
فهنا يصلي الظهر 4 والعصر4 لانقطاع سفره وزوال عذر القصر
المسألة الثامنة: للمسافر أن يجمع بين الصلاتين ولو كان يصل إلى بلده قبل خروج وقت الأولى ،
مثاله ‏مسافر اقترب لبلده فتوقف وصلى الظهر ركعتين والعصر ركعتين ووصل بيته قبل العصر فهنا إذا أذن العصر فلا يجب عليه يصلي مرة أخرى.
المسألة التاسعة: من دخل عليه وقت الصلاة وهو مقيم ثم سافر فإنه يصليها قصراً وله الجمع أيضاً إن كانت تجمع إلى ما بعدها.
فإذا ركبت سيارتك لتسافر فأذن الظهر وأنت لم تخرج من بلدك، ولما فارقت البلد وقفت للصلاة فيجوز أن تقصر وتجمع العصر معها أيضا
المسألة العاشرة: الصلاتان المجموعتان وقتهما واحد فصلاة الظهر وصلاة العصر لمن أراد جمعهما يبدأ الوقت لهما من دخول وقت صلاة الظهر إلى دخول وقت صلاة المغرب فما بين هذين الوقتين وقت للجمع فللمسافر أن يصليهما في أول الوقت أو آخره.
وإذا جمع الإنسان بين الصلاتين فالأفضل أن يأتي بأذكار الصلاة الأولى ثم الثانية, وإن اقتصر على أذكار الصلاة الأخيرة فلا بأس بذلك.
وإذا جمع المسافر المغرب مع العشاء جمع تقديم، جاز له أن يصلي الوتر بعد صلاة العشاء مباشرة, ولا ينتظر حتى يدخل وقت العشاء الأصلي
تنبيه: قبيل المغرب وقتٌ لا يجوز أن تؤخر الصلاة إليه إلا للضرورة وهو من حين اصفرار الشمس حتى تغرب.
لكن لو فاتتك صلاة العصر وتذكرتها أثناء اصفرار الشمس فيجب عليك أن تؤديها.
وكذلك لو نسيت صلاة من الصلوات الخمس وتذكرتها في هذا الوقت فيجب ان تصليها.
التنبيه الثاني: آخِرُ وقت صلاة العشاء هو منتصف الليل ولا يجوز تأخير الصلاة بعده.
المسألة الحادية عشر: صلاة الجمعة لا تسقط عن المسافر إذا كان سيبقى في المنطقة وقت صلاة الجمعة.
قال الشيخ ابن عثيمين رحمه الله: الصحيح أن صلاة الجمعة لا تسقط عن المسافر إلا إذا كان مارا بالبلد مواصلا للسير ووقف لحاجة وسمع أذان الجمعة؛ فلا جمعة عليه، أما المقيم إلى العصر مثلا أو إلى الليل فلا تسقط عنه صلاة الجمعة. (فتاوى في الصلاة والجنائز/ ج2 / ص381).
وإذا صلى المسافر مع الناس الجمعة في أي بلد فإنه لا يجمع إليها صلاة العصر، بل عليه أن يصلي العصر في وقتها قصرا.
أما إذا لم يصلي الجمعة مع الناس فيصلي ظهراً ولا بأس أن يجمع بين الظهر والعصر.
ويجوز السفر يوم الجمعة قبل الأذان الثاني لها وأما إذا صعد الخطيب المنبر وأذن المؤذن فيلزمه هنا أن يبقى ليصلي الجمعة.
ولا يجوز السفر بعد صعود الخطيب يوم الجمعة إلا في حالات:
1- إذا خشي ذهاب رفقته أو ذهاب الطائرة والنقل الجماعي إذا صلى الجمعة.
