مكانة الطفولة في الإسلام

[font="] [/font][font="]الخطبةالأولى: مكانة الطفولة في الإسلام[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="]الحمد لله الّذي شرّع لنا من الدّين ما به قوام الحياة، و سنّ لنا من الأوامر و النواهي ما به السّعادة في الدّنيا و بعد الممات، و جعل الخير في تحسين العلاقات بين الأهل و الأقارب و الأبناء و الآباء و الأمّهات.. و أشهد أن لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، هدانا النّجدين، و وضّح السبيلين، و بيّن لنا مسؤولياتنا تجاه البنات و البنين بصحيح آيات الذّكر المبين، حتّى نعيش في وطننا بين أهلينا آمنين مطمئنّين.. و أشهد أنّ محمّدا عبده و رسوله، الدّاعي إلى الله جهرا و إسرارًا، أرسله تعالى معلّما و مرشدا و هاديا و مجدّدا، اللهمّ فصلّ و سلّم و بارك عليه و على آله و صحبه مناصرًا و مهاجرًا..[/font]
[font="]ربّ أجب دعاءنا.. و اسمع نداءنا.. و حقّق رجاءنا.. و اصبب سجال عفوك علينا.. و اغفر ذنوبنا، و مُنّ علينا بستر عيوبنا، و اشف مرضانا و ارحم موتانا، برحمتك يا أرحم الرّاحمين، يا ربّ العالمين.. أمّا بعد أيّها الناس،[/font]
[font="]يقول الحقّ تبارك وتعالى: " المالُ و البنونَ زينَةُ الحياةِ الدُّنْيا ".[/font][font="]( سورة الكهف: 46 )[/font][font="]، الدّور الأساسي لكلّ أبّ.. و كلّ أمّ.. حماية الطفل و الرّحمة به و الشفقة عليه و الاهتمام بأمره، و تأهيله على أسس متينة، قويمة تستجيب لما يمليه علينا انتمائنا العربي الإسلامي.. كما أنّ قلب الأبوين مفطور على محبّة الأبناء، و متأصّل بالمشاعر النفسيّة و العواطف الأبويّة.. و لا عجب أن يقع التعبير عن هذه المشاعر الطبيعيّة في القرآن الكريم أجمل تصوير، فيجعل الأولاد قرّة العين و فرحة القلب، و لا تتحقّق بهجة الحياة و سعادة الأسرة و راحتها، إلاّ بنجاحهم.. فالأطفال هم الّذين يحملون أسماء آبائهم، و يخلّدون ذكرهم من بعدهم، لذا كانوا جزءا لا يتجزّأ من كيان الآباء في هذا الوجود، و قد استحقّ أبناؤنا هذه الرعاية و الإحاطة و الحماية و اللّطف، و الحنان و الدفء الأسريين ، الّذي لا يمكن القضاء على التفكّك الأسري إلاّ بهما.. و الله تبارك و تعالى يوصينا بالأبناء خيرا، سواء كانوا ذكورا أو إناثا، قال جلّ شأنه: " يوصيكُمُ اللهُ في أولادِكُمْ ".[/font][font="] ( سورة النساء جزء من الآية: 11 )[/font][font="].[/font][font="] [/font]
[font="]أيّها المسلمون، البداية تكون، في أن يختار الأب الزوجة الصّالحة.. و كذلك الأمّ، فعليها أن تختار الزوج الصّالح.. كما أوجب الإسلام على الأب أن يختار الاسم الحسن و المناسب لابنه، و ذلك لما للاسم الحسن من أثر إيجابي طيلة حياة الإنسان، قال صلوات ربّي و سلامه عليه: " حقُّ الولد على أبيه أن يُحْسِن اسمه و أن يُحْسِنَ أدبه ".[/font][font="]( أخرجه البيهقي )[/font][font="]. [/font][font="]و ممّا يطلب من الأولياء أن يربّوا أبناءهم التربية المثالية على أساس من الرّحمة و الحنان من غير غلظة أو فوضى أو مشاحنة أو في جوّ من الخصومة و الشجار.. فالطّفل خلال مرحلة تكوينه، في حاجة إلى من يعطف عليه و يرعاه و يتحدّث معه و يهتمّ بما يقول و ما يفعل، حتّى ينشأ نشأة سويّة لا عُقد فيها و لا خوف و لا قلق و لا حيرة، يقول عليّ بن أبي طالب رضي الله عنه: " لا تُقْسِرُوا أولادكم على تربيتكم فإنّهم خلقوا لزمانٍ غير زمانكم "..[/font]
[font="]أيها الآباء، أيتها الأمّهات، أعلموا أنّه لا شيء يزيل المحبّة كالخوف.. و لا شيء يقضي على الودّ كالقسر و القهر.. و لا شيء يقضي على الترابط الأسري كالظلم و عدم الاعتناء و إهمال الأبناء في مرحلة تكوين شخصيتهم.. و قد ذكر علماء النّفس أنّ الحبّ الأبوي هو خير ما يساعد الطفل على مجابهة الأزمة الانفعالية للمراهقة، ممّا يقتضي من الأولياء تربية حكيمة و مراقبة واعية من غير شدّة و لا ليونة، و إنّما وسط بين ذلك، فالطفل لا ينطق بطريقة سليمة، إلاّ عندما يتلقّى بطريقة سليمة، و بالتّالي فإنّ رعاية الأطفال تقتضي حسن الملاطفة لهم و مداعبتهم و الحنوّ عليهم و قضاء حوائجهم، عن أبي هريرة رضي الله عنه أنّ رسول الله صلى الله عليه و سلم، قبّل حفيده الحسن و كان في المجلس رجل يقال له الأقرع التميمي، فتعجّب من حفاوة النبيّ صلى الله عليه و سلم بحفيده و قال: " إنّ لي عشرة من الولد ما قبّلت واحدا منهم "، فأجابه الرّسول صلى الله عليه و سلم: " إنّ من لا يَرْحَمْ لا يُرْحَمْ ".[/font][font="] ( أخرجه مسلم رقم: 6170 )[/font][font="].[/font]
