مكانةُ العلم في الإسلام، وتوجيهاتٌ للطلاب والمعلّمين. 12/2 /1446

أحمد بن ناصر الطيار
1446/02/11 - 2024/08/15 15:07PM

الحمد لله العليِّ العظيم، الرؤوفِ الرحيم، أحمده على إنعامه العَميم، وأشكره على إحسانه الجسيم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادةً تبوِّئ قائلها دار النعيم، وتنْجيه غدا من عذاب الجحيم، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أرسله بالدّين القويم، والمنهجِ المستقيم, صلى الله وسلّم عليه أفضلَ صلاةٍ وأتمّ تسليم.

أما بعد: فاتقوا الله عباد الله، واعلموا أنّ للعلم الشرعي مكانةً عظيمة, ومنزلةً شريفة, ويكفي في شرفهِ ما قاله النبيّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ سَلَكَ طَرِيقًا يَبْتَغِي فِيهِ عِلْمًا سَلَكَ اللَّهُ بِهِ طَرِيقًا إِلَى الجَنَّةِ ، وَإِنَّ الْمَلاَئِكَةَ لَتَضَعُ أَجْنِحَتَهَا رِضَاءً لِطَالِبِ العِلْمِ ، وَإِنَّ العَالِمَ لَيَسْتَغْفِرُ لَهُ مَنْ فِي السَّمَوَاتِ وَمَنْ فِي الأَرْضِ حَتَّى الحِيتَانُ فِي الْمَاءِ ، وَفَضْلُ العَالِمِ عَلَى العَابِدِ كَفَضْلِ القَمَرِ عَلَى سَائِرِ الكَوَاكِبِ ، إِنَّ العُلَمَاءَ وَرَثَةُ الأَنْبِيَاءِ ، إِنَّ الأَنْبِيَاءَ لَمْ يُوَرِّثُوا دِينَارًا وَلاَ دِرْهَمًا إِنَّمَا وَرَّثُوا العِلْمَ ، فَمَنْ أَخَذَ بِهِ أَخَذَ بِحَظٍّ وَافِرٍ.

وحسبك هذه الدرجة مجدًا وفخرًا, وبهذه الرتبة شرفًا وذكرًا, فكما لا رتبة فوق رتبة النبوة, فلا شرف فوق شرف وارث تلك الرتبة.

والعلم أمانة عظيمة، ومسؤولية جليلة كريمة، تُبلَّغ بها رسالةُ الله، وتُقَامُ بها الحجة على عباد الله، فكم هَدى الله عز وجل بالعلم من الضلالات، وكم أخرج به من الظلمات.

وقد امتنّ الله سبحانه وتعالى على نبيه صلى الله عليه وسلم بالعلم، وشرّفه وكرّمه به، فكان به إمامَ العلماء الربّانيّين وقدوتهم وهاديهم، صلوات الله وسلامه عليه, وصدق الله إذ يقول: ((وَعَلَّمَكَ مَا لَمْ تَكُنْ تَعْلَمُ وَكَانَ فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكَ عَظِيمًا)) .

العلم بصيرة؛ لأن العالم يُبصِر به الحق فيتبعه، ويُبصِر به الباطل فيجتنبه, قال تعالى: ((قُلْ هَذِهِ سَبِيلِي أَدْعُوا إِلَى اللَّهِ عَلَى بَصِيرَةٍ)).

العلم بيّنةٌ تنكشف بها الحقائق، ويَخْرسُ عند دلائلها كلُّ متكلم وناطق, قال تعالى: ((قُلْ إِنِّي عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّي)).

العلم فاتحة كل خير، وأساس كل طاعة وبر، فلا طاعة إلا بالعلم، وكلما أطاع العبدُ ربَّه على بصيرة وعِلم، كانت طاعته أرجى للقبول من الله سبحانه وتعالى.

فيا لسعادتهم، ويا لشرفهم، ويا لعلوّ قدرهم، ويا لطيب عيشهم.