2- إذا كان يمكن أن يأتي الجمعة في طريقه.
3- إذا وافق يوم الجمعة يوم عيد وقد صلى العيد فإن الجمعة تسقط عنه, فله السفر بعد الأذان الثاني. ابن عثيمين
واعلموا يا عباد الله أن المسافر إذا صلى خلف المقيم وجب عليه الإتمام إذا أدرك مع الإمام ركعة فأكثر ، أما إذا لم يدرك معه إلا أقل من ركعة فلا يلزمه الإتمام .
وإذا جاء المصلي والإمام في صلاة العشاء وهو لم يصلي المغرب، سواء كان معه جماعة أم لم يكن ، فإنه يدخل مع الإمام بنية المغرب ، ولا يضر أن تختلف نية الإمام والمأموم لعموم قول النبي صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : ( إنما الأعمال بالنيات وإنما لكل امرئ ما نوى ) . فإن دخلوا معه في الركعة الثانية سلموا معه ، لأنهم يكونون صلوا ثلاثاً ، ولا يضر أن يكون جلسوا في الركعة الأولى ، وإن دخلوا معه في أول ركعة ، فإذا قام إلى الرابعة جلسوا وتشهدوا وسلموا ، ثم دخلوا معه فيما بقي من صلاة العشاء .
وهذا خاص بالمسافر الذي يصلي العشاء خلف من يصلي المغرب.
أما إذا دخل مسافر مع إمام مقيم فإنه يصلي مثله أربعا حتى لو لم تلحق إلا على ركعة واحدة.
ولا يجوز أن تجلس إذا قام الإمام للركعة الثالثة ومن فعل ذلك يجب عليه أن يعيد صلاته.
لكن لو قطع المأموم صلاته لأي عذر, ورجع بعد نهاية الصلاة فـصلى منفـرداً فإنه يصلي ركعتين قصراً.
وكذلك لا يجوز أن تترك الإمام يصلي ركعتين ثم تصلي معه الركعتين الأخيرة وتسلم، ومن فعل ذلك فعليه أن يعيد صلاته.
وخلاصته أن من يصلي مع المقيمين الذين يصلون أربعاً فإنه يصلي معهم أربعاً، سواء كان من أولها أو في أثنائها، إذا جاء في أثنائها ثم سلم إمامه كمل الأربع، هذا هو الواجب.
ويستحب للمسافر أن يؤذن للصلاة، وإن جمع الصلاتين أذّن أذانا واحدا ثم أقام لكل فريضة .
ويستحب للمسافر أن يحافظ على الأذكار بعد الصلاة.
وتسقط السنن الرواتب عن المسافر ماعدا سنة الفجر وكذلك الوتر وصلاة الضحى لا تسقط عن المسافر.
ويجب على المسافر أن يعتني بالقبلة فإن كان في بلد للمسلمين فإنه يستدل على القبلة إما بسؤالهم، أو بالنظر إلى المساجد, أو استخدام الأجهزة الحديثة لتحديد القبلة, وليس له أن يجتهد فإن صلى في بلد إلى غير القبلة لم تصح صلاته .
وإن كان في البر أو الطريق ولا يوجد من يخبره عن القبلة فإنه يجتهد في معرفة القبلة ويصلي .
وإن تبين له بعد الصلاة أنه لم يكن إلى اتجاه القبلة فلا شيء عليه وصلاته صحيحة .
وإذا نسي صلاة من صلاة الحضر وذكرها وهو مسافر، أو نسي صلاة في سفره وذكرها في الحضر وجب عليه الإتمام في الحالتين .