[font="]و هكذا فلكي ينشأْ جيل هيّن ليّن لا يميل إلى الغلظة و العنف و الخصومة، وجب معاملته باللّين و الرّحمة، و لذلك قال أبن خلدون: " إنّ من تربّى بالقهر، صارت صفات المكر و الخديعة عادة و خلقا له، و فسدت معاني الإنسانية عنده "، و لذلك يردّ الأمر الإلهي ليأمر الوالدين بحسن تربية الأبناء، في قوله تعالى: " يا أيّها الّذين آمنوا قُوا أنفُسَكُمْ و أَهْليكُمْ نارًا وَقُودُها النَّاسُ و الحجارةُ ".[/font][font="] ( التحريم الآية: 6 )[/font][font="]، [/font][font="]و في نفس الوقت المعنى يقول من يصلّي عليه الله و الملائكة: " لأَنْ يُؤَدِّبُ الرجل ولده خيْرٌ من أن يتصدّق بصاعٍ ".[/font][font="]( أخرجه أحمد في المسند )[/font][font="].[/font]
[font="]كما أنّه من الظّلمِ الذي يلحق الابن، أن يُضيِّعه أبواه، فيهملا تعليمه و يتهاونا برعايته و يقصِّرا في الإنفاق عليه و يتركاه لرفاق السُّوء، و قد لام الرّسول صلى الله عليه و سلّم من ضيّع أولاده فقال: " كفى بالمرْءِ إثْمًا أن يُضَيِّعَ مَنْ يَعُول ". [/font][font="]( أخرجه أحمد في المسند )[/font][font="].[/font]
[font="]كما أنّ من واجبات الأولياء الإنفاق على الأبناء من غير إسراف أو تقتير، و إنّما وسط بين ذلك، فلا نتركهم في احتياج، كما لا نرخي لهم العنان لكي لا ينشأوا على التبذير، قال ابن سينا: " و إذا فُطِمَ الصبيّ عن الرضاع بُدِئَ بتأديبه و رياضة أخلاقه قبل أن تهجم عليه الأخلاق اللّئيمة، فإنّ الصبيّ تتبادر إليه الأخلاق الفاسدة فما تمكّن منه من ذلك فلم يستطع له مقاومة و لاعنه نزوعا ".[/font]
[font="]و لا ننسى واجب العدل بين الأبناء و عدم إظهار الميل لأحدهم دون الآخر، فالعدل بين الأبناء يغرس فيهم الثقة بالنّفس و حبّ الآباء و ودّ الاخوة، و يبعدهم عن العقد النّفسيّة، و في ذلك يقول النبيّ صلى الله عليه و سلّم: " اعدلوا بين أولادكم ".[/font][font="]( أخرجه البخاري رقم 2625[/font][font="] [/font][font="])[/font][font="].[/font]
[font="]جاء في الأثر، الولد " ريحانة من الجنّة " و قيل أيضا: " ريح الولد من الجنّة ". فابنك ريحانتك سبعا، ثمّ حاجبك سبعا، ثمّ عدوّ أو صديق. و من حقّ الولد على والده أن يوسّع عليه حاله كي لا يفسق.. و قد قيل في ذلك: " ذهبت اللّذات إلاّ من ثلاث: ملاحظة الصبيان، و ملاقاة الخلاّن، و الإكثار من الأفعال الحسان ".[/font]
[font="]و قد سُئل أحدهم: أيّ ولدك أحبّ إليك ؟ قال: صغيرهم حتّى يكبر، و مريضهم حتّى يبرأ، و غائبهم حتّى يحضر ". كما قال بعض العلماء: " أولادنا ثمار قلوبنا، و عماد ظهورنا، و نحن لهم سماء ظليلة، و أرض ذليلة، و بهم نصول على كلّ جليلة، فإن غضبوا فأرضهم، و إن سألوا فأعطهم، و إن لم يسألوا فابْتَدِئْهُم، و لا تنظر إليهم شزرا، فيملّوا حياتك ".[/font]
[font="] [/font]
[font="] نفعني الله و إيّاكم بأسرار كتابه المبين، و وفّقني و إيّاكم للوقوف مع آدابه التي بها الفوز المكين، و حشرنا جميعا في زمرة نبيّه الكريم..[/font]
[font="] [/font]
[font="] أقول قولي هذا و أستغفر الله العظيم الحليم لي و لكم و لوالديّ و لوالديكم من كلّ ذنب فاستغفروه و توبوا إليه، إنّه هو الغفور الرحيم..[/font]

[font="][/font]

[font="][/font]

[font="][/font]
[font="] الشيخ محمّد الشاذلي شلبي[/font]
[font="] الإمام الخطيب[/font]
[font="] جامع الإمام محمّد الفاضل ابن عاشور[/font]
[font="] بالزّهور الرّابع - تونس
[/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font]
[font="] [/font][font="] [/font]
المشاهدات 2773 | التعليقات 0