هل يستوي العلماءُ والجهالُ في ... فضلٍ أمِ الظَّلْماءُ كالأنوار؟

وطلبُ العلم والاستزادةُ منه ليس له عمر معدود ولا سقف محدود ، والله تعالى إنما خلقنا لتعبده على بصيرة، وكيف نعبده سبحانه وتعالى كما يُحبُّ, إلا بالعلم الذي أنزله في كتابه وأوحاه إلى رسوله صلى الله عليه وسلم.

اللهم اجعلنا مفاتيح للخير مغاليق للشر، إنك سميع قريب مجيب.

****************

الحمد لله رب العالمين، والصلاةُ والسلام على المبعوث رحمة للعالمين، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه والتابعين, وسلَّم تسليما كثيرا إلى يوم الدين، أما بعد:

معاشر الطلاب: احرصوا على الجد والاجتهاد والمثابرة في تحصيل العلم، فأنتم عمادُ المجتمع ومستقبلُه.

ومن أعظم ما توفَّقون له الهِمَّةُ العالية الشريفة, فبِها تنالون مطلوبَكم, وتُحقّقون آمالكم.

 والمقصودُ مِنْ علو الهمة: استصغارُ ما دون النهاية من معالي الأمور، وطلبُ المراتب السامية.

إنَّ عاليَ الهمة يجود بالنفس والنفيس في سبيل تحصيل غايتِه النبيلة، وتحقيقِ بغيته الشريفة؛ لأنه يعلم أنَّ المكارم منوطةٌ بالمكاره، وأن المصالحَ والخيرات، واللذاتِ والكمالات كلَّها, لا تُنَالُ إلا بحظٍّ من المشقة، ولا يُعْبَرُ إليها إلا على جسرٍ من التعب.

بَصُرتُ بالراحة الكبرى فلم أرها ... تُنال إلا على جسرٍ من التَّعَب

معاشر الآباء والأمهات: احرصوا على متابعة أولادكم في تحصيلهم العلمي، ومساعدتِهم بتهيئة الظروف المناسبة لهم لطلب العلم، وتربيتِهم على احترام المعلمين وتوقيرِهم، والمحافظةِ عليهم من صحبة السوء, التي لها الأثر السيّئ عليهم في دينهم وأخلاقهم, ومستواهم الدراسي.

معاشر المعلمين: اعرفوا عِظم الأمانة التي على عاتقهم، وتذكروا أنّ الله عز وجل ائتمنكم على أولاد المسلمين.

واعلموا أنّ تأثير أفعالكم على طلابكم, أشدُّ وأعظمُ من تأثير أقوالكم, فهم يتعلّمون من أفعالكم وأخلاقكم، أكثر وأعظم من أقوالكم, فكونوا قدوةً صالحةً في حسنِ تعاملكم, وطيبِ أخلاقكم, ولينِ كلامكم.

نسأل الله أنْ يصلح أولادنا, وأنْ يجعلهم قرةَ أعيُنِنا, إنه سميعٌ قريبٌ مُجيب.

 

عباد الله: أكثروا من الصلاة والسلام على نبي الهدى, وإمام الورى, فقد أمركم بذلك جل وعلا فقال: (إن الله وملائكته يصلون على النبي.. يا أيها الذين أمنوا صلوا عليه وسلموا تسليما).

اللهم صل وسلم وبارك على نبينا محمد، وعلى آله وصحبه والتابعين، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين, وعنا معهم بفضلك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

اللهم ارفع عنا الغلاء والوباء، والربا والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن.

اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات, وخُصَّ منهم الحاضرين والحاضرات, اللهم فرِّج همومهم, واقض ديونهم, وأنزل عليهم رحمتك ورضوانك يا رب العالمين.

 عباد الله: إنَّ اللَّه يأْمُرُ بالْعدْل والْإحْسانِ وإيتاءِ ذي الْقُرْبى ويَنْهى عن الْفحْشاءِ والمنْكرِ والبغْيِ يعِظُكُم لَعلَّكُم تذكَّرُون، فاذكروا الله يذكركم، واشكروه على نعمه يزدكم، ولذكر الله أكبر، والله يعلم ما تصنعون.

 

المشاهدات 972 | التعليقات 0