الخطبة الثانية


أما بعد فاتقوا الله تعالى ﴿وَأَن أَقيمُوا الصَّلاةَ وَاتَّقوهُ وَهُوَ الَّذي إِلَيهِ تُحشَرونَ﴾ [الأنعام: 72]
عباد الله : إن لصلاة الفريضة في الطائرة حالات:
1- إن استطاع أن يصليها قبل الركوب أو بعد النزول في وقتها , هنا يصلي جمع تقديم أو تأخير.
2- إذا ركب الطائرة قبل دخول الوقت وغلب على ظنه أن الطائرة لا تهبط إلا بعد خروج وقت الأولى , فينوي جمع التأخير إن كانت تجمع مثل الظهر مع العصر والمغرب مع العشاء.
3- إذا ركب الطائرة قبل دخول الوقت وغلب على ظنه خروج وقت الصلاتين المجموعتين أو صلاة لا تجمع مع أخرى كالفجر فيجب أن يصلي الصلاة في وقتها بمصلى الطائرة مستقبلاً القبلة إن استطاع وإن لم يستطع صلى في الممرات, أو يصلي جالساً على كرسيه ولا يجوز تأخير الصلاة حتى يخرج وقتها, ويجب عليه أن يسأل المضيفين عن اتجاه القبلة إذا كان في طائرة ليس فيها علامة القبلة فإن لم يفعل فصلاته غير صحيحة. وكذا يفعل لو كان مسافراً في باص ولم يتوقف للصلاة.
4- إذا كان بالطائرة مصلى ويمكن أن يصلي مستقبلاً القبلة قائماً وراكعاً وساجداً صلى فيه.
أما إن كان الراكب في الطائرة يريد أن يصلي صلاة نفل فإنه يُصلي حيث كان وجهه ولا يلزمه أن يستقبل القبلة لأنه ثبت عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان يصلي على راحلته حيثما اتجهت به إذا كان في سفر
اللهم إنا نسألك أن ترزقنا علماً نافعاً، وعملاً صالحاً ورزقاً طيباً واسعاً، وذريةً طيبةً يا رب العالمين، اللهم علّمنا ما ينفعنا، وانفعنا بما علمتنا، وزدنا علماً يا رب العالمين، ربنا اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، ولا تجعل في قلوبنا غلاً للذين آمنوا، ربنا إنك رؤوف رحيم..
هَذَا وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى مَنْ أُمِرْتُمْ بِالصَّلاَةِ وَالسَّلاَمِ عَلَيْه حيثُ قَالَ: ﴿إِنَّ اللَّهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا﴾
اللَّهُمَّ صَلِّ وَسَلِّمْ وَبَارِكْ عَلَى نبينا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ، وَارْضَ اللَّهُمَّ عَنِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعُثْمَانَ وَعَلِيٍّ،
اللَّهُمَّ إنَّا نسألُكَ تقْوَاكَ ومخافتَكَ ، اللَّهُمَّ إِنِّا نسْأَلُكَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ فِي الدينِ والدُّنْيَا وَالآخِرَةِ،
اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ وَالْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ الأَحْيَاءِ مِنْهُمْ وَالأَمْوَاتِ ، اللَّهُمَّ اجْعَلْ بَلَدَنَا هَذَا آمِنًا مُطْمَئِنًّا وَسَائِرَ بِلاَدِ الْمُسْلِمِينَ، اللهم انصر جُنُودَنَا واحفظ حُدُودَنا والمُسلمينَ أجمَعينَ.
اللهم انصر الإسلام والمسلمين، اللهم عليك بالظلمة المعتدين الذين يصدون عن سبيلك ويقاتلون أولياءك.
اللهم أنجِ المستضعفين من المؤمنين في الشام والعراق واليمن وفي كل مكان يارب العالمين
اللهم ارفع البلاء عن المستضعفين من المؤمنين اللهم فرج همهم وارحم ضعفهم وتولَّ أمرهم واجبر كسرهم وعجّل بفرجهم ونفّس كربهم اللهم أحقن دماءهم واستر عوراتهم وآمن روعاتهم.
اللهم أمنا في دورنا وأصلح أئمتنا وولاة أمورنا.
عباد الله: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْأِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)
واذكروا الله العظيم الجليل يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

المرفقات

أحكام-صلاة-المسافر

أحكام-صلاة-المسافر

المشاهدات 4273 | التعليقات 1

رابط الخطبة بعد التنسيق والتعديل

https://khutb.blogspot.com/2019/04/blog-post